http://www.alarabiya.net/ar/politics...8A%D8%A9-.html
أوزان الخليل في السياسة العربية
الثلاثاء 25 ذو الحجة 1437هـ - 27 سبتمبر 2016م
عبد اللطيف الزبيدي
إذا كان أحد قد اكتشف قبل القلم هذه الأعجوبة، فأخبرني الآن، حتى أختار موضوعاً آخر: علاقة السياسات العربية بعلم العروض عند الخليل بن أحمد الفراهيدي. طريقة تفكير النظام العربي أجل شأناً من أن يأخذها العاقل على محمل الدعابة النكدية. لا ينبغي لأحد توهم أنها تلعب، منذ عشرات السنين، بمئات الملايين من العرب على رقعة أربعة عشر مليون كم مربع.
تبسيط علم العروض لغير العارفين: هو مثل مصنع العلب المعدنية والورقية، والقوارير الزجاجية والبلاستيكية، لا دخل له بما تضعه فيها، الفاصوليا، الأناناس، الخل، السردين، ماء الورد، مأكولات الحيوانات، مئات الألوف من المواد الغذائية وغيرها. الأشكال والأحجام مختلفة، فيها الطويل، المديد، المتقارب، البسيط، الخفيف، المجتث، الوافر وهكذا. أوزان الشعر على هذا المنوال، لا شأن لها بما تختاره من وصف، رثاء، فخر، هجاء، أو غزل.
من هنا كان من الضروري تلقائيا، أن تكون أشكال الأوزان في بحور الشعر، مفرغة من أي مضمون، مجرد قوالب فارغة وأنت تملأ المساحة المتاحة بما طاب لك. النظام العربي، لكي ندخل جوهر المحور، هو الآخر مفرغ من أي محتوى، خال من أي مادة لها وزن ومعنى. هو يستقبل ما يراد له، ويقبل ما يراد به، كالعلبة أو القارورة، التي لا تفعل شيئاً غير أن تنتظر الدور الذي عليها أن تلعبه، من دون أن يكون لها رأي أو فكر أو تعبير أو حرية تقرير مصير.
خذ مثلاً سهلاً من واقع الانتخابات الأمريكية، وتأمل كوميديا المحللين السياسيين العرب، وتجليات «الخبراء الاستراتيجيين»، يقولون: إذا فازت هيلاري كلينتون، فتلك مصيبة، فسوف تستمر سياسة أوباما ذات الجلد الأملس، التي لدغنا من جحرها مئتي مرة في ثماني سنوات، وكلنا مؤمن والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. هيلاري (هَيْلاً ري: انهياراً انظري) لا ترى حرجا حتى في الحرب النووية إذا لزم الأمر. وإذا فاز ترامب (مخفف ترومبيت: النفير)، فالمصيبة أعظم. هذه الآلة النحاسية الحربية، يقابلها في أوزان الشعر، بحر المتقارب (فعولن فعولن فعولن فعول)، الذي سيكون استعادة لعهد بوش الابن. وسيأتي الفعول، شديد الفعل، على وزن الخبب للخيل العادية (فعلن فعلن فعلن فعل)، وسيرى العرب والمسلمون ما لم يروه، من كل هجوم «طويل، مديد، سريع، كامل». أين المضمون العربي ووزنه في هذا الإيقاع؟ أم أن مواقف النظام العربي كبحر الرجز: «مستفعلن مستفعلن مستفعل»، فليس فاعلاً ولا فعولاً
لزوم ما يلزم: النتيجة الخليلية: عندما يكون الربان غير مسيطر على «إيقاع» الرحلة، تفقد السفينة توازنها وينكسر «الوزن» في أمواج «البحر».
*نقلا عن "الخليج"
المفضلات