هذه مقالة من أعمق ما قرأت في مجالها.
http://www.awu-dam.org/mokifadaby/373/mokf373-004.htm
[web]http://www.awu-dam.org/mokifadaby/373/mokf373-004.htm[/web]
هذه مقالة من أعمق ما قرأت في مجالها.
http://www.awu-dam.org/mokifadaby/373/mokf373-004.htm
[web]http://www.awu-dam.org/mokifadaby/373/mokf373-004.htm[/web]
الرابط اعلاه معطل
وجدت المقال - وهو للأستاذ ميشيل أديب - على الرابط التالي :
http://www.startimes.com/f.aspx?t=11377047
واقتضب منه :
وبعد هذا الاكتشاف العظيم، أصبح الطريق مُمهَّداً للخليل، كي يقدّم معجزته، على مرَّ الزمن، علمَ العروض، الذي يتّصل بأصول "فنّ الشعر" و"أسرار الإيقاع الشعري"، فضبط بذلك قواعد النظم، كي لا يخرج الشاعر، ولو فقد سلامة طبعه، أو اضطربت لديه سليقتُهُ، عمَّا سلكه الآباء والأجداد الشعراء، من هذه الأصول والقواعد.
كان لزاماً علينا أن نبدأ بهذه المقدمة التي ربّما بدت لبعض قرائها طويلة، لوضع الخليل في بيئته العلمية فنعرف علوّ طبقته في علوم اللغة والشعر كافَّةً، ونرفض، بقناعة تامة، كلَّ محاولة للانتقاص من علمه، حين نقبل، مثلاً، ادّعاء الأخفش (-215هـ/839م)، بأنه استدرك (13) على الخليل، البحر السادسَ عشرَ، وسمَّاه، لزهوه وتعاليه "المتدارك". و لنقصي
عن أذهاننا، كلَّ قول أو اتِّهام يروِّج، لقبول فكرةِ تأثُّر الخليل بالأصول السنسكريتية واليونانية والسريانية... لقوانين الشعر في هذه اللغات قبل وضعه العروض (14).
إنَّ الخليل، كما سنحاول توكيده، هو أحد الرياضيين العباقرة وأحد العلماء الجبابرة، الذين أدَّوا للعربيّة وللعرب أعظم عطاء، فهو الذي صنع لها علامات إعرابها، وضبط لها نقاط حروفها ووسائل قراءتها من رموز ونحو، فلولاه، لما تيسَّرت لنا قراءة سليمة، لنصوص الدين، والفكر، والعلم والفلسفة وسائر ضروب الكتابة وأجناسها الفنية والأدبية والعملية، ولولاه، لما عرفنا علم العروض الذي ضبط به أوزان بحور الشعر، فمكّننا من قراءة الشعر ونظمه، إنه بتثبيت "الوحدات الصوتية" التي بلغت ثمانياً، على محيط خمس دوائر، استطاع أن يحفظ، خمسة عشر بحراً من الضياع، إلاَّ أنه لم يشرح للدارسين عمليته الرياضية التي أوصلته إلى اختراع هذه الوحدات، التي لم تقوَ الأيام على الانتقاص منها أو الزيادة عليها(15). ممّا دفع كثيراً من العلماء القدامى والمحدثين إلى الاعتراف بأنَّ علم العروض وُلِدَ كاملاً بين يدي الخليل. وعلى الرغم من التبدّلات التي تطرأ على هذه الوحدات، بسبب الزحاف، فإنَّ ثماني التفعيلات، التي وزعها، كما توزّع، "نوطة" الألحان، على دوائره، لتفكّ منها أوزان البحور، قد استوعبت كل الصور التي تأتي بها، عند تقطيع الأبيات، وقد أحصى أكثر من عالم هذه الصور، فبلغت أربعاً وثلاثين في آخر تفعيلة من الشطر الأول (16) ـ اسمها العروض ـ وثلاثة وستين ضرباً ـ آخر تفعيلة في الشطر الثاني ـ ومع ذلك لم يختلط بحر ببحر.
وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ.
وقد أبدى الشاعر مصطفى جمال الدين، شعوره بالضيق من هذه الحال، في مقدمته لكتاب الدكتور محمد طارق الكاتب "موازين الشعر العربي باستعمال الأرقام الثنائية". حين قال(17): "..... وقد كنت أعرف، كما يعرف أكثر المتتبّعين للنظرية، أنَّ العروض بقي كما وضعه الخليل في القرن الثاني، يتدارسه الناس، دون أن يفكّروا في طريقة لتسهيل صعبه، بل دون أن يضيفوا شيئاً على ما وضعه الخليل له من دوائر ومصطلحات... "ثم راح العلماء، يحاولون وضع الألقاب العروضية لهذه الجوازات، ويختلقون للكثير منها، الشواهدَ.... وبدافع نزعة الكثيرين من هؤلاء العلماء إلى التصعيب، كي يقلّ منافسوهم فيكثر الإقبال عليهم، جعلوا الألقاب العروضية، دون تمييز بين حسن وصالح ومستقبح، فاتحة لفصول كتبهم في العروض، فنفّروا بذلك عدداً كبيراً من الدارسين والمدرسين(18).... وقد صوّر هذه الصعوبة خير تصوير، الدكتور إبراهيم السامرائي، حين قال(18): "...... أقول من أجل هذا العسر في الوصول إلى هذه المادة، حاول غير العرب من المستشرقين أن يجدوا ضوابط أخرى، غير الموازين العروضية التي قال بها الخليل....".
ومن يرجع إلى مادة "عروض" في دائرة المعارف الإسلامية، يجد مقالاً للمستشرق Weil الألماني، يبلغ عشر صفحات، جاء به في ثلاثٍ منها، حديثٌ طويل من مصطلح النبر، وجاءت كتابة هذا المقال، بعد عامين من وضعه لكتاب بالألمانية سنة 1985(19)، ولا نظن أن Weil وقبله المستشرق الفرنسي م.س.غويار(20)
(-1884م/1302هـ)، والكثيرين من المستشرقين، قد استطاعوا فهم خصيصة الدلالات الصوتية بحسب موقع الحرف العربي، أو عرفوا البنية الصوتية، لكل مقطع في التفعيلة، من حيث عدد الحروف المتحركة قبل الساكن فيها. وفي مقدمة ما خيّب الظن في كثير من دراسات المستشرقين والمتأثرين(21) بهم من علمائنا المحدثين، هو تعاملهم مع الشعر العربي، فوضعوا لـه مصطلح النبر والمقطع القصير (الحركة)، والمقطع الطويل (المتحرك +الساكن)، أي أن فعولن، هي : فَـ+عو+لن.... وهكذا أدخل المستشرقون مصطلحات جديدة لا تمتُّ إلى العروض العربي بصلة، بل هي منقولة من الشعر الغربي... والمتأثرون بالمستشرقين وهم كثر، ينتقدون القدامى لأنهم أهملوا هذه المصطلحات في دراساتهم، ويأخذون عليهم أنهم قبلوا بأصوات الحروف بحسب حركات الإعراب، لأنها حركات ناقصة.
إن أسلوب الأعاريض الأوروبية مختلف كل الاختلاف عن نظام البناء الصوتي الدقيق في الشعر العربي. وإن العجز في فهم "نظرية" الخليل الرياضية التي لم يعلنها نظرياً بل صوّرها بدوائره الخمس تصويراً، بقدر ما تتيح هذه الدوائر لظهور الوزن بحسب واقع الشعر العربي، دفع المستشرقين وسواهم إلى طلب العروض العربي بأدوات الشعر الغربي ومصطلحاته. والكلمة الفصل في هذا الموضوع: أن عروض الخليل، وإن ظنَّ ابن فارس (-395هـ/1004م)، أنه علم قديم أحياه الخليل(22)، لا تدرك أسراره إلا بالعودة إلى الشعر العربي الذي عاد إليه الخليل، قبل أن يستنبط قواعد علم العروض وأصوله.
فالخليل، بذهنٍ رياضيٍّ فذ، استطاع أن يضبط نظام تتابع الحركات والسكونات في جميع الشعر العربي، وأن يضع لذلك، بعبقرية معجزة، "وحدات صوتية"، تجمعها كلمات، سمّيت الأجزاء وسمّيت التفعيلات(23)، إنها : مُسْتَفْعِلن، فاعلاتن، مَفْعولاتُ، فَاْعلن، فعولنْ، مفاعيلنْ، مُفَاعَلَتَن، ومُتَفاعلن(24)، ثم أضيف إليها "فَعِلن" في المحدَث ـ البحر السادس عشر ـ ومن يرجع إلى الشعر العربي، وبخاصة ماكان منه في المعلّقات يجد أن الكلمة في البيت الشعري، تلتزم بترتيب حركاتها وسكوناتها، بحسب ماجاء في إحدى ثماني تفعيلات الخليل." وهذا أقوى توكيد على الصلة الوثيقة والعلاقة المتينة بين عروض الخليل وبين أصول الشعر العربي.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات