كثير من العبارات التي نرددها تحمل وزنا من أوزان بحور الشعر.
والمتأمل في هذا قد يجد فيه احتمال أن العرب قد يكونوا طربوا لبعض أنماط اصطفاف الكلام ورددوها ثم نسجوا على منوالها فتولدت من ذلك بعض بحور الشعر.
وأنا لست سابقا في هذا القول فمن قديم ذكروا أن أن مضر بن نزار سقط عن جمل فانكسرت يده، فحملوه وهو يقول: وايداه، وايداه [ وا يدا هـْ = 2 3 ه ]، ، فأصغت الإبل إليه وجدّت في السير، فجعلت العرب مثالا لقوله: "هايداه هايداه" يحدون به الإبل.

وهذا يذكرني بعويل طفل بدوي كان جارا لنا في أيام الطفولة وفقد أباه فكان يردد بلوعة
( يا يباهْ يا يباهْ = 2 3 ه 2 3 ه ) وهذا بدوره يذكرني بثلاثة أمور :

1 - لعله لا توجد أمة على وجه الأرض متواصلة اللغة والكيان والمشاعر والتاريخ والذوق والشخصية كالأمة العربية رغم تفاوت واختلاف الملابسات المادية والمدنية من عصر لعصر ومن منطقة لأخرى . يضاف لذلك ويتوجه الفكر والعقيدة .

2- ما ذكرته في مقدمة كتابي العروض رقميا من أن النفس كالوتر تنشد مثله بالانفعال ترحا أو مرحا فتصدر عنها ذبذبات بترددات معينة.

3- موضوع م/ع فاشتداد المشاعر نشوة أو ألما يزيد مقترن بزيادة المؤشر.
على أن ما أقصده مختلف عما تقدم فلا دخل فيه للعواطف أو المشاعر، بل هو ناتج عرضي لتجاور كلمات متتابعة أو جمل نرددها في خطابنا العادي.ومن ذلك :

1 - السبت الأحد الإثنين
= أسْ سبْ تُلْ ( أَحَ ) دل إثْ نَيْ نْ = 2 2 2 (2) 2 2 2 ه = خبب

2 – الثلاثاء الأربعاء الخميسُ
أث ثلا ثا ءُلْ أرْ بعا ءُلْ خمي سْ = 2 3 2 2 2 3 2 3 ه = الخفيف

3 – الأربعاء الخميس الجُمُعَةْ
= أل أر بعا ءُلْ خمي سل جُ مُعَهْ = 2 2 3 2 3 2 1 3 = مجزوء البسيط

4- هل دعوتهم إلى الغداءْ
هل دعو تهم إلل ْ غدا ءْ = 2 3 3 3 3 ه = الرمل

5 – وين راح الربع ( عامية )
وي نـِْرا حرْ ربع = 2 3 2 3 = المتدارك

6 - رحت فين يا زول تعال عندنا ( من عامية السودان )
رح تفي نيا زو لْ تعا لعنْ دنا = 2 3 3 2 ه 3 3 3

للمنون دائراتٌ يدرن صرفها = 2 3 3 3 2 3 3 3



تأمل قارئي الكريم ما يتردد حولك من عبارات فإنك ستجد في بعضها ما يتفق وشطر بحر من بحور الشعر وربما وبيت شعر . فإن وجدت فلتضفه مشكورا.