وجدتني ليلة امس أردد قصيدة لأستاذي خشان مطلعها يقول

ياللقصائد هيجت أشجاني ... أيعود لي وهج مضى من ثاني

فهاجت مني الأشجان وكتبت كلمات بالفصحى على نمطها

ولست أدري هل هي موزونة أم لا ولكن هي مجرد محاولة

ثم بدا لي أن أكتب نثرا على شاكلتها ومن ثم أبيات نبطية

لكيما أتذوق أيهما الأجمل ومن ثم تطور الأمر فسولت لي

نفسي أن أدرجها هنا لتتذوقوا معي وتحتسوا من ذلكم

الفنجان الذي أعددته كوجبة سريعة انضجتها على نار قلب

متوقدة فإليكموها كما هي دونما أدنى محاولة مني للضبط والتغيير
فخذوها كما أرادها ذلكم القلب علما بأن هذا الفنجان المتواضع خاص
بصاحبه ومذاقه ليس حكما عاما

قلت :

بذور زرعتها هناك حيث بساتيني والأفنان التي زهت حينا من الزمان

بآمالي الكاذبة وأحلامي

ذلكم الزرع الذي سقيته من دموعٍ لطالما هطلت

كتكلم السحائب الحائرة في كبد السماء سماء أضلعي وجناني تسوقها رياح

أنفاسي الحرّى لتسقي زرعا غريبا القيت بذوره دون أن أعرف ما هيته

ولست أدري شيئا عن رعايته

مضت الأيام تلو الأيام وبدأت أحلامي تكبر وتنضج وبدأ الزرع ينمو ويكبر

وفي يوم لست أنساه اهتز قلبي ليخرج ذلكم الزرع الذي كسي ثياب الخضرة والجمال فسرّت ناظري وأخذت أتشوف من خلالها أياما وليالٍ كخضرتها تماما

أخذ الزرع يكبر ويكبر وسحائبي لا تنفك تهطل بغزارة ويكأنها تسابق الزمن لكيما ينمو ذلكم الزرع فتفرح صاحبها لما بقي له من زمان يعيش به

السعادة نعم السعادة كنت أرجو ولكنني اخطأت طريقها كنت أظن أن السعادة ليست تنال إلا بالألم فأقحمت نفسي في مفازة من خيال ليس يظلني
بها سوى سحائبي الزائفة ولست أبل ريقي اليابس إلا من سيول دموعي

نعم لقد رأيت طلائع العذاب تكشر عن أنيابها مع أول شوكة أصابتني تركت جرحا ليس يندمل وليست تمحوه الليالي

هي أول قطرة من دم أثارت حفيظتي وأعظمت لي مصيبتي أحقا هذا جزائي أهذا الذي أفنيت شطرا من عمري في رعايته حتى إذا ما نبت
وكبر يدميني ويكأنني كنت أنسج أكفاني بيدي

ومن ثم أخذت تتناوب الجراح طوال أيام الحصاد حتى بت عاجزا عن المضي في سبيلي حيل بيني وبين الثمر الرياح تهب الفينة تلو الأخرى
تنثر ما أجمع حتى أفنت الزرع بأكمله سوى من بعض زهور أثر قلبي
المسكين بها نفسه فبقيت صامدة في تربته
ويا ليت هذه المأساة انتهت على هذه الصورة فحسب

بقي مشهد ختمت به صفحتي فها هو القلب قد أمسى فارغا سوى من هذه
الورود لست اسمع به سوى دوي أنفاسي وسحائب تغشاه من غير ما مطر
كان منظرا رهيبا ليس هناك للحياة من أثر سوى أنين الورود التي شهدت
هذه المصيبة فبقيت تتأرجح في مهب أنفاسي إلى أن ذرفت دموعها قهرا
ويا لها من دموع ما أمرها ما أشقاها إنها دموع الورد "إنها دموع الورد

فأخذت أنشد السعادة مع ورودي التي بدأت بالذبول وعلمت حينها أن كل
شيء سيزول تماما كما أحلامي التي تكسرت على صخور الحقيقة


وقلت بالفصحى :

زرع سقاه السيل من أجفاني
متحدرا بالهم والأحزانِ

حتى إذا ما جاء حين حصاده
أدمى فؤادي الشوك بالأغصانِ

هبت رياح اليأس تنثر بعضه
والشوق يجمع بعضه بجناني

واصفر ما جمع الفؤاد بحرقةٍ
من نار شوق تلهب الوجدانِ

عهد على نفسي بيوما قلته
لن اسقي بعد الورد في بستاني

وسأذخر الدمع الذي انفقته
بالعين مخزون لجرح ثاني

حتى إذا ما فاض دمعي قلته
حرفا لعلي امنع الطوفان

أو ربما أجريه مع قطر الندى
بمراكب الهجران والنسيان

فرغ الفؤاد اليوم لا إنسان
اضحى ولا صوت يثير العاني

دمع الورود اليوم جاء مسعرا
حمم يفيض الهم من بركاني

كم ساءني دمع الورود وطالما
فاضت بحزن ملئها أجفاني


وقلت نبطيا :


ورد ن سقاه السيل ساير من اجفاني
متحدر ن فايض بهمي والأحزان


لا من يجيه الحول ينبت بالاحزاني
يملى غصونه شوك يجرح بالأجفان

يجرح ظميري يوم احصد ويدماني
يا ليت سيلي ما تحدر ولا كان

هبت رياح الياس تعصف بالاشجاني
من حر أنفاسي هبوب ن بالاوتان

واصفرت اوراقي كما وجهي العاني
من حر ما بي شايل الهم حيران

ياما نهرت الدمع سايل ويعصاني
جاك الخبر يا دمع هديت الاركان

عهد ن علي اني ارد الهوى جاني
ويجف دمع اليوم إلا من تحدان

قلي ليا صار الورد بيد سجاني
وش فاد ورد اليوم إلا صار ذبلان

ولا صار دمعي ثاير ن مثل بركاني
اهدي جماحه في حروفي والاوزان


ولا طاح دمعك يالورد يوم تنعاني
زولك غدا فيني شبيه ن بالانسان