السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكيد يجب أن نفكر , وهذا من الصفات الممدوحة في الإنسان ولا شك .
عندي ملاحظات يجب توضيحها :
النقطة الأولى :
أورد الدكتور مصطفى الشكعة في كتابه (إسلام بلا مذاهب )من منشورات الدار المصرية اللبنانية ( ص- 49) ما يلي :
ففي الحديث الصحيح :" ما اكتسب رجل مثل عقل يهدي صاحبه إلى هدى، ويردّه عن ردى، وما تمّ إيمان عبد ولا استقام دينه حتى يكمل عقله"
وفي الحديث الصحيح :" لكل شيء دعامه، ودعامة المؤمن عقله، فبقدر عقله تكون عبادته، أما سمعتم قول الفجار في النار : لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا من أصحاب السعير "
وفي الحديث أيضا: " أول ما خلق الله العقل، فقال له أقبل، فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، ثم قال له عزّ وجل: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعزّ أكرم عليّ منك، بك آخذ، وبك أعطي، وببك أثيب، وبك أعاقب"
إنتهى النقل - ولم يخرّج المؤلف الأحاديث.
إن كان الدكتور لم يخرج الأحاديث فأتشرف بوضع التخريج .
لما خلق الله العقل قال له : أقبل فأقبل ثم قال له أدبر ، فأدبر ، فقال : وعزتي ما خلقت خلقا هو أعجب إلي منك ، بك آخذ ، وبك أعطي ، ولك الثواب ، وعليك العقاب
الراوي: أبو أمامة المحدث: الإمام أحمد - المصدر: موضوعات ابن الجوزي - الصفحة أو الرقم: 1/274
خلاصة الدرجة:
موضوع ليس له أصل
لكل شيء دعامة ، ودعامة المؤمن عقله ، فبقدر عقله تكون عبادة ربه ، أما سمعتم قول الفاجر عند ندامته : { لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير }
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: المطالب العالية - الصفحة أو الرقم: 3/210
خلاصة الدرجة:
موضوع
[ ما اكتسب رجل شيئا ] أفضل من عقل يهدي صاحبه إلى هدى ، ويرده عن ردى ، وما تم إيمان عبد ولا استقام دينه حتى يكمل عقله
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: المطالب العالية - الصفحة أو الرقم: 3/213
خلاصة الدرجة:
موضوع
للأسف كل الذي أورده الدكتور من الأحاديث هي موضوعة على رسول الله –صلى الله عليه وسلم – ولكن هل هذا ينفي أهمية التفكير ؟ بالطبع لا , وهناك الكثير من
السنة الصحيحة التي تدل على أهمية التفكير ولو كان الدكتور استدل بها لكان أصاب [ ولم أكتب ذلك إلا ذباً عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أن ينسب له ما لم يقله ]
في صحيح مسلم : حدّثنا يَحْيَىَ بْنُ أَيّوبَ وَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَ عَلِيّ بْنُ حُجْرٍ السّعْدِيّ (وَاللّفْظُ لِيَحْيَىَ) قَالُوا: حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفرٍ). أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ دِينَارٍ أَنّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللّهِ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "
إِنّ مِنَ الشّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا. وَإِنّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ. فَحَدّثُونِي مَا هِيَ؟" فَوَقَعَ النّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي.
قَالَ عَبْدُ اللّهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنّهَا النّخْلَةُ. فَاسْتَحْيَيْتُ. ثُمّ قَالُوا: حَدّثْنَا مَا هِيَ؟ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ: فَقَالَ "هِيَ النّخْلَةُ".
قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ، قَالَ: لأَنْ تَكُونَ قُلْتَ: هِيَ النّخْلَةُ، أَحَبّ إِلَيّ مِنْ كَذَا وَكَذَا.
ولننظر
شرح النووي على الحديث قال : [ وضعت من الفوائد ما كان مناسباً للموضوع ]
وفي هذا الحديث فوائد :
منها : استحباب إلقاء العالم المسألة على أصحابه ، ليختبر أفهامهم ، ويرغبهم في الفكر والاعتناء .
وفيه : ضرب الأمثال والأشباه .
وفيه : سرور الإنسان بنجابة ولده ، وحسن فهمه ، وقول عمر رضي الله عنه : ( لأن تكون قلت هي النخلة أحب إلي ) أراد بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو لابنه ، ويعلم حسن فهمه ونجابته .
-------------------------------------------------------------------
النقطة الثانية :
التجريد والتجسيد
من طبيعة العملية الفكرية استخلاص التجريد من التجسيد
ومن هنا قصة إسلام نبي الله إبراهيم عليه السلام.
وعكس التجريد هو التجسيد، وهو سهل على النفس وإن تركت النفس بلا بصيرة سارت في هذا المسار، وهو معاكس لمسار التجريد، فإبراهيم عليه السلام ابتدأ من النظر في النجوم وتقديسها لينتهي بعبادة الواحد الأحد، وكثير من الخلق بعد تعرفهم على التوحيد من رسالات الرسل انتكسوا ليعبدوا الكواكب والأصنام ،
قد اختلف المفسرون في هذا المقام، هل هو مقام نظر أو مناظرة؟
قال ابن كثير :
وقد اختلف المفسرون في هذا المقام، هل هو مقام نظر أو مناظرة؟ فروى ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ما يقتضي أنه مقام نظر، واختاره ابن جرير مستدلا بقوله: { لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي [لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ] (7) }
وقال محمد بن إسحاق: قال ذلك حين خرج من السّرب الذي ولدته فيه أمه، حين تخوفت عليه النمرود بن كنعان، لما أنْ قد أخبر بوجود مولود يكون ذهاب ملكك على يديه، فأمر بقتل الغلمان عامئذٍ. فلما حملت أم إبراهيم به وحان وضعها، ذهبت به إلى سَرَبٍ ظاهر البلد، فولدت فيه
إبراهيم وتركته هناك. وذكر أشياء من خوارق العادات، كما ذكرها غيره من المفسرين من السلف والخلف.
والحق أن إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، كان في هذا المقام مناظرا لقومه، مبينا لهم بطلان ما كانوا عليه من عبادة الهياكل والأصنام، فبين في المقام الأول مع أبيه خطأهم في عبادة الأصنام الأرضية، التي هي على صورة الملائكة السماوية، ليشفعوا لهم إلى الخالق العظيم الذين هم عند أنفسهم أحقر من أن يعبدوه، وإنما يتوسلون إليه بعبادة ملائكته، ليشفعوا لهم عنده في الرزق والنصر، وغير ذلك مما يحتاجون إليه.
وقال أيضاً : وكيف يجوز أن يكون إبراهيم [الخليل] (2) ناظرا في هذا المقام، وهو الذي قال الله في حقه: { وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ } الآيات [الأنبياء: 51، 52]، وقال تعالى: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لأنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [النحل: 120 -123]، وقال تعالى: { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [الأنعام: 161].
وقد ثبت في الصحيحين، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل مولود يولد على
الفطرة" (1) وفي صحيح مسلم عن عياض بن حماد؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله: إني خلقت عبادي حنفاء" (2) وقال الله في كتابه العزيز: { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ } [الروم: 30]، وقال تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى } [الأعراف: 172] ومعناه على أحد القولين، كقوله: { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } كما سيأتي بيانه.
فإذا كان هذا في حق سائر الخليقة، فكيف يكون إبراهيم الخليل -الذي جعله الله { أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [النحل: 120] ناظرا في هذا المقام ؟! بل هو أولى الناس بالفطرة السليمة، والسجية المستقيمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شك ولا ريب. ومما يؤيد أنه كان في هذا المقام مناظرًا لقومه فيما كانوا فيه من الشرك لا ناظرا قوله تعالى
قال القرطبي :
قوله تعالى: {قَالَ هَذَا رَبِّي} اختلف في معناه على أقوال؛ فقيل: كان هذا منه في مهلة النظر وحال الطفولية وقبل قيام الحجة؛ وفي تلك الحال لا يكون كفر ولا إيمان. فاستدل قائلو هذه المقالة بما روي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي} فعبده حتى غاب عنه، وكذلك الشمس والقمر؛ فلما تم نظره قال: {إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 78]. واستدل بالأفول؛ لأنه أظهر الآيات على الحدوث. وقال قوم: هذا لا يصح؛ وقالوا: غير جائز أن يكون لله تعالى رسول يأتي عليه وقت من الأوقات إلا وهو لله تعالى موحد وبه عارف، ومن كل معبود سواه بريء. قالوا: وكيف يصح أن يتوهم هذا على من عصمه الله وآتاه رشده من قبل، وأراه ملكوته ليكون من الموقنين، ولا يجوزأن يوصف بالخلو عن المعرفة، بل عرف الرب أول النظر. قال الزجاج: هذا الجواب عندي خطأ وغلط ممن قال؛ وقد أخبر الله تعالى عن إبراهيم أنه قال: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35] وقال جل وعز: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الصافات: 84] أي لم يشرك به قط. قال: والجواب عندي أنه قال {هَذَا رَبِّي} على قولكم؛ لأنهم كانوا يعبدون الأصنام والشمس والقمر؛ ونظير هذا قوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ} [النحل: 27] وهو جل وعلا واحد لا شريك له. والمعنى: ابن شركائي على قولكم.
قال السعدي :
{ قَالَ هَذَا رَبِّي } أي: على وجه التنزل مع الخصم أي: هذا ربي، فهلم ننظر، هل يستحق الربوبية؟ وهل يقوم لنا دليل على ذلك؟ فإنه لا ينبغي لعاقل أن يتخذ إلهه هواه، بغير حجة ولا برهان.
وقال أيضاً : فتبرأ من الشرك، وأذعن بالتوحيد، وأقام على ذلك البرهان [وهذا الذي ذكرنا في تفسير هذه الآيات، هو الصواب، وهو أن المقام مقام مناظرة، من إبراهيم لقومه، وبيان بطلان إلهية هذه الأجرام العلوية وغيرها. وأما من قال: إنه مقام نظر في حال طفوليته، فليس عليه دليل] (1)
وأذكر أقوال لأهل العلم :
قال السيوطي : " والأنبياء معصومون من الشرك قبل النبوة وبعدها إجماعاً " ا.هـ [الإتقان:1/252]
ولقد حكى الفخر الرازي الإجماع على ذلك .
وقال الفخر الرازي في معرض ردّه لقول من قال إن إبراهيم حين نظر إلى الكواكب والقمر والشمس كان مستدلاً لا مناظراً قال : " إن القول بربوبية النجم كفر بالإجماع والكفر غير جائز بالإجماع على الأنبياء " ا.هـ [ مفاتيح الغيب : 13/50]
------------------------------------------------------------
كأني بقارئ يسأل إن كان ثمة ربط بين هذا الموضوع والعروض كأن يكون الرقمي تجريدا ، والتفعيلي تجسيدا؟
بالنسبة لمصطلحي : التجريد والتجسيد , فلم افهم المقصود بهما !! هل المقصود التوحيد والشرك ؟
الفكر هو التجسيد الأعلى لتكريم الله للإنسان ونفخه فيه من روحه فمنّه عليه بإسجاد الملائكة له.
للملائكة أيضاً عقول كما قال الشيخ العثيمين والشيخ الرشيد , وهنا أظهر الله فضل آدم
بعلمه .
هنا أمران: الأول شرع الله والثاني تصور الناس لشرع الله. أما شرع الله فلا يجوز لمؤمن فيه غير الإذعان. وأما فهم الناس لهذا الشرع فأمر يجوز بل يجب فيه الحوار.
= فليحرص أحدنا على التمييز بين شرع الله وفهمه له، وهل يغضب لشرع الله أم لفهمه له.
كذلك هذه ما وضحت لي ليتكم وضحتم الأمر بمثال , فهل المقصود أن ثّمّ تعارض بين النقل والعقل ؟
جزاكم الله خيراً
أتفق معكم أنه يجب على الإنسان وخصوصاً المسلم أن يفكر , وأن الفكر يوصف بالصحة وبالخطأ .
فإذا أراد المسلم أن يخرج فكره صحيحاً فيجب أولاً أن تكون المعطيات التي معه صحيحة فالفكر أراه هو الوصلة بين المعطيات والنتائج .
والله تعالى أعلم
المفضلات