أخذ الدكتور الثمالي بيد هذا النقاش المحتدم حتى أوصله بأمان إلى الهدف الذي أراده ، وهو الاتفاق على إجابة واحدة تقريبا لسؤاله : لماذا نريد معرفة وحدات البناء الشعري ؟
وبعد أن بين لنا أسس وطرائق اشتقاق هذه الوحدات التي اعتمدها في كتابه " أنظمة إيقاعات الشعر العربي" ختم مداخلته الأخيرة بالقول :" هذه مبرراتي لقصر وحدات القياس على ثماني وحدات ، وقد وجدت أنها تفي بالمطلوب وتفسر قواعد الإيقاع بصورة تكاد تكون تامة " .
قوله " تفي بالمطلوب ، وتفسر قواعد الإيقاع بصورة تكاد تكون تامة " يعني وصوله إلى ( الحل ) الذي قاسه في مداخلة سابقة بحل مسألة رياضية بأكثر من طريقة " فإذا صحت جميع الطرق أنتجت حلا واحدا ، لكننا غير قادرين على الحكم على صحة الطريقة حتى نصل إلى الحل ، وغير قادرين على الحكم على صحة الحل حتى نجرب أكثر من طريقة "
الواقع أن جميع الطرق ( التي بحث أصحابها في العروض ) أنتجت حلا واحدا هو معرفة صحيح الشعر من مكسوره ، ومع ذلك لم يتوقف ركب العروضيين يوما عن محاولة البحث عن حلول جديدة مبتكرة ضمن نظريات متعددة متباينة. وهنا يجب أن نتوقف عند معايير ثلاثة وضعها ( تشومسكي ) لتقييم أي نظرية ، هي :
1- مقدار دقتها الوصفية .
2- درجة العمومية فيها.
3- مدى بساطتها .
وقد اختبر الدكتور زكي عبد الملك في بحث مطول له بعنوان " نحو نظرية جديدة للعروض العربي " مدى انطباق هذه المعايير أو أحدها على مناهج في البحث العروضي مختلفة فوصل إلى نتائج صحيحة مقبولة . ويمكن لمن يشاء الرجوع إلى هذا البحث في العددين 19 ، 41 من مجلة اللسان العربي (لها موقع على الانترنت) .