المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خشان خشان
أخي الكريم الأستاذ إسحق قومي
كانت هذ القصيدة سبب تعرفي إليك وإلى منتدى المربد في تقصيّ لما يدعى ( بحورا جديدة )، وهي تدل على طبع باحث متطلع لآفاق جديدة، وقد رأيت أن روح البحث والتطلع هذه ستبدع لو أنها استنارت بالرقمي.
وكما كانت قصيدتك السابقة مناسبة لدعوتك إلى م/ع فهذه ستكون بإذن الله دعوة لدراسة منهجية للرقمي من مبادئه وصولا إلى شموليته ثم انطلاقا منك إلى آفاق أتوقع أن تكون فيها رائدا.
هنا قصيدتان تشاء الصدف أن تكون كل منهما من تسعة أبيات
الأولى قصيدة للبحتري على شكل من الهزج أطول من المعروف 3 4 3 4 3 4 [ بالتفاعيل : مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن ] وفيه زوحف 4 على 2 1 ولم تزاحف ولا تزاحف في الهزج على 1 2 = 3 [ بالتفاعيل مفاعيلن تأتي على مفاعيلُ ولا تأتي مفاعلن أبدا في الهزج على حد علمي وما ذكره لي د أحمد مستجير يرحمه الله ]
أبا العباس برزت على قومــ = ــك آداباً، وأخلاقاً، وتبريزا
فلو صورت من شيء سوى الناس = إذا كنت من العقيان إبريزا
ولم يعلك إلا كرم النفس،= بلى، فازددت بالمعتز تعزيزا
فأنت الغيث إذ يسجم، والليث = إذا يقدم، والصارم مهزوزاً
فأما حلبة الشعر فتستولي = على السبق بها فرضاً وتمييزا
بإحكام مبانيه، وإبداع = معانيه، ولا يوجد مغموزا
وإن جنست لم تستكره القول = وإن طابقته طرزت تطريزاً
مدى من رامه غيرك أنضاه = وأبدى منه تقصيراً وتعجيزا
فأما دافعو فضلك بالظلم = فجوزنا عليهم ذاك تجويزا
ولم يرد فيها سبب ثقيل واحد [ يعني بالتفعيلي لم ترد مفاعلـَتُن ]
وهذه قصيدة للشاعرة زاهية بنت البحر على الوافر التام 3 4 3 4 3 4 [ بالتفاعيل مفاعلـَتن أو مفاعلْتُنْ متكررة 3 مرات –دون قطف الأخيرة ]
ربيعُ العمرِ يبكينـا ونبكيـهِ = بزهوِ العيشِ كم طابتْ لياليـه
قطفنا العطرَ زهراً من حدائقِهِ = وعشنا النورَ حسناً في مآقيـهِ
فلا الأعوامُ تقدرُ أن تباعدَنـا = عن التجوالِ في ذكرى ثوانيهِ
ولا الأحمالُ إن ثقُلَتْ بحاملِهـا = تكفُّ القلبَ عن حبِّ يداريهِ
ربيعُ العمرِ مثل الوردِ مزدهيًا = بوجهِ البِشـرِ لاتمنـعْ تماهيهِ
دعْ الإحساسَ يسمو في تدفُّقِهِ = من الإيمـان إخلاصاً لباريـهِ
فما للنَّفسِ من شيءٍ يحاصرُها = بسوءٍ مثلُ يأسٍ قـدْ تعانيـهِ
وما للنَّفسِ من خيرٍ يصادفُهـا = بحـبٍّ مثـلُ إيمـانٍ تراعيـهِ
وأحلى العيشِ أن تلقى بحاضرِهِ = شبابَ الرُّوحِ في أسمى معانيـهِ
ولم ترد فيها مفاعلـْتُ واحدة
إن التمازج بين مجزوء الوافر والهزج نظريا تحصيل فحاصل
إن السبب الثقيل يأتي خفيفا [ العصب بلغة التفاعيل فتأتي مفاعلـَتن بتسكين اللام = مفاعيلن ]
والفاصلة 2 2 تأتي 1 2 [ العقل في مفاعلتن الوافر – نظير القبض في مفاعيلن الهزج]
وتأتي الفاصلة 2 2 على 2 1 [ النقص في مفاعلتن الوافر– نظير الكف في مفاعلتن الهزج ]
هذا التنظير من عقابيل الاهتمام بصور التفاعيل دون جوهر العروض. وجوهر العروض يفرق بين الفاصلة في الوافر والسببين في الهزج ففي الأعم الأغلب من الشعر العربي لا تزاحف الفاصلة [ العصب والإضمار تكافؤ خببي لا زحاف ] ، فالسبب الخببي طارد للزحاف كله.
وغني عن القول أن السبب الخببي لا يظهر أبدا في الهزج ولا في الرجز، فهو لا يجتمع مع الزحاف في بيت واحد.
بالنسبة لقول الأستاذ أحمد محمد الأحمدي " ولهذا البحر الناتج عن تفاعل بحر الوافر وبحر الهزج تسمية محدثة وهي : بحر المنبسط"
أعترض على ما تفضل به الأستاذ
فهذا الخلط بين متباينين تشويه لكل منهما وتحطيم لمنطق العروض العربي.
ولم ولن يكون هناك بحور غير بحور الخليل تنسجم مع الذائقة العربية إلا عندما نكتشف أشكالا هندسية مستوية غير الأشكال المعروفة من مربع ومثلث ودائرة وما إليها. وعندما نكتشف يوما ثامنا وتاسعا في الأسبوع.
نعم هناك أوزان كثيرة يتعادل فيها الشطران وتفترض فيها زحافات ويعبر ذلك كله عن تطلع ومعرفة بأشكال العروض. ولكنها جميعا ليست بحورا وهي لا تنسجم والذائقة العربية.
نعم قد تتمكن بعض الجهود يوما ما بتعطيل ذائقتنا المطبوعة وإحلال ذائقة أخرى مكانها تقبل ما يستجد من أوزان. كما نجحت في فرض أمور كثيرة علينا مخالفة لطبيعة الأمة في شتى المجالات الأمر الذي لا متسع له هنا.
لقد أثبت العروض الرقمي المبني على استقراء دوائر الخليل وبحوره أن أوزان الشعر العربي منضبطة بشكل رياضي صارم وخرق قواعد هذا الشعر تؤدي إلى مغالطات كخرق أي معادلة رياضية أو هندسية.
تعاملت مع قصيدتك من منطلق الوزن وحده بعيدا عن درجة قبول الضرورة الشعرية ولم أتعرض فيها لنحو أو قافية إلا حيث يتأثر الوزن أرجو أن تقرأ قصيدتك مرتين بنصها الأصلي وبالتعديلات الطفيفة التي قمت بإضافتها إليها ويتمثل أغلبها بإشباع حرف المد فالضمة لفظتها واوا ووضعتها هكذا (و) بين قوسين والإكثار من ذلك لا يصلح من حيث بهاء الشعر.
ولم أجد فيها بقراءتي تلك ما يشذ عن الوزن إلا ((ستة أشطر- عينتها بهذين القوسين )) من مجموع تسعين لا تليث أن تستقيم عليه بتغيير طفيف في صياغتها.
وبهذين التعديلين الإشباع وإعادة صياغة بالتعديل الطفيف تستقيم قصيدتك على الوافر التام .
كما هي قصيدة الأستاذة زاهية بنت البحر التي لم تحدث ضجة لأنها في سياق معروف وإن التزم عدم القطف في الوافر التام. كما لم تحدث قصيدة البحتري ضجة لأنها في سياق معروف وإن زادت تفعيلفة على الهزج.
لقد أردفت كل ((شطر )) فيه تعديل صياغة ببديل.
((ممالكُ صمتكِ أقفرتْ نواديها )) = وأزهرَ غيثُكِ (ي) سرَّاً بما فيها
ممالك أقفرت منها نواديها = وأزهرَ غيثُكِ (ي) سرَّاً بما فيها
((نفوسٌ تتلو في الليلِ معاصيها ))= وترتاحُ (و) إذا فُرجتْ مآسيها
نفوس قد تلت ليلا معاصيها = وترتاحُ (و) إذا فُرجتْ مآسيها
يحنُّ (و) في رُباكِ العشقُ من زمنٍ = وأبقى للهوى عهداً أُناجيها
لأنتِ (ي) من جمالِ الكونِ أَنجمُهُ = وقدْ فاحَ الشذى بالكأسِ صافيها
رحلتُ (و) في مساماتِ الهوى عَمِداً= وعُشقاً كانَ في التكوينِ يُعطيها
جبلتُ الروحَ من وجدٍ ومن سهرٍ = وصرَّعتُ (و) بيوتَ الشعرِ أُقفيها
أميسُ الأرضُ في الأوطانِ قدْ زَهُدتْ = وبالعُشاقِ قدْ حبُلتْ أمانيها
تُهيىء في مداراتِ الهوى وطناً = وتسكُنني إذا جئتُ (و) منافيها
أنا بحارُها في عُشْقها دمثٌ = خمورٌ من بقايا الفجرِ أَسقيها
سقتني العِشقَ من كأسٍ مُدلهةٍ = ورحتُ (و) ذلكَ(الحلاج) أرويها
((أنا في الكونِ والكونُ بيَّ ابتدأَ =(( إذا غبتُ (و) فمنْ يُعشبْ بواديها
أنا في الكونِ والكونُ (و) بيَ ابتدأاَ = إذا غبتُ (و) فمنْ يُعشبْ بواديها
تصوَّفتُ (و) وصلصالي يُنازعُني = وأُبدي العشقَ في جلِّ معانيها
خُرافةُ ( نفسي ..نفسِ) في نفسي أُحطمُها = وأُبدعُ وحيَّها أَسقي فيافيها
سقى اللهُ (و) هدوءاً كانَ يَسكُنني = وأرويهِ بقايا الروحِ أَشقيها
عواصفُ من بناتِ الروحِ تغمرُني = وأركبُ موجها أسفنْ أَعاليها
تصدَّرتُ (و) قواميسَ الهوى وطناً = وسافرتُ (و) إلى شُطآنِ عينيها
جمعتُ ذاتيَ من بعضي أُلملِمُها = وحطمتُ قيودَ السجنْ ( أُعاديها – أعديها )
وأسكرُ مع جفونٍ لمْ تنمْ أبداً = وأشربُ خمرةً ملّتْ خوابيها
وأزهرتُ (و) جدائلَ عُشقِ قافيتي = وناصيتُ (و) فحولَ ( الشعرْ – الشعر ِ) ( أُلاقيها – ألقيها )
أنا منْ زلزلتْ أحلامُهُُ مُدُناً = وهزَّ اليمَّ فانداحتْ شواطيها
أنا من يَعْشقِ الصمتَ (ا) بمعبدهِ = وقدْ قالَ الهوى ما كُنتُ أَعنيها
صلبتُ الحُبَّ في ( عينيها – عينيك) أُغنيتي = ورحتُ (و) دمعةً تهجرْ مآقيها
على كفيَّ نيرانٍ أُؤججهُا = فتحملُني كطفلٍ من بواكيها
رأيتُ (و) ( فيهاِ – فيكِ ) ما يُشقي الغِوى سبباً = ورحتُ (و) في بحارِ العُشقِ أفنيها
تعلمتُ المواويلَ المُهجنةَ (ا) = تجرعتُ (و) سموماً منْ أفاعيها
وشرٌعتُ بحّاَر العُشقِ أزمنةً ً = تعبدتُ (و) بها وحياً وراعيها
صلبْني الشوقُ في ( فجرِ-فجر ٍ) صبابتها = على أعوادِ ناقوسٍ بواديها
وحنتْ روحيَ الولهى لمقدمها = متى يا أيُّها الوهابُ تُعطيها
ستنبجسُ (و) مياهُ العهدِ من قِممٍ = ونشربُها كخمرٍ من معانيها
نرتِلُها زماناً ( كُنَّا – كنّ)أطفالاً = عجيناً فوقهُ الصُلبانُ نبكيها
لعقنا دمّنا ،الشُهداءُ مابرحوا = وقافلةً تتابعُ سيرها ليها
وكمْ من قهرنا المجبولِ بالدمعِ (ي) = سقينا تُربةَ الأجدادِ نرويها
بنصفِ ذراعنا المبتورِ كُنَّا إذْ = نُصارعُ ثُلةَ الحيتانِ نرميها
تلوَحُ من سنا الستينْ مُعجزةٌ = وأبقى أنشد (و) عُشقاً تلاقيها
فنونُ الروضِ ما هبتْ نسائمهُ = ولا عُرسُ الهوى إلاَّ لِنُهديها
حلمتُ أنها العشرون تلبَسُني = فرحتُ الصبَّ تأسرني مغانيها
سئمتُ الكذْبَ في نفسي مصارعةً ً = وكمْ (أشقتني – أشقـتن ) في الفجر (ي )ِشواديها؟
((سئمتُ الشاعرَ طلسمْ وأحجيةً ً)) = فلا فُكتْ ولا سُمِعتْ أغانيها
سئمتُ الشعرَ طلسمْ بلْ وأحجيةً ً = فلا فُكتْ ولا سُمِعتْ أغانيها
((سئمت الشعر هي في عُمريَّ آلافُ أزمنةٍ)) = وحسناءٌ لعوبٌ في تثنيها
سئمت الشعر في آلافُ أزمنةٍ = وحسناءٌ لعوبٌ في تثنيها
سأحرقُ كلَّ أكداسي لعودتها = وأُشْعِلُ شمعةَ الروحِ (ي) وأفديها
سأبقى في دفاترِعُشقِها صباً ( وصِباً – صبباً ) = وأعبرُ جسرها حبواً أُلاقيها
ستأتي عندَ أبوابي تُسائِلُني =(( وأَزعمُ أني بالحُبِّ سأرُضيها))
ستأتي عندَ أبوابي تُسائِلُني = وأَزعمُ أنني بالحُبِّ أرُضيها
بحبِ الواحدِ الفادي أُرتِلُها = عسى أنْ يغفرَ الرحمنُ عاصيها
(وَ)هيْ عشتارُ في نفسي تُصالِحُني = وجلجامشْ إذا بالعِشبِ يُغريها
هيَ الشُهداءُ للحقِ (ي) إذا انتقلوا = وأرجعوا شمعةَ الروح (ي)ِ لباريها
هي الآياتُ في الأجيالِ قدْ حُفِرتْ = متى يا فجرُ تُشرقْ في دياجيها؟
صديقك من صدَقك وقد صدقتُك القول. وحسبك إثباتا أن تقرأ القصيدة بشكلها الأول والتعديلات التي اقترحتها لتحكم على ذلك.
إن اقتران تطلعك وفكرك باستنارة وشمولية جوهر عروض الخليل الذي يقدمه الرقمي ليعد بعطاء للغة والأدب.
وسأكون سعيدا لو كسبتك لدراسة الرقمي.
والرابط التالي ذو علاقة بما يدعى البحور الجديدة :
http://www.arood.com/vb/showthread.php?p=9190#post9190
يرعاك الله.
المفضلات