النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: العروض والاجتهاد والتنظير

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,965

    العروض والاجتهاد والتنظير

    الاجتهاد والتنظير

    هما منطقان متباينان بل متناقضان

    الاجتهاد في الاسلام يعني استنباط الحكم في جزئيات بناء على مرجعية الشرع وهي مرجعية كلية شمولية مسلم بها لدى المجتهد، وبديهي أن الحكم استنادا عليها لا يمكن أن يخرج عنها وإن تغير من شخص إلى آخر أو لذات الشخص فإنه لا يكون لتغير تلك المرجعية بل لاختلاف فهمها أو تغير الواقع وملابساته . فالمرجعية ثابتة وهي تقرر الحكم الجزئي.

    ولدى استعمال هذه الكلمة في أي باب معرفي أو عملي آخر يتسم بهذا المنطق، لا بد من استحضار مرجعية مسلم بها للمجال الذي يدور في جزئياته الاجتهاد.

    التنظير في الأنظمة الوضعية يعني تحديد غاية مسبقة في مجال ما ترمي إلى تصويب أو تخطيء هدف ما لغاية أو أخرى ثم استعمال المعارف المتيسرة استعمالا انتقائيا لإثبات الصواب أو الخطأ المطلوبين لتحقيق تلك الغاية. فالغاية المقررة ابتداء لهدف أو آخر تقرر المرجعية المطلوبة، وبعبارة أخرى فعندما تكون الغايات متغيرة ونريد أن نصفها بأنها ثوابت فإن ذلك يقتضي تغيير المرجعيات.

    فواقع الحال أن الغاية هي الثابت والمرجعية الخادمة لتلك الغاية هي المتغير

    وصفات كل من المرجعيتين تنبع من طبيعتها ومهمتها. فمرجعية المجتهد واضحة بسيطة مباشرة إلى حد كبير، لاتساق وصفها مع واقعها وعدم وجود ما تخفيه أو تعتم عليه بهذا الصدد، ومرجعية المنظر مغلفة بتعابير والتواءات غرضهما التغمية على تناقض أدعاء أنها متبوعة مع واقع أنها تابعة.

    في تمثيل مادي عندما يقتضي أمر ما أن يكون ارتفاع الجسم عن سطح الأرض مترا فإن الحكم على حال ذلك الجسم من الارتفاع يكون بالنسبة لسطح الأرض. فنقول الجسم في حالة ما في وضع جيد إذا كان قريبا من هذا الارتفاع وفي وضع سيء إذا ابتعد عن ذلك الارتفاع.

    ولكن عندما يريد شخص أن يضع تعريفا لحالة هذا الجسم بحيث يتحكم هو به وبها فإنه يقول إن ارتفاع ذلك الجسم عن مرجعية السطح هو متر . أي سطح ؟
    لمعرفة الجواب نتصور صفيحة من الحديد تمثل المرجعية مرتبطة بخيط موصول بذلك الشيء بحيث إذا ارتفع الجسم ارتفعت معه مرجعيته، وإذا انخفض الجسم انخفضت تلك المرجعية- ولو ملكت تلك المرجعية إحساسا ونطقا لشكت من إعيائها لتعدد نغير ثبوتها - ، ولكن من أسمى الصفيحة التابعة للجسم مرجعية يقول هذا الجسم ثابت بدلالة ثبوت بعده عن المرجعية. وهو يعطي الحرية لأي كان ليقيس المسافة بين الجسم والصفيحة بل ويسعده أن يقال بأن الجسم قد ارتفع أو انخفض عن الصفيحة بضعة ملميترات، ففي هذا النقد الجزئي تثيبيت لدعوى صحة المرجعية.
    ولكنه أي صاحب المرجعية التابعة للجسم لا يسمح بالنظرة الشاملة التي تكشف أن المرجعية في الحقيقة متغير وأن الثابت هو الجسم.

    أنظر في كل الدعاوى من كافة الأشكال والألوان والتي يتغير حكمها على ذات الشيء من النقيض إلى النقيض مع القول في النقيضين بأن الموقف يستند إلى الثوابت ذاتها. أجل هي ذات الصفيحة المسماة ثابتا.

    إن الثبات الحقيقي للمرجعية لا يعني صحتها بل يعني احترام عقل المخاطَب أما صحة المرجعية وعدمه فيلتمس في ذات المرجعية.

    وشتان بين تحريك المرجعية وزعم ثبوتها لغرض ما مقرر سلفا. وبين التوقف والقول هذه المرجعية خطأ ولا بد لنا من البحث عن المرجعية الصحيحة ثم الحكم على الأشياء بموجبها.

    وأذكر مثال ذلك ما رأيته بنفسي من قيام تربوي فاضل بكتابة مقال لنشره في الجريدة بناء على تعليمات وصلته لتسويق فكرة شهادة الدراسة المتوسطة بتعداد حسناتها، وفي العام التالي رأيت ذلك التربوي الفاضل ذاته يعد مقالا آخر بناء على تعليمات وصلته لتسويق فكرة إلغاء شهادة الدراسة المتوسطة بتعداد مساوئها.

    هل لما تقدم علاقة بالعروض ؟

    أجل كبيرة ، وليست العلاقة قائمة بالعروض وحده بل بالتوجه العام في كل أمر وهذا جانب من أهمية شمولية النظرة التي نكتسبها بالممارسة في العروض الرقمي.

    أنظر إلى كافة المواقف في الأمور كلها فإن رأيت الموقف لا يتغير عبر السنين بل وربما القرون فاعلم أن مرجعية ذلك الموقف ثابتة.

    وإن رأيت الموقف لجهة واحدة في الأمر ذاته تنتقل من النقيض إلى النقيض – وغالبا ما يتم ذلك بسرعة - فاعلم أن ذلك راجع إلى أن الغايات تقرر مسبقا ثم تلتمس لها أو توضع لها المرجعيات التي تبررها، ويجري اختيار مرجعية جديدة كلما تغير الهدف والقول بأن التغيير ملتزم مع الثوابت . ( وهذا صحيح فالثوابت متحركة والالتزام متجدد بكل منها ) وفي كلمة ثوابت ذلتها ما يكشف طبيعتها المتغيرة من حيث لم يقصد من يستعملها فله في كل يوم ثابت .


    فيما يخص العروض صاحبتني هذه الخواطر أثناء قراءتي لهذا الرابط:


    وتداعياته في قول من قال إن عروض الخليل لا يغطي قصيدة النثر فهو قاصر. وما جرى هذا المجرى. ,اتمنى استحضار هذه الخواطر أثناء قراءة هذا الموضوع على الأقل.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    1,124
    السلام عليكم
    من سوء حظي أنني رتبت الإجابة حرفيا لكل فقرة, فانقطعت الكهرباء فجأة , وضاع ماكتبت,ولم أخزن وسأحاول استعادة ما ذهب قدر المستطاع,ولنا الله....
    ****
    فواقع الحال أن الغاية هي الثابت والمرجعية الخادمة لتلك الغاية هي المتغير
    هذه فكرة قوية لان المرء في رقي مستمر وصاحب الغاية والهدف الكبير لايتوقف على مرجعية واحدة ان كانت قد توقفت او لم تعد تعط ما يبحث عنه بقوة.
    ****
    وصفات كل من المرجعيتين تنبع من طبيعتها ومهمتها. فمرجعية المجتهد واضحة بسيطة مباشرة إلى حد كبير، لاتساق وصفها مع واقعها وعدم وجود ما تخفيه أو تعتم عليه بهذا الصدد، ومرجعية المنظر مغلفة بتعابير والتواءات غرضهما التغمية على تناقض أدعاء أنها متبوعة مع واقع أنها تابعة.
    نعم تابعة لانها تبحث عن العيوب قبل المثالب
    ***
    ولكنه أي صاحب المرجعية التابعة للجسم لا يسمح بالنظرة الشاملة التي تكشف أن المرجعية في الحقيقة متغير وأن الثابت هو الجسم.
    ماذا تعني استاذنا الكريم :بكلمة: المرجعية التابعة للجسم؟فالجسم من الطبيعي ان يكون تابعا للمرجعية..وربما تشبيه المرجعية بالصفيحة مثال ظالم قليلا...
    لاننا لو جسدنا المثال بشريا:
    نقول ان المرجعية بشر وكذا التابع وكل متغير ولكن هناك فرق بين ان نبحث عن الافضل دوما خاصة للمرجعية وبينما ان نكون عكس ذلك ونبقى كما نحن ونحن نعتبر ظانفسنا مرجعية يجب ان نحافظ على قوة موقعها .
    ***
    إن الثبات الحقيقي للمرجعية لا يعني صحتها بل يعني احترام عقل المخاطَب أما صحة المرجعية وعدمه فيلتمس في ذات المرجعية.
    نعم هذا صحيح ويبقى الامر ان كان يمس البشر ان نكون منصفين تماما باحكامنا غير مجحفين في الحكم على انفسنا وعلى غيرنا فالموضوعية صفة جوهرية في المرجع يحافظ ليس بقدر الامكان على موقعه المرجعي بقدر مقدرته القوية ان يحافظ على انه المرجع القوي ومايزال وهو مصدر جذب لطيف ناجح.
    ****
    وإن رأيت الموقف لجهة واحدة في الأمر ذاته تنتقل من النقيض إلى النقيض – وغالبا ما يتم ذلك بسرعة - فاعلم أن ذلك راجع إلى أن الغايات تقرر مسبقا ثم تلتمس لها أو توضع لها المرجعيات التي تبررها، ويجري اختيار مرجعية جديدة كلما تغير الهدف والقول بأن التغيير ملتزم مع الثوابت . ( وهذا صحيح فالثوابت متحركة والالتزام متجدد بكل منها ) وفي كلمة ثوابت ذلتها ما يكشف طبيعتها المتغيرة من حيث لم يقصد من يستعملها فله في كل يوم ثابت .
    كلما كان الهدف ساميا قويا كبيرا خصصت له القدرات والامكانيات حتى لو تغيرت المرجعية ان كانت لاتحقق الهدف الذي يسعى اليه صاحب كل هدف ولكن من قال بحرق المراكب وقطع شعرة الصلة؟ فمن صفات التابع الناجح والمتصل المواصل ان يمسك بقدر الامكان بالخيوط المهمة خلال مسيرته.
    ***
    فيما يخص الرابط:

    أما تعريف الشعر خارج الوزن فيطرح قضايا مختلفة، اذ حضور الصوت من خلال النسق يجعل الصوت في المعنى، وفي نفس الوقت ينسف الحدود بين الشعر والنثر. وكل ذلك يدفعنا الى اعادة النظر في النثر أيضا سواء في تعدديته، وأوضاع الايقاع في كل نوع، وأنماط الصلات بين الشعر والنثر الفني بخاصة، على الشكل الذي نستخلصه من الكلمة التالية: "فنحن ندخل حقل البحث الأدبي حين يتوجب علينا أن نشرح طبيعة الايقاع النثري، وخصوصية النثر الموقع واشتغالاته، ونثر فقرات معينة من الكتاب المقدس بالانجليزي، والايقاع النثري في كتابات السير توماس براون ورسكين او دي كوينس حيث يفرض الايقاع- أحيانا النغم- ذاتيتهما على القارئ، حتى ولو لم يكن منتبها. لقد سببت الطبيعة المضطربة لايقاع النثر الفني مقدارا كبيرا من الصعوبة".(4) وبناء على هذه الاضاءات، نسجل حضورا فارقا بين النثر العادي والنثر الفني، مع الحرص على حفظ التمايز والحدود.
    مازال هناك نقاشات وحوارات بين تققيم وقولبة النص النثري والنثر وو...
    وتبقى ام كلثوم عظيمة ومرجعيه فنية لاتعاد عربيا على الاقل....
    *********
    وضمن اطار استقراء نظريات الاوزان، يحصر واسطن وارين ورينيه ويليك ثلاثة أنماط، كل نمط يستند الى اساس من الأسس النظرية. يقوم الاول على الاساس الصوتي. أما النمط الثاني، فيستند الى الاساس الموسيقي مع مصادرة التقريب بين الشعر والموسيقى، ولفت الانتباه أحيانا، الى خصوصية الموسيقى الشعرية; بينما يستند النمط الثالث الى الاصل الصوتي، يدعى الأول بـ"العروض التخطيطي"، والثاني موسوم بسمات النظرية الموسيقية، أما النموذج الثالث فحامل لاسم: "نظرية الوزن الصوتي". ولعل الخلاصة التي ينتهيان اليها بعد تقويم هذه النماذج، هو القول والدفاع عن التكامل، لأن ما ينقص هذا النموذج يكمله النموذج الآخر: "فالنظرية الموسيقية في الأوزان على حق حين تقول ان كل هذه التمييزات في المدة والشدة والحدة نسبية وذاتية. غير ان نظريتي الاوزان الصوتية والموسيقية على السواء تشتركان في نقص وقصور واحد، وهو أنهما تعتمدان كليا على الصوت، وعلى أداء تلاوة واحدة أو تلاوات متعددة. فنتائجهما تنطبق على تلك التلاوات، وهما يتجاهلان
    ***
    غير ان نظريتي الاوزان الصوتية والموسيقية على السواء تشتركان في نقص وقصور واحد،
    **********
    ان الكتابة الشعرية خارج الوزن المعهود تدفعنا، حتما، الى نقد علم العروض. ويحسن التنبيه الى أن مفهوم الايقاع في الشعرية الحديثة يتجاوز الاطروحات التقليدية. وبناء على ذلك، نحاول تفكيك مسلمات وفرضيات النظرية العروضية العربية الحديثة التي لا تزال ترتكز على مسلمة المطابقة بين الايقاع والوزن. والغاية الكبرى من هذا النقد هو إعادة معالجة القضايا الوزنية والايقاعية التي تطرحها الكتابة الشعرية خارج الأوزان المتعارف عليها، وبالتالي تفكيك المنجز العروضي العربي الحديث بخاصة، وفق رؤية مستقبلية تجديدية مفتوحة على تصورات ونظريات مغايرة محتملة. وحسب هذه الزاوية النقدية، نفترض ان قصيدة النثر العربية بطبيعتها تستوجب إعادة بناء قضايا العروض، سواء في أصوله أم فروعه.
    **********
    هذا يحض على بحث واسع يحتاج حشد جهود غير قليلة:
    وبالتالي تفكيك المنجز العروضي العربي الحديث بخاصة، وفق رؤية مستقبلية تجديدية مفتوحة على تصورات ونظريات مغايرة محتملة. وحسب هذه الزاوية النقدية، نفترض ان قصيدة النثر العربية بطبيعتها تستوجب إعادة بناء قضايا العروض، سواء في أصوله أم فروعه.
    *********
    وهذه العمليات تصدر عن ذاتين، وفي ثلاثة مستويات مختلفة: مستوى سابق لتأسيس العلم ومستوى مواكب، ومستوى لاحق لعملية التأسيس. وحسب هذه المستويات ينبغي ان نتناول قضايا الوصف والاكتشاف في علم العروض. أما الذاتان فهما: ذات الشاعر وذات العروضي. ولذلك نعتقد بأن معرفة الصحيح من المكسور إنما تبنى انطلاقا من المنجز الشعري السابق لكنها تطبق على المنجز الراهن والمحتمل، لأن قوانين العروض التي اعتبرت ميزانا استخلصت من المنجز الشعري ولم تكن سابقة مكتملة. ويرتبط هذا الواقع بالتوجه التعليمي التربوي الذي اتجه اليه علم العروض، كما يبدو من الكلمة التالية: "اعلم ان علم العروض ميزان الشعر، بها يعرف صحيحه من مكسوره، وهي مؤنثة. وأصل العروض في اللغة: الناحية".(6)
    **********
    مصطلح: ذات العروضي وذات الشاعر.....!!
    *******
    ان نظام الدوائر العروضية بخصائصها الهندسية والرياضية، تدفع الى الاعتقاد بأن البحور الشعرية التي استخلصها الخليل بن أحمد، في البداية، من خلال الوصف والاستقراء لا تمثل سوى امكانية من الامكانيات المتحققة الى جانب الاحتمالات الممكنة، أطلق عليها البحور المهملة. ولا يدل نظام الدوائر العروضية على الامكانيات الوزنية التوليدية فحسب، وإنما يشير الى تعالق بين النظام العروضي ورؤية وجودية خاصة تجعل من الدائرة تمثيلا للوجود.
    *************
    ماذا نعني هنا الامكانات الوزنية المتولدة؟؟؟؟هل كما فهمتها تماما؟ اود التوضيح! مازلنا نحول حو تجديد بحور الشعر دون الجراة في الاقتراب.
    ***
    1-المستعمل. 2- المشكوك في استعماله. 3- غير المستعمل. وحسب هذه الاستدلالات بالخلف لا نجد أنفسنا، الا أمام احتمال واحد هو الوضع. ولذلك نعتقد بأن الحد مبني على اساس المطابقة بين الاستعمال والوضع: "قد صح بالاعتبارات البلاغية في تناسب المسموعات وتناسب انتظاماتها وترتيباتها وكون المناسبات الوزنية جزءا يدخل تلك الجملة أن الأوزان المستعملة الآن عند أهل النظم- مما ثبت استعمال العرب له وما شك في ثباته، وما لم يثبت أصلا بل وضعه المحدثون قياسا على ما وضعته العرب....".(11)
    ******
    هل هنا نعني المعنى الشعري أم امر آخر؟
    ***
    ووفق هذا القانون الوصفي الذي سرعان ما يتحول الى قانون معياري، تعرض المحاولات التجديدية في الاوزان. ومن خلال استقصاء أصل تسمية علم العروض، يتوصل حازم القرطاجني الى علاقة عجيبة تكشف عن روابط عميقة بين العروض وفن العمارة. وبما أن المرجعية جاهلية فان العمارة، في هذا الموطن، لها اتصال بالخيام.
    ********
    تحتاج توضيح.
    ***
    ان علم العروض، وفق هذا التصور، مجال تتفاعل في بنائه معارف من حقول متعددة هي التي أسهمت في تعميق طبيعة هذا العلم ووظائفه، وطرق الانتقال فيه من الوصف الى القيمة. والموسيقى، ضمن هذا الاطار، هي التي أسعفت في تدقيق الاصطلاحية في علم العروض، ووسعت معالجات الأوزان وعلاقاتها بالأحوال النفسية. أما البلاغة فقد أبرزت التعالق بين الصوت والمعنى. وإذا كان حازم القرطاجني قد سعى الى تفكيك آليات اشتغال المكونات الصوتية والمعنوية في البناء النصي الشعري، فإنه يمكن القول، اعتمادا على ذلك، بأنه أسهم في اعادة بناء علم العروض بتأصيل الأصول، بل انه لم يقف عند هذه الحدود بل حاول تطوير العلم من الداخل، لكنه لم يستطع تجاوز النظرية التقليدية.
    *******
    هذا صحيح
    *******
    واذا ما نحن امعنا النظر في العروض العربي فان الملاحظة الأساسية التي نسجلها هي أن علم العروض، كما أسسه الخليل بن أحمد الفراهيدي، بمصطلحاته وتقنياته وأجزائه وأنساقه قد ظل ثابتا، كما ظلت الاصول كما هي على الرغم من تنوع المحاولات على امتداد العصور، وبخاصة في العصر الحديث. لقد أسهم الانفتاح على الثقافات الاجنبية في تطوير مناهج البحث، والتعرف على أنساق وزنية مختلفة كان للمستشرقين دور كبير في التعريف بها، علاوة على اسهامه الملحوظ في تطوير الدرس العروضي العربي باستخدام الطرق والمناهج الحديثة. وقد افسح هذا الوضع الجديد أمام الدارسين العرب آفاقا لاقتراح بدائل للأسس العروضية القيمة. وكلها محاولات تستبطن رغبة علمية في اعادة معالجة القضايا العروضية، وتجديد الاصطلاحية، وتبسيطها، والاستفادة من معطيات علم الموسيقى وعلم الأصوات والفونولوجيا.
    ***
    اعادة التلميح للتجديد ولكن اي تجديد نعني؟
    ******
    إن أفق التجديد الوزني الذي يفتحه د. ابراهيم أنيس في كتابه جد ضيق لأنه لم يتجاوز الاطار العروضي القديم، ذلك أن كتابة الشعر خارج الوزن التقليدي، في تقديره، تكاد تكون مستحيلة. ووفق هذه الرؤية التقليدية، فإن ما قام به الشعراء في التجارب الرومانسية، بل وما قام به الشعراء المجددون اللاحقون، لا يعدو أن يكون تنويعا على الأصل:
    هل نعد هذا اجابة على تساؤلات فرضها النص اعلاه؟
    ********
    أما في أوزان الشعر وقوافيه فلا نكاد نظفر من شعرائنا المحدثين بجديد، فقد غلبت عنايتهم بالأخيلة،
    ماذا نعني هنا حرفيا؟
    ***
    وسنحاول الوقوف عند طرح أكثر جرأة ومغامرة، يجسده اقتراح د. كمال أبوديب. ولا ريب ان الاهداف التي يحددها في محاولة لتأسيس علم العروض بديل عن علم العروض التقليدي الذي أسسه الخليل، تبشر بآمال وطموحات كبيرة في خلخلة الانساق الوزنية، والانتقال بالتالي الى كشف محدودية الفرضيات القديمة،
    بالانتظار....
    ***
    وعلاوة على مطابقة الايقاع والوزن، يضمن د. كمال أبوديب العروض في الموسيقى تارة، وفي الرياضيات تارة أخرى: "هذا الانتظام الرياضي المدهش هو سر الايقاع العربي. من الواضح أن لكل بحر قيمته الرياضية المتميزة".(29)
    *********
    وفي هذا الموطن بالتحديد، نسجل نتائج غياب تحديد المتن الشعري موضوع البحث في الأنساق الوزنية، كما تفصح عنه عبارة الايقاع العربي التي تشمل ما استنبط منه الخليل قواعد علم العروض، وما أنجز من بعده من القديم والحديث. وهنا يخالف الباحث ما قرره بداية: "مغامرة فصل حاد بين الواقع الشعري الفعلي وبين الصورة التي أبرز فيها هذا الواقع".(30)
    ****
    توضيح عن هذه العبارة:
    وفي هذا الموطن بالتحديد، نسجل نتائج غياب تحديد المتن الشعري موضوع البحث في الأنساق الوزنية،
    ***
    إن الاصطلاحية التي يوظفها د. كمال أبوديب في محاولة تأسيس علم عروض جديد هي، في اعتقادنا، تنويع وتفسير لما اشكل من اصطلاحية الخليل. وأما استثماره للمعارف الصوتية والفونولوجية والموسيقية والرياضية، وان كان يصف محاولته بالاختلاف والمغايرة، فانه لا يعدو أن يعتبر، بناء على صيغ التضمين المختلفة، تطويرا داخل النظرية التقليدية.
    ********
    ولعل أهم ما يلفت النظر، في بداية البحث، فرضية تضمين علم العروض في علم النحو، ويبدو، في تقديرنا، ان هذا التضمين يتعارض مع الاحتراز أعلاه الذي يستلزمه التأسيس الذي يقتضي بدوره، رسم حدود واضحة للعلم في استقلاله عن بقية العلوم، وان كان يتبادل معها التأثير والتأثر عكس ما هو وارد في التأكيد التالي: "ان قواعد العروض يمكن أن تلحق بالنحو، وتدرس على انها جزء متمم له، ولكن تعميق البحث في هذه القواعد لا يكون بتفصيل القواعد نفسها، فان ذلك مدعاة للتعقيد والعقم، وانما يكون بوضع هذه القواعد في سياق أكبر منها".(39)
    **********
    ولعل الاستنتاج الذي نخلص إليه من خلال بحث الأسس التي تستند اليها هذه الأبحاث العروضية، هو عدم قدرتها على الخروج عن الاطار الابستيمولوجي لعلم العروض، كما أسسه الخليل بن أحمد، أي انها تنحصر في اطار الوزنية. ومن ثم يمكن الحكم عليها بأنها تندرج في اطار النظرية التقليدية، مما يعني انها في أوضاعها الراهنة لا تستطيع التصدي للقضايا الايقاعية والتخييلية التي تطرحها قصيدة النثر. والبديل، في اعتقادنا، الذي يمكن من الخروج من هذه الوضعية المتأزمة، هو الانتقال من النظرية التقليدية الى النظرية الحديثة، أي الشعرية التي يدافع عنها هنري ميشونيك، والتي يتقدم في اطارها بطرح جديد للايقاع يتجاوز ما هو متداول في علم العروض.
    ******
    حقيقة دهشت من النتيجة جدا !!
    واكتفيت بتعقيب استاذنا خشان :
    وتداعياته في قول من قال إن عروض الخليل لا يغطي قصيدة النثر فهو قاصر. وما جرى هذا المجرى. ,اتمنى استحضار هذه الخواطر أثناء قراءة هذا الموضوع على الأقل.

    ***
    اتمنى ان اكون قد قدمت تعقيبات مفيدة
    تحيتي
    التعديل الأخير تم بواسطة ((ريمة الخاني)) ; 03-23-2010 الساعة 01:49 PM

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,965
    اقتباس:
    فواقع الحال أن الغاية هي الثابت والمرجعية الخادمة لتلك الغاية هي المتغير
    هذه فكرة قوية لان المرء في رقي مستمر وصاحب الغاية والهدف الكبير لايتوقف على مرجعية واحدة ان كانت قد توقفت او لم تعد تعط ما يبحث عنه بقوة.
    أستاذتي الكريمة

    أسجل اختلافي التام معك. مع كامل احترامي.

    أما تفاصيل ما في الرابط فأمر آخر.

    يرعاك الله.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    1,124
    استاذي الكريم انا انهل من فكرك النير واستفسر:
    جاء في النص كما كتبته :
    فعندما تكون الغايات متغيرة ونريد أن نصفها بأنها ثوابت فإن ذلك يقتضي تغيير المرجعيات.

    فواقع الحال أن الغاية هي الثابت والمرجعية الخادمة لتلك الغاية هي المتغير



    ان كان القصد هو العروض حصرا والخليل كمرجع فسوف نقول هنا هل وجدنا بعد الخليل من ينهض بعلم العروض دون نسف الثوابت او الاساس؟ فماذا سيكون الجواب؟ فربما أغزل على منوال مختلف تماما عما تقصده استاذنا ..وربما طلبت التوضيح.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    MI. U.S.A
    المشاركات
    3,553
    الموضوع شيِّق وخطير في آن. لم يُوجد ليتناول كل جملة على حدة ويفسِّرها دون ربطها ليس فقط ببقية الموضوع ، بل ليستنبط من الفكرة الشاملة ظاهرة نقدية متشعبة لتشمل الكثير من العلوم والآداب والأبرز هو السياسة. سأعطي مثالاً طريفاً. في أحد كتب مناهج اللغة العربية للجامعات الأمريكية قرأنا مقالاً لايهم موضوعه بقدر مايهم المثال المتعلق به هنا. هو منقول عن مقالة لصحفي مصري نشرها في جريدة الأهرام عام 1992 ضرب فيها مثالاً عن وزارة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت، أمرت بمنح الحريات لجميع الحركات الاسلامية الأصولية في العالم العربي لتحقيق الديمقراطية. وكَرد على هذه النقطة بالذات، كتبت إحدى الطالبات كتعقيب على ماجاء في المقال وهو وظيفة قامت بتسليمها قبل شهر تقريباً. كتبت تقول:


    أريد أن أوضّح نقطة هامّة وهي بأن كاتب المقال كتبه عام 1992 أي قبل التفجير الإرهابي الذي حصل في 9/11 / 2001. وبالتالي، موقف أمريكا اليوم من الأصوليين قد تغيَّر بحيث أصبح كل أصولي إسلامي مُعرَّض لأن يُشتَبه به كإرهابي. وأيضاً الوضع في الوطن العربي يتغيّر...

    الثابت في السياسة الأمريكية هنا تغيرت. والمرجعية تغيرت أيضاً. أكتفي بهذا..نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,965
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ((إباء العرب)) مشاهدة المشاركة
    الموضوع شيِّق وخطير في آن. لم يُوجد ليتناول كل جملة على حدة ويفسِّرها دون ربطها ليس فقط ببقية الموضوع ، بل ليستنبط من الفكرة الشاملة ظاهرة نقدية متشعبة لتشمل الكثير من العلوم والآداب والأبرز هو السياسة. سأعطي مثالاً طريفاً. في أحد كتب مناهج اللغة العربية للجامعات الأمريكية قرأنا مقالاً لايهم موضوعه بقدر مايهم المثال المتعلق به هنا. هو منقول عن مقالة لصحفي مصري نشرها في جريدة الأهرام عام 1992 ضرب فيها مثالاً عن وزارة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت، أمرت بمنح الحريات لجميع الحركات الاسلامية الأصولية في العالم العربي لتحقيق الديمقراطية. وكَرد على هذه النقطة بالذات، كتبت إحدى الطالبات كتعقيب على ماجاء في المقال وهو وظيفة قامت بتسليمها قبل شهر تقريباً. كتبت تقول:


    أريد أن أوضّح نقطة هامّة وهي بأن كاتب المقال كتبه عام 1992 أي قبل التفجير الإرهابي الذي حصل في 9/11 / 2001. وبالتالي، موقف أمريكا اليوم من الأصوليين قد تغيَّر بحيث أصبح كل أصولي إسلامي مُعرَّض لأن يُشتَبه به كإرهابي. وأيضاً الوضع في الوطن العربي يتغيّر...

    الثابت في السياسة الأمريكية هنا تغيرت. والمرجعية تغيرت أيضاً. أكتفي بهذا..نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    معنى هذا أستاذتي أن ما حسبناه ثابتا لديهم، ليس بثابت وأنه مجرد خادم لثابت آخر حقيقي لا يتغير وذاك هو مصلحة القوم كما تحددها لهم ثقافتهم ونظرتهم إلى الحياة والكون ككل. أما الباقي من أديان وديموقراطية وحقوق إنسان وشعارات فكلها خوادم أو مرجعيات متزحلقة .

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط