اللغة العربية : إشراقات المغاربة واغتراب المشارقة!
أبها (السعودية)- زارع بن عبدالله بن ظافر
http://www.bab.com/articles/full_article.cfm?id=8274
في البدء أستشهد بالأثر الجميل «الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها». وهذا مقال حاولت فيه أن أجري مقارنة في التكوين اللغوي وتعليم العربية خاصة والتعليم عامة بين أهل المشرق العربي وأهل المغرب العربي، وهذه المقارنة تكاد تكون انطباعية، اعتمدت على أنماط من المخرجات التعليمية في المشرق والمغرب، حيث إنه على مخرجات التعليم يكون المرتكز في الحكم على مسألة التعليم، وننظر أحقق هذا التعليم أهدافه كاملة أم حقق بعضها، أم لم يحقق إلا أقل القليل منها؟! وهذه المقارنة ليست مستفيضة محيطة بجميع الجوانب الموضوعية. وإنما عرضت فيها شيئاً من تجربتي المتواضعة في التدريس خارج المملكة، وقد عرضتها بدون أي تحيز، بل أحاول تحري الدقة والإنصاف والصواب، ومن أهم الدوافع لكتابة هذا المقال ما رأيت من المستوى الضعيف الذي عليه كثير من أبنائنا في آلة العلوم كلها (اللغة) بينما لم أر هذا الضعف وبهذه الدرجة في البلد الذي درّست فيه بل رأيت الضعف في اللغة آخر هموم المربين هناك.
فصحى المغاربة
قدّر لي أن أعمل مدرساً في شمال أفريقيا وبالتحديد في موريتانيا أو (بلاد شنقيط) كما يحلو للكثير أن يسميها، وقد كان التدريس في معهد العلوم الإسلامية والعربية في نواكشوط، ذلك المعهد السعودي (كما يسمونه هم) التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الذي يدرس فيه طلاب شتى عرب وغير عرب، والطلاب العرب غالباً من دول شمال أفريقيا كالمغرب والجزائر وتونس والبلد المضيف موريتانيا الذي نسبة الطلاب فيه تقارب النصف، وكانت المدة التي قضيتها هناك أربعة أعوام (1414 إلى 1418هـ) وكانت ثرية بتجربة مفيدة.
وقد لفت انتباهي أثناء التدريس والإقامة هناك جودة التكوين اللغوي والفكري لدى الطلاب، بل لدى الناس عامة، فأنّى التفت تجد الناس يستطيعون التحدث باللغة العربية الفصحى بطلاقة، بل ويجيدون الكتابة بها دون عناء أو عي، ليس هذا خاصاً بالشناقطة، بل حتى الطلاب العرب الذين يفدون إلى المعهد من الدول السالفة الذكر.
وأخذت أتأمل المسألة وأقارن - بأسف - ماأرى، بالوضع لدينا في المشرق العربي بصفة عامة، ثم أخذت أوسع دائرة التأمل، فبدأت أطالع الصحف (المغاربية) وأحاور عدداً من الناس من المثقفين وغيرهم فأدهشتني طلاقة الألسنة بالعربية الفصحى وسيولة اللغة على ألسنتهم وأقلامهم، حتى الأطباء والحرفيين، بل حتى الباعة، يمكن أن تحاورهم باللغة العربية الفصحى، بل حتى المتسولين يتسولون بالفصحى، وإذا لحن المتسول ردوا عليه! بيد أن في لغتهم الفصحى لكنة متأثرة بلهجتهم العامية، وهي لا تؤثر في الطلاقة التي أعنيها إذ إني أقصد بها الانطلاق في الكلام وندرة اللحن ومطاوعة المفردات لهم عند أداء المعاني. وقد زاملت بعض الطلبة المغاربة في مركز لتعليم اللغة الإنجليزية في نواكشوط، ونظرت في بعض مذكراتهم الجامعية التي يصطحبونها معهم من الجامعة إلى هذا المركز، فرأيت فيها جودة ونقاء في الكتابة واللغة، وكأنها لطالب متميز لدينا في قسم اللغة العربية. ودخلت في المكتبة المركزية هناك، ورأيت قسماً للبحوث الجامعية لطلاب الليسانس (حيث وضع لها قسم خاص) وتصفحت عدداً من تلك البحوث استوقفتني ساعات طويلة وأمسكتْ تلابيب الدهشة والإعجاب لديّ، فلا ركاكة في الأسلوب ولا أخطاء إملائية ولا لغوية إلا في القليل النادر، رغم أن معظم هذه البحوث في علوم لا علاقة لها باللغة والأدب، بل هي في الجغرافيا والشريعة ونحوهما، ولكنها في غاية الجودة والإتقان.
البقية على الرابط:
http://arood.com/vb/showthread.php?p=3182#post3182
المفضلات