برمجة العروض الرقمي


يبتدأ العروض الرقمي بعدّة مراحل و دروس أثناء تعليمه ، و كما تعلّمناه نحن الدارسين للعروض الرقمي.. فإنّ التفكير الأول في برمجة العروض هي تعليم الكمبيوتر العروض كما تعلّمناه.. مما يعني أن يخضع الكمبيوتر للدروس التي خضعنا لها بداية من الصفر و إلى الآن..

v تمييز الساكن من المتحرّك:
و هذا يعني أن نبدأ بتعليم الكمبيوتر تمييز الساكن من المتحرّك من الحروف و قد يكون هذا بجعل المستخدم يشكّل الحروف كما في بعض برامج العروض الموجودة مثل برنامج الأستاذ الأندلسي و برنامج الأستاذ أزكري الحسين
أو بتقبّل البيت الشعري غير مشكلّ أو إزالة التشكيل عنه و وضع أمر التشكيل إلى البرنامج العروضي و هو ما سنتطرّق إليه من خلال هذا الطرح إن شاء الله..

و باختصار ستسري العمليّة بعدّة مراحل من بعد اختيار اللغة التي سنبرمج باستخدامها بداية من:
تعليم الكمبيوتر دروس البداية:
1. الساكن و المتحرك: تمييز الساكن من المتحرّك و إعطاء كلّ منها رقمها من خلال البرمجيّة على مستوى الحرف الواحد
2. المقاطع و الأرقام: كيفية ربط الحروف مثل 1ه=2 و هنا نخرج من مستوى الحرف الواحد و قد نلجأ فيها إلى الأدوات الشرطيّة أثناء العرض و تبعاً لأسلوب البرمجة المتّبع يختلف أسلوب التعامل..
3. الأرقام الزوجية: و كيفيّة ربطها مثلا 2+2=4 و تمثيلها برمجيّا..


v تمرين التلاوة:
هي بعض الحالات التي لا بدّ للمبرمج تدريب الكمبيوتر عليها فالعروض و تقطيعه يتبع لأحكام التجويد و يرتبط فيها.. و سأتحدّث عنها لضرورة اعتبارها في البرمجيّة المصمّمة كحالات خاصّة.. و أركّز عليها هنا في بند برمجة العروض الرقمي انطلاقاً من أنّها لا تتبع لأحكام الساكن و المتحرّك
إنّما هي بعض الشواذ التي على المبرمج أن يأخذها بعين الإعتبار أثناء كتابة برمجيّته الخاصّة بالعروض الرقمي..
مثال:
• اللام القمرية:
(ودّعتهُ و اليومَ ودّعتُ الهوى***فالقلبُ نبضٌ لا يُطاقُ له جحودْ)
( و اليومَ) تكون كالتالي:
ولْ=2
وَ=1 +لْ=ه
ليست كالتالي...
وَ=1 +أ=1 +لْ=ه

• اللام الشمسية:
(حلّق كَنُورِ البدرِ دهراً ماضياً ***و اترك شعاعَ الشمسِ يأتي بالأمــل)

(شعاعَ الشّمسِ)
عش=1ه=2
شم=1ه=2
و ليست
عَ=2
ا=1
لْ=ه
شْ=ه
شَ=1
مْ=ه

و مثال أخر
• أحكام التنوين:
(كم موجَ حبٍّ عامرٍ نبضي أوى)
عامرٍ نبضي
عا=2
مِرِنْ=3
نبضي=4

و طبعاً
• أحكام المدّ
مع الأخذ بالاعتبار أننا هنا كوننا نتعامل رقميّا فنحن لا نهتمّ بالمدّ بدرجاته.. بل بوجوده..
و هنا أقصد بها مثلا
آ=2
و ليست حرف واحد..

و غيرها مما قد يظهر من خلال البرمجة..


نستطيع إلى هنا أن نقول.. أننا وصلنا إلى برمجيّة قادرة على تمييز البيت الشعري و من أيّ البحور هو من خلال تمثيل كلّ بحر بالأرقام و الأوزان المحتملة الموضوعة في الأعلى...فيخرج لدينا برنامج قادر على إعطائنا الوزن الصحيح إذا ما انحصر الأمر في هذه الأوزان من خلال أن يكتب المستخدم أو الشاعر البيت الشعري في خانة و يخرج له الوزن و البحر..

إلاّ أنّ لدينا مشكلتين :
الأولى: تتعلّق بالتشكيل..
حتى نقوم ببرمجة التشكيل.. لا بدّ أن يكون إدخال التشكيل موافق لما تمّ برمجته مما يعني أيّ خطأ يؤدي إلى نتائج مغلوطة... و بهذا علينا وضع بعض القواعد لتشكيل الحروف و الكيفيّة اللازمة للأمر..
و في هذه الحالة..
1. أيّ خطأ من قبل المستخدم خرجت النتيجة عن الصحّة
2. العمليّة باتت معقّدة بعض الشيء في الالتزام بتشكيل معيّن بل و في طلب التشكيل..

و هذه سارت عليها برامج العروض مثل برنامج أزكري الحسين الذي كان ذو دقّة عالية إلاّ أنّه معقّداً بعض الشيء للمستخدم.. و نحن نشهد أنّه حتى الآن أفضل برنامج عروضي منشور في الإنترنت..

و كان الحلّ الأمثل لهذا هو إنشاء برنامج عروضي قادر على تشكيل الحروف و إعطاء البيت المناسب و سنتحدّث عن هذا بعد قليل..

الثانية: هي أنّ الأمر لم يقتصر على هذه الأوزان فهناك درسين في مراحل البداية نتعلّمهم.. و هما..
ظهور الرقم 1: عادة لا يظهر في الصور إلاّ أنّ لكلّ قاعدة شواذ و قد أتطرّق لها بشكل سريع و هي مرتبطة بالتقطيع سمعياً
التقطيع سمعياً :الذي سيخرج منه بعض الحالات التي لن توجد في الأوزان المطروحة في الأعلى.. مما يعقّد عملية البرمجة

و من هنا نخرج إلى الزحاف و التكافؤ الخببي

v الزحاف و التكافؤ الخببي
يٌقال لكلّ قاعدة شواذ.. و في عالم الشعر أقول..
لكلّ وزن رقمي في البحور الشعريّة شواذ يجعلها تتناسب و البحر..
و هذه القواعد هي أساسيّة في عالم العروض الرقمي.. بل و إنّها محور تقسيم البحور الشعرية في العروض الرقمي إلى إيقاعين:
الإيقاع البحري و الإيقاع الخببي..
و لن أتطرّق فعليّا للكثير فيهما بهذا المقال فهما موضوعان كبيران يحويان الكثير.. إلاّ أنني سأشرح نقطة من بحر المعرفة في الخبب و الزحاف و الحالات الوزنية بما يتعلّق بالبرمجة و التعامل معهما..
و قبل أن أبدأ في هذا أشير إلى أنّ الأستاذ خشّان كان قد وضع لنا بعض القواعد التي تساعد في تمييز البحور من خببي صرف إلى بحري إلى خببي في صفحة دراسيّة خاصّة تساعد في تقليل الإحتمالات للبحور أثناء البرمجة...
قسّم الأستاذ خشّان البحور إلى مجموعات...
1. مجموعة2 .. التي يظهر فيها رقم 2 –3 فقط
2. مجموعة 4_.. يظهر فيها 4_3
3. مجموعة 2_4.. يظهر فيها 2_3_4
4. مجموعة 6.. يظهر فيها 2_4_3_6
و البحور في كافّة هذه المجموعات إما بحرية قابلة لحدوث قاعدة الزحاف ( الحذف) أو خببيّة قابلة لحدوث قاعدة التكافؤ الخببي..

و باختصار بحت..
· الزحاف يحصل في كافة البحور البحرية و هي كلّ البحور عدا الكامل و الوافر..
و تعني أنّ
2=1ه
تقبل حذف الـ ه
لتكون 1
أيّ
2=1
بما يسمّى قاعدة الزحاف..
و في البرمجة.. يعني أنّ كافة البحور ذات الإيقاعات البحريّة.. تسمح بهذه القاعدة مما يعني أنّ علينا الأخذ بالاعتبار لها في أثناء البرمجة إضافة للأوزان السابقة

التكافؤ الخببي: و هي قاعدة تحصل في البحرين ذوي الإيقاع الخببي الكامل و الوافر..و قد تحصل في حالات لبقيّة البحور البحريّة فيما يسمّى التخبيب و هو التغيير الذي يتم على وزن ما لينقله من الإيقاع البحري إلى الإيقاع الخببي
..لن أتطرّق لذكرها هنا لشمولها و حاجتها لمعرفة عروضية يصعب شرحها هنا..
و تقول هذه القاعدة..
2=1ه
تقبل أن تأتي على
2=11
مما يعني
2=1ه=11 بما يسمّى التكافؤ الخببي..
أما الخبب فهو مشتقّ من البحر المتدارك ثمّ انفصل عنه بما يسمّى الخبب.
و لن أزيد في موضع الخبب أكثر من هذا هنا..
مع التنويه أن ((4) أو (2) رموز تعني جواز حدوث الخبب..
و هناك رموز عديدة وُضعت للتعبير عن الأوزان الرقمية

مما لن أتطرّق له..
و أكتفي أن أنوّه لضروره إعتبار هذه القواعد من خلال البرمجة..


v التأصيل
التأصيل هو رد الوزن إلى حاله الأصلية من التناوب.
و هي إحدى الأمور التي أيضاً لا بدّ من مراعاتها في برمجة العروض بل أقول أنّها أساس أي برنامج عروضي.. فهذا البرنامج عادة ما سيقبل بيت شعري و يطلب وزنه أو بحره.. و ليحصل هذا لا بدّ من إرجاع الوزن إلى أصله في حال لم يكن هذا الوزن من الأوزان المعروفة (و سأعطي بعد قليل بعض الأسباب لخروج الوزن عن وضعه المألوف) حتى يميّز البرنامج البحر المناسب لهذا الوزن المكتوب.. و من هنا دخلنا باب واسع كبير سأذكر فيه بعض القواعد فقط لتمييز مدى الصعوبة الكامنة في هذه العمليّة و الدقّة العالية..

نتيجة لظهور الزحاف و التكافؤ الخببي.. أدّى هذا إلى ظهور حالات من الوزن تحتاج أن تعود لأصلها..
أساس التأصيل.. قاعدتان:
1. والرقم 1 لا وجود أصيلاً له أبدا فهو إما داخل في 11 =(2) أو نشأ عن الرقم 2 الذي حذف ساكنه أو قل هو إما مرافق أو مفارق
2. وفي الأصل فإن الأرقام الزوجية تفصل بين الأرقام الفردية ولكن يحصل أن تتجاور الأرقام الفردية سواء 3 بجوار 3 أو 1 بجوار 3 لأحد سببين:
و لحسن الحظّ أن الأستاذ خشان وضع بعض الحالات و القواعد التي نسير عليها لإرجاع الوزن إلى أصله..منها:
1. ظهور الرقم 1 3 3 يعني أنّ الرقم 1 ناجم عن التكافؤ الخببي فيعود إلى أصله و هو 2 فيكون ((4) 3
2. إذا لم يوجد الوزن 1 3 3 فنعود إلى قاعدة الزحاف.. بإرجاعه الرقم 1 إلى 2
3. إذا ظهرت 2 3 3 2 نرجعها إلى أصلها بقاعدة التناوب بين الزوجي و الفردي فيكون 2 4 3 2 =6 3 2
4. إذا ظهرت 333 أو أكثر 3333 نرجعها بقاعدة التناوب فتكون
3333= 3 4 3 4
5. كلّ 2 3 3 4 هي 6 3 4
6. كلّ 3 2 3 3 هي 3 6 3
7. في المقاطع 222 ومثلها 231 في آخر العجز وهي تتبع في التأصيل أول ثلاثة مقاطع في البيت.
222 في الكامل تؤصل على ( 2 2 3) .............. 2 2 3 2 2 3 2 2 2

222 في الخفيف تؤصل على ( 2 3 2)..............2 3 2 3 3 2 2 2
8. التأصيل في حالة زيادة 2 بعد آخر 2
9. التأصيل في حالة زيادة سكون بعد آخر مقطع (2أو 3)
10. التأصيل في حالة إحلال سكون محلّ آخر 2

و هي أمور لا بدّ من الأخذ بالإعتبار حين برمجتها...
بل و من المهمّ إيجاد باب خاصّ بالتأصيل لها كما هو موجود في بعض البرامج الموجودة الخاصّة ببرمجة العروض..



v التصريع
من إحدى المواضيع التي لا بدّ أيضاً للمبرمج الإهتمام بها.. موضوع التصريع في مطلع القصيدة..
يجوز في مطلع القصيدة ما لا يجوز في بقيّة أبياتها فيما يسمّى التصريع..


v القافية و الروي
من الجيّد من أيّ برنامج عروضي قائم أن يُراعي الشروط الأساسية في القافية و التي تمثّل موسيقى القصيدة مما يتكرّر في آخر كل أبياتها..
القافية مهمّة و جداً لأنّها هنا تميّز بين الساكن و الممدود اللّذين نعطيهما في الرقمي نفس القيمة و هي الـ ه

و الروي : هو آخر حرف أصيل في آخر كلمة في البيت وفي الأعم الأغلب يكون حرفا صحيحا، وإليه تنسب القصيدة.

وعليه فالقافية هي : آخر ساكنين في البيت وما شملهما من الرقم 2 وما بين هذين من الرقم 1 أو 11 أو 111، وهي في كل الحالات تبدأ وتنتهي بالرقمين 2 إلا في حالة2 ه حيث يكون السكون منفردا آخر البيت. والقافية تشمل الروي وهو آخر حرف أصلي في الكلمة الأخيرة من البيت، ويتردد في كافة أبيات القصيدة وإليه تنسب.