النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الرياضيات والنظرية التوليدية - مروة عطا الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,965

    الرياضيات والنظرية التوليدية - مروة عطا الله



    https://www.facebook.com/download/72...9%8A%D8%A9.doc

    الموضوع أفضل تنسيقا لدى تنزيله من الرابط أعلاه

    مَظَاهِرُ اسْتِغْلالِ المَنْطِقِ الرِّيَاضِيِّ في النَّظَرِيَّةِ التَّوْلِيْدِيَّةِ التَّحْوِيْلِيَّة
    (الجزء الأول)
    إعداد / مروة علي عطا الله
    الباحثة بقسم النحو والصرف والعروض بكلية دار العلوم / جامعة المنيا .
    تَوْطِئَة :
    بعد نشره لكتابه (البنى التركيبية) عام 1957 م ، أصبح ( تشومسكي ) - دون منازع - الرائد الأول للمدرسة اللغوية في الولايات المتحدة الأمريكية ، وتمكنت الدراسات اللغوية من دخول مرحلةٍ جديدةٍ بعدما أضرم تشومسكي نيران ثورته اللغوية على تلك المفاهيم التي كانت سائدة قبله ، وعلي المدرسة البنيوية ، أو بالأحري علي المنهج البنيوي ؛ لأنها في حقيقتها - خاصةً في نموذجها الأول - تُعْتَبَر بنيوية توليدية تمثَّلت ثوريتها في منهجها العقلي الذي قلب موازين الدراسة اللغوية رأسًا علي عقب ؛ وذلك برفضه للمنهج البنيوي التصنيفي الذي يكتفي بوصف الظاهرة اللغوية (دون أن يفسرها أو يعللها) انطلاقاً من مدونة لغوية محدودة في حين أن المنهج التوليدي التحويلي يصف ، ويفسر ، ويعلل قدرة الفرد (السامع ، والمتكلم) ليس علي إنتاج مدونة لغوية محدودة ، بل علي إنتاج وفهم ما لا نهاية من الجمل الصحيحة ، أضف إلي ذلك أن هذا النهج الجديد قد أثمر نظرية لغوية جديدة أصبح فيها النحو نظرية شاملة ، تفسر اللغة وتصفها من حيث مكوناتها الصوتية ، والتركيبية ، والدلالية ، والتداولية ، فراح ينتقد نظرية (بلومفيلد) السـلوكية انتقادًا لاذعًا انصبَّ على أهم الأُسس التي قامت عليها ؛ لينشئ على أنقاضها مدرسته التي أتت بأفكار تناقض ما دعا إليه ( بلومفيلد) في العديد من جوانب نظريته .
    وقد انصبّ هذا النقد التشومسكيّ على الجوانب السلوكية في النظرية ؛ فقد رفض (تشومسكي) رأي السلوكيين المبنيّ على أن اللغة استجابةٌ لمثيرٍ ما ؛ نظرًا لأنَّ تركيزهم - في غالب الأمر - كان مُنْصَبًّا على المنحى الظاهري ضاربين بكل ما يرتبط بالحدث اللغوي من مؤثرات شعورية ، أوعقلية عرض الحائط ، في محاولة منهم لجعل إيَّاه - الحدث اللغوي - على النحو الذي يوصله إلى السامع ، وبهذا يكون المنهج السلوكي عاجزًا عن تفسير الحدث اللغوي المعبِّر عن العواطف أو المشاعر التي تختلج صدر المتكلم ، ولم يَكُ أمام تشومسكي سوى النظر إلى البنية العميقة للحدث اللغويّ أو ما أطلقت عليه الباحثة "ميتافيزيقيَّة الحدث اللغوي" ، بوصفها مفتاحًا مركزيًّا في سبر أغوار السلوك البشري ، وفي هذا الفصل تنحى الدراسة منحى جديدًا في التناول الموضوعي الجاد لأثر استغلال المنطق الرياضي في النحو التوليدي التحويلي - على وجه العموم - ، ممثلا في مرحلتَيْه الأوليَيْن : مرحلة البنى التركيبية 1957 م ، ومرحلة مظاهر النظرية التركيبية 1965 م – على وجه الخصوص - ، واللسانيات الرياضية Mathematical Linguistics أو علم اللغة الرياضي هو أحد فروع اللسانيات الحديثة ؛ التي تنظر إلى اللغة بوصفها ظاهرة حسابية منسوجة صوتًا ، وتركيبًا ، ودلالةً ، بل ومنظمة على نحوٍ متشابكٍ يتوخَّى تطويعها ، ووضعها في أُطُر ، وصيغ رياضية ؛ بغية معرفتها معرفةً دقيقةً لإثبات الفرضية التي وضعها تشومسكي بأن اللغة عبارة عن آلة مولِّدة ذات أدوات محددة قادرة على توليد ما لا نهاية له من الرموز اللغوية من خلال طرق محددة .‏

    وإذا كانت اللسانيات هي الدراسة العلمية للغات البشرية كافة من خلال الألسن الخاصة بكل قوم من الأقوام ، وأن هذه الدراسة تشمل الأصوات اللغوية ، والتراكيب النحوية ، والدلالات والمعاني اللغوية ، وعلاقة اللغات البشرية بالعالم الفيزيائي الذي يحيط بالإنسان ؛ فإن صوغ جميع اللغات البشرية – وعلى رأسها اللغة العربية - صياغةً رياضيةً صوتيًّا ، وتركيبيًّا ، ودلاليًّا يقتضي استثمار المنطق الرياضي لبلورة نظرية دقيقة كالنظرية التوليدية التحويلية ؛ كي تفسر طبيعة تشاكل أصوات اللغة ، وأساليب تركيبها ، وتأليفها على نحو يثبت رياضيتها ، وخضوعها إلى قانون المنطق الرياضي ، ومن ثم القدرة على معالجتها في الحواسيب الإلكترونية .

    ومن باب أن اللغة قول ومقول ، لفظًا ومعنى ، كان لزامًا على تلك الدراسة أن تبحث عن مقومات نظرية القول هذه ؛ التي من شأنها تقييس المعرفة ، وخصوصياتها ؛ انطلاقًا من عملية التبادل التي تحدث بين طرفيّ التلقي بانتقال المعلومة ، أو القول بشكلٍ يسيرٍ ، وواضحٍ بينهما ، إلا إذا احتيج إلى خمسة عناصر لا سادس لها وهي : المتكلم (ناقل المعلومة وصاحبها) ، والموضوع (أو المعلومة ذاتها) والمستقبل (أو مستقَر المعلومة) ثم المكان (أو شكل المعلومة ووضعيتها) ؛ فالزمان (أو صفة المعلومة وملامحها) ، وهذه العناصر الخمسة هي التي تضمن تطور مبدأ التواصل والاتصال اللغويَّيْن .

    ومن المهم التأكيد – في هذا الباب- على أن اللغة منفصلة تمامًا عن الكلام ، وما التعابير الصوتية إلا وسيلة ، وأداة تعبير عن اللغة مثلها في ذلك مثل الكتابة ، حيث تختلف وسائل التعبير واللغة واحدة .

    وعلى اعتبار أن وجود عنصر أو غيابه من عناصر العملية التواصلية يستلزم احتمالين اثنين هما : الوجود (1) أوالغياب (0) ، فإن ذلك معناه أن لكل حرف صيغة رقمية مكونة من خمسة أرقام تنحصر بين 11111 و 00000 ، وهو عدد أركان العملية التواصلية في ذاتها ، أي أن لكل صيغة رقمية أو حرف معنى ودلالة خاصة به لا يشاركه فيه أي حرف آخر ، وهذه الدلالة ناتجة عن حالات وجود أو غياب المتكلم ، والموضوع ، والمستمع ، علاوةً على المكان والزمان ، وبتركيب الأحرف مع بعضها نحصل على معانٍ أكثر تعقيدًا تمثل المعاني التجريدية لمفردات اللغة ، وهكذا نكون قد حصلنا على نظرية قادرة على تحليل مفردات اللغة العربية وإيجاد معانيها الحقيقية ؛ لأن اللغة العربية لغة معاني ، وليست لغة مباني ؛ فجميع مفرداتها - على الأقل التي لم تتعرض للتشويه - تحمل معان محددة ، ودقيقة وليست مجرد تراكيب صوتية ، وعلى منوال العد العشري الذي اختصر نظام الحساب في عشرة أرقام (من 0 إلى 9) يسري البحث في حروف العربية التي اختزل التأليف بينها الملايين من الكلمات ....

    ولقد كان لزامًا على تشومسكى أن يجرِّبَ عددًا من الأوصاف النحوية ؛ للوصول إلى وصفٍ أمثل للقواعد النحوية ، وعلى الرغم مما قيل عن تشومسكى من خلال المقارنة بين أكثر من نظام نحوى لاختيار الأصلح منه ؛ لتحقيق مهمة معينة وهى أن كثيرًا من اللغات لا تكاد تملك نظامًا نحويًّا كاملًا أو قريبًا من الكمال فإنه قد انتهى إلى أن وضع نظام محدد ثابت للتحليل اللغوى هو هدف طموح جدًّا ، وأن أقصى ما تطمح إليه أية نظرية لغوية هو أن تقدم لنا من بين الإجراءات الكشفية أفضلها فى التحليل اللغوى .

    ويلاحظ أن تشومسكى قد أدخل إلى نظريته مفاهيم جديدة بآليَّاتٍ حديثةٍ كان لها أثرها الواضح في الدرس اللغوي ، بيد أنَّ ذلك لم يتحقق دفعة واحدة ، وإنما كان ذلك تدريجيًّا ؛ وتبعًا لردود الفعل التى يستوعبها بعد طرح أفكاره لعناصر أو عوامل غير لغوية وُجِدَ أنها مؤثرة فى العناصر اللغوية ، ويتضح ذلك من اهتمامه بالعمليات النفسية التى تفسر الاستعمال اللغوى ، والتصورات المنطقية والرياضية ، وبعض مفاهيم نظريات الاتصال والآلية ، ولا يعنى أخيرًا استخدامه لبعض المصطلحات مثل (جهاز ، وإنتاج ، ومتكلم) أنه يصف عملية الإنتاج دون عملية التلقى ، وأن القواعد النحوية التى اقترحها فى نموذجه لا تصف إلا الطريقة التي يُنْتَجُ بها الكلام ، ولا تصف الطريقة التى يُسْتَقْبَلُ بها.
    وهناك أيضًا تصوّرات فلسفية عديدة في مفاهيم تشومسكي الخاصة بالنظرية التحويلية التوليدية ، حيث انتهى الأمر إلى تشابه في إطار المقاربة بين مفهوم البنية العميقة في اللغة ، ومفهوم المناطقة للقضية المنطقية ، وصار التعامُل مع الصور الدلالية يطابق التعامل مع معادلات المناطقة ، وذلك خلافًا لتوجه تشومسكي الذي كان تعامله مع معادلات رياضية في الأساس ؛ أما النحو التوليدي والتحويلى الدلالى للنص ، فقد بُنى على أفكار تشومسكى الجوهرية ، وبخاصة بعد تطويره لتلك الأفكار ؛ بإدخال الجانب الدلالى بصورةٍ أعمق ، ومراعاة عناصر دلالية لم يَكُ لها مكان في أشكال التحليل في صورته الأوليَّة ، وعلى الرغم من الحذر الشديد الذي اتسمت به إضافات تشومسكى ذاتها ، فإن أتباعه قد توسَّعوا في طرق الوصف ، والتعليل توسعًا كبيرًا ، غير أنهم لم يخرجوا عن إطار مفهوم الجملة .

    ففي النحو التقليدى - على سبيل المثال - توصف إلى جانب الفصائل النحوية وظائف عناصر الجملة ، أى : الفاعل ، والمفعول ، والمسند (المحمول) ، وغير ذلك ؛ حيث لم تراعِ النماذج الأولى لتشومسكى تلك الوظائف ، بخلاف نظرية المعيار أي مرحلة مظاهر النظرية التركيبية Aspects Of The Theory Of Syntax 1965 م ؛ فالفاعل يشير هنا داخل النظرية إلى وظيفة نحوية في مقابل الفصيلة النحوية كمركب اسمي ؛ بمعنى أن الفاعل ، والمفعول ، وغير ذلك هي مفاهيم علائقية ؛ ولذا فهى متصلة دائماً بالجملة (1) .

    هذا وقد مكَّنتنا النظريات اللسانية الحديثة – من باب الإنصاف - من اكتشاف ، ووضع مصطلحات جديدة بدون تشويه للغة عبر استيراد الكلمات الأجنبية أو استخدام النحوت اللغوية الفاشلة ، فاللغة - وهذا مبرهن عليه رياضيًّا - هي مجموعة غير

    (1) انظر : مناهج علم اللغة من هرمان باول حتى ناعوم تشومسكى ، تأليف : د. سعيد حسن بحيرى ، طبعة مؤسسة المختار (طبعة مزيدة ومنقحة) 2004 م ، ط1، ص : 283 .
    منتهية من الصيغ أو المفردات وبالتالي نستطيع أن نوجد المفردة المناسبة لكل شيء في الكون ، والأمر بدهيّ ؛ لأن اللغة هي الوجه الآخر للإرادة الإلهية التي تسير وفقها أحداث الكون ، يقول الله تعالى في كتابه العزيز : (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ) (1) .

    ------------

    (1) الكهف ، آية : 109 .
    المبحث الأول :
    مَظَاهِرُ اسْتِغْلَالِ المَنْطِقِ الرِّيَاضِيِّ فِيْ نُمُوْذَجِ البِنَى التَّرْكِيْبِيَّة (1957 م)

    تعد مرحلة البنى التركيبية (Syntactic Structures) أولى المراحل التي مرَّت بها النظرية التوليدية في تطوراتها النظرية ، والمنهجية ، حيث تمثل الصورة الأولية المبسَّطة للنحو التوليدي ، دون إغفالنا لشرارة ميلاد هذه النظرية متمثلة في تلك الأبحاث التي قام بها تشومسكي قبيل ظهور كتابه الشهير (Syntactic Structures) "البنى التركيبية" ، أو "التراكيب النحوية" ؛ الذي طبع في دار نشر هولندية عام 1957 م ، إبَّان رفض عارم لنشره آنذاك من قِبَل دور النشر الأمريكية ؛ نظرًا لغرابة محتواه عمَّا هو سائد في منهجية علم اللغة في ذلك الوقت .

    ومما هو جديرٌ بالذكر أنَّ هذا الكتاب كان فصلًا من فصول أحد الأبحاث المطوَّلة ؛ التي كان قد قام تشومسكي بإعدادها عام 1955 م ، تحت عنوان "البنية المنطقية للنظرية اللغوية" The Logical Structure Of Linguistic Theory ، وقد رفضت دور النشر الأمريكية نشره ؛ نظرًا لطوله المفرط - على حد زعمهم - ، علاوةً على عدم اشتماله على قضايا لغوية تهم المختصين بدراسة اللغة آنذاك ، ثم نُشِرَ في نيويورك ، ولندن بعد مرور عشرين عامًا على إعداده إيَّاه (1) ، حيث كان تشومسكي قد تقدَّم بكتابه "البنى التركيبية" إلى جامعة بنسلفانيا ، ومُنِحَ عليه درجة الدكتوراه (2) .

    ___________________________________________________
    (1) الألسنية التوليدية والتحويلية وقواعد اللغة العربية " النظرية الألسنية" ، المؤسسة الجامعية للدراسات ، والنشر ، والتوزيع – ط2 ، بيروت – لبنان ، 1409 هـ - 1986 م ، ص : 11 .
    (2) مقدمة ترجمة كتاب : "آفاق جديدة في دراسة اللغة والذهن" لتشومسكي – ترجمة : حمزه بن قبلان المزيني – القاهرة ، المجلس الأعلى للثقافة – 2005 م ، ص : 13 .
    وقد كان كتاب "البنى التركيبية" هو همزة الوصل الأولى بين تشومسكي ، وقارئيه ؛ حيث استطاع القرَّاء من خلاله التعرف على بعض ملامح ، وأبعاد نظريته اللغوية الوليدة .



    غلاف كتاب "البنى التركيبية" لنعوم تشومسكي
    المصدر : http://measuredcoffeespoons.blogspot...omsky-bio.html
    وكانت من أهم القضايا (1) التي اضطلع بتناولها كتاب تشومسكي "البنى التركيبية" ما يلي :-
    1 – الدعوة إلى تغيير الأسس الفلسفية القائم عليها البحث اللغوي آنذاك ، فقد دعا تشومسكي إلى تحوُّل النظر إلى اللغة كظاهرةٍ سلوكيَّةٍ – ليس فيها إلا ما نجده في ظاهر الكلام ، وألَّا يجري تعلُّمها مثلها مثل أيِّ سلوكٍ آخر ، وأنَّ الإنسان لا يولد صفحة بيضاء – إلى النظر إليها بوصفها نظام معرفي عقلي ، لا يكفي لمعرفته وصف ما يظهر منه ، بل يتعدَّى ذلك إلى تفسير طبيعة اكتسابه ، واستخدامه ضمن ما تفرضه حدود العقل البشري عليه ، وعلى غيره من النظم المعرفيَّة أولا ، وضمن الصفات الخاصة بهذا النظام تحديدًا ، وأنَّ الإنسان لا يولد صفحةً بيضاء – بالنسبة للغة على الأقل – بل يولد ولديه استعداد فطري موروث لاكتساب لغة بشريَّة ، وبهذه الدعوة يكون تشومسكي هو أول من نادى بتخطي النظرية الوصفية البنيوية ؛ التي كانت سائدة آنذاك على نحوٍ لم يكن مألوفًا ، أو حتى متوقَّعًا في ذلك الوقت .

    2 – حدد تشومسكي في هذا الكتاب هدف النظرية اللغوية القادرة على التحليل ، والتفسير الصحيحَيْن بقدرتها على تحليل مقدرة المتكلم ، أو كفايته اللغوية Competence على إنتاج الجمل التي لم يسمعها من قبل ، وتفهُّم إيَّاها ؛ ومن ثَمَّ يتركَّز عمل اللغوي على صوغ القواع القادرة على إنتاج اللغة مادة البحث .

    (1) انظر : "التطورات النظرية والمنهجية للنظرية التوليدية في نصف قرن" ، د/ حمدان رضوان أبو عاصي ، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والإنسانية ، رمضان 1428 هـ - أكتوبر 2007 م ، المجلد الرابع – العدد الثالث ، ص : 128 – 129 .
    - ينظر ذلك أيضًا في : "مقدمة في نظرية القواعد التوليدية" – د/ مرتضى جواد باقر ، دار الشروق للنشر والتوزيع – الأردن – 2002 م ، ص : 9 – 10 ، و "الألسنية التوليدية والتحويلية وقواعد اللغة العربية (النظرية الألسنية)" ، د/ ميشال زكريا ، ص : 12 ، و "المعرفة اللغوية : طبيعتها ، وأصولها ، واستخدامها" ، نعوم تشومسكي – ترجمة ، وتطبيق ، وتقديم : د/ محمد فتيح – دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1415 هـ - 1993 م ، ص : 217 .
    وانظر أيضًا :
    - Chomsky Noam , Syntactic Structures, ( Paris , The Hague 1976) , 12 th Printing , p.p : 13 – 16.
    3 – أشار تشومسكي في هذا الكتاب إشارةً عابرةً إلى ما أسماه بـ "القواعد الكلية Universal Grammar" ؛ وقد عرَّفها بأنَّها : "قواعد قائمة على عدد قليل نسبيًّا من المبادئ العامة يكفي لتحصيل نتائج أنظمة القواعد المعقدة ، والمسهبة الخاصة بكل لغةٍ على حده".

    4 – كان جُلَّ تركيز تشومسكي في هذه المرحلة منصبًّا على علم التركيب (Syntax) ، وقد دعا في هذا الكتاب إلى استقلاليَّة المستوى التركيبي عن المستويات الأخرى كالمستويَيْن الصوتي والصرفي من جهة ، ونظيرهما الدلالي من جهةٍ أخرى.

    5 – يعرض تشومسكي – من خلال رفضه لمنهج المدرسة الوصفية البنيوية في تحليل المعطيات اللغوية وتفسيرها – ثلاث طرق للتحليل اللغوي ثم يفاضل بينها ؛ ليصل في نهاية الأمر إلى أنسب الطرق ، وهي الطريقة الأخيرة (طريقة النحو التحويلي) ، وهذه الطرق الثلاث هي :

    1 – طريقة القواعد النحوية المحدودة Finite State Grammar .
    2 – طريقة قواعد تركيب أركان الجملة Phrase Structure Grammar.
    3 – طريقة النحو التحويلي Transformational Grammar .

    - أنماط التحليل اللغوي في هذه المرحلة :-

    تتسم أنماط التحليل للجملة اللغوية في هذه المرحلة بالأوليَّة ، والبساطة ، وبأنَّها أنسب للغة الإنجليزيَّة منها إلى العربيَّة ، وقد اقتصر تشومسكي في عمله في هذه المرحلة على الدقَّة الصوغيَّة للقوانين ، وعلى الخواص الرياضيَّة لتلك الصياغة ، وهذا ما فعله في المفاضلة بين الصياغات القواعديَّة الثلاث السالف ذكرها ، ليهتدي في نهاية المطاف إلى أنَّ النحو التحويلي هو الطريق الأمثل نحو وصفٍ ناجحٍ لنظام القواعد اللغوية ؛ ومن ثَمَّ نراه يفترض وجود مستويَيْن للبنى التركيبيَّة ؛ عميق ، وسطحيّ ، لتربط بينهما علاقة تحويليَّة تعمل على تغيير جانب أو أكثر من البنية التركيبية العميقة ؛ لتصل بها إلى البنية السطحية التي تظهر في الجملة (1) ، وهذا ما يوضحه الشكل الآتي :-


    المصدر : http://www.ta5atub.com
    شكل (1 - 3)

    وقد اختلف مفهوم كلمة "قواعد" Grammar في المدرسة التوليديَّة عنه في المدرسة الوصفية البنيوية ، مع العلم بأنَّ كلا المفهومين قد خالف مفهوم القواعد في الدراسات
    ___________________________________________________
    (1) انظر : مقدمة في نظرية القواعد التوليدية ، مرتضى جواد الباقر ، ص : 57 .
    اللغوية القديمة ؛ ففي الدراسات النحويَّة القديمة كانت كلمة "قواعد" تعني : القوانين التي تُشرِّع الاستعمال اللغويّ ، وتحافظ على سلامته وفق مقاييس معياريَّة ثابتة ، أمَّا في المدرسة الوصفيَّة البنيويَّة فهي تعني : وصف اللغة وصفًا موضوعيًّا في ذاتها ؛ ومن أجل ذاتها ، ولم تعد تعني القوانين التي يجب اتِّباعها في التعبير ، والكتابة حسب الأصول المعياريَّة التي يجب مراعاتها ، بل اتخذت معنى دراسة اللغة دراسة علمية موضوعية (1) .

    أما في النحو التحويلي فقد أصبحت كلمة "قواعد" Grammar نظامًا من القوانين يتعهد وصف تركيب جمل لغةٍ ما بطريقةٍ غاية في الوضوح (2) ، أو بمعنى آخر هي نظام من القوانين القادرة على توليد جمل اللغة ، أو تعدادها ، علاوةً على قدرتها على وصف تركيب الجمل وصفًا دقيقًا يسمح فقط بظهور الجمل الصحيحة نحويًّا Grammatical ، ويمنع ظهور الجمل غير الصحيحة نحويًّا Ungrammatical.

    ومن الجدير بالذكر أن تشومسكي قد اكتفى في هذه المرحلة بمكوِّن واحد فحسب ، وهو المكوِّن التركيبيّ Syntactic Component ؛ نظرًا لكونه المكوِّن المسئول عن توليد البنى العميقة ، وتحويلها إلى بنى سطحية منطوقة ، ويتألَّف هذا المكوِّن - بحسب تشومسكي في هذه المرحلة - من مكوِّنَيْن هما : المكوِّن الأساس Base Component ، والمكوِّن التحويليّ ، وسوف نتناول بإيجازٍ غير مُخِلٍّ ماهية كلٍّ من المكوِّن الأساس ، والمكون التحويليّ ودورهما في هذه المرحلة :-



    (1) الألسنيَّة التوليدية والتحويليَّة وقواعد اللغة العربية (الجملة البسيطة" ، د/ ميشال زكريا - المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع - بيروت - لبنان ، 1403 هـ - 1983 م ، هامش رقم 1 ، ص : 7 .
    (2) قواعد تحويلية للغة العربية ، محمد علي الخولي ، دار المريخ - الرياض ، 1981 م ، ص : 23 .
    أولًا : المكوِّن الأساس :
    ويشتمل المكوِّن الأساس في هذه المرحلة على مجموعة قواعد بناء ، أو تكوين واحدة فحسب ، وقد أسماها تشومسكي "قواعد التركيب" Structure Rules ، ثم أضاف إلى هذا المكوِّن في المرحلة الثانية من مراحل نظريته نوعًا آخر من القواعد أسماه المعجم Lexicon .

    كما تتألف قواعد التركيب من مجموعة من القوانين Rules مهمتها تكوين المعلومات اللازمة لتوليد الجمل الصحيحة ، والمحتملة الصوغ في اللغة ، وتتخذ هذه القوانين شكل قاعدة إعادة الكتابة ؛ وهذه القوانين كما عرضها تشومسكي في كتابه : Syntactic Structures (1) نراها في الرسم التالي:-


    المصدر : https://files.ifi.uzh.ch/cl/volk/Syn...l/Chomsky.html
    شكل (2 - 3)

    Chomsky Noam , Syntactic Structures, p.p : 111 - 112. (1)
    ومن خلال الرسم السابق ومن خلال ترجمتي لمقال بقسم اللغويات Linguistics بالموسوعة البريطانيَّة Encyclopedia Britannica بعنوان Chomsky's grammar (1) يتضِّح لنا أنَّه يمكن لنا أن نُفسِّرَ السهم الموجود - بوصفه مصطلحًا فنيًّا - في هذه القواعد على أنَّه أحد تعليمات إعادة الكتابة Rewriting ، لأيٍّ من الرموز التي يمكن أن تظهر على يسار السهم ، وتمثيلها برمز أو بسلسلة من الرموز التي تظهر على يمين السهم ؛ فالقاعدة الثانية - على سبيل المثال - تعيد كتابة الرمز VP (المركب الاسمي Verb Phrase) بوصفه سلسلةً من الرموز (Verb + NP) أي (فعل + مركب اسمي) ؛ وبالتالي فإنَّه يحدِّد البنية المكافئة لـ VP (المركب الفعلي) ؛ والذي يبدو أكثر وضوحًا من خلال الرسم الشجري الآتي :


    المصدر : https://files.ifi.uzh.ch/cl/volk/Syn...l/Chomsky.html
    شكل (3 - 3)

    (1) Copyright (c) 1995, Encyclopedia Britannica, Inc. All Rights Reserved
    وهذا نموذج آخر لقواعد تركيب أركان الجملة تطبيقًا على المثال الإنجليزي الذي كان قد ذكره تشومسكي في كتابه : التراكيب النحوية وهو :

    (The man hit the ball)


    المصدر : https://files.ifi.uzh.ch/cl/volk/Syn...l/Chomsky.html
    شكل (4 - 3)
    وقد قام التحليل في هذا النموذج على فكرة تحليل الجملة الى عناصرها الأساسيَّة أي المكوِّنات المباشرة بواسطة مخطط الخانات ؛ وهي قائمة على رسم خانات نضع فيها كل عنصر في خانته الخاصة به ، ولنأخذ الجملة الآتية - على سبيل المثال - (فتح الرجل الباب المغلق) .

    فتح ال رجل أل باب أل مغلق
    فعل تعريف اسم تعريف اسم تعريف نعت
    فعل ركن اسمي تعريف اسم تعريف نعت
    فعل ركن اسمي ركن اسمي تعريف نعت
    فعل ركن اسمي ركن اسمي ركن اسمي
    ركن فعلي ركن اسمي
    الجملــة

    جدول (1 - 3)

    لكن (تشومسكي) عَدَل عن هذه الطريقة الى طريقة المشجر ؛ لأنَّها كانت في نظره الفُضلى في توضيح العلاقات بين العناصر الأساسية المحلَّلة ، مع الإفادة من مناهج المنطق والرياضيات .

    والطريقة التي وضعها تشومسكي مبنية على إعادة الرموز المأخوذة من النحو الكلاسيكي (جملة ، وفعل ، واسم ، وحرف ، ونعت ، وتعريف ، واسم …إلخ) حيث تتم إعادة كتابة التركيب وفقًا للرموز الموضوعة له ، وتسمى قواعد إعادة الكتابة .

    ففي المثال السابق - على سبيل المثال - نجده يتكون من :-
    S ------------- NP + Vp (جملة)
    Np ------------ T + NP (عبارة إسمية)
    VP------------ V + VP (عبارة فعلية)
    V ------------ (hit-took) (فعل)
    N ---------- (man-ball) (إسم)
    T--------- (a- the - ….) (أداة) (1)
    جدول (2 - 3)
    ويقابل هذا التقسيم في اللغة العربية حيث تمر هذه الرموز على قواعد إعادة الكتابة كما يلي :-
    - S ------ NP + vp 1- الجملة ـ عبارة اسمية + عبارة فعلية
    - T + N + VP 2- أداة + اسم + عبارة فعلية
    - The + N + V + NP 3- ال + اسم + فعل + عبارة اسمية
    - The + Man + V+ NP 4- ال + رجل + فعل + عبارة اسمية
    -The + Man + Hit + NP 5- أل + رجل + ضرب + عبارة اسمية
    - The + Man+ Hit+ T+ N 6- ال + رجل + ضرب + اداة + اسم
    - The + man + Hit + The + N 7- ال + رجل + ضرب + ال + اسم
    - The + man + Hit + The + Ball 8- أل + رجل + ضرب + ال + كرة
    جدول (3 - 3)

    (1) انظر : - البنى النحوية ، لتشومسكي ، ترجمة : يوئيل يوسف عزيز ، مراجعة : مجيد الماشطة ، دار الشؤون الثقافية ، بغداد – العراق ، ط1 ، 1987 م ، ص : 37 - 40 ، والنحو العربي والدرس الحديث (بحث في المنهج) ، عبده الراجحي - بيروت ، لبنان - دار النهضة العربية ، 1406 هـ - 1986 م ، ص : 134 - 135 .
    وهذا هو الرسم الشجريّ لقواعد تركيب أركان الجملة مُطَبَّقةً على نفس الجملة السابقة :-


    المصدر : https://files.ifi.uzh.ch/cl/volk/Syn...l/Chomsky.html
    شكل (5 - 3)
    ومن خلال المشجَّر نستنتج أنَّ العنصر (the man) مبتدأ و (hit the ball) خبر له ، وأن (the ball) هو مفعول به للفعل (Hit) (1) "إلا أنَّ هذه المعلومات – لاسيما الفرق بين الفاعل والمفعول به – يمكن أن تحدد كما يقول (تشومسكي) في البنى النحوية ، وعناصر نظرية النحو Aspects Of The Theory Of Syntax من خلال المواقع التي تحتلها من الشجرة نفسها ، فالمسند إليه – أي المبتدأ أو الفاعل المنطقي – هو التركيب الذي يخضع مباشرةً Immediately Dominated لعنصر الجملة (ج) ، أما المفعول به فهو التركيب الاسمي (تر / اس) ؛ الذي يخضع مباشرة للتركيب الفعليّ (تر / فع) وليس للجملة (ج) " (2) .

    - ونحللها بالعربية كما يأتي :-

    1 - الجملة ← عبارة اسمية + عبارة فعلية .
    2 - العبارة الأسمية ← أداة + اسم .
    3 - العبارة الفعلية ← فعل + عبارة اسمية .
    4 - فعل ← ضرب ، أكل ، أخذ .... الخ .
    5 - اسم ← رجل ، كرة ، ولد .... الخ .
    6 - أداة ← أل .

    (1) انظر : المنهج التوليدي و التحويلي (دراسة وصفية تاريخية : منحنى تطبيقي في تركيب الجملة في السبع الطوال الجاهليات) ، رفعت كاظم السوداني ، رسالة دكتوراه ، كلية الآداب – جامعة بغداد ، 2000 م ، ص : 111 .
    (2) تشومسكي ، جون ليونز ، ص : 50-51 .
    - ثم نطبق هذه الرموز على قواعد إعادة الكتابة :

    1 - الجملة ← عبارة اسمية + عبارة فعلية .
    2 - أداة + اسم + عبارة اسمية .
    3 - أل + رجل + فعل + عبارة اسمية .
    4 - أل + رجل + ضرب + عبارة اسمية .
    5 - أل + رجل + ضرب + أداة + اسم .
    6 - أل + رجل + ضرب + أل + اسم .
    7 - أل + رجل + ضرب + أل + كرة .



    وهذا هو الرسم الشجريّ لمكوِّنات هذه الجملة باللغة العربية :-






    شكل (6 - 3)

    ولكن تشومسكي قد رأى أنَّ هذا النموذج - قواعد تركيب أركان الجملة - يتَّسم بالضعف ؛ نظرًا لكونه لا يستطيع أن يبيِّن القواعد التي يحدث فيها حذف بعض العناصر ، أو تبديل مواقعها فيما بينها ، كما يتعذر عليه تحليل العلاقات القائمة بين الجمل المختلفة ؛ لذا فقد توصل تشومسكي إلى طريقةٍ جديدةٍ أخرى (1) ، ونموذج

    (1) الألسنية ( علم اللغة الحديث ) المبادئ والأعلام – ص : 96 .
    جديد آخر قد تمثَّل في نموذج النحو التحويلي Transformational Grammar.

    ولمزيدٍ من التوضيح ؛ فقد آثرتُ الإتيان بالرسم الشجري لقواعد تركيب أركان الجملة PS Rules ، ولكن بتطبيق إحدى القواعد التحويلية وهي (البناء للمجهول) ؛ وهي قاعدة اختيارية ضمن المشتقات التركيبية التي ترادف معنى الجملة النواة السابقة من حيث المعنى ، والتي تظهر كإحدى البنى السطحية المُعبَّر عنها في التحويلات الاختياريَّة .

    المصدر : https://files.ifi.uzh.ch/cl/volk/Syn...l/Chomsky.html
    شكل (7 - 3)
    ثانيًا : المكوِّن التحويليّ :
    المكوِّن التحويلي (1) Transformational Component ؛ هو القسم الثاني من المكوِّن التركيبيّ ، ويحتوي على مجموعةٍ من القوانين؛ وتُسمَّى بـ "القوانين التحويليَّة Transformational Rules ، أو القوانين التكميليَّة Supplementary Rules ؛ وهي قوانين يبدِّل كلٌّ منها مؤشِّر الجملة بمؤشِّر آخر ، بالإضافة إلى كونها قوانين تدرس العلاقات القائمة بين الجمل .

    ومن أهم مهام هذه القوانين تحويل التركيب العميق الباطنيّ المجرَّد الذي يحتوي على معنى الجملة إلى التركيب السطحيِّ الظاهريّ المحسوس ؛ الذي يجسد مبنى الجملة ، وشكلها النهائيّ ، حيث تنقسم هذه القوانين إلى : قوانين إجباريَّة Obligatory Rules ، وقوانين إختياريَّة Optional Rules ، كما تنقسم إلى دوريَّة ، وأخرى غير دوريَّة ، وإلى قوانين مفردة ، وأخرى مزدوجة .

    ومن القوانين ، والقواعد التحويلية في هذه المرحلة : قواعد الحذف Deletion ، وقواعد التعويض (الإحلال) Replacement ، وقواعد التوسُّع Expansion ، وقواعد الاختصار (التقليص) Reduction ، وقواعد الزيادة Addition ، وقواعد إعادة الترتيب (التباديل) Permutation ؛ الذي يعد أبرز مظاهر التحويل، وهو في بنيته السطحية المنتجة (بفتح التاء) مجال اهتمام هذه الدراسة . فمثلا المعنى أو الجملة الأساس الوارد في البنية الوصفية (structural description) للجملة التالية :


    (1) يُنْظَر في ذلك : الألسنيَّة التوليدية والتحويليَّة وقواعد اللغة العربية "النظرية الألسنيَّة" ، ص : 152 ،16 ، و"قواعد تحويلية للغة العربية" - محمد علي الخولي ، ص : 38 ، وينظر أيضًا : "فقه اللغة وعلم اللغة (نصوص ودراسات)" - محمد سليمان ياقوت ، دار المعرفة الجامعية ، الإسكندرية ، 1994 م ، ص : 219 ، والنحو العربي والدرس الحديث (بحث في المنهج) ، ص : 141 - 142 .
    يلعب محمد مع خالد الكرة في الحديقة
    أ
    ب
    ج
    د

    جدول (4 - 3)
    يمكن أن يـؤدَّى - قياسا على ما جاء في الفصحى - من خلال عمليات تحويلية تتمثل في النهاية في بنى سطحية متعــدّدة ، فماذا إذا اتَّبعنا - على سبيل المثال – نظرية التباديل Theory of permutations في الرياضيَّات ، مضافًا إليها نظرية الاحتمالات probability theory ، وباعتبار الجملة النواة السابقة هي فضاء العينة الذي يحمل احتمالات ما بين الصادقة منها ، أو غير الصادقة ، أي أنَّها تحمل جملًا قابلةً للوصف بالمقبوليَّة ، وصحة القواعدية ، وأخرى دون ذلك ، وبفرض وجود ترتيب رمزي أبجدي بين عناصر الجملة السابقة ، فإننا وفقًا لكلِّ ما سبق نكون أمام سؤالٍ هامٍّ ألا وهو : كم عدد الجمل المختلفة التي يمكننا تكوينها من عناصرهذه الجملة النواة ؟ ، وباستخدام نظرية التباديل التي تنصُّ على أنَّه : "إذا أمكن إجراء عملية بطرق عددها (م) ، وكان لدينا في نفس الوقت عملية أخرى يمكن إجراؤها بطرقٍ عددها (ن) ؛ فإنَّ عدد الطرق التي يمكن بها إجراء العمليتين معًا يساوي (م × ن) ، ليتم تناوب تصدُّر كل عنصر من العناصر (أ ، ب ، ج ، د) للجملة في ستة احتمالات لكلٍّ منها ، ليكون مجموع الاحتمالات الناتجة عن هذه الطريقة 24 احتمالًا لـ 24 جملةً مختلفةً ؛ حيث :
    (4ل4) = 4 × 3 × 2 × 1 = (24) ، وهذا ما يوضِّحه الرسم الآتي :-




    شكل (8 - 3)

    ليكون ترتيب الجمل كما يلي في كلِّ جملةٍ يتصدَّرها أيٌّ من العناصر الأربعة (أ ، ب ، ج ، د) المكوِّنة للجملة النواة كما يلي :-

    أ ب جـ د






    شكل (9 - 3)

    - فيكون احتمال تصدر ( أ ) للجملة :

    (أ ب جـ د) يلعب محمد مع خالد الكرة في الحديقة
    (أ ب د جـ) يلعب محمد مع خالد في الحديقة الكرة
    (أ جـ ب د) يلعب محمد الكرة مع خالد في الحديقة
    (أ جـ د ب) يلعب محمد الكرة في الحديقة مع خالد
    (أ د ب جـ) يلعب محمد في الحديقة مع خالد الكرة
    (أ د جـ ب) يلعب محمد في الحديقة مع خالد الكرة
    - احتمال تصدر ( ب ) للجملة :

    (ب أ جـ د) مع خالد يلعب محمد الكرة في الحديقة
    (ب أ د جـ) مع خالد يلعب محمد في الحديقة الكرة
    (ب جـ أ د) مع خالد الكرة يلعب محمد في الحديقة
    (ب جـ د أ) مع خالد الكرة في الحديقة يلعب محمد
    (ب د أ جـ) مع خالد في الحديقة يلعب محمد الكرة
    (ب د جـ أ) مع خالد في الحديقة الكرة يلعب محمد

    - احتمال تصدر (جـ) للجملة :

    (جـ أ ب د) الكرة يلعب محمد مع خالد في الحديقة
    (جـ أ د ب) الكرة يلعب محمد في الحديقة مع خالد
    (جـ ب أ د) الكرة مع خالد يلعب محمد في الحديقة
    (جـ ب د أ) الكرة مع خالد في الحديقة يلعب محمد
    (جـ د أ ب) الكرة في الحديقة يلعب محمد مع خالد
    (جـ د ب أ) الكرة في الحديقة مع خالد يلعب محمد

    - احتمال تصدر ( د ) للجملة :

    (د أ ب جـ) في الحديقة يلعب محمد مع خالد الكرة
    (د أ جـ ب) في الحديقة يلعب محمد الكرة مع خالد
    (د ب أ جـ) في الحديقة مع خالد يلعب محمد الكرة
    (د ب جـ أ) في الحديقة مع خالد الكرة يلعب محمد
    (د جـ أ ب) في الحديقة الكرة يلعب محمد مع خالد
    (د جـ ب أ) في الحديقة الكرة مع خالد يلعب محمد
    وبغض النظر عن أنَّ لـلـّـغـة قــوّة دلاليّـة في ذاتـها ، أو أن الدلالات التي تتضمنها اللغة عبارة عن مفاهيـم ، ومحسوسات موجودة في العالم الخارجي ، ودور اللغة في الربط بينها ، - كما هو رأي دي سوسّـير Saussure - ؛ فإن إيصال المعاني المختزنة في ذهن المتكلم يظل دائمًا هو الهدف المُراد من الاستعمال اللغوي Linguistic Use .

    وكي يتحقق انتقال الأفكار ، والمعاني الذهنية بصورةٍ واضحةٍ بين عقلين أو أكثر ، فلابدَّ أن يكون هناك نظام لترتيب عناصر الجمل (Patterns of Word - Order) ؛ إذ بدون هذا النسق التنظيمي قد تتداخل المعاني خاصة في الأنظمة اللغوية المبنيـّـة ؛ فبينما تحمل علامات الإعراب في الأنظمة اللغوية المعربة أبعادًا دلاليـّة ضمنيّة في معاني الجمل ، فإن تخلَّى النظام اللغوي عن اللواحق الإعرابية سيخفي معها الدلالات التي تحملها ، فلا يدري السامع هل هذا العنصر من التركيب هو الفاعل أم من وقع عليه الفعل .

    وقد أشار ابن خلدون إلى فقدان علامات الإعراب لدى العرب في أزمان متقدمة ، فيقول في الفصل السابع والأربعين : "إن لغة العرب لهذا العهد ... على سنن اللسان المضري , ولم يُفقد منها إلا دلالة الحركات على تعيين الفاعل من المفعول؛ فاعتاضوا منها بالتقديم والتأخير وبقرائن تدل على خصوصيات المقاصد" (1) .

    فعندما تـُـفْـقَـد العلامات الإعرابية من أي نظام لغوي ، فإن المؤشرَ الأساسيَّ

    (1) المقدمة ، ابن خلدون ، تحقيق أحمد الزعبي ، دار الأرقم ، بيروت ، (د . ت) ، ص : 633 .
    - وانظر : نظم البنى السطحية للغة العربية في وسط الجزيرة العربية ، د. خالد بن عبد العزيز الدامغ - جامعة الرياض ، السعودية ، مجلة حوليَّات التراث ، العدد التاسع ، على الرابط التالي :
    http://annales.univ-mosta.dz/index.php/archive/206.html
    للعلاقات النحوية بين عناصر الجمل سينتقل بالدرجة الأولى إلى الطريقة التي تنظم بها تلك العناصر ؛ لذا فموقع أي مفردة في التركيب ، أو ما يسميه بعض اللغويين "الرُّتبة" ، سيكون المرتكز في تحديد علاقتها بالسياق من حيث حمل موقعها في التركيب للمعاني التي كانت تؤديها اللواحق الإعرابية على آخرها ؛ فالموقع سيضفي على الكلمة دلالة وظيفية أخرى غير المعنى المعجمي الذي تحمله في ذاتها ؛ وهذه الدلالة الأخرى المضفاة على الكلمة أو المفردة (Morpheme) من الأهمية بحيث لو تغيرت الكلمة عن موقعها الذي يحدده لها النظام ، فربما تقلب المعنى المراد (فالموقع الجديد قد يضفي على المفردة وظيفة مختلفة) ؛ فتغيير مفردة عن موقعها الذي تحدده وظيفتها الأصلية في الرسالة الذهنية قد يؤدي إلى تغيّر في المعنى بين العقلين ، أو قد يقود إلى عدم فهم الرسالة ككل ، ويحدث الوضع الأخير عندما يؤدي التغيير إلى تشكيل نمط جديد لا يستقيم ونظام اللغة ؛ وهو النمط الذي يرى تشومسكي Chomsky ، وتابعو مدرسته اللغوية أنه خارج السلاسل التي يمكن تشكيلها من معجم اللغة بحسب النُّـظـُـم المسموح بها .

    فالعقل الإنساني هو المسيطر على النظم المعقدة لترتيب عناصر الجملة من خلال جانب فطري (Innate Part) في المخ ؛ وربما أن هذا ما قصده بعض اللغويين العرب من أن اللغة توقيفية ، ويعمل هذا الجانب الفطري منذ الصغر بالتعرف على النظام اللغوي من المدخلات اللغوية فيساعد الطفل خلال وقت قصير على توليد الجمل وتركيبها بعدد لا محدود مضبوطة بقوانين اللغة المحيطة ، ولا يقتصر عمل هذا الجانب الفطري على اللغة الأم فحسب ، بل هو فاعل أيضًا في اكتساب لغة ثانية بالنسبة للصغار يُطلق على هذا الجانب الفطري "أداة اكتساب اللغة" (Linguistic Acquisition Device, LAD) ؛ وهي التسمية اللغوية لاتجاه النحو العالمي (Universal Grammar) ، وهو المذهب الذي صار له صدى واسع بين علماء اللغة منذ تقـدّم رائده تشومسكي في عام 1957 م بتفسير منطقي لآلـّية إنتاج اللغة الأم .

    ولم تقتصر أفكار هذه المدرسة اللغوية على إضافة فهمٍ جديدٍ لاكتساب اللغة الأم ، بل تأثَّرت بها أيضًا أُطُر تعلم اللغة الثانية ؛ فاكتساب اللغة في هذه المدرسة اللغوية ليس كما يعتقد السلوكيون بأنه يتم بالتخزين والمحاكاة في ذهن يولد كصفحة بيضاء ، حيث يسمع الطفل أصواتًا ، وكلماتٍ فيقلدها ؛ فترتبط هذه الرموز اللغوية بمعان في ذهنه (دالٍ ومدلول) ، ثم يكتسب قدرة على تركيبها في جمل .

    ولابد لي من الإشارة هنا إلى أن تأثير السياق على ترتيب أركان الجملة - هو في واقعه - أداء لغوي خارج الشعور (Meta - cognitive) ؛ بحيث لا يمكن ملاحظة كيف يتم بشكلٍ مباشر؟! ، وقد حاولت النظرية التحويلية التوليدية إرجاعه إلى قضية المعنى الواحد والتراكيب المختلفة ، فمثلا إذا قال أحدهم عبارةً مثل : "العقاب يشمل الجميع" يمكن تحليلها وفق هذه النظرية على أن المفردات أو ما يسمى المورفيمات تتحد لتكون قوالب ، مثل "الـ" التعريف مع "العقاب" ؛ لتكون مركبًا اسميًّا (NP , Noun Phrase) ، ويتحد الجزء الآخر من الجملة "يشمل الجميع" ؛ لتكون مركّبًا فعليًّا (Verb Phrase , VP) ، لتتحد بعدها الأجزاء الرئيسة للجملة لتكوِّن ضمائم (Phrase Structure , PS) ، ووفقًا لهذه النظرية ، سواءً تقَّدم أيُّ عنصرٍ من عناصر الجملة أو تأخَّر ؛ فإن ارتباط هذه الوحدات يظل بالمعنى البؤرة ، أو المعنى الأصلي في البناء العميق للجملة النواة ؛ فهي جملة تحويلية مُنتَجة من جملة أساسية (وهي: يشمل العقاب الجميع) تترابط في المثال التالي وفق هذه النظرية كما يلي :

    ------

    وقد أشار سيبويه في باب الاشتغال إلى تحويل أركان الجملة (التقديم والتأخير) ، بما يتضمن أنَّك إنْ قدمت المفعول ، وأخَّرت الفاعل ، جرى اللفظ كما جرى في الأول ، وذلك قولك : ضرب زيدًا عبدُ الله ؛ لأنك إنما أردت به مؤخرًا ما أردت به مقدّمًا ، ولم تُرِد أن تشغل الفعل بأول منه ، وإن كان ، إنما يقدمون الذي بيانه أهم لهم ؛ فجملة "العقاب يشمل الجميع" ، جملة توليدية يمكن أن تتحول قياسًا على ما جاء في الفصحى إلى الجملة : "الجميع يشمل العقاب" ، أو إلى "يشمل العقاب الجميع" ، أو إلى "يشمل الجميع العقاب" ، لكنها لا تتحول إلى "الجميع العقاب يشمل" أو إلى "العقاب الجميع يشمل" ، حتى مع وجود الحركات الدالة على العلاقات بين عناصر الجملة بعضها البعض؛ لأن الترتيب (فاعل - مفعول - فعل) (S - O - V) ، أو الترتيب (مفعول - فاعل - فعل) O - S - V)) لم يرد في العربية الفصحى .

    وقد تميَّزت هذه المرحلة بوصفها المقاربة الأوليَّة التي بُنِيَت عليها أسس التطوُّرات في المقاربات النظريَّة ، والمنهجيَّة للمراحل التطوُّريَّة التالية لها ؛ حيث يمكننا إيجاز أهم خصائص هذه المرحلة ، وملامح التطوُّر فيها في النقاط التالية (1) :-

    1 - أنَّها حوَّلت اهتمام الدرس اللغوي من وصف مظاهر السلوك اللغوي للمتحدِّثين ، وتحليله إلى وصف نظام المعرفة العقليّ الذي يكمن وراء هذا السلوك ، وبذلك تكون هذه المرحلة بمثابة نقلة مفهوميَّة أساسيَّة أسهمت في تطوُّر الأسس النظريَّة ، والمنهجيَّة لعلم اللغة الحديث ؛ وذلك من خلال رفضها لمعظم المبادئ ، والأسس التي نادت بها المدرسة الوصفيَّة البُنيويَّة رفضًا نابعًا من منطلقات فلسفيَّة، ومعرفيَّة لغويَّة مع عرضها لبدائل من المبادئ ، والأسس النظريَّة ، والمنهجيَّة للتحليل الأكثر توفيقًا (2) .

    (1) انظر : الألسنيَّة التوليدية والتحويليَّة وقواعد اللغة العربية "النظرية الألسنيَّة" ، ص : 93 - 95، ونظرية تشومسكي اللغوية ، ص : 221 - 222 ، و مقدمة في نظرية القواعد التوليدية ، ص : 10 - 11 ، جيفري سامبسون - المدارس اللغوية ، ترجمة : أحمد نعيم الكراعين ، ص : 138 .
    (2) لمزيد من التفاصيل حول المآخذ التي أخذتها المدرسة التوليدية التحويلية على منهج المدرسة الوصفية البنيوية يُنْظَر :

    - Chomsky Noam, Current Issues In Linguistics (The Hague - Paris : Mouton , 1975) , 6 th Printing, P : 4 - 7.
    - المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث العلمي ، د/ رمضان عبد التواب – ط3 - 1997 م - القاهرة ، ص : 187 - 188 .
    - التفكير اللغوي بين القديم والجديد ، د/ كمال بشر ، د . ت - مكتبة الشباب - القاهرة ، ص : 41 ، 126 .
    - الألسنية التوليدية والتحويلية وقواعد اللغة العربية (النظرية الألسنية) ، ميشال زكريا - ص : 15 .
    - النحو العربي والدرس الحديث (بحث في المنهج) ، ص : 111 - 113 .
    2 - أنَّها بذرت كثيرًا من الأفكار الأوليَّة التي تحوَّلت في المراحل التالية إلى أسس ومبادئ هامَّة لمقاربات نظريَّة ، ومنهجيَّة متطوِّرة ؛ ومن هذه الأفكار ، والمبادئ : النحو الكلي ، وقضية الاكتساب اللغويّ الفطريّ ، والمعرفة اللغوية ، ودور الحدس والتخمين في الوصف والتحليل ، وشموليَّة عناصر التحليل اللغويّ .

    3 - ظهرت في هذه المرحلة ملامح رفض تشومسكي لاستقلاليَّة الدرس اللغوي ، ودعوته إلى إقحام عددٍ من العلوم في دراسة اللغة ، ومن أهمَّها - بالطبع - الفلسفة ، والرياضيَّات .

    4 - كان لانتهاج تشومسكي - في هذه المرحلة - منهج البحث عن الخصائص المنطقيَّة ، والعقليَّة في دراسة اللغة (وما يتصل بذلك من دراسات معقَّدة تتصل بدراسة العمليَّات النفسيَّة الآليَّة التي تتخفَّى وراء الأداء اللغويّ) ، وتعاونه مع علماء النفس في دراسة تلك الجوانب - (1) وبخاصة مع العالم الشهير "جورجي ميلر" (1) - أن شهدت السنوات الأولى من العقد السادس من القرن العشرين مولد فرعٍ جديدٍ من فروع علم اللغة ؛ وهو علم اللغة النفسي Psycholinguistic ؛ الذي أخذ في النمو ، والتطوُّر مذ ذلك الحين .

    (1) قام تشومسكي بالاشتراك مع عالم النفس الشهير "جورجي ميلر" في نشر مقال بعنوان (اللغات المحدودة والحالات) بمجلة "الإعلام والمراقبة" عام 1958 م ، انظر :
    - Chomsky and GA . Miller , Finite State Language - Information and Control 2 , Printing 1958 , PP : 91 - 112 .
    (1) جورج أرميتاج ميلر (من 3 فبراير 1920 حتى 22 يوليو 2012) هو أحد مؤسسي علم النفس المعرفي ، وقد ساهم أيضًا في ميلاد علم اللغة النفسي ، والعلوم الاستعرافيَّة بشكلٍ عام ، كما كتب ميلر عدة كتب ، وقاد تطوير ورد نت (Word Net) ؛ وهو عبارة عن قاعدة بيانات لربط الكلمات على الإنترنت يتم استخدامها في برامج الحاسوب ، كما ألَّف ميلر دراسة بعنوان "رقم سبعة السحري بإضافة أو طرح اثنين" (The Magical Number Seven, Plus or Minus Two) التي كشفت بالتجربة حد رقم سبعة المتوسط لقدرة الذاكرة قصيرة الأمد البشرية ، حيث يُستَشْهَد كثيرًا بهذه الدراسة في كلٍ من علم النفس والثقافة بشكل عام ، وقد بدأ ميلر تعليمه بالتركيز على الكلام ، واللغة وقام بنشر دراسات بشأن هذه الموضوعات ، مع التركيز على الجوانب الرياضية والحسابية ، والنفسية لمجال علم النفس ، والعلوم الاستعرافيَّة ، وقد بدأ حياته المهنية في الوقت الذي كانت فيه النظرية المهيمنة على علم النفس هي ==
    5 - كما تعرَّضت هذه المرحلة للأسس ، والمراحل العلميَّة ، والمنهجيَّة التي اعتمد عليها تشومسكي في صوغ نظريَّته التوليديَّة ؛ مثل تحسُّس وجود ظاهرةٍ معينةٍ ، ووصف هذه الظاهرة بدقة ، علاوةً على التوسُّع في معطياتها ، والتعبير عنها بصورةٍ فكريَّةٍ ، ومن ثمَّ وضع الفرضيَّات المناسبة لتفسير هذه الظاهرة ، فإخضاع الفرضيَّات للتجربة ، ووضع الفرضيَّات الجديدة .

    6 - تتمثَّل أهمية هذه المرحلة في اعتمادها قواعد تولِّد الجمل المختلفة وتسمَّى بـ "قواعد الأساس" ، بالإضافة إلى القوانين التحويليَّة التي تعمل على تغيير بنية السلاسل الجمليَّة التي وُلِّدَت عن طريق "قواعد الأساس" ، علاوةً على قوانين فونيمية صرفيَّة Morpho - Phonemic التي تعطي كلَّ مفردةٍ معجميَّة قد تولَّدت عن القوانين الآنفة الذكر خواصها الصوتية ، والصرفيَّة الذاتيَّة، والسياقيَّة .

    7 - نأى تشومسكي - في هذه المرحلة - عن التحدُّث في علاقة النحو بالدلالة فهمَّش الدلالة إلى حدٍّ كبيرٍ ؛ نظرًا لقصور الرؤية ، وعدم وضوحها لديه إذ كان يعتقد آنذاك أنَّ القواعد التركيبيَّة ذات كيانٍ مستقل يربأُ بها عن الدلالة ، فتغافلها حتَّى ظنَّ كثيرٌ

    == النظرية السلوكية ، والتي تجنبت أي محاولة لدراسة العمليات العقلية ، وركَّزت على السلوك المُلاحَظ فقط ، كما قدَّم ميلر من خلال عمله في جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتقنية وجامعة برنستون تقنيات تجريبيةً لدراسة علم النفس للعمليات العقلية ، رابطًا مجال علم النفس المعرفي الجديد بمجال العلوم الاستعرافيَّة الأوسع نطاقًا بما في ذلك نظرية الحوسبة واللغويات ، وقد تعاون ميلر ، وشارك في فِرَق عمل مع شخصياتٍ أخرى في العلوم الاستعرافيَّة ، وعلم اللغة النفسي ؛ مثل نعوم تشومسكي ، ويُعتَبَر ميلر واحدًا من أعظم علماء النفس في القرن العشرين ؛ نظرًا لنقله علم النفس إلى عالم العمليات العقلية ، ومواءمة ذلك النقل مع نظرية المعلومات ، ونظرية التحسيب واللغويات .
    - للاستزادة بالإمكان الرجوع إلى الرابط التالي :

    http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%...8A%D9%84%D8%B1


    من العلماء أن موقف تشومسكي من الدلالة لا يختلف كثيرًا عن موقف المدرسة البنيويَّة الأمريكية في التحليل اللغويّ ، إلا أنَّه - في هذه المرحلة- كان مُمَايزًا بين النحو ، والدلالة ، وربما كان هذا هو السبب في إبعاده للدلالة عن النظرية اللغويَّة ؛ بُغية إثبات أن العلاقة بين النحو ، والدلالة ما هي إلا مسألة تجريبيَّة ، وأنَّه لا يمكن افتراض أنَّ العلاقات ، والعمليَّات النحويَّة مبنيَّةٌ على أساسٍ دلاليّ .

    ولعلَّ من أهم المفاهيم ، والمصطلحات التي كانت سائدة في تلك المرحلة ، والتي لم تَكُ معهودة من قبل في الدرس اللغوي مايلي :-

    1 – القدرة الإبداعية
    إن العملية الإبداعية عبارة عن مراحل متباينة تتولد في أثنائها الفكرة الجديدة ، وتمر هذه العملية بمراحل أربع هي :

    1 - مرحلة الإعداد : وفي هذه المرحلة تحدد المشكلة وتفحص من جميع جوانبها ، وتجمع حولها المعلومات والمهارات والخبرة من الذاكرة ، ومن القراءات ذات العلاقة .

    2 - مرحلة الاحتضان : وفيها يتم التركيز على الفكرة ، أو المشكلة بحيث تصبح واضحة في ذهن المبتكر ، وهي مرحلة ترتيب الأفكار وتنظيمها .

    3 - مرحلة الإلهام : وتتضمن هذه المرحلة إدراك الفرد العلاقة بين الأجزاء المختلفة للمشكلة .

    4 - مرحلة التحقق : وهي المرحلة الأخيرة من مراحل تطوير الإبداع ، وفيها يتعين على الفرد المبدع أن يختبر الفكرة المبدعة ، ويعيد النظر فيها ، ويعرض جميع أفكاره للتقويم ؛ وهي مرحلة التجريب للفكرة الجديدة المبدعة .

    والمقصود بالقدرة الإبداعية في اللغة (Creativity Capacity) هي "الطاقة أو القدرة التي تجعل أبناء اللغة الواحدة قادرين على إنتاج ، وفهم عدد كبير ؛ بل غير محدود من الجمل التي لم يسمعوها قط ، ولم ينطق بها أحد من قبل " (1) .

    وتعد هذه القضية إحدى القضيا الهامة ؛ التي ترتَّبت على انتهاج تشومسكي المنهج العقلي في دراسة اللغة ، وهي تختص بالإنسان فحسب لأنها من نتاج عقله المبدع – كما يرى تشومسكي - ، ويدعو إلى دراستها بعنايةٍ ، واحترام ، بالإضافة إلى أن هذه القضية أيضًا تعد من أكبر قضايا الخلاف في منهج الدراسة اللغوية بين المدرسة التوليدية ، والمدرسة الوصفية البنيوية .

    2 – النحوية
    ويقصد تشومسكي بالنحوية (Grammaticality) ؛ ذلك النظام من القواعد الذي عن طريقه يولِّد متكلم اللغة الأصلي - أي ابن اللغة Native Speaker – كل جمل اللغة ، ويعطيها أوصافًا بنيوية مميِّزًا إيَّاها من الجمل غير الصحيحة صوغًا ، ثم يكسبها سمات صوتية ، ودلالية ؛ أي أن مهمة النحو عند تشومسكي هي تمييز كلِّ ما هو نحويّ مما هو ليس نحويًّا في اللغة ، وأن النحو ينبغي أن ينتظم كل الجمل ؛ التي تكون مقبولةً نحويًّا ، وكل الجمل النحوية فحسب (2) .

    (1) نظرية تشومسكي اللغوية ، جون ليونز – ص : 57 .
    (2) Look at : Syntactic Structures, Noam Chomsky, P : 13 .

    المَبْحَثُ الثَّانِي :
    مَظَاهِرُ اسْتِغْلَالِ المَنْطِقِ الرِّيَاضِيِّ فِيْ نُمُوْذَجِ أَوْجُهِ النَّظَرِيَّةِ التَّرْكِيْبِيَّة
    (1965م)
    لقد كان تشومسكي مُدركًا للسلبيات والإيجابيات السائدة في البحوث اللسانية في الثلاثينيات ، والأربعينيات ، ولا سيما في أعمال البنيويين السلوكيين ، وعلى رأسهم (بلومفيلد) ، وأتباعه كما كان تلميذاً لـ (زيلج هاريس) ، وقد أفاد من هذه الصلة وتلك التلمذة حيث أفاد من الأولى التخلص من مبادئ بلومفيلد في عمومها ؛ لعجزها - في نظره - عن الوفاء بحاجة البحث اللساني الدقيق الذي يصل بنا إلى تأسيس علم دقيق ، له سمات الاستقلال والعمومية ، والتجريد ، وأفاد من الثانية - تلمذته لهاريس - إذ أخذ من عمله نُقطة انطلاق مع تعميق وتشعيب الأمر الذي جعله في النهاية مستقلاً عنه ، أو قل مخالفًا له أيضًا .

    وفي نأنأة الفكر اللساني ، أحدث تشومسكي ثورة لغوية هامة - من خلال كتابه الشهير « البنى التركيبية » (1957 م) - أطلق عليها « النظرية التوليدية التحويلية (T G T)» ؛ والتي شكَّلَت اتجاهًا لسانيًّا قائمًا بذاته ؛ من حيث آليات الاشتغال ، ومن حيث الجهاز المفهومي الضخم الذي يُمنح أسسه ومرجعياته من المعين الثريّ للعلوم الآتية : (علم النفس ، اللسانيات القديمة ، النظريات العقلية ) ، ومن هنا "يبدو إذن ، أن التحول الإبستمولوجي في اللسانيات التوليدية لم يقف عند حدود المفاهيم الواصفة فقط ، بل طال النظرية اللسانية برمتها ، وسعى إلى تحديد ما يمكن أن يكون عليه الدرس اللساني " (1) ؛ وهو تحوُّل تمثَّل في تجاوز الاتجاه الوصفي الطاغي آنذاك ؛

    (1) قضايا إبستيمولوجية في اللسانيات ، د / حافظ إسماعيلي علوي ، ود / محمد الملاخ ، الدار العربية للعلوم ناشرون ، بيروت ، لبنان ، منشورات الاختلاف ، الجزائر ، ط1 ، 2009 م ، ص : 96 .
    - وانظر أيضًا : "في طبيعة اللسانيات العامة : أوليات منهجية" ، مصطفى غلفان ، مجلة فكر ونقد ، (المغرب) ، العدد 96 ، (2008 م) ، ص : 55 .
    خاصةً في اللسانيات السوسيرية إلى التفسير الذي يعنى بالكفاية اللغوية باعتبارها نسقًا معرفيًّا .

    وقد ظهرت المقاربات الأولية لنموذج النظرية النموذجية (Standard Theory) ؛ جليةً واضحةً في كتاب تشومسكي "جوانب من نظرية النحو" Aspects Of The Theory Of Syntax (1) الذي نُشِرَ عام 1965 م ، وذلك بعد مرور ثماني سنوات على نشر كتابه الأول "التراكيب النحوية" .


    غلاف الطبعة الأولى من كتاب (مظاهر النظرية النحوية)
    لنعوم تشومسكي
    المصدر : http://en.wikipedia.org/wiki/Aspects...eory_of_Syntax

    (1) ترجم هذا الكتاب د / مرتضى جواد باقر بعنوان "جوانب من نظرية النحو" ، ونُشِرَ بجامعة البصرة عام 1985 م .
    وقد أدخل تشومسكي - من خلال هذا النموذج كثيرًا - من التعديلات على نظريته ؛ حتى أصبحت أكثر إيجابييَّةً من صورتها الأولى التي تحدَّثنا عنها في المرحلة السابقة ، وفيما يأتي عرض مجمل لأهم التغيُّرات التي أضافها هذا النموذج (1) :-

    1 – تطوير معايير نظريَّة لاختيار نموذج للقواعد دون آخر ، وسبر غور دقائق النموذج القواعدي المقترح ، والتعمُّق في بعض جوانبه ؛ التي لم يَكُ لها حظٌ كبيرٌ من التأمل ، والتدقيق في بادئ الأمر .

    2 – تطوير قواعد التكوين ؛ حيث أصبحت الجملة تتكون من :-
    مركب اسمي + مركب مسند ، والمركب المسند يتكون من : فعل مساعد + مركب فعلي ... وهكذا ، كما أضاف إلى هذه القواعد ما أسماه بالقواعد الصنفيَّة Categorical Rules ، وقواعد التصنيف الفرعية Sub Categorization Rules ؛ التي تحدد انتقاء الفعل وفقًا لفاعله ومفعوله ، وكذلك تعدد صنف الفعل من حيث الأصناف النحوية التي يرد معها في المركب الفعليّ ، وتتَّخذ هذه القوانين التكوينيَّة بكلِّ ما تحتويه عند تشومسكي في التحليل صورة الرسم الشجري أو المشجَّر لتحليل الجملة إلى مؤلفاتها المباشرة بشكلٍ مجرَّد يبيِّن مختلف العلاقات القائمة بين عناصر التركيب ، وانتماء المؤلفات إلى فئات معينة كما هو موضح في الرسم الشجري الآتي (2) :-


    (1) انظر التفاصيل حول هذه التعديلات التي أضافها هذا النموذج في :-
    - "التطورات النظرية والمنهجية للنظرية التوليدية في نصف قرن" ، ص : 135 – 137 .
    - Chomsky Noam , Aspects Of The Theory Of Syntax , 20th Printing , (The M.I.T Press 1998) , PP.120 – 122 @ PP.128 – 147.
    - انظر المقدمة التي قام بإعدادها : مرتضى جواد باقر ؛ والتي تتصدر ترجمته لهذا الكتاب الذي نُشِرَ بجامعة البصرة عام 1985م ، ص : 12 ، 14 – 15 ، والكتاب الذي ألَّفه أيضًا بعنوان : مقدمة في نظرية القواعد التوليدية ، ص : 62 – 63 ،68 – 70.
    (2) Chomsky Noam . Aspects Of theory Of Syntax , P : 108 .

    المصدر :
    http://forum.thefreedictionary.com/p...pulation-.aspx
    شكل (11 - 3)

    3 – عرض تشومسكي في مرحلة إصداره لكتابه "جوانب من نظرية النحو" بديلًا آخر لقواعد التركيب السابقة أكثر بساطةً ، وقوةً ؛ فهو لم يحتجْ فيه إلى قوانين التصنيف الجزئي ، غير أنَّه لم يعمل به في هذه المرحلة ، بيد أنَّه قد عمل به في المراحل التي تلت تلك المرحلة ، وجديرٌ بالَذكر أنَّ هذا البديل المُقْتَرح من قِبَل تشومسكي قد سمح بإنتاج سلسلة تنتهي بعناصر فراغية تحل محلها المفردات المعجمية ؛ التي تتناسب والسياق الذي تقع فيه .

    4 – إجراء بعض التعديلات في المكوِّن التحويليّ حيث قُلِّصت وظيفة القوانين التحويلية بأنْ أُسْنِدَت وظيفة التسلسل الدوريّ إلى قواعد تركيب الجملة ؛ بحيث أصبحت هذه القواعد قادرة على توليد جمل لغويَّة ، وقد كان ذلك معينًا لتشومسكي على حل مشكلة الاكتناف ، والتتابع الموجود في الجمل ، وبصورةٍ أوضح حل مشكلة اللاتناهي في طول الجملة حينما تتداخل الجملة الواحدة في الأخرى ، وبدون حدود ، وليس ذلك فحسب بل مما تجدر الإشارة إليه أنَّ هذه الوظيفة كانت في المرحلة الأولي من وظائف التحويلات المعمَّمة ؛ التي تعمل على دليلَيْن نظميَّيْن لجملتَيْن تدخل الواحدة منهما تلو الأخرى في موضع متناسب لهما ، أما الآن فيمكن أن يظهر الرمز (ج) الذي يمثل الجملة في تعريفات بعض العناصر ، وبهذا يُحْسَب حساب التسلسل الدوري بواسطة قوانين بنية الجملة ، وبذلك تنتفي الحاجة إلى التحويلات المعمَّمة ؛ التي تربط بين الأدلة النظميَّة المتعددة ، وفي مقابل ذلك نجد أنَّ القوانين التحويليَّة - في هذا النموذج – قد أُسْنِدَت إليها وظيفة جديدة ؛ ألا وهي تصفية الجمل وفلترتها ؛ ليتمَّ المراد بعزل الجمل الصحيحة نحويًّا عن الجمل غير الصحيحة نحويًّا .

    5 – لقد اتَّضح في هذا النموذج مفهوم البنية العميقة اتِّضاحًا تامًّا ، كما اتَّضحت العلاقات الوظيفية لمفردات الجملة داخل البنية العميقة كالفاعل ، والمفعول به ، والمسند ، ... إلخ ، كما أصبح لهذه المفاهيم تعريفات شبه عالمية .

    6 – أصبح للدلالة في هذا النموذج مكوِّن خاص ؛ سُمِّيَ بـ "المُكَوِّن الدلالي" Semantic Component ، وهو يعمل على البنية العميقة فحسب ؛ وقد كان من الإضافات الهامَّة التي قد أضافها تشومسكي على نظريته ، ولم تَكُ موجودةً في الطور الأول من أطوارها ، "وقد كان ذلك التعديل بناءً على اقتراح لجون كاتز وآخرين ؛ وقد كان ذلك تطورًا طبيعيًّا لنظرية النحو التوليدي التحويلي الذي يزعم تشومسكي أنه وصفٌ للمعرفة المثالية للغة لكلٍّ من المتكلم والمستمع ، والذي يتضمن حتمًا معرفته بالمعنى" (1) ، وقد عرض تشومسكي ثلاثة مكوِّنات مترابطة للقواعد التوليدية والتحويلية ؛ حيث اشتمل كُلُّ مكوِّنٍ منها على نظام خاص من القواعد ، وهذه المكوِّنات هي : المكوِّن التركيبيّ ، والمكوِّن الدلاليّ ، والمكوِّن الفونولوجيّ ، ويمثل الشكل التالي رسمًا تخطيطيًّا قواعديًّا لما قد ذكرناه آنفًا :


    المصدر : http://course.cug.edu.cn/cug/eng_lan...hpt4/4-3-2.htm
    شكل (12 - 3)

    (1) Chapter 4 Syntax > 4.2 the generative approach > 4.3.2 the standard theory and after , On the link of :
    http://course.cug.edu.cn/cug/eng_lan...hpt4/4-3-2.htm

    - تمت الترجمة من قِبَل الباحثة ، وقد راعت فيها ترجمة روح النص لا الترجمة الحرفية له ، وهذا من باب الأمانة العلمية .
    7 – بعد مرور خمسة أعوام من تأليف تشومسكي لمؤلَّف المرحلة التي نحن بصدد الحديث عنها ؛ ألا وهو مؤلَّف "ملامح النظرية النحوية" ، أي في عام 1970 م ؛ قدَّم تشومسكي اقتراحًا لصياغةٍ جديدةٍ لقوانين البنية التكوينيَّة التابعة للمكوِّن التركيبيّ (المكوِّن الأساسBase Component ) تُظْهِرُ العلاقات البنيوية ، وطبيعتها في الجملة ، ومكوناتها بشكلٍ أكثر كفاءة ، وقد عُرِفَت باسم نظرية السين البارية (س-) X – Bar Theory ، التي تُعَدُّ أحد المكونات لنظرية لغوية تسعى إلى تحديد الملامح النحوية بفرض كونها مشتركة بين جميع تلك اللغات الإنسانية ؛ التي تناسب والإطار الافتراضي لتشومسكي عام (1965 م) ، وهي تدعي أن من بين فئاتها أشباه الجمل الفعلية ، وأن جميع هذه اللغات تشترك مع بعضها البعض في أوجه شبه هيكلية ، بما في ذلك واحدة تعرف باسم "X بار" ؛ والتي لا تظهر في قواعد بناء العبارة التقليدية للغة الإنجليزية أو غيرها من اللغات الطبيعية ، ويُعَدُّ تشومسكي أول من اقترح نظرية X بار عام (1970 م) ، تلكم النظرية التي وضعت مزيدًا من آراء "جاكندوف راي" ؛ الذي وصف نظرية السين البارية بأنها شريط لبناء الجملة ؛ يمكننا إيجاده في النحو القائم على الدوائر الانتخابية فحسب ، ومن غير الممكن أن نجده في النحو القائم على التبعية ، ويشير الحرف (X) إلى فئة معجمية اعتباطية ، والتي تُعَدُّ جزءًا من الكلام ؛ فعند التحليل النوعي للكلام المنطوق يتم تعيين ، وتخصيص فئات محددة بترميز إيَّاها كأن نقول - على سبيل المثال – أن هذه السين قد تصبح (ف) ؛ للدلالة على الفعل ، أو (س) ؛ للدلالة على الإسم ، أو (ح) ؛ للدلالة على الحرف ، أو (ص) ؛ للدلالة على الصفة .... وهكذا إلخ ، ويُشْتَقُّ مصطلح (X – Bar) أو السين البارية من تدوين الرموز الممثلة لذلك الهيكل البنائي ، ويتم تمثيل بنى معينة بواسطة X (حرف X يعلوه شرطة فوقه) ؛ لأنه من الصعب تنضيدها ، وكثيرًا ما كتبت هكذا (X') ، وذلك باستخدام الرمز الرئيسي في اللغة الإنجليزية ، ومع ذلك، لا يزال هذا نصها "X شرطة" ، ويمثل XP الوقوف على X العبارة (X Phrase) ، والذي يعادل X- بار بار ؛ وهي X شرطتان (X مع over bar مزدوج) ، وتُكْتَبُ (X'') وعادة ما يقال عليها شريط X المزدوج .

    وتنقسم نظرية السين البارية إلى ثلاثة أنواع كما يلي :-
    1 – تتكون عبارة (س X) من محدد اختياري ، و(سَ X') أي سين شرطة ، وذلك مع إمكانية تبادل المواقع مابين المحدد والسين البارية كما ياتي :

    XP → (specifier) , X'

    XP XP

    Spec X' X' spec

    شكل (13 - 3)

    2 – وهناك نوع واحد من السين البارية يتكون من السين البارية ، وعامل مساعد في أي ترتيب لهما ، وذلك كما يلي :-

    (X′ → X′ , adjunct)

    ملحوظة هامة : ليس كل عبارات السين البارية (XPs) تحتوي على سينات باريَّة (X's) ، وعوامل مساعدة (Adjuncts) ؛ لذا فقاعدة إعادة الكتابة هذه تُعَدُّ قاعدة اختياريَّة لا إجباريَّة ، وذلك كما في الشكل التالي :-

    X' X'
    or
    X' adjunct adjunct X'

    شكل (14 - 3)

    3 – وهناك نوع آخر للسين البارية يتكون من السين (X) رأس العبارة ، وأي عدد من المكملات (ومن الممكن الصفر) في أي ترتيب كما يلي :-

    X′ → X , (complement ...)


    X' X'
    or
    X complement complement X

    شكل (15 - 3 )


    وتتيح لنا هذه الصيغة الجديدة لقوانين البنية التركيبية حساب التشابه المنتظم ، والمطَّرد بين المركبات ذات الرؤوس المختلفة ، وتتيح لنا أيضًا أن نقدِّمَ وصفًا مُوَحَّدًا لبعض العمليات النحوية ؛ التي قد يشترك فيها أكثر من مركب نحوي مثل : البناء للمجهول في الجملة ، والمركبات الاسمية .

    8 – في إطار سعي المدرسة التوليدية إلى بلورة قوانين أكثر كفايةً في هذه المرحلة ؛ فقد اتَّجه البحث إلى دراسة القيود على التحويلات ، حيث تحدَّث تشومسكي عن مبدأ (الألف فوق الألف - A over A) ؛ الذي يحكم عمل القانون التحويلي ، ويقضي هذا المبدأ بأنَّ القانون الذي يعمل على نقل مركب اسمي يقع ضمن مركب أكبر إلى مكانٍ ما ؛ لا بُدَّ أن يكون عمله في المركب الاسمي الأكبر ، وليس في المركب الاسمي الأصغر .

    لقد مثَّل مؤلَّف "مظاهر النظرية التركيبية" Aspects Of The Theory Of Syntax في عام 1965 م مرحلةَ جديدةً في النظرية التوليدية التحويلية ؛ تلك المرحلة التي عندها أصبح ممكنًا تأكيد وحدة أساسيَّة داخل النظرية ، حيث تمَّ آنذاك الدمج الفعليّ ما بين الدلالة والفنلجيا في النظام الوصفي ، وذلك على غيار ما كانت عليه مرحلة "البنى التركيبية" عام 1957 م ؛ فقد كان هناك تصور جذَّاب للبنية العميقة المجرَّدة نسبيًّا التي يقدمها التفسير الدلالي لمعنى الجملة ، علاوةً على سلسلة التحويلات التي تقوم بتوليد النى السطحية لتلك البنية العميقة المجردة دون أيِّ تغييرٍ في المعنى يكون متأثِّرًا بهذه التحويلات وبالبنية السطحية التي هي الدخل Input للقواعد الفونولوجية ؛ التي يكون خرجها Output هو الجملة المنطوقة ، وقد أعطانا هذا التصور – على نحوٍ مندفعٍ - عنوانًا جديدًا ؛ ألا وهو "النظرية الموحَّدة" Standard Theory .

    ومذ عام 1965 م ، وعلى مدى السنوات التالية لتلك المرحلة كان هناك اتفاق عام بين اللسانيِّين التوليديِّيْن على مكانة ، وصورة الفنلجيا في الوصف القواعدي ، والنظرية القواعدية ، وفي الجوانب الأخرى لم تبقَ النظرية طويلًا دون تحدٍّ بل تزودنا اليوم النتاجات المختلفة للاندفاعة التشومسكية الأصليَّة بتنوعٍ نظريٍّ يبدو من غير المرجَّح أن ينتج لنا صورةً واحدةً في المستقبل المنظور وقد كان .

    وتشتمل الفنلجيا بشكلٍ عام على مجموعة قواعد تحوِّل التركيبات النحوية السطحية – في معظمها - إلى سياقات منطوقة ، كما في الشكل الآتي :-

    التمثيل الفونولوجي للجمل
    المصدر : http://www.chomsky.info/onchomsky/19720629.htm
    شكل (16 – 3)
    وتُعَدُّ الملامح المميزة في الفونولوجيا بمثابة قائمة عمومية تختار منها اللغات ما شاءت من الاختيارات المختلفة في صورة تجمعات مختلفة مسموح بها ، وليس ذلك فحسب بل لقد شجَّع قياس الملامح الفونولوجية بالملامح على المستويات الأخري إلى جانب النزعات العقلانية العمومية لمعظم اللغويين التحويليين التوليديين ، شجع على استئناف

    البحث عن العموميات اللغوية في مكوِّنات القواعد الأخرى (1) ، وهناك اتفاق بشكل عام على أنه سوف توجد على المستوى النحوي عموميات ذات شأنٍ في البنية العميقة ، أو في نظائرها في الصور الأخرى من النظرية ، ومن اللافت للنظر أن أتباع المدرسة البلومفيلدية ؛ الذين كانوا كثيرًا ما يشدِّدُون على الفروق الفردية بين اللغات ؛ لنجدهم يركزون كلَّ تحليلهم الشكليّ على ما يُسَمَّى بالبنية السطحية ، وهي بالضبط الجانب الذي يكون فيه اللغويون التحويليون التوليديون أكثر استعدادًا لاعتباره المسار الوحيد للاختلاف اللغوي .

    لقد كانت التحويلات دائمًا من بين السُبُل التي تخدم تحقيق هدف الوصف التوليدي لما يُسْتَخْدَم في كفاءة المتكلم الأصليّ للغة ، أو ما يُسَمَّى بابن اللغة ، ولكن المرحلة - التي نحن بصدد تناول إيَّاها – قد ارتأت أن بداية النظرية التوليدية التحويلية -التي قد اتَّخذت مسارًا صارمًا مذ نشأتها الأولى – هي الاختصار في أعداد ، ودور التحويلات ؛ فقد عُلِمَ النفي – على سبيل المثال – لا الحصر في التركيب العميق بالعنصر المجرد "نف NEG" ؛ الذي يوجد تمثيلات سطحية خاصة بدلًا من أن يكون تحوُّلًا ذا دلالةٍ في ذاته ؛ وقد احتفظت قواعد تشومسكي التوليدية في أحدث صورةٍ لها بقاعدة تحويل وحيدة، ومقيَّدة بدرجةٍ عاليةٍ ؛ وهي (حرِّك α) ؛ أي حرِّك ما يمكن أن

    (1) Towards a national theory of the Parts of speech , Journal Of Linguistics 2 (1966) , 209 – 36 .
    يُحَرَّك في الحدود التي تفرضها بقية عناصر النظام .

    ويشكل معًا كلٌّ من المكون الأساس ، والمكون التحويلي المكون التركيبي أو النحويّ – هذا إن جازت التسمية - ، وبعبارةٍ أخرى فإن اللغة ينظر إليها في الوقت الراهن بوصفها مكوَّنة من ثلاثة أجزاء رئيسة : علم التركيب ، وعلم الدلالة ، وعلم الأصوات ، والمكون الأساس في ذاته ينقسم إلى مكوِّنَيْن فرعيَّيْن هما : مكون الفئات أو المكون الفئوي ، والمكون المعجمي ؛ أما الأول وهو المكون الفئوي فهو يحتوي على قواعد إعادة الكتابة أكثر أو أقل من نفس قواعد بنية العبارة في النموذج الأول عام 1957 م ، والفارق الوحيد بينهما يكمن في عدم وجود قواعد بشكل أكثر طولًا لإدراج الألفاظ مباشرةً ، ولكن القواعد تمتاز بسِمَة إصباغها أوصافًا نوعية تمكننا من الوصف شبه الكامل لها كأن نقول – على سبيل المثال – لا الحصر : محمد (اسم ، ذكر ، شائع ، علم ، يُعَد ، ... إلخ) .

    وفي الفصل الثاني من كتاب "مظاهر النظرية النحوية" يتعرض تشومسكي في مناقشةٍ جادَّةٍ لمشكلة التصنيف الجزئي للفئات المعجمية ، وكيف يجب أن يكون التقاط هذه المعلومات بأسلوبٍ معمَّم في النحو؟!! ، وقد تبيَّن له أن قواعد إعادة الكتابة ليست بالجهاز المناسب في هذا الصدد ، ورأى الحل في استعارته لفكرة الملامح من الفونولوجي أو علم الأصوات ، والفئة المعجمية تتمثل – على سبيل المثال – في (الإسم ، الفعل ، ... إلخ) ، ويرمز لها بـ (س ، ف ، ... إلخ) ، ثم يجئ دور قواعد التصنيف الجزئي ؛ التي سرعان ما تحلل تلك الرموز إلى رموز معقدة ، حيث يصبح كل رمز معقد من تلك الرموز بمثابة مجموعة من الملامح أو السمات النحوية المحددة ، والخصائص النحوية ذات القيم الثنائية ، ويعد الملمح النحوي أو الخاصيَّة النحوية – إن جاز التعبير- هو أحد الابتكارات التقنية الأكثر أهميةً في نموذج مظاهر النظرية النحوية ، وقد حافظت على كينونته معظم النظريات النحوية المعاصرة .
    أما عن بنية النحو في تلك المرحلة فإن تشومسكي يلخص هيكله المقترح لقواعد النحو في كتابه مظاهر النظرية التركيبية على النحو التالي :-

    يحتوي النحو – كما ذكرنا آنفًا - على مكون تركيبي ، ومكون دلالي ، وآخر فونولوجي ، ويتألف المكون التركيبي من مكون أساس ، وآخر تحويلي ، ويتألف المكون الأساس بدوره إلى مكون للتصنيف الجزئي ، ومكون معجمي ؛ حيث يولِّد المكون الأساس البنى العميقة التي تُدخل إليها المكون الدلالي وكأنها حاسب آلي يقوم على نظام المدخلات Inputs ، والمخرجات Outputs ؛ لتحصل في النهاية على التفسير الدلالي الناتج عن إدخال المكون الدلالي في عملية التحليل ، ويتم تعيينه من قِبَل القواعد التحويلية في البنية السطحية ؛ التي يتم بعد ذلك إعطاؤها تفسيرًا فونيميًّا (صوتيًّا) عن طريق المكون الفونولوجي (1) ، وقد كان إضافة المكون الدلالي إلى التحليل النحوي هو التغيير المفاهيميّ الأكثر أهميةً مذ صدور كتاب "البنى التركيبية" عام 1957 م ، ويذكر تشومسكي أن المكوِّن الدلالي – في الأساس - هو ذاته ما جاء على النحو المبين لدى كلٍّ من كاتز ، وبوستال عام 1964 م ، ومن بين الابتكارات الأكثر فنيَّةً ؛ هو استخدام القواعد المُتكرِّرة لبناء الجملة ، علاوةً على مقدمة من الملامح النحوية في المدخلات المعجمية ؛ بغية معالجة قضية التصنيف الجزئي (2) .






    (1) Chomsky , 1965 , P : 141 .
    (2) تمت الترجمة من قِبَل الباحثة لمقال إنجليزي - قد تصفَّحته ، وتفحَّصته - يحوي ملخصًا موجزًا لمرحلة "مظاهر النظرية النحوية" أو ما اصطُلِحَ على تسميتها بـ "النظرية النموذجية" على موقع الويكيبيديا باللغة الإنجليزية ، وذلك على الرابط التالي :
    http://en.wikipedia.org/wiki/Aspects...eory_of_Syntax

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,965

    لا شك أن العلوم تتواشج في مضمونها ومناهجها من جهة وتتباين قليلا أو كثيرا في جزئيات تطبيقاتها نظرا لملابسات خصوصية كل علم واتجاهه ومصطلحاته من جهة أخرى.

    ما رأيت شخصا يتقن علما من العلوم الحديثة المتعلقة باللغة كاللسانيات إلا تمنيت أن يتقن الرقمي، لما سيعود به ذلك من فائدة على الرقمي والأدب عامة.

    المفروض أن لا يوجد اختلاف بين علمين في ذات المسألة طالما التزم المنهج العلمي في كليهما فإن وجد اختلاف فثمة عامل ذاتي غير موضوعي، ربما يكون في الاستنتاج أو تفسير النتائج المخبرية ، . وهذا ما تطرقت له في حوارات جرت أخيرا، رأيت الذاتية لدى الطرف الآخر وربما رآها هو لدي، ولا يصلح حكما إلا من أتقن العلمين. كما يظهر في الروابط التالية :
    1.. بين السببين البحري والخببي
    http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=83805

    2.. الكامل بين الذاتي والموضوعي
    http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=84336

    3.. مبادئ اللسانيات
    http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=84141

    من التواشج الموضوعي بين ما طرقته أستاذتنا مروة والرقمي الفقرتين التاليتين الأولى من بحثها واصفة لمرحلة تأسيسية في اللسانيات

    "أنَّها حوَّلت اهتمام الدرس اللغوي من وصف مظاهر السلوك اللغوي للمتحدِّثين ، وتحليله إلى وصف نظام المعرفة العقليّ الذي يكمن وراء هذا السلوك ، وبذلك تكون هذه المرحلة بمثابة نقلة مفهوميَّة أساسيَّة أسهمت في تطوُّر الأسس النظريَّة ، والمنهجيَّة لعلم اللغة الحديث ؛ وذلك من خلال رفضها لمعظم المبادئ ، والأسس التي نادت بها المدرسة الوصفيَّة البُنيويَّة رفضًا نابعًا من منطلقات فلسفيَّة، ومعرفيَّة لغويَّة مع عرضها لبدائل من المبادئ ، والأسس النظريَّة ، والمنهجيَّة للتحليل الأكثر توفيقًا"
    والثانية من الرابط:

    https://sites.google.com/site/alarood/laysa-elman

    " يتعلم العروضي العروض ليحكم به على نتاج الذائقة العربية إبان سلامة فطرة العرب وفقا لأوصاف جزئية وتصوير صوتي جميل، بالتفاعيل الخاصة لكل بحر الأمر الذي يقتضي الحفظَ.
    عالم العروض يتناول الذائقة العربية ذاتها وخصائصها تناولا علميا شموليا منهجيا قوامه الفكر.
    "


    وتبدو استعارة العبارة الأولى للتعبير عن الثانية ممكنة على النحو التالي :

    "إن العروض الربقمي حوَّل اهتمام الدرس العروضي من وصف مظاهر الوزن في كل بحر، وتحليله إلى وصف نظام المعرفة العقليّ في منهج الخليل الذي يكمن وراء هذا السلوك الراقي الثري للذائقة العربية"

    بل إن الفقرة الأولى تجعلني لدى تطبيقها على الرقمي أتفاءل – حسب بقية نصها وقياس الرقمي عليه – أن لا تكون المرحلة الحالية للرقمي إلا مرحلة تأسيسية يتلوها ما هو أرقى منها وأثرى وأوسع وأعمق، وفكر الخليل جدير بهذا وأكثر.


    استبشر خيرا بوجود أستاذتي مروة عطا الله في الرقمي. آملا أن أرى على يديها ما يلقي الضوء على العلاقة بين خصوصية تميز العروض العربي في الوتد تحديدا واللسانيات التي تتعامل مع عروض لغات يغيب فيها مفهوم الوتد .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    5
    السلام عليكم أستاذي العزيز خشان خشان ، أشكركم شكرًا جزيلًا من أعماق قلبي على ما تفضَّلتم به من إطراء وثناء وإن كنتُ لا أستحق كًلَّ هذا من سيادتكم ، وأعدكم أن أكونَ عند حسن ظنِّكم بي إن شاء الله .نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط