حضرة الأستاذ الفاضل الأخ نواف
كلما وهنت همتي بالنسبة للمنتدى جاء فاضل فـأعاد لي فيه بعض أمل.
وها أنت تشرفنا على ما يبدو لي أستاذا في اللسانيات. وهذا موضوع لا شك له أهمية بذاته وأهمية لصلته الكبيرة بالعروض. وسأكون حريصا على الإفادة من علمكم وفضلكم.
وجودكم في المنتدى إثراء له وسد لنقص في هذا الجانب المهم.
ربما كان عدم تخصصي في علوم اللغة ذا أثرين سلبي وإيجابي بالنسبة للعروض. أما سلبياته فكثيره، وإما إيجابيه فيتمثل في اعتمادي على ما وصفه أخ كريم بأنه بدهيات في كل تطبيقات العروض.
وحول ما سألت عنه فلا شك أنك به مني أعلم. سأطرح عليك ما لدي من معلومات عامة عنه على سبيل أن تتفضل بتصحيح ما قد يكون قد التبس علي لفائدتي وفائدة القراء عامة. وسأركز هنا على ما لهذا من أثر على الجانب العروضي
وقد أكملت هذا الرد قبل قراءة مشاركتك الجديدة.
وسؤالي هو ؟ ما المقصود بالحركات (Vowel) ؟
الحركات هي الفتحة والضمة والكسرة
وماهي العلاقة بين الصائت والصامت .
http://www.google.com.sa/search?hl=a...B+Google&meta=
" تعرضت في بحث سابق إلى كون الخليل بن أحمد الفراهيدي مبتكر علمي العروض والقافية حين تحدث عن الحروف المتحركة ،لم يميز فيها بين نوعين من الأصوات،هما الأصوات الصامتة, والأصوات الصائتة.فقد اعتبر الحرف صالحا لأن يتحرك بالفتحة أو الضمة أو الكسرة،وعد ّمن ثمّ ما كان من هذا القبيل متحركا.بينما يفرق المحدثون فيها بين الصامت والصائت،على اعتبار الفرق الموجود بينهما،حيث الصامت(هو الصوت المجهور أو المهموس الذي يحدث أثناء النطق به اعتراض أو عائق في مجرى الهواء،سواء أكان الاعتراض كاملا....أوجزئيا.ويدخل في الأصوات الصامتة تلك الأصوات التي لا يمر الهواءأثناء النطق بها من الفم،وإنما يمر من الأنف،كالنون والميم،وكذلك الأصوات التي ينحرف هواؤها فلا يخرج من وسط الفم،وإنما يخرج من جانبيه،أو أحدهما،كاللام.بينما الصائت(صوت يتميز بأنه الصوت المجهور الذي يحدث أثناء النطق به أن يمر الهواء حرا طليقا خلال الفم،دون أن يقف في طريقه أي عائق أو حائل،ودون أن يضيق مجرى الهواء ضيقا من شأنه أن يحدث احتكاكا مسموعا.
وكنت أشرت إلى أن الحرف المتحرك"عند المحدثين صوتان:أولهما صامت،وثانيهما صائت.أي أن المحدثين لم يعتبروا الحركة صفة للحرف،بل جعلوها صوتا مستقلا.بينما جعل الخليل –كغيره من اللغويين والنحاة-الحركة صفة ملازمة للحرف،ولم يميز في الحرف المتحرك بين الصامت والصائت.ولعل هذا ما دفع بالدكتور تمام حسان إلى أن يقول
إن علم اللغة الحديث لا يجعل أيا من الصحيح(أي الصامت)والحركة(أي الصائت)ملك يمين للآخر،وإنما هما وحدتان مستقلتان لا ترد إحداهما وصفا للأخرى).
وكنت اعتبرت"أن الخليل-كغيره من القدماء-جعل الصائت صفة للصامت،فسمى الصامت حين يتبعه الصائت متحركا:مضموما أو مفتوحا أو مكسورا،إلا أنه كان يدرك طبيعة كل منهما،والفروق الدقيقة بينهما.
وقد قادني الحديث عن الحرف المتحرك عند الخليل إلى مقارنته بالمقاطع اللغوية عند المحدثين،
وخلصت من ثمّ إلى أن موقف الخليل والقدماء بصفة عامة كان "سليما،لأنه نابع من لغة لا تعرف للصائت قصيرا كان أم طويلا وجودا مستقلا عن الصامت.فليس في العربية كلمة تتكون من صائت قصير أو طويل فقط،كما أنه ليس فيها أيضا كلمة تبدأ بصائت.بينما نجد أن في الفرنسية مثلا كلمات هي عبارة عن صائت فقط: a (أداة)،a (فعل)،et (أداة)،est (فعل)؛وكلمات تبدأ بصائت:aller (فعل)،identité (اسم)الخ....
فما دامت العربية تجعل الصائت حين تستعمله بعد الصامت دائما،فإن القدماء-رغم إدراكهم للفرق الدقيق بينهما-نظروا إلى الظاهرة نظرة وظيفية،فجعلوا الحركة وهي صائت، مرتبطة بالحرف وهو صامت،وكان مصطلحهم وهو الحرف المتحرك تعبيرا عن هذا التلازم أو الترابط الوظيفي"
إنتهى النقل.
وهنا يعبر الكاتب عما بنفسي خيرا مما أستطيع.
فالحركة للحرف كالرائحة للورد أو كالنكهة للطعام يستحيل وجود أحدهما دون الآخر فهما شيئ واحد.
وأعجبني في هذا المقام قول الدكتور أحمد رجائي :"
بين هذين القوسين مني [ ]
يقول د. أحمد رجائي في كتابه أوزان الأشعار (ص – 99) :" تميز شعوب الأرض في لغاتها بين الحرف الصوتي الطويل والحرف الصوتي القصير، إلا أن أغلب هذه الشعوب – إن لم يكن كلها- يميز بينهما في اللفظ ولا يميز بينهما في الكتابة. فمن حيث الكتابة يتساوى الحرف الصوتي الطويل والحرف الصوتي القصير [كما نلاحظه في a في كلمتي:
[ مان m
an
وُمَنْ wom
an ]
فللإثنين شكل واحد في الكتابة. أما لفظ الحرف الصوتي من حيث الطول والقصر، ففيما عدا ما توضحه المعاجم يترك الأمر للخبرة والمران وتواتر السمع.
أما اللغة العربية فتكاد تنفرد بين اللغات بنظرة مختلفة إلى هذين النوعين، فهي تعتبر الحرف الصوتي القصير حركة بالفتح أو الضم أو الكسر، والحرف الصوتي الطويل من ألف أو واو أو ياء حرف مد. وهذا ما جعل الكتابة العربية نوعا من الاختزال، فحرف المد أو حرف العلة يكتب وجوبا بينما لا تكتب حركة الحرف إلا عند خشية اللَبس، وما أكثر ما تهمل.ومن حيث التمييز بين الحركة والسكون تعتبر العربية الحرف الصوتي الطويل حرفا ساكنا، بينما تكون حركة الحرف وهي المعادلة للحرف الصوتي القصير في اللغات الأخرى لا ساكنة ولا متحركة لأنها هي الحركة ذاتها وليست حرفا صوتيا قصيرا، أي أنها ليست حرفا على الإطلاق. [ونظيرها في ذلك اتجاه الحركة في الديناميكا أو علامة السلب والإيجاب +/- في الرياضيات فليست أي منهما كما ولكنهما نوع يبين اتجاه الكم]
وعندما يدرس المستشرقون لغتنا يقيسونها على أنفسهم ومن هنا يعتبرون الحرف المتحرك الذي لا يليه ساكن (مقطعا مفتوحا) والمقطع الذي يليه ساكن (مقطعا مغلقا) وهذا عين الخطأ في رأينا وقد أدى إلى ضعف قدرتهم على فهم العروض العربي. فالحرف المتحرك الواحد لا يشكل مقطعا بذاته وإنما هو جزء من مقطع، والمقطع في العربية هو الحرف الساكن مع ما يسبقه من حروف متحركة. فالمتحرك الواحد مع الساكن (لا) [1ه=2] هو السبب، والمتحركان مع الساكن هو الوتد (بلى ) [11ه=3] والثلاثة المتحركات مع الساكن هي الفاصلة (لِمَ لا) 111ه=2 (2) = ((4) ولا استثناء لهذه القاعدة إلا في حالة السبب المبتور (لَ)، فإن ورد وجب إشباعه، وهي المشكلة التي تكاد تكون الوحيدة في فهم العروض العربي. [ لعله يقصد السبب الخفيف محذوف الساكن حيث تصير 2 إلى 1 ونؤصله برده إلى أصله حسب ق1/2]
..................فلقد كان الشعر في اللغات الأوروبية مبنيا على اللفظ الطبيعي الذي تراعي فيه مسألة طول الحرف الصوتي أو قصره، وبذلك كان ثمة نركيبات عروضية مبنية على ذلك، لها شبه كبير بالجمل العروضية العربية. غير أن النظرة إلى الحرف وحركته كمقطع قصير، إلى جانب المقطع الطويل، وهي فلسفة العروض القديم لدى الإغريق وقدماء الروم، هي التي شكلت مفرق طرق في تطور العروض الغربي وصمود العروض العربي على مدى الأجيال
فمع الأيام برز في الغرب مفهوم النبرة أي توكيد المقطع بالنبرة القوية تمييزا له عن المقطع ذي النبرة الضعيفة . وهذا موجود في العربية إلا أنه ليس بذي أثر على العروض، بينما كان له أثر عميق في العروض الأوروبي. فبينما كان الأصل توافق المقطع الطويل مع النبرة القوية، والمقطع القصير مع النبرة الضعيفة، تلاشى ذلك التوافق بحث أصبح هناك تمييز بين الوزن الكمي والوزن النبري رغم أن المفهومين بقيا متقاربين بالنسبة للأذن.
غير أن الجديد في الوزن النبري هو ه\أن الوزن بدأ يعتمد على عدد المقاطع الموكّدة أي أو القوية مع ترك عدد المقاطع غير الموكدة حرا بين مقطعين موكدين. وبهذا كان التمييز الوزن الكمي والوزن النبري جسرا أدى إلى تسهيل الأمور على الشعراء الأوروبيين في سعيهم إلى التخلص من القيود في الشعر، حيث عمدوا مع الأيام إلى قلب المفاهيم، فراحوا يضعون النبرة القوية حيثما يرغبون،
فتغير اللفظ بتأثير من شكل الكتابة لأنهم راحوا يلفظون مثلما يكتبون وليس العكس، وكان ذلك تشويها للغة أدى إلى تساوي المقطعين [الصوتيين لا العروضيين] القصير [1] والطويل [2] في لفظ الشعر الأوروبي. ومن هنا نشأ النوع الثالث من الوزن وهو الوزن العددي أي عدد المقاطع بغض النظر عن موقع النبرة القوية أو الخفيفة، فكان ذلك جسرا آخر نحو التخلص من الثيود، حيث تحول العروض المقطعي في شكله الحديث نسبيا إلى أوزان المقاطع المتساوية التي لا أهمية فيها إلا لعددها في البيت الواحد. وهذا التطور سرعان ما فتح الباب لما سمّي بالشعر الحر." إنتهى النقل
ومن الرابط
http://www.yah27.com/vb/showthread.php?t=964
" حروف المد واللين ومقياس كل منهما:
1- حروف المد ثلاثة :
أ. الألف الساكنة المفتوح ما قبلها ( والألف لا تكون إلا كذلك ) .مثال ( قَاْل )
ب. الواو الساكنة المضموم ما قبلها.مثال ( يقُوْل )
ج. الياء الساكنة المكسور ما قبلها.مثال ( قِيْل )
وتجمع هذه الحروف في كلمة " نُوْحِيْهَاْ " .
2- حروف اللين :
أ. الواو الساكنة المفتوح ما قبلها . مثال ( خَوْف )
ب. الياء الساكنة المفتوح ما قبلها .مثال (الصَيْف )
ويتضح مما سبق أن الواو والياء توصفان بأنهما حرفا مد أو لين أما إذا كانتا متحركتين بأية حركة كانت فهما حرفي علة فقط .
أما الألف فهي دائماً حرف مد ولين في نفس الوقت لأنها دائماً ساكنة مفتوح ما قبلها ."
ويهمني من الأمر أن حرفي العلة (و،ي ) إذا تحرك أحدها عوملت معاملة الحروف الأخرى، وإذا سكن حرف الواو أو الياء فهناك حالتان :
أولاهما تتضح من تأمل أبيات ابن دراج الصقلي :
فما جَلَتِ الدُّجى شمسٌ تَجَلَّتْ = كوجهِكَ فِي الوغى لما تَجلَّى
ولا راقَ الحُلِيُّ عَلَى سيوفٍ = كسيفكَ من دمائهِمُ مُحَلَّى
إذا التَقَتِ الفتوحُ عَلَيْكَ تَتْرى = فأولى للمصابِ بِهِنَّ أَوْلى
وجاءَتْكَ المُنى صُوَراً تَوَالى= فلا تَحْزُنْكَ صَفْحَةُ مَا تَوَلَّى
فقد عوملت الواو هنا معاملة الحرف الصحيح ولم تعتبر ردفا.
وثانيتهما تتضح من أبيات حسام الدين الحاجري:
بَكَيتُ أَسىً وَحَقَّ عَلى التَصابي = وَأَيّامُ الشَبابِ بُكاءُ عَيْني
زَمانُ خَلاعَةٍ أَصبَحَت مِنهُ= وَمِن أَوقاتِهِ صَفرُ اليَدَينِ
فَمُذ خَطَّ المَشيبُ عَدِمتُ صَحبي= لَقَد كانَ المَشيبُ غَرابَ بَينِ
سَقى عَهدَ الصِبا غادٍ مُلِثٌّ= وَلا حَيّا بَياضَ العارِضَينِ
بينما هنا جاءت الياء الساكنة قبل النون في كل الأبيات.
ولا يدخل معها هنا حرف صامت نحو انتهاء أحد الأبيات بِ ( سلـْـني ) نظيرا عكسيا لدخول الواو الساكنة في الأبيات السابقة في منزلة سواها من الحروف الأخرى.
هل الياء قبل النون هنا ردف؟
إن كانت كذلك فهل يجوز مجيء الواو الساكنة معها ؟
وإن لم تكن ردفا (ولم يقل أحد بهذا وربما لا يصح أن يقول ولكن هذا تداع فكري بصوت عال) يجوز باعتبار الروي أسبق حرف ثابت في القافية يجوز اعتبار الياء رويا؟
وإن اعتبرناها رويا أيجوز اعتبار النون وصلا ؟ والياء خروجا
وهل الفكرة هنا تقوم على ما نجده عند ابن جني وغيره من علماء العربية حين فرقوا بين الصامت والصائت .؟؟
وهل الحركة هي أساس تقسيم الكلام إلى مقاطع ؟ فمثلا كلمة ( أكل ) تنقسم إلى ثلاثة مقاطع مع كل صامت حركة . وكلمة مثل (مستفعل )بضم الميم تتكون من ثلاثة مقاطع كل مقطع يتكون صامتين بينهما حركة .
وعلى هذا فالمقطع عبارة عن كتلة صوتية أو مجموعة أصوات اشتملت على حركة واحدة .
وهل الحركة هي نواة المقطع ؛ أي أنها أبرز جزء فيه ، حيث يقع عليها كما نعلم النبر ، والتزمي البطئ وما يتبع ذلك من تنغيم وتلوين للصوت .
بالنسبة للعروض أو لفهمي له فالمقاطع العروضية هي السبب والوتد.
وهنا يحضرني تمييز الأستاذ الدكتور محمد الثمالي بين المقطع الصوتي وهو يشمل الحرف وحركته والمقطع العروضي الذي يقتصر على السبب والوتد.
وأجد تأييدا لهذا من ربط العروض والموسيقى
فأنت لو اعتبرت كلمة (طََبْ) صوتا لقرع الطبل قرعة واحدة فإن الطاء تمثل المتحرك في الكلام كما تمثل صوت وقع يدك على الطبل. فيما تمثل الباء الساكن في الكلام والصمت الذي يعقب تلك الطرقة. وكما لا يمكنك أن تقول في حالة طرقة واحدة على الطبل أنا لا أريد إلا الطرقة دون السكون الذي يعقبها، فذلك مستحيل لأن السكون هناك. ولا يمكن فصله عن الطرقة. كذلك في الكلام لا يمكنك فصل الباء الساكنة عن الطاء المتحركة. فهما معا مقطع عروضي.
ولكن هذا لا ينفي أن بإمكانك أن تقول ( ط َ) لوحدها والتأمل في علاقتها بالموسيقى أهي تماثل حركة اليد قبل أن تصل للطبل أم ماذا ؟
لا بأس من إطلاق أي اسم على الحرف وحركته ولكن إذا كان فصل الحرف عن حرف المد الذي بعده متعذرا فإن فصل الحرف عن حركته مستحيل.
وأحسب أن نواة كل من السبب والوتد السكون فهي التي تضم ما قبلها من متحرك أو متحركين.
وأما النبر فهو أمر آخر لا يؤثر على الوزن وفي رأيي لا يلازم لا حركة معينة فيه ولا مقطعا محددا. وربما يكون دوره التأثير على الإلقاء بغرض إبراز أهمية معنى ما.
وكما أننا نعلم أن الحركة تؤدي دورها الدلالي ، وكذا النحوي .... والحديث عن الحركة يطول ويطول ..
لكني سأخلص من كل ذلك إلى ما لاحظته هنا من تركيز على الساكن سواء أكان ( حرف صامت ساكن ) أم ( حرف علة )
ولي عودة أخرى لهذا الموضوع ( عودة توضيحية )
أخوكم
نواف
أخي نواف
أكرر ترحيبي بك، وشغفي بمتابعة رائع علمك. ولي رجاء وهو أن تركز على المواضيع التي يتقاطع فيها هذا العلم مع العروض تمهيدا لدخولك معنا في المباحث الأخرى من العروض.
وأملي من الأساتذة في المنتدى إثراء هذا الحوار.
يرعاك الله.
المفضلات