-النحو سلطة بمعنى آخر لأنه يحمي اللغة من عنف التطور،ويصور في الوقت نفسه عبقرية العربية. وعبقرية العربية لا تخلو من معنى أخلاقي ونفسي وروحي.
...............
راقت لي هذه العبارة في طرح الأستاذ مصطفى ناصف في كتابه (النقد العربي ..نحو نظرية ثانية)
نظر د.ناصف للنحو بأنه سلطة وهذه السلطة قريبة من المدح والافتخار ،ويرى أن مبدأ التعريف المتنوع لا غنى له في تبين نشاط النحو الجمالي ،فالنحو إجلال وتشريف،فالسلطة كلمة يمكن أن تفهم في ضوئها مواضع كثيرة مما سمي علم المعاني ،لأنها مدافعة للصخب والتمرد،والخروج على الأعراف ،لكن النحو سلطة بمعنى آخر لأنه يحمى اللغة من التطور ..
وتطرق د.ناصف إلى تعمق واضح في هذه النظرة فيرى أن معاني النحو يمكن أن تفهم في ضوء معاكستها لكلمة أخرى لا تخطر بالذهن كثيرًا وهي كلمة الطيف.
-ويتجه إلى أن السلطة مفتاح ملاحظات كثيرة لا تقبل الأخذ بالطيف أو التوهم التام أو التساؤل الذي لا ينتهي.
ولمّح إلى أن من الممكن أن يُقرأ غير قليل من الشعر قراءة ثانية وثالثة،ولكن في ظنّه-د.ناصف- السلطة عالية في مباحث كثيرة.وأن مراد إعجابنا الباطنى بكثير من معاني النحو الثانية تمكن فكرة السلطة من نفوسنا.وحينما نريد لما نسميه البلاغة أن تدخل في أعماق الثقافة العربية بدأ الباحثون في اتخاذ مبدأ كمبدإ السيادة،ويستحضر الباحثون مرارًا الفرق بين الشبهة والتحقق .وهو الفرق الذي يذكر بالفرق بين الضوء والضباب،فقد خفي ما في ثنايا معاني النحو من التخلي شبه الواعي عن الاصطراع والاهتزاز الذي لا ينقطع .
فلا ننسى أن فكرة السلطة لا تخلو من المجاهدة ،بل المجاهدة أساسية بحيث لا يستغنى عنها ولكن تنظيم المجاهدة يلفت،لنقل عن المجاهدة موطأة أو ممهدة.
والملفت صراحة نظرة د.ناصف للمباحث النقدية والبلاغيةفيراها ليست بمعزل عن أي فكرة حيوية أو سياسية ،وأن السلطة ليست كلمة مبهمة الوجه مخيفة وليست رهبا قاسيا وليست صارمة تماما،وقد يشوبها شيء من مرح غامض أيضًا.
يتبع..
المفضلات