قواعد كتابة الهمزة
يقول الأزهري: "اعلم أن الهمزة لا هجاء لها، وإنما تُكتبُ مَرةً ألفاً، ومَرة واواً، ومرة ياءً، والألف اللينةُ لا حرف لها، وإنما هي جزء من مَدةٍ بعد فتحة، والحروف ثمانية وعشرون حَرفاً مع الواو والألف والياء، وتتم بالهمزة تسعة وعشرين حرفاً، والهمزة كالحرف الصحيح، غير أن لها حالات من التليين والحذف والإبدال والتخفيف... وليست من حروف الجوف، إنما هي حَلقية من أقصى الفم." [تهذيب اللغة: 1/682] ومن هذا التعريف يتضحُ أن الهمزة عند الأزهري:
1- تختلفُ عن حرف الألف، وهي حرف مُستقل يُكمل الحروف إلى تسعةٍ وعشرين.
2- كالحرف الصحيح غير أن لها حالات من التليين والحذف والإبدال والتخفيف، وهذا يعني قبولها لجميع الحركات التي يَقبلها الحرف الصحيح.
3- مَخرجها من أقصى الحلق.
ونظرا للخصائص التي يتفرد بها هذا الحرف عن غيره من الأحرف، كثُرَت الأخطاء في كتابته. ورغم أني لا جديد لديّ لأضيفه إلى ما سبقني به العلماء والأساتذة الأفاضل في هذه المسألة، إلا أنني رأيت أن أجمع ما تفضلوا به في هذا الملخص المتواضع عله يساعد في التعريف بقواعد كتابة الهمزة وييسر الالتزام بها.
والله من وراء القصد.
أولا: الهمزة أول الكلمة:
1) الهمزة أول الكلمة إما همزة وصل أو همزة قطع، وهي ترسم ألفا في كلا الحالتين. ويفرق بين الهمزتين برسمها في همزة القطع أعلى الألف عند الفتح والرفع، كما في: (أَكْتُبُ) و(أُضِلُّ)، وأسفلها عند الكسر، كما في: (إيمان)؛ دون رسمها في همزة الوصل، كما في: (اِعْمَلْ)، (القلم).
2) همزة الوصل:
2/1- تُنْطَق في حالة الوقف ولا تنطق في حالة الوصل.
2/2- مواضعها:
2/2/1- في الحروف: ( ال ) بجميع أنواعها، كما في: (الرجل)، (الساعة)، (العلم)، (المعرفة)، (الذي).
2/2/2- في الأسماء: الأسماء العشَرة: (اسم)، (است)، (ابن)، (ابنة)، (ابنُم)، (امرؤ)، (امرأة)؛ فهذه سبعة، ويدخل فيها مثنى هذه الأسماء السبعة) - و(اثنان)، و(اثنتان)، و(ايمُنُ اللهِ) -وكذلك لغاتها، نحو (ايمَن الله) بفتح الميم، و(ايم الله) بالاختصار-.
2/2/3- في الأفعال:
- في أمر الفعل الثلاثي، كما في: (اقرأ)، (اكتب)، (اجلس)، (انظر).
- في أمر الفعلين الخماسي والسداسي وماضيهما ومصدرهما، كما في: الخماسي: (اجتمعْ)، (اجتمعَ)، (اجتماع)؛ السداسي: (استخرجْ)، (استخرجَ)، (استخراج).
3) همزة القطع:
3/1- تنطق في حالتي الوصل والوقف.
3/2- مواضعها: كل ما عدا السابق ذكره في مواضع همزة الوصل، فإنه يبدأ بهمزة القطع.
ثانيا: الهمزة المتوسطة (في وسط الكلمة) :
لكتابة الهمزة المتوسطة، نلاحظ حركتها وحركة الحرف الذي يسبقها، فتُكتَب بناء على حرف الحركة الأقوى. وأقوى الحركات الكسرة وتناسبها النَّبِرَة (ـئـ)، تليها الضمة وتناسبها الواو (ؤ)، ثم الفتحة وتناسبها الألف (أ)، وأضعفها السكون ولا حرف له، لذا تتبع الهمزة الساكنة في كتابتها حركة الحرف الذي يسبقها.
بناء على ما سبق، للهمزة المتوسطة أربع حالات مع بعض الاستثناءات التي سأذكرها بشكل مستقل أدناه:
1) الحالة الأولى، الهمزة على نبرة:
وتكتب في المواضع التالية:
1/1- إذا وقعت مكسورة بعد متحرك. وبما أن الكسرة أقوى من الحركات الأخرى، تكتب الهمزة في هذه الحالة على نبرة؛ كما في: (تقرَئِين)، (سَئِم)، (مبتدِئِين)، (سُئِل). ويدخل فيه كلمة (يومَئِذ)، وكذلك كل كلمة أولها همزة استفهام وثانيها همزة قطع مكسورة، كما في: (أَئِن)، (أَئِذا)، (أَئِفكًا).
1/2- إذا وقعت مكسورة بعد ساكن. وبما أن الكسرة أقوى من السكون، تكتب الهمزة في هذه الحالة على نبرة، كما في: (رسائِل)، (قائِم)، (هدوئِه)، (أسْئلة)، (جزْئِي).
1/3- إذا سبقتها ياء ساكنة بغض النظر عن حركتها، كما في: (هيْئَة)، (بِيئَة)، (شَيْئُه)، (شَيْئِه)، (شَيْئَان).*
1/4- إذا تحركتْ بغير الكسر وكُسر ما قبلها. وبما أن الكسرة أقوى من الضمة والفتحة، تكتب الهمزة في هذه الحالة على نبرة، كما في: (مِئَة)، (فِئَة)، (ناشِئُون).
1/5- إذا وقعت ساكنة وكسر ما قبلها. وبما أن السكون هو الأضعف والكسر هو الأقوى، تكتب الهمزة في هذه الحالة على نبرة، كما في: (برِئْت)، (بُرِّئْت). ويدخل فيه الماضي والأمر والمصدر المهموز الفاء من باب الافتعال،كما في: (اِئْتزَرَ)، (اِئْتَزِرْ )، (اِئْتزارًا). وفي: (اِئْتمَنَ)، (اِئْتَمِنْ )، (اِئْتمانًاً).
2) الحالة الثانية، الهمزة على واو:
وتكتب في المواضع التالية:
2/1- إذا وقعت مضمومة بعد ساكن غيرَ واو أو ياء وليس بعدها واوُ مدّ، كما في: (تفاؤُل)، (تضاؤُل)، (جزْؤُه)، (سماؤُه).
2/2- إذا وقعت مضمومة بعد فتح، كما في: (يقرَؤُه)، (يملَؤُه).
2/3- إذا ضُم ما قبلها وهو غير واو مشددة، شرط أن تكون هي غيرَ مكسورة، كما في: (بُؤبُؤ)، (لُؤلُؤ)، (يُؤَاخذ)، (مُؤَاخذة)، (وَضُؤَت)، (وَضُؤْتَ)، ومنه: (اُؤْتُمِنَ) [صيغة المبني للمجهول].
3) الحالة الثالثة، الهمزة على ألف:
وتكتب في المواضع التالية:
3/1- إذا وقعت مفتوحة أو ساكنة بعد مفتوح، كما في: (سَأَل)، (يَأْمُر)، (آخر)**، (ملجَآن)**، (مَنْشَآن)**، (تَذَأَّبُ)، (تبوَّأَها).
3/2- إذا وقعت مفتوحة بعد ساكن صحيح وليس بعدها ألف المثنى أو الألف المبدلة من التنوين [انظر حكمهما تحت الحالة الرابعة: 4/3]، كما في: (يسْأَلُ)، (مسْأَلة)، (دِفْآن)، (جُزْأَه)، (جُزْأَين)، (قَرْأَين).
4) الحالة الرابعة، الهمزة مفردة على السطر:
وتكتب في المواضع التالية:
4/1- إذا وقعت مفتوحة بعد ألفٍ، نحو: (عَباءَة)، (تَساءَل)، (تضاءَل)، (رِداءَان)، (رِداءَين)، (سَماءَه).
4/2- إذا وقعت مفتوحة أو مضمومة بعد واو ساكنة، أو بعد واو مشددة مضمومة، كما في: (أسبغَ وضوءَه)، (ضَوءُهُ شديدٌ)، (إنَّ تَبَوُّءَكَ تبوُّءُه)، (ضَوءَان)، (سموْءَل).
4/3- إذا وقعت مفتوحة بعد صحيح ساكن وقبل ألف التثنية أو الألف المبدلة من التنوين، كما في: (جُزْءَان)، (جُزْءًا).
4/4- إذا وقعت الهمزة بين واوين في الكلمة الواحدة، كما في: (مَوْءُودَة).
ما شَذّ عن حالات الهمزة المتوسطة أعلاه أواستُثْنِيَ منها:
1) يستثنى من الحالة الأولى (1/5- تكتب الهمزة على نبرة إذا وقعت ساكنة وكسر ما قبلها)، يستثنى منها ما إذا تقدمته فاء أو واو داخلة على الكلمة وأُمن اللبس. ففي هذه الحالة تحذف الألف الأولى وترسم الثانية ألفًا، لوقوعها ساكنة بعد مفتوح، كما في: (فَأْتَزَرَ)، (فَأْتِزار)، (فَأْتَزِرْ)، (وَأْتمَن)، (وَأْتَمِنْهُ).
وإذا تقدمت (ثُمّ) جرت قاعدة الأصل، كما في: (ثم ائْتزَر). وكذا إذا لم يؤمن اللبس جرت قاعدة الأصل، كما في: (فائْتمَّ)، من الائْتمام؛ لأنه لو خرج عن القاعدة لالتبس بأَتمَّ من الإِتمام.
2) تُستثنى من الحالة الثالثة (3/2- تكتب الهمزة على ألف إذا وقعت مفتوحة بعد ساكن صحيح وليس بعدها ألف المثنى أو الألف المبدلة من التنوين)، تُستثنى منها الهمزة إذا وُصِلَ ما قبلها بما بعدها، وتُكْتَب على نبرة، كما في: (دِفْئًا)، (دِفْئَان)، (شَيْئًا)، (شَيْئَان).
3) يصح في جمع الكلمات المفردة الثلاثية والتي تتوسطها همزة ساكنة يسبقها مفتوح -كما في: (فَأْس)، (كَأْس)، (رَأْس)- أن تكتب بإحدى الطرق التالية:
أ - تكتب الهمزة على واو تلحقها واو مثلها، كما في (فؤوس)، (كؤوس)، (رؤوس).
ب- تحذف الهمزة ويكتفى بالواو للتخفيف، كما في: (فوس)، (كوس)، (روس).
ج- تكتب الهمزة على نبرة إذا أمكن وصل ما قبلها بما بعدها، كما في: (فئوس)، (كئوس).
د- تكتب الهمزة مفردة على السطر إذا لم يمكن وصل ما قبلها بما بعدها،، كما في: (رءوس).
هـ- تكتب الهمزة على الواو الثانية بعد حذف الأولى، كما في: (فُؤُس)، (كُُؤُس)، (رُؤُس).
4) يصح في الكلمات على وزن مَفْعُول أو فَعُول والتي تتوسطها همزة مضمومة قبل واو المد، أن تكتب بإحدى الطرق التالية:
أ - تكتب الهمزة على واو تلحقها واو مثلها، كما في: (مرْؤُوس)، (مَسْؤُول)، (سَؤُول)، (دَؤُوب).
ب- تكتب الهمزة على نبرة إذا أمكنَ وصلُ ما قبلها بما بعدها، كما في: (مَسْئُول)، (مَشْئُوم)، (سَئُول)، (قَئُول).
ج- تكتب الهمزة مفردة على السطر في حال لم يمكن وصل ما قبلها بما بعدها، كما في: (مَرْءُوس)، (دَءُوب).
5) يصح في الكلمات إذا جاءت فيها الهمزة بعد مد وكانت الأخيرة متطرفةً مفردة أو متطرفةً على ألف قبل توسطها بإضافة واو الجماعة إليها، يصح في هذه الكلمات أن تكتب بإحدى الطرق التالية:
أ- تكتب الهمزة مفردة على السطر، كما في: (جَاءُوا)، (قَرَءُوا).
ب- تترك الهمزة على حالها قبل التوسط، كما في: (قَرَأُوا).
ثالثا: الهمزة المتطرفة (في آخر الكلمة) :
لهذه الهمزة حالتان:
1) تكتب الهمزة مفردة على السطر إذا كان ما قبلها ساكنا أو واوًا مشددة مضمومة، كما في: (جُزْء)، (مِلْء)، (رِدْء)، (شَاء)، (غِطَاء)، (وُضُوء)، (تَبَوُّء).
2) تكتب الهمزة على حرفٍ من جنس حركة ما قبلها إذا كان ما قبلها متحركا وليس واوً مشددة مضمومة، كما في: (لُؤلُؤ)، (تهيُّؤ)، (متهيِّئ)، (يُهَيِّئ)، (مُهَيِّئ)، (مُهَيَّأ)، (ينشَأ).
فوائد:
الفائدة الأولى: لا تأتِ الهمزة ساكنة إذا وقعت أول الكلام، لأن الكلام لا يبدأ في العربية بساكن ولا يوقف على متحرك.
الفائدة الثانية: للتفريق بين همزة الوصل وهمزة القطع، ضع حرف العطف الواو أو الفاء قبل الكلمة التي تبدأ بالهمزة وانطقهما معا، فإن تحققت الهمزة كانت همزة قطع، وإن خُفِّفَت كانت همزة وصل (تحقيق الهمزة = إعطاؤها حقها من الإشباع فتظهر واضحة جلية عند النطق بها، وتخفيفها = لا إشباع فيها فلا تظهر واضحة عند النطق بها). مثاله:
- تتحقق الهمزة فيما يلي: (وأَقُولُ)، (وأنا)، (وأحمد)، (وإِلَى)، (فأَكْتُبُ)، (فأَكْرِمْ)، (فإنَّ)، (فإحسان)؛ لذا ترسم الهمزة على الألف لأنها همزة قطع.
- تخفف الهمزة فيما يلي: (وَاغْتَرَبَ)، (وَاسْتَفْهِمْ)، (وَامْرَأَة)، (وَالْمَقْصِد)، (فَابْنَة)، (فَاسْمُ)، (فَاجْلِسْ)، (فَالْكِتَاب)؛ لذا لا ترسم الهمزة على الألف لأنها همزة وصل.
(للحصول على نتائج صحيحة ودقيقة، لا بد من تطبيق هذه الطريقة على الفصحى دون العامية)
الفائدة الثالثة: من أهم قواعد كتابة الهمزة المتوسطة والمتطرفة معرفة حركتين في الكلمة التي توجد بها الهمزة، هما: حركة الهمزة، وحركة الحرف الذي يسبقها؛ لأن هاتين الحركتين تستلزمان شكلا محددا في الكتابة، فأي تغيير يطرأ على إحداهما، يستلزم تغيُّرًا في وضع الهمزة.
الفائدة الرابعة: الجامع في كتابة ما توسط من الهمزة:
1) عند كتابة الهمزة المتوسطة، ينظر إلى حركتها وحركة الحرف الذي قبلها، وتكتب الهمزة على حرف يناسب أقوى الحركتين.
2) أقوى الحركات الكسر ويناسبه حرف الياء، فالضم ويناسبه حرف الواو، فالفتح ويناسبه حرف الألف. أما الهمزة الساكنة، فغالبا ما تأخذ شكل الحرف المتحرك الذي يسبقها.
3) إذا احترت على أي حرف تكتب الهمزة المتوسطة (أو المتطرفة)، فانظر إلى حركة الهمزة وحركة الحرف الذي قبلها وأيهما أقوى: فالكسر الأقوى يليه الضم فالفتح فالسكون. مثاله: (يَئِس): الهمزة مكسورة وما قبلها مفتوح؛ وبما أن الكسرة أقوى من الفتحة نكتب الهمزة على الحرف الذي يناسبها وهو النبرة. مثال آخر: (سُؤْدد): الهمزة ساكنة وما قبلها مضموم؛ وبما أن السكون أضعف الحالات التي يكون عليها الحرف، كانت الضمة هي الأقوى؛ وبما أن الحرف الذي يناسب الضمة هو الواو، نكتب الهمزة على واو.
الفائدة الخامسة: ألف المد (آ) تشير إلى:
- همزة مفتوحة جاء بعدها همزة ساكنة [ آ = أَ+أْ ]، كما في: (أَأْكُل = آكُل) و(أَأْمُل = آمُل)
- همزة مفتوحة جاء بعدها ألف [ آ = أَ+ا]، كما في: (أَاخَر = آخَر) و(ظمأَان = ظمآن)
الفائدة السادسة: قرأت في بعض المصادر (لم أذكرها ضمن المراجع أدناه لعدم أخذي بما ورد فيها) قواعد تختلف اختلافا بسيطا عما ذكرته أعلاه، ويعود السبب وراء ذلك إلى اختلاف المدارس التي اعتمد عليها كل فريق. لكني اخترت القواعد أعلاه لما رأيت فيها من السهولة واليسر وغلبة التطبيق وشيوعه.
من هذه الاختلافات -على سبيل المثال لا الحصر- تفريق بعض العلماء بين الصحيح من حروف الألف والواو والياء الساكنة من جهة والمدود من جهة أخرى. فيرى بعضهم مثلا اختلافا بين كتابة الهمزة المفتوحة في حال سبقتها ياء ساكنة أصلية وكتابتها في حال سبقتها ياء مد؛ فيكتبون الهمزة التي تسبقها ياء ساكنة أصلية على ألِفٍ لا على نبرة، كما في: (هَيْأَة) و(شَيْآن)، عوضا عن كتابتها على نبرة، هكذا (هَيْئَة) و(شَيْئَان)؛ في حين يكتبون الهمزة التي تسبقها ياء مد على نبرة لا على ألف، كما في: (بِيئَة) و(مَشِيئَة).
والله أعلم.
المراجع:
1)
قواعد الإملاء، للشيخ عبدالسلام هارون (للتحميل، اضغط بزر الفأرة الأيمن على عنوان الكتاب، ثم اختر "
حفظ الهدف باسم" من القائمة المنسدلة)
2)
الهمزة، أنواعها وقواعد كتابتها، للدكتور حسين حبيب سليمان (للتحميل، اضغط على عنوان الكتاب)