المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : امرؤ القيس والمتنبي



06-16-2005, 03:56 PM
السلام عليكم

مشاركة أستاذي خشان التي وضعها في موضوع المنادى النكرة , والتي ذكر فيها قصة سكينة بنت الحسين ونقدها للشعر , ذكّرتني بحادثة جرت بين المتنبي وسيف الدولة , تظهر بُعد نظر الرجلين وتذوقهما الأدبي فقد جاء في كتاب ( التذكرة الحمدونية) لابن حمدون قصة عن نقد الشعر أوردها كما يلي:

" ذكر أن أبا الطيب المتنبي لما أنشد سيف الدولة أبا الحسن علي بن حمدان قصيدته التي يقول فيها: (من الطويل)
وقفت وما في الموت شك لواقف................. كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة................... ووجهك وضاح وثغرك باسم
قال له: قد انتقدنا عليك يا أبا الطيب هذين البيتين كما انتقد على امرئ القيس بيتاه، وذكرهما. وبيتاك لا يلتئم شطراهما كما لا يلتئم شطرا هذين البيتين، كان ينبغي لامرئ القيس أن يقول:
كأني لم أركب جواداً ولم أقل ...................... لخيلي كري كرة بعد إجفال
ولم أسبأ الزق الروي للذة ......................... ولم أتبطن كاعباً ذات خلخال
ولك أن تقول:
وقفت وما في الموت شك لواقف .................... ووجهك وضاح وثغرك باسم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ........................ كأنك في جفن الردى وهو نائم
فقال: أيد الله مولانا. إن صح أن الذي استدرك على امرئ القيس هذا اعلم بالشعر منه فقد أخطأ امرؤ القيس وأخطأت أنا. ومولانا يعلم أن الثوب لا يعرفه البزاز معرفة الحائك، لان البزاز يعرف جملته، والحائك يعرف جملته وتفاريقه لأنه هو الذي أخرجه من الغزلية إلى الثوبية؛ وإنما قرن امرؤ القيس لذة المساء بلذة الركوب للصيد، وقرن السماحة في شراء الخمر للأضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء، وإنما لما ذكرت الموت في أول البيت أتبعته بذكر الردى وهو الموت ليجانسه؛ ولما كان الجريح المنهزم لا يخلو من ان يكون عبوساً، وعينه من أن تكون باكية قلت: ووجهك وضاح وثغرك باسم، لأجمع بين الأضداد في المعنى وإن لم يتسع اللفظ لجميعها. فأعجب سيف الدولة بقوله ووصله بخمسين ديناراً من دنانير الصلات وزنها خمسمائة دينار" اهـ

وقد قرأت مرّة بيتين من الشعر للشافعي يقول فيهما :
أُحِبُّ الصالِحينَ وَلَستُ مِنهُم..................... لَعَلّي أَن أَنالَ بِهِم شَفاعَه
وَأَكرَهُ مَن تِجارَتُهُ المَعاصي ..................... وَلَو كُنّا سَواءً في البِضاعَه

فلم يعجبني المعنى الذي يحملانه , لأنني وجدته معنى سلبيّاً لا يحفّز على العمل بل أحسست أنه يدعو للتواكل والقعود . فقلت في نفسي ماذا لو قال :
أحبَّ الصالحين وأنت منهم..................وألّف من محبّتكم جماعة
وأكرهْ من تجارته المعاصي...................وحاذر أن تشاركه البضاعة

وهنا تغير المعنى وصار يدعو للإيجابية والعمل وتزكية النفس .

وبما أنني مجرد طالبة للعلم فأطلب من أساتذتي الكرام النقد والتصحيح , لتكون هذه المشاركة مساحة بوح نقدي لمن يقرأ أبياتاً ويرى معناها بصورة أخرى أجمل في نظره , ويكون تصحيح الأساتذة والأخوة أعضاء المنتدى الكرام منمّياً لملكة التذوق الأدبي والنقدي .
"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي"(البقرة من الآية 260)

06-16-2005, 04:41 PM
الأخت الأستاذة رغداء زيدان

ما فتئت تثرين المنتدى تعليقا ومبادرة.



أُحِبُّ الصالِحينَ وَلَستُ مِنهُم..................... لَعَلّي أَن أَنالَ بِهِم شَفاعَه
وَأَكرَهُ مَن تِجارَتُهُ المَعاصي ..................... وَلَو كُنّا سَواءً في البِضاعَه

فلم يعجبني المعنى الذي يحملانه , لأنني وجدته معنى سلبيّاً لا يحفّز على العمل بل أحسست أنه يدعو للتواكل والقعود . فقلت في نفسي ماذا لو قال

أحبَّ الصالحين وأنت منهم..................وألّف من محبّتكم جماعة
وأكرهْ من تجارته المعاصي...................وحاذر أن تشاركه البضاعة

لَعَلّي أَن أَنالَ بِهِم شَفاعَه
3* 2 2* 3 1 3* 3 2* .............4/3 = 1.3

وألّف من محبّتكم جماعة
3* 2* 2* 3 1 3* 3 2* ...........5/2 = 2.5

مظهر الإيجابية هنا باد في ارتفاع م/ع
وقد يقول قائل فلم انخفضت م/ع في العجز المعدل عن الأصل في البيت الثاني

وَلَو كُنّا سَواءً في البِضاعَه
3* 2* 2 3 2* 2* 3 2* ........... 5/3 = 1.7

وحاذر أن تشاركه البضاعة
3 2* 2* 3 1 3* 3 2* ..............4/3 = 1.3

ولعل الجواب يكون بالقول إن كلا العجزين في البيتين تعقيب على محتوى الصدرين فيهما.

فصدر البيت الأول فيه حب، وهو إلى الإيجابية أدنى من الكره، فكان مقتضى المضي في الإيجابية بعد تعديل البيت أن يتحرك المؤشر من +1.3 إلى + 2.5

وصدر البيت الثاني فيه وصف لمجرد كره صاحب المعاصي وهو سلبي أي لا يدفع لعمل.

وَأَكرَهُ مَن تِجارَتُهُ المَعاصي
3* 1 3* 3 1 3* 3 2 ... - 3/3= - 1.0

وَلَو كُنّا سَواءً في البِضاعَه
3* 2* 2 3* 2* 2* 3 2 = .....-5/3 = -1.7

هنا زاد الإحساس بالسلبية امتعاضَ الشافعي يرحمه الله لاحتمال أن تكون بضاعته المعاصي.


فلما عدل النص :

وأبَغِضْ من تجارته المعاصي = ....3* 2* 2* 3 1 3 3 2 ..........م/ع = 3/4 = +0.75
صار الشعور إيجابيا بالحض على كره صاحب المعاصي
وحاذر أن تشاركه البضاعة ..1.3

فازدادت الإيجابية بهذه الدعوة عنها في الصدر.

فالمقارنة بين مؤشري العجزين في البيت الثاني وتعديله هي بين

-1.7 مؤشر معبر عن امتعاض الشاعر أن يكون من أهل المعاصي
و + 1.3 مؤشر إيجابي ينم عن رضا عن الذات بالتحذير من مقارفة المعاصي.

وكل المؤشرات منخفضة القيمة لما يرافق الوعظ من تفكر وبعد عن الانفعال.
أتراني انتقائيا في تطبيقي أم مصيبا ؟
وما مدى توفقي؟
الصواب والخطأ واردان.
والله أعلم.
لكني أجد متعة في النظر بمنظار م/ع.

06-17-2005, 07:32 PM
وعطفاً على مشاركة الأستاذ خشان أقول

:أحبَّ الصالحين وأنت منهم..................وألّف من محبّتكم جماعة
وأكرهْ من تجارته المعاصي...................وحاذر أن تشاركه البضاعة



أتفق مع الأستاذة رغداء في أن البيتين قد أصبحا أكثر إيجابية بهذا المعنى المحدد.
وعلى أن الشافعي رحمه الله كان في واقع حاله في منتهى الفاعلية وإنما قال ما قال هضماً لنفسه وتواضعاً لله وكذلك تجد الصالحين لا يرضى منهم الواحد عن نفسه ويفترض فيها التقصير على الدوام ويطلب الأحسن.

ولكنني في البيت الثاني فهمت أن الفعلين بعد التغيير فعلا أمر.
والأول كما هو واضح في بيتي الشافعي فعل مضارع.
ففي هذه الحال لا يستقيم الوزن إلا بتحويل الهمزة الموصولة في "اكره" إلى همزة قطع.
ولعله كان من الجائز أن تقول: "وأبغض من تجارته المعاصي".
وهو مجرد رأي والبزاز لا يعرف معرفة الحائك كما ورد في قول أبي الطيب والأستاذة ببيتها أعلم!

06-17-2005, 10:58 PM
السلام عليكم

كل يوم أحمد الله على أنني معكم , أتعلّم منكم وأسعد بتوجيهكم

أستاذي خشّان وأنا أجد أيضاً متعة بـ م/ع , أشكرك جزيل الشكر

أستاذ محمد , صدقت, كلمة (أبغض) هي الأنسب ولم أكن أتمنى غير مرورك الكريم ونقدك البنّاء , وقد شرفتني بهما .
لك شكري الجزيل

(الصمصام)
06-18-2005, 05:01 AM
===

06-18-2005, 01:21 PM
السلام عليكم

أستاذ الصمصام أتمنى معرفة رأيك , وسماع نقدك , وثق أن شعاري هو (رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي)
لك تحياتي

الإخوة الأفاضل إليكم حادثة أخرى وردت في الأغاني :

" ذكر شعر الحارث بن خالد وشعر عمر بن أبي ربيعة عند ابن أبي عتيق في مجلس رجل من ولد خالد بن العاصي بن هشام، فقال: صاحبنا - يعني الحارث بن خالد - أشعرهما. فقال له ابن أبي عتيق: بعض قولك يا ابن أخي، لشعر عمر بن أبي ربيعة نوطةٌ في القلب، وعلوقٌ بالنفس، ودركٌ للحاجة ليست لشعرٍ، وما عصي الله جل
وعز بشعر أكثر مما عصي بشعر ابن أبي ربيعة، فخذ عني ما أصف لك: أشعر قريش من دق معناه، ولطف مدخله، وسهل مخرجه، ومتن حشوه، وتعطفت حواشيه، وأنارت معانيه، وأعرب عن حاجته. فقال المفضل للحارث: أليس صاحبنا الذي يقول:
إني وما نحروا غداة منى ........... عند الجمار يؤدها العقل
لو بدلت أعلى مساكنها ............ سفلاً واصبح سفلها يعلو
فيكاد يعرفها الخبير بها ............. فيرده الإقواء والمحل
لعرفت مغناها بما احتملت ............. مني الضلوع لأهلها قبل
فقال له ابن أبي عتيق: يابن أخي، استر على نفسك، واكتم على صاحبك، ولا تشاهد المحافل بمثل هذا، أما تطير الحارث عليها حين قلب ربعها فجعل عاليه سافله! ما بقي إلا أن يسأل الله تبارك وتعالى لها حجارةً من سجيلٍ.
ابن أبي ربيعة كان أحسن صحبةً للربع من صاحبك، وأجمل مخاطبةً حيث يقول:
سائلاً الربع بالبلي وقولاً ................. هجت شوقاً لي الغداة طويلا
أين حيٌ حلوك إذ أنت محفو ............... فٌ بهم آهلٌ أراك جميلا؟
قال ساروا فأمعنوا واستقلوا .............. وبزعمي لو استطعت سبيلا
سئمونا وما سئمنا مقاماً ........................ وأحبوا دماثة وسهولا
قال: فانصرف الرجل خجلاً مذعنا.
فقال جرير: إن هذا الذي كنا ندور عليه فأخطأناه وأصابه هذا القرشي."

أراد الحارث أن يقول أنه من شدة حبّه لحبيبته لعرف ديارها حتى ولو قُلبت رأساً على عقب
بينما أبيات عمرو فيها وقوف على أطلال الحبيبة .
وكان نقد ابن أبي عتيق يركّز على الطريقة التي استخدمها الشاعران لإيصال المعنى الذي يريدانه , فالبرغم من أن أبيات الحارث كانت تحمل مشاعر فيّاضة لكنه فشل في ايصالها للقارئ بصورة جميلة معبّرة , بينما نجح عمرو فيما أراد .

06-19-2005, 08:17 AM
نقد في محله.

ولكني أرى عاطفة الحارث أشد من عاطفة عمر بن أبي ربيعة

كأنما الأول يتغزّل مُعانيا والثاني يتغزل متأنّقا.


الحارث المخزومي
? - 80 هـ / ? - 699 م
الحارث بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي، من قريش.
شاعر غزل، من أهل مكة نشأ في أواخر أيام عمر بن أبي ربيعة وكان يذهب مذهبه، لا يتجاوز الغزل إلى المديح ولا الهجاء.
وكان يهوى عائشة بنت طلحة ويشبب بها، وله معها أخبار كثيرة.
ولاه يزيد بن معاوية إمارة مكة، فظهرت دعوة عبد الله بن الزبير، فاستتر الحارث خوفاً، ثم رحل إلى دمشق وافداً على عبد الملك بن مروان فلم ير عنده ما يحب، فعاد إلى مكة وتوفي بها.

والقصيدة مطلعها:

عَفَت الدِيارُ فَما بِها أَهلُ = حِزَّانُها وَدِماثُها السَهلُ

ومنها ما يرق كقوله:


أَيّامَ بِشرَةُ كالمَهاةِ أَضَلَّها = رَشأٌ رَخيمٌ صَوتُهُ طِفلُ
أَيّامَ رُؤيَتُها شِفاءُ سَقامِه = وبِعادُها لِفُؤادِهِ خَبلُ
غَرّاءُ واضِحَةٌ كَأَنَّ جَبينَها = بَدرُ السَماءِ ظَلامَهُ يَجلو

ما رجعت للموسوعة إلا دعوت لأخي سعيد الذي أهدانيها.

(الصمصام)
06-19-2005, 11:54 AM
شدني حديثكم هنا فشكرا للأستاذة رغداء التي فتحت باب الحديث
وماحذفت مشاركتي السابقة إلا لشعوري بنقص بعض جوانبها فأردت أن أستكملها
وسأضعها بعلاتها

معرفة صفات الشاعر وأخلاقه مهمة في قراءة النص وأعني بالنص هنا ( النص الذي نشعر بصدق مشاعر
كاتبه لا النصوص التي تكتب من أجل التملق أو التكسب أو النظم الخالي من الأحاسيس )
وبجانبها محاولة التعرف على نفسيته عند كتابة نصه
لأنه قد يأتي بما يخالف ماعرف عنه و ذلك تبعا لأثر حالته النفسية
وهذا يناقض في رأيي نظرية موت المؤلف لرولان بارت والذي يقول
(إن ميلاد القاريء يجب أن يكون على حساب موت المؤلف )
هذه النظرية لا أنفيها كليا فهي قد تكون مناسبة لأصحاب هذا المذهب فنصوصهم مبهمة موغلة في الرمزية
ويبدو أنهم استحدثوا مذهبهم كمحاولة للتخلص من إيجاد تفسيرات لنصوصهم المستعصية على أفهامهم قبل
فهم القاريء لذلك أحالوها عليه.

ويبدو أنني قد شططت عن موضوع حديثنا فأعود لموضوع الأستاذة
امرؤ القيس وأبياته ذكرتني بأبيات عبد يغوث بن صلاءة والتي يقول فيها

كأني لم أركب جوادا ولم أقـل *** لخيلي كرّي نفـّـسي عن رجاليا
ولم أسبأ الزّق الرويّ ولم أقل *** لأيسار صدق أعظموا ضوء ناريا

ونجد التشابه بين امريء القيس وعبد يغوث في الصدر ولكن عبديغوث في عجز الأبيات يأخذ اتجاها مخالفا
وهذا يدل على أنه يملك تفكيرا مخالفا لامريء القيس


ولعل ذلك يقودنا لمطلع حديثي عن معرفة صفات الشاعر وأخلاقه ومعرفة نفسيته عند كتابة النص

06-19-2005, 08:35 PM
السلام عليكم

هل سمعتم قول الشاعر :

وَمَجلِسٍ ما لَهُ شَبيهٌ ............ حَلَّ بِهِ الحُسنُ وَالجَمالُ
يَمطُرُ فيهِ السُرورُ سَحّاً ............. بِديمَةٍ ما لَها اِنتِقالُ

نعم إن هذا المنتدى لهو منتدى السرور

أستاذي المحترم خشان أشكر لك إضافتك المفيدة وأدعو معك بالخير لأخيك سعيد الذي أهداك الموسوعة

أستاذ الصمصام , طرقت ناحية مهمة في الموضوع, وربما كان فيها جوهر الأمر , فالناقد للشعر يقرأه من وجهة نظره هو لذلك فقد يصل إلى معنى مختلف عما أراده الشاعر حقيقة , وهذا الذي نبّه إليه المتنبي سيف الدولة كما مرّ معنا , لأن المعنى يبقى في قلب الشاعر كما يقولون .
لكن هذا لا يمنع من أن الشاعر قد يذكر معنى ويفشل في ترجمته بطريقة حسنة , فيكون مثله كمثل الذي يريد قطع غصن وهو يقف عليه , أو كمن جاء ليكحلها فعماها ـ كما يُقال ـ فهذا شوقي مثلاً أراد التغني بجمال دمشق فقال:
آمَنتُ بِاللَهِ وَاِستَثنَيتُ جَنَّتَهُ .......... دِمَشقُ روحٌ وَجَنّاتٌ وَرَيحانُ
فاستخدم تعبيراً أدى ظاهره إلى اتهامه بانكار الجنة والكفر بها , فلو أنه قال مثلاً :
آمنت بالله , واستعظمت قدرته..........دمشق روح وجنات وريحان
لأوصل المعنى المراد دون وقوع منه في المحظور, لكننا ومن وجهة نظر أخرى نرى أن المعنى كله سيختلف بذلك التغيير, لأن شوقي أراد المبالغة بوصف جمال دمشق فالجنة هي, بجمالها, وجلالها, وبهائها , ولكن البيت بعد التغيير سيكون وصفاً عادياً خالياً من الإبهار والمبالغة .

لك تحياتي

08-01-2005, 11:48 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أختي رغداء زيدان صفحة النقاش هذه جميلة ومفيدة أفادك الله كما أفدتينا فهي تفتح آفاق الفكر
وتشحذ الذهن لنرقى بالأفضل دائما لك مني وافر التحية
لي رأي صغير لو سمحت لي وهو مجرد رأي متواضع أرجو أن تحتمليه مني
في قول شوقي المعنى أبلغ ولم يفته المعنى المراد من استثناء الجنه في معنى أراده
وحسب ما أراه أن المعتى واضح وجلي وليس عليه غبار حسب رأيي المتواضع
فلو أراد شوقي تغييرا لغيره وله عدة بدائل لإيصال المعنى بطرق أخرى وكلمات بديلة
ولكن كما قلت المعنى سيكون أقل إبهارا .
وهنا لجأ إلى التورية فنحى الجنة بالإستثناء حتى لا يتشابة المعنى المراد بما أفردها الله على الجنان من روعة
المكان وجليل المقام ووارى المعنى فليس هناك أروع من الجنان التي وصفها الله في القرآن الكريم وحصر المعنى بعد الإستثناء بما على الأرض من وصف لها كجنات عليها كمن هي بضع من شئ جميل ورائع للإستدلال بالشئ الجميل والبديع كتشبيه وليس كشبيه .
وقال ( آمنت بالله واستثنيت جنته )
أي يامن تقرأ كلماتي لا تأخذ كلماتي على غير محملها أنا اؤمن بالله ربا وخالقا واستثنيت جناته حتى لا أقارن بينها وبين جنات الأرض هي جنات لكن دونها بالوصف لذا أستثنيها حتى ابعد وجه المقارنه من فكر المتلقي والقارئ والسامع .
وتابع ( دمشق روح وجنات وريحان )
ومع هذا قال هي أيضا روح وجنات وريحان ولكن دون جنة الله التي في السماء لأنه استثناها من المقارنه والتشابه
لأنها ليس كمثلها شئ خلقه الله في الأرض فهي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت وسبحان الله
وشوقي قارئ وحافظ لكتاب الله لهذا قال في أول البيت ... آمنت بالله واستثنيت جنته .. دمشق روح وجنات وريحان ولم يقصد البديل بوصفه ولا التشابه إنما مقارنة بما على الأرض من روائع هي روح وجنات وريحان والله أعلم
هذا رأيي المتواضع ولا أدري إن كنت أصبت فمن الله وإن أخطأت غمن نفسي مجرد اجتهاد رأي ونرجو المعذرة من الجميع .والإختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية تحيتي أعطرها لكم
وناتقي على طاعة الله ورضاه .
أختكم في الله خوله
إبنة الوطن الجريح .

08-01-2005, 05:09 PM
السلام عليكم

أختي الأستاذة خولة
لو كان شوقي حياً لرقص فرحاً :)

أستاذتي العزيزة البيت واضح المعنى وأساسه تأكيد شوقي على أن دمشق جنة تفوق بجمالها جنة السماء ولا تظني يا أختي أنني أميل لتكفير شوقي فالله أعلم بالقلوب ولكنه أخطأ بكلامه هذا . ولو لم يكن البيت بهذه المباشرة في تعبيره لما أولناه إلا من زواية حسن الظن
وأحمد شوقي عنده كثير من الأبيات التي انتقدها النقاد لمعناها المخالف لما ورد في الدين, ليس المسلمون منهم فقط فمن ذلك عندما مات سعد زغلول رثاه أحمد شوقي وكان مما قاله :

شَيَّعوا الشَمسَ وَمالوا بِضُحاها............ وَاِنحَنى الشَرقُ عَلَيها فَبَكاها
لَيتَني في الرَكبِ لَمّا أَفَلَت...................... يوشَعٌ هَمَّت فَنادى فَثَناها

فقام الناقد مارون عبود بنقد هذا الوصف فقال : " كسفت الشمس يوم موت ابن محمد (صلى الله عليه وسلم ) الرسول العظيم , فأراد أحدهم أن يعدها أعجوبة فقال النبي الكريم : ما كان للشمس أن تنكسف لموت أحد ..........فهلا قرأ هذا شعراؤنا وكفوا عن تشيع الشمس وتكفينها وتحنيطها وهي الأم المحيية؟"

وليس أحمد شوقي وحده من تعرض لهذا النقد فالمتنبي يقول :
أي محل أرتقي, أي عظيم أتقــــــــــي؟

وكل ما قد خلق الله وما لم يخلــــــــــق

محتقر في همتي كشعرة في مفرقي

فجاء من النقاد من قال : إن المتنبي قد لزمه الكفر باحتقاره لخلق الله وفيهم الأنبياء المرسلون والملائكة المقربون.
وأنا لا آخذ بمثل هذه التفسيرات لأنني أظن أن المتنبي لا يقصد هذا بقوله بل يقصد مبالغة الفخر على الرغم من سخف قوله.

في الختام وتعقيباً على قولك أستاذتي العزيزة "ونرجو المعذرة من الجميع .والإختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية "
صدقتِ يا أختي الإختلاف لا يفسد للود قضية ومنتدانا هو منتدى تعليمي نتعلم فيه من بعضنا البعض , فبارك الله بك , ونفعنا من علمك , وزادك رفعة وعلماً .
لك تحياتي

08-02-2005, 03:56 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عزيزتي الغالية وأستلذتي الكريمة
بارك الله فيك حرصك الشديد على ديننا الحنيف بغربلة كل ما يسئ له من قريب ومن بعيد
فقول شوقي ليس كقول المتنبي
شوقي استثنى الجنة التي في السماء ووصف دمشق بجنات الأرض التي ليس لها مثيل على الأرض نفسها
فكثير نحن نقول دمشق هي جنة الله على الأرض هل نعني بها التي في السماء بالطبع لا يعني إذا كان لله جنة على الأرض فتكون مثلا دمشق أو أي أرض أخرى حباها الله بروعة الجنان
أما المتنبي فواضحة معالم كبريائه وشموخه الذي تطاول به على ما خلق الله وما لم يخلق وفيهم الملائكة والأنبياء والرسل وفيهم سيد العالمين محمد عليه الصلاة والسلام .
ونقول ما كان قوله إلا شططا ونفحة من جنون الشعراء أخذه الكبر فسط في القول وهل حقيقة ما يقال بأن الشاعر به بعض من جنون
إلا من رحم ربي ليرحمنا الله جميعا برحمة منه .والله أعلم
أما ( شيعوا الشمس ومالوا بضحاها ............)
فهنا تعبير عن عظيم المصاب ولكن كل ما ينافي الشريعة السمحاء فهو باطل مهدوم أساسه
فالتشبيهات لها حدود أن لا نتعدى على ما خلق الله بالتغيير أو التدمير لأن هذا منهاج من كان شعره قرآن لشيطانه
والعياذ بالله من سخط الله ومن غضبه لنلتمس أو نتلمس قول الصدق دوما في أشعارنا وما يستطاع من التشبيهات المعقولة التي لا نشطح معها فتبعدنا عن الحقيقة وعن المستطاع إلى اللآمستطاع من القول .
كنا في مراحل كتاباتنا الأولى نكتب ونقول مثلا ( سنصنع من الشمس عقودا نرصع بها جديلك إلى آخر التشبيهات
ومع الأيام عرفنا أن هذا لا يمكن وهذه هي المبالغة الغير معقولة
واليوم نجنح عنها وعن مثيلاتها حتى لا نقع بالشبهات والله أعلم والله ولي الأمر والتدبير
بارك الله فيك على سعة صدرك وعلى ردك الحازم والواثق والإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .
عفوا مرة أخرى .
ونلتقي على طاعة الله ورضاه .
أختك في الله خوله إبنة الوطن الجريح