قيل لأبي العتاهية: كيف تقول الشعر؟ قال: ما أردته قط إلا مثل لي، فأقول ما أريد وأترك ما لا أريد.
و قال أحدهم: جلست إلى أبي العتاهية فسمعته يقول: لو شئت أن أجعل كلامي كله شعراً لفعلت.
و سئل أبو العتاهية : هل تعرف العروض؟ فقال: أنا أكبر من العروض. وكان لسرعته وسهولة الشعر عليه ربما قال شعراً موزوناً يخرج به عن أعاريض الشعر وأوزان العرب.

وجاء في كتاب الشعر والشعراء لإبن قتيبة أنه قعد يوماً عند قصار، فسمع صوت المدقة، فحكى ذلك في ألفاظ شعره، وهو عدة أبيات فيها:
للمَنُونِ دائِرا ......... تٌ يُدِرْنَ صَرْفَها
هُنَّ يَنْتَقِنَنا .............. واحداً فواحدَا
2 3 3 3 ....................2 3 3 3


وقال أيضاً:
عُتْبَ ما للخَيالِ............ خَبِّرينِى ومالى
لا أراه أَتانى ............. زائراً مُذْ لَيَالِى
لَوْ رآني صَدِيقى ............. رَقَّ لى أَوْ رثَى لِى
أَوْ يَرَانى عَدُوَى ............ لانَ من سُوءِ حالِى
2 3 2 3 2 ....................2 3 2 3 2


وقد انتقد أبو العلاء المعري هذه الأبيات في كتابه رسالة الصاهل والشاحج فقال " وهذا من أضعف أوزان الشعر وأركهن. ولم تستعمله الجاهلية ولا الفحول في الإسلام. وإنما عمله "إسماعيل بن القاسم" على هيئة اللعب. وإذا أردت أن تخرج من قول القائل: قِفَا نَبْك من ذكرى حبيبٍ وعرفان
مثل قول "إسماعيل": عُتبَ ما للخَيالِ
فأسقط من أوله: "قفا نبك من" والذال والكاف من "ذكرى" ثم زد ما أسقطت من أول البيت، على آخره. فإنه يخرج منه وزن بيتين من أبيات "إسماعيل" لأن كل بيت من أبياته مثل نصف هذا الوزن."

والأبيات السابقة على وزن فاعلاتن فعولن أو فاعلن فاعلاتن , وقد استشهدت نبيلة الرزاز اللجمي في كتابها "أصول قديمة في شعر جديد" بهذه الأبيات منتصرة للشعراء الحديثين لخروجهم على بحور الخليل فقالت : "ولم لا يكون للشاعر الحق في أن يبدع الوزن الذي يستسيغ إيقاعه؟ وهو يعلم أن علم العروض بصفته علماً أتى تالياً لنظم الشعراء واُستخلص منه , فالشاعر هو مبدع الإيقاع , والعالم هو الذي يستقرئ هذه الإيقاعات ليخرج منها بالأصول التي بنيت عليها , المهم في الأمر أن يكون النغم مستساغاً وله وقعه الذي ينسجم مع المعاني والإنفعالات ومع ذوق العصر"

أما عبد المعطي حجازي فقد قال : " إن الشاعر المجدد يستطيع أن يستخدم العروض كما يشاء , إن له أن يستخدم العروض الجديد بأشكاله , وله أن يعود إلى العروض القديم عودة مؤقتة أو نهائية , مادام قادراً على أن يثقل بالإيقاع كلماته , فلا تتأرجح خفيفة , ولا تفر منه هاربة باهتة "

أترك التعليق لكم