كل عام وأنتم بخير
لعلّ الإيقاع صنو الحياة، وهو بمفهومه العام تكرر أشياء على نمط ما يستوي في ذلك الصوت والشكل والحركة واللون والحدث بل وسوى ذلك من الدورات والمظاهر مما قد لا يخطر للمرء على بال. وفي العروض بهذا الاعتبار درس للإيقاع الكامن في الشعر وإن شئت فقل الذي يميز الشعر عن سائر الكلام فيما يخص التكرار. وهنا سأحاول أن أتعرض لصنوف من الإيقاع مختلفة. وفائدة الأرقام أنها تربط ومن ذلك
1- الصوت
أولا : التصفيق أو قرع الطبل
يرجى من القارئ أن يقوم بتصفيق يديه كالتالي تقليدا لكلمة (مستفعلن)
مسْ = تصفيق مرة واحدة فصمت ، ثم
تَفْ = تصفيق مرة واحدة فصمت ، ثم
عِ = تصفيق مرة واحدة وبعدها مبشارة دون صمت
لُنْ = تصفيق مرة واحدة فصمت
ولو أشرنا للتصفيق بنجمة * وللصمت أوالسكوت أو السكون بالحرف (س) لأصبح لدينا
*س * س **س = تصفيقة مستقلة + تصفيقة مستقلة + تصفيقتان متتابعتان
قارن هذا بوزن مستفعلن حيث (1= متحرك ، ه = ساكن(
* س *س ** س = 1 ه 1 ه 1 1 ه
• ستكتشف أن (1 = * ) كما ( ه = س)
وهذه أول العلاقة بين الشعر والموسيقى
ثانيا : المشي
ليتصور القارئ نفسه يمشي على بلاط أو طريق معبد وليمش بطريقتين
لأولى يضع حذاءه على الأرض بحيث تلامس مقدمته وكعبه الأرض مرة واحدة فإنه سيلاحظ أن مشيه يضارعتك تك تك = 2 2 2
الثانية يضع كعب حذائه أولا على الأرض ثم ينزل بمقدمة حذائه على الأرض سيشبه الصوت عندئذ تتك تتك تتك = 3 3 3
ثالثا أصوات العصافير والحيوانات
صياح الديك يشبه ككو كو = 3 2 = فعولن
وطائر يشبه صوته في بعض البلاد بقول
يا قيسْ قم = 2 2 ه 2 يكافئ 2 2 1 2 = 2 2 3 = مستفعلن
صوت المعيز = ما آ آ ءْ = 2 2 2 ه = مفعولاااااااااااااتْ
وللقارئ أن يتمعن في الأصوات التي يسمعها .
------------------
2 - الشكل
يراجع في هذه الروابط
ولك أن تتأمل في نبض القلب والشكل الذي يظهر لذلك على الأجهزة الطبية سواء في حالي الصحة أو المرض.
-------------
3 – الحركة
الأولى - عندما تتمايل شجرة في مهب الريح مرة ذات اليسار وأخرى ذات اليمين على وتيرة واحدة فإن ذلك أشبه ما يكون بتكرار الرقم 2 (الخبب)
الثانية – الصلاة
لو أعطينا قيمة رقمية لكل حركة من حركات الصلاة بحيث ترمز الحركة لمرتبة ارتفاع الرأس النسبية بين الحركات فإن حركات الركعة الأولى مثلا تكون في تتابعها كالتالي
قيام أ= 4
ركوع = 3
قيام ب = 4
سجود = 1
قعود = 2
سجود = 1
قيام جـ = 4
وبجمعها معا تكون كالتالي :
مع القيام الثاني = 4 3 4 1 2 1 22 = 4 3 4 3 2 = مستفعلن مستفعلن متفعل
الثالثة : حركة اليد عندما تحك الجسم تأملها تجدها ترسم رسما بيانيا يمكن أن تعطي له إحداثيات لك أن تفسرها رقميا كما تشاء
---------------
4 - اللون
يمكن لتكرار لونين أو أكثر على نمط معين أن يحاكي وزنا معينا إذا رمزنا لكل لون برقم ويمكن لهذا الرقم أن يكون حسب الطول النسبي لموجة اللون، ويمكن لنا بالتالي أن ندرس التجاور المريح للألوان حسب توافقها مع أوزان البحور كما على الرابط
http://www.moaser.net/vb/showthread.php?t=4753
-----------------
5- الحدث
لنا أن ننظر إلى تكرر الفصول الأربعة كنوع من الإيقاع فلو أردنا أن نعبر عن ذلك حسب ترتيب معدلات الحرارة لأعطينا لكل فصل الرمز التالي
الصيف =4
الخريف = 3
الشتا =2
الربيع =3
ويكون العام ممثلا بالإيقاع = صيف خريف شتاء ربيع = 4 3 2 3 = مستفعلن فاعلن
وهذا يطابق نصف شطر السيط الأول حسب قول الشاعر
فوق الكلام العمل – به تمام الأملْ
ولو افترضنا قيمة الشتاء لانخفاض الحرارة (1)
يكون الوزن = 4 3 1 3 وهو نصف شطر البسيط الثاني = مستفعلن فعِلن
ولنتأمل في قوله تعالى :" ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين " وقوله تعالى " وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون"
ويمكنك أن تعطي قيما لنهضات الأمم وانحدارها فتأمّل.
بل انظر إلى ما هو أبعد فالإيقاع تكرار وهو يتضمن معنى التعدد، وقاعدة العروض أن مقاطعه المتكررة إما 2 أو 3 ولما كان العروض يتناول التكرار فإن الرقم (1) لا وجود أصيلا له فيه، فهو إما من سبب خفيف حذف ساكنه (1ه) أو داخل في سبب ثقيل (2) =11، والله الواحد الأحد هو الوحيد المتفرد المتميز بوحدانيته عن كل مخلوق.
أرجو أن أكون أعطيت فكرة عن شمول الإيقاع وتفاوت الزمن في تكراره من جزء من الثانية إلى ما هو أكثر حتى يشمل الحياة والوجود .وأن أكون بينت أن الإيقاع في الشعر ما هو إلا مظهر بسيط من مظاهر الإيقاع في الكون. وهكذا يتضح أن الإيقاع في الشعر من جنس الإيقاع في الكون، وهنا ينسجم من يقولون بأن إلغاء الوزن من الشعر مجرد رمز يجب أن يتبعه إلغاء الثوابت العقدية والفكرية. أقول ينسجمون في ذلك مع أنفسهم.
نقلا عن الرابط :
http://www.geocities.com/khashan_kh/56-shomool.html
المفضلات