شمولية الإيقاع
( الأستاذ خشان )
مصعب نسيم
السلام عليكم
الحقيقة تقال , ولا بد من قولها , بأنني وبالرغم من دراستي للعروض في المدارس وفي الجامعة أيضاً ,لكنني لم أفهم من شرحك أي شيء أستاذنا الكريم , أرى أن العروض في واد , والشرح الذي أمامي في واد آخر , وأرى إن الإيقاع الذي تحدث به الموسيقيون بواد والشرح العروضي بالأرقام الذي هو أمامي الآن بعضه في واد آخر , وأما الأرقام التي تفضلت بها هي الأخرى في واد , وعلم العروض في واد آخر , لم أفهم قصدك بكل هذا الشرح , وكل هذه الرسومات المعقدة , هل العروض له علاقة بتشريح القلب ودقاته ؟ قد يكون ذلك , ولكن نحتاج إلى توضيح أكثر , فهل دقاته خبب أو هي الأخرى من بحر البسيط ؟ , ؟ هل العروض له علاقة بالفصول الأربعة ؟ وكيف .
هل العروض له علاقة بالزمن والإيقاع ؟ نعم ولكن كيف ؟
هل العروض له علاقة بالحركة ؟ نعم ولكن كيف ؟
مرة أصدق ما تقول , ومرة أخرى أعتبر نفسي بأنني محتاج للذهاب إلى مستشفى المجانين من كثرة الدوخان الذي انتابني من تعلم العروض الذي هو كما تقول ( رقمي ) ثم ومقابل الأرقام قمت أنت بإلغاء التفاعيل التي تستعملها أنت الآن ولا تستغني عنها لإقناع غيرك بفائدتها, ثم تنفي فاعليتها عندما تريد ذلك ,تحت مصطلح ( الشمولية ) وكأن الشمولية في الرقمي , شملت الحياة كلها كما تفضلت وقلت الآن , من مأكل ومشرب وموسيقى وإيقاع , وأوزان , وصوت الديك وهديل الحمام , والريح , والحركات , والفصول الأربعة , وآيات القرآن وحركات البشر , والليل والنهار , والزواج والطلاق , أهذا هو العروض ؟ إن كان هذا هو العروض فاسمح لي بالسفر إلى سيري لانكا لأتعلم عروضهم وإيقاعهم فربما أجد ضالتي , أو أن ألغي العروض من قاموسي اللغوي لألتجئ إلى قصيدة النثر التي فيها الشمولية أكثر وأكثر من عروض الخليل أو من أرقام تنطق باسم العروض بشكل شمولي, ففي قصيدة النثر , الإيقاع الداخلي , وفيها الإيقاع الخارجي , وفيها بعض الجمل الموزونة , بل فيها كل البحور الشعرية إذا ما قيست بأقوالك الآن, فهي أولى ــ أي قصيدة النثر ــ بأن تكون عروضنا ومنهجنا لهذا الجيل الذي كره العروض كله قديماً وحديثاً بسبب كثرة النقاد وكثرة العروضيين الذين شوهوا وجه العروض ولطخوه بنظريات لا تليق باحترام منهج الخليل وفكره , لأنها ــ أي قصيدة النثر ــ لا تقول بأن الفصول الأربعة تكوّن من معدلات درجاتها نصف بحر من بحور الشعر فهي أي قصيدة النثر واقعية وشمولية وفيها كل بحور الشعر لكن بصفة منطقية وليست تنتحل الإيقاع متخذه من الفصول الأربعة إيقاعاً هستيرياً جديداً لا يفهمه عاقل أو مغفل. .وقصيدة النثر لا تتدعي بأن فيها إيقاع الرياح والأمطار المتساقطة , والبرد والبرَد , أوفيها شمولية ومعجزات القرآن والأحاديث النبوية , وفيها كل ما يتمناه الشعراء , لا أحتاج إلى عروض يبدأ بالرقم وينتهي بضلال مبين لا نعرف أوله من آخره , لا نعرف من خلاله إلا الصور والذبذبات الصوتية الوهمية التي ليس لها من الواقع شيئاً , وعلى ما أظن أن لك أكثر من خمس سنوات في هذا البحث كما قال لي بعض أصحابي , ولم تنته من بحثك المعقد بالأرقام , بل لا يزيدنا إلا تعقيداً أكثر , ولو فكرت أمريكا بتصنيع قنبلة ننوية أخرى لصنعتها قبل أن ينتهي العروض بالأرقام من مهمته المعقدة التي لا يفهمها سوى باحثها فقط . علماً أن الشعر وقرضه لا يحتاج إلى هذا التعقيد , فكل ما في الأمر لا يتسع إلا التفاعيل ومشتقاتها لنستخرج منها كلاماً على أوزانها , مثل تكرار مستفعلن لا يختلف عن تكرار كن جالساً, وتكرار فاعل لا يختلف عن تكرار سالمٌ , وتكرار مفعولاتُ لا يختلف عن تكرار مرفوعاتُ , وتكرار مفاعيلن لا يختلف عن تكرار مساميرٌ , وهكذا , فما حاجتنا إلى تكرا 2 2 1 2 وماذا نستخرج منها يا ترى ؟ , هل نحن نريد أن نلعب بعقول الناس بهذا العلم ليقولوا عنا بأننا علماء عروض ؟ ألم ينته العروض من الشرح والإضافات التي امتلأت المكتبات منها , وكذلك النت الذي شرحه طولاً وعرضاً في كل مكان على وجه البسيطة؟ , نحن لا نعترف إلا بعلم العروض الذي أنتجه وأتقنه الخليل الفراهيدي . ويعلم العروض الخليلي في المدارس الرسمية وهو العلم الوحيد الذي يرجع إليه الشعراء أينما كانوا , وإن المستشرقين الأجانب لقد شرحوه وحافظوا عليه , هل يحق لنا نحن العرب شويه وجه العروض لنساعد على هروب هذا الجيل من تعقيداته .
تعال معي يا أخي الأستاذ :
تعال معي إلى بعض العبارات التي اخترتها من نصوصك الآن, لنفهم مقصودك منها .
انظر الرابط :
https://sites.google.com/site/alaroo...e/shomooleyyah
تقول نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي(وزن الشعر هو فن وعلم إيقاع اللغة في آن. ولا يعني ذلك أن يكون منتظما تماما، فأجمل الأوزان ما كان فيها تفاوت.
من الشعراء من يعتبر نفسه روحا طليقة تخنقها القوانين. لكن أعظم الفنانين هم الذين أتقنوا القوانين والأشكال فكان ما أبدعوه رائعا ))
دعنا نفهم سوية قولك:
الأول : (وزن الشعر هو فن وعلم إيقاع اللغة في آن )
كيف بالله عليك يصير إيقاع الشعر مشابهاً لإيقاع اللغة ؟ وهل للنثر اللغوي إيقاع كإيقاع الشعر ؟ . وإن كان اللغة عامة لغة إيقاعية, أليس الأجدر بنا أن نتخذ قصيدة النثر رمزاً إيجابياً للإيقاع العام والشامل , لنعمل بها ونريح أنفسنا من تعقيدات الأرقام والرسومات والأوهام التي اخترعتها أنت في فصول السنة التي استخرجت منها إيقاعاً وهمياً لا يصدقه حتى المجانين )
إن الشعر فن وإيقاع هذا صحيح , والشعر فن وعلم , وهذا صحيح , أما أن يتساوى إيقاع الشعر مع إيقاع اللغة أو إيقاع الأحاديث , أو إيقاع القرآن أيضاً , فهذا ما لا نفهمه ونرجوك شرحه شرحاً وافياً لنتعلم منك كيف يكون إيقاع اللغة وإيقاع الشعر متوحداً ومتشابهاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الثاني: تقول ( ولا يعني ذلك أن يكون منتظماً تماما )
ولماذا لا يكون الإيقاع منتظماً تماماً , وكيف ذلك , هل ينطبق هذا الكلام على تكرار مستفعلن بأن لا يكون إيقاعها منتظماً تماماً ؟ , أو على تكرار مصطفى ؟ وأين المكان المقطعي , الذي نستطيع أن نتجاوز به عن الإنتظام , ونحن كلنا يعرف بأن الإيقاع الموسيقى المنتظم لا تجده عند المطربين والفانين, ولا عند المشعوذين في حكاياتهم , وليس كل ما أبدعوه الفنانون رائعاً بما يسمى الإيقاع الشعري , بل هو إيقاع أغان أو أهازيج أو تراتيل يتماشى مع كلماتهم الغنائية بالتكرار المناسب للأغنية , ولا تجد الإيقاع المنتظم إلا في الإيقاع الشعري الذي يتوجب فيه الإنتظام بشكل خاص ., لأنه يخرج عن إطار الغناء , كما يخرج النشيد الشعري عن إطار التراتيل أو القراءة الأخرى المعتادة .
الثالث :
تقول :
(لنا أن ننظر إلى تكرر الفصول الأربعة كنوع من الإيقاع فلو أردنا أن نعبر عن ذلك حسب ترتيب معدلات الحرارة لأعطينا لكل فصل الرمز التالي
الصيف =4
الخريف = 3
الشتا =2
الربيع =3
ويكون العام ممثلا بالإيقاع = صيف خريف شتاء ربيع = 4 3 2 3 = مستفعلن فاعلن ))
أخي الأستاذ , فماذا عسانا نجد من هذا التكرار ؟ ومن أين انبثق الإيقاع ؟ وكيف تم تحديد أرقامها من خلال درجات الحرارة ؟ وكيف عرفت أن معدل درجات الربيع 3 يتعادل مع معدل درجات الخريف 3 , هل الصيف والربيع لهما المعدل نفسه ؟ وهل كلامك هذا فيه شيء من المنطق ؟
لنفترض أن كلامك هذا هو المنطق الصحيح , فأي تفعيلة عروضية يتم إيجادها من هذه المعدلات . وهل هذه المعدلات تولد لدينا إيقاعاً منتظماً ولكن ليس تماماً كما تقول ؟
والمشكلة الكبرى ليست في المعدلات , بل جاءت من اختراع بحر اسمه بحر البسيط , ويكون تكرارها هو نصف بحر البسيط , وهذا نوع من المغالطة العلمية الواضحة التي لا يفهما العالم , فكيف يفهمها الجاهل .
ولنفترض أن الإيقاع حسب تعريفك ليس منتظماً تماماً ثم جاء فصل الصيف يحمل الرقم 3 , فبأي بحر تنسب هذه الفصول ؟
عرفنا بالحقيقة لنتبناها , لنعرف أن فصل الخريف هو 3 , والربيع هو 3 ولكن كيف ؟ وكيف نقرض عليها شعراً حاراً أو رطباً
رابعاً :
تقول :
عندما تتمايل شجرة في مهب الريح , مرة ذات اليسار وأخرى ذات اليمين , بتكرار على وتيرة واحدة , فإن ذلك أشبه ما يكون بتكرار 2 وهو الخبب
سبحان الله , وبقدرة قادر صارت الشجرة خببية الحركة , يعني اتخذت لنفسها مساراً وحركة لا تزيح عنها أبداً لأن الخبب يحبها ويطرب لحركاتها .
ولو أردت متابعة مقالتك العروضية هذه لكتبت لك مجلات , فارحم الجيل الصاعد يا أخي وعليك بالرجوع إلى التفعيلات وما ينتج عنها من أصوات وكفى . لك الشكر والتحية , وسامحني على غيرتي وتمسكي بمنهج الخليل الذي لا مناص منه ,
أخوك مصعب نسيم , أستاذ جامعي في الضفة الغربية .
المفضلات