النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: نضرة الإغريض

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,954

    نضرة الإغريض

    الموسوعة الشاملة
    www.islamport.com



    الكتاب : نضرة الاغريض في نصرة القريض
    المؤلف : المظفر بن الفضل
    مصدر الكتاب : موقع الوراق
    http://www.alwarraq.com
    [ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]

    وسانشر حسب ما يتيسر مختارات من الكتاب :

    وحبذا لو شاركنيالنقل منه من يشاء مما يراه مناسبا. على ألا يتجاوز ثلاث صفحات في كل مشاركة.

    http://islamport.com/w/adb/Web/629/38.htm


    باب السرقة
    :

    http://islamport.com/w/adb/Web/629/35.htm



    والسَّرقة في الأشعارِ تنقسمُ الى قِسمين: محمود ومذموم. وكانت فحول شعراء العرب تستقبحُ سَرِقَةَ الشعرِ كما قال طَرَفة:
    ولا أغيرُ على الأشعارِ أسْرِقُها ... عنها غَنِيتُ وشرُّ الناسِ من سَرَقا
    ومع هذا فلهم سَرِقاتٌ مُستَقْبَحةٌ، وإغاراتٌ بزنادِ الإكثارِ مُستَقْدَحة.
    فأما المحمود من السَرِقة فهو عشرةُ وجوه: الأول: استيفاءُ اللفظِ الطويل في الموجز القليل. قال طرفة:
    أرى قبرَ نحّامٍ بخيلٍ بمالِه ... كقَبْرِ غَويٍّ في البِطالةِ مُفْسِدِ
    اختصَرَهُ ابنُ الزِّبَعْرى فقال:
    والعَطِيّاتُ خِساسٌ بيْنَنا ... وسواءٌ قبرُ مُثْرٍ ومُقِلّ
    فشغَل صدرَ البيتِ بمعنىً وجاء ببيتِ طَرَفة في عَجز بيت أقصرَ منه بمعنىً لائح، ولفظٍ واضح.
    الثاني: نقْلُ الرَّذْل الى الرصينِ الجَزْل. قال أعرابي يتمنى موْتَ زوْجَته:
    ألا إنّ موتَ العاميّةِ لو قَضى ... بهِ الدّهرُ لابن الوائليِّ حياةُ
    المعنى لطيفٌ واللفظُ ضعيفٌ، أخذَه أخو الحارث بن حِلِّزة فقال:
    لا تكُنْ مُحتقِراً شأنَ امرئٍ ... رُبما كان من الشأنِ شُؤون
    ربما قرّتْ عُيونٌ بشَجاً ... مُرْمضٍ قد سخِنَتْ منه عُيونُ
    الثالث: نقْل ما قبُحَ مبناهُ دون معناهُ الى ما حَسُن مبناهُ ومعناه. قال الحكميّ:
    بُحَّ صوْتُ المالِ ممّا ... منكَ يشكو ويَصيحُ
    معناه صحيحٌ ولفظُهُ قبيحٌ، أخذَه سَلْمٌ فقال:
    تظلَّمَ المالُ والأعداءُ من يدِه ... لا زالَ للمالِ والأعداءِ ظَلاّما
    فجمعَ بين تظلُّمَيْن كريمين، ودعا للممدوحِ بدوامِ ظُلمِه للمالِ والأعداء، وجوّدَ الصَنعةَ في لفظِه وأخذِه.
    الرابع: عكْسُ ما يصير بالعكس ثناءً بعد أن كان هِجاء.
    ما شئت من مالٍ حمىً ... يأوي إلى عِرْضٍ مُباحِ
    فعكَسهُ القائلُ فقال:
    هوَ المرءُ أمّا مالُه فمُحلّلٌ ... لِعافٍ وأما عِرْضُهُ فمحرَّمُ
    الخامس: استخراج معنىً من معنىً احتذى عليه وإن فارقَ ما قصَدَ به إليه. قال الحَكَميّ في الخَمْر:
    لا ينزِلُ الليلُ حيثُ حلّتْ ... فدَهْرُ شُرّابِها نهارُ
    احتذَى عليه البحتري، وفارقَ مقصدَ الحكمي فجعلَهُ في محبوبةٍ فقال:
    غابَ دُجاها وأيُّ ليلٍ ... يدجو عليْنا وأنتِ بدرُ!؟
    السادس: توليدُ كَلامٍ من كلام لفظُهما مفترِقٌ ومعناهما متّفِق، وهو ممّا يدُل على فطنة الشاعر، أنشد الأصمعي لبعضهم:
    غُلامُ وغىً تقحَّمها فأوْدَى ... وقد طحَنَتْهُ مِرداةٌ طحونُ
    فإنّ على الفَتى الإقدامَ فيها ... وليسَ عليه ما جَنَتِ المَنونُ
    أخذَه أبو تمام فقال:
    لأمْرٍ عليهم أن تتمّ صدُورُه ... وليس عليهم أن تتِمَّ عواقِبُهْ
    المعنى متفق واللفظُ مفترقٌ، وهذا من أحسَنِ وجوهِ السّرِقات.
    السابع: توليدُ معانٍ مُستحسناتٍ في ألفاظٍ مختلفاتٍ، وهذا قليلٌ في الأشعارِ، وكان من أجدَرِ ما كَدّ الشاعرُ فطنتَهُ فيه، إلا أنّه صعبٌ. قال الشاعر:
    كأنّ كؤوسَ الشَّرْبِ والليلُ مُظلِمٌ ... وجوهُ عَذارى في ملاحفَ سودِ
    اشتقّ ابنُ المعتزّ منه قوله:
    وأرى الثُريّا في السّماءِ كأنّها ... قدَمٌ تبدّتْ من ثيابِ حِدادِ
    الثامن: المساواةُ بين المسروق منه والسارِق، بزيادة ألحَقَتِ المسبوقَ بالسابِقِ. قال الديك:
    مُشَعْشَعةٌ من كفِّ ظبيٍ كأنّما ... تناولَها من خَدِّه فأدارَها
    أخذَه ابنُ المعتز فقال:
    كأنّ سُلافَ الخَمرِ من ماءِ خدّه ... وعنقودَها من شَعْرِهِ الجَعْدِ يُقْطَفُ

    فزادَ تشبيهاً هو من تَمامِ المعنى، فتساويا؛ هذا بقِدمَتِه، وهذا بزيادته، ومثلهُ كثير.
    التاسع: المماثلةُ في الكلام حتى لا يفضل نِظامٌ على نظام. قال حسّان بن ثابت:
    يُغْشَوْن حتى ما تهِرُّ كِلابُهم ... لا يسألونَ عن السّوادِ المُقبِل
    أخذَهُ الحَكميّ فقال:
    الى بيتِ حانٍ لا تهِرُّ كلابُه ... عليّ، ولا يُنْكِرْنَ طولَ ثوائي
    لا فرق بين المعنيين ولا الكلامين فقد تماثلا.
    العاشر: رُجحانُ لفظِ الآخذ على المأخوذ منهُ وتفضيلُ معناه على معنى أصدره عنه. قال النابغة:
    سقَطَ النّصيفُ ولم تُرِدْ إسقاطَه ... فتناولَتْهُ واتّقَتْنا باليَدِ
    أخذَه أبو حَيّة النُميريّ فقال:
    فألْقَتْ قِناعاً دونَه الشمسُ واتّقَتْ ... بأحسَنِ موصولين: كفٍ ومِعصمِ
    فلم يزِدْ النابغةُ على الإخبارِ باتقائها بيدِها لمّا سقطَ نصيفُها، فزادَ عليهِ أبو حيّة بقوله: دونَه الشمسُ، وخبّر عن الاتقاء بأحسن خبر، من حُسْنِ كفٍّ وحُسْنِ معصَمٍ، فرجَحَ كلامُه وعَلا نِظامُه.
    وأما المذمومُ من السّرقةِ فعشرةُ وجوه أيضاً: الأول: نقلُ اللفظِ القصيرِ الى الطويل الكثير. قال الحَكَميّ:
    لا تُسْدِينّ إليّ عارِفةً ... حتى أقومَ بشكرِ ما سَلَفا
    أخذَه دِعْبل فقال:
    تركتُكَ، لم أتركْكَ كُفْراً لنعمةٍ ... وهل يُرتَجى نيْلُ الزّيادةِ بالكُفْر
    ولكنني لما رأيتُكَ راغِباً ... وأفرطتَ في برّي عجَزْتُ عن الشُكر
    الشعرُ جيدُ المعنى واللفظ، ولكنه أتى به في تطويل وتضمين، فنقل القصيرَ الى الطويل، وذلك مذمومٌ في السّرقَة.
    الثاني: نقْلُ الرصين الجَزْل الى المُسْتَضْعفِ الرّذْل. قال الأول:
    ولقد قتَلتُك بالهجاء فلم تَمُتْ ... إنّ الكِلابَ طويلةُ الأعمارِ
    ما زالَ ينبَحني ليَشْرُفَ جاهِداً ... كالكلبِ ينبَحُ كامِلَ الأقمارِ
    أخذَه ابنُ طاهر فقال:
    وقد قتلناكَ بالهجاءِ ... ولكنّك كلبٌ معَقَّفٌ ذَنبُه
    فجمَع بين قُبحِ السّرقة، وضعْفِ العبارة، ولا وجهَ لذكر التعقيفِ في الذنَب، لأنه غيرُ دالٍ على طول العمر، وهذا ظاهرٌ ومثلُه كثير.
    الثالث: نقْلُ ما حسُنَ معناهُ ومبناهُ الى ما قَبُح مبناهُ ومعناه. قال الكندي:
    ألمْ تَرَ أنّي كلما جِئْتُ طارِقاً ... وجدتُ بها طِيباً وإنْ لم تَطَيَّبِ
    أخذه بشار فقال:
    وإذا أدْنَيْتَ منها بَصَلاً ... غلبَ المِسكُ على ريحِ البَصَل
    وهذا أنزلُ شعرٍ في الرذالةِ، كما أنّ بيتَ الكندي أرفعُ بيتٍ في الجَوْدَة والجزالة، وقد أخذ كُثيِّرٌ المعنى، فطوّل وضمّن وقصّر، وزعمَ أنهاإذا تبخّرَتْ كانت كالروضة في طيبها. ولا يُعدَم هذا في أسهَكِ البشرِ جسماً وأوضَرهم حالاً، وشعرُهُ معروف.
    الرابع: عكس ما يصيرُ بالعكس هجاءً بعدَما كان ثناءً. قال حسّان بن ثابت:
    بيضُ الوجوهِ كريمةٌ أحسابُهم ... شُمُّ الأنوفِ من الطّرازِ الأوّلِ
    أخذَه ابنُ أبي فنن فعكسه فقال:
    سودُ الوجوهِ لئيمةٌ أحسابُهم ... فُطْسُ الأنوفِ من الطراز الآخ
    ر
    الخامس: نقْلُ ما حسُنَتْ أوزانُه وقوافيه الى ما قبُحَ وثَقُل على لسان راويه. قال الحكمي:
    دعْ عنكَ لَوْمي فإنّ اللومَ إغراءُ ... وداوِني بالتي كانتْ هيَ الداءُ
    أخذَه الطائي فقال:
    قدْكَ اتَئِبْ أربَيْتَ في الغُلَواءِ ... كمْ تعذِلونَ وأنتُم سُجَرائي
    فالحكَمي زَجَر عذولَه زجْراً لطيفاً، أعلمَه أن اللّومَ إغراء، وشغل عجُزَ بيتِه بمعنى آخر، بكلامٍ رطْبٍ، ومعنىً عذْبٍ والطائي زجَرَ عذولَه بلفظٍ مُتعسّفٍ تصعُبُ راويتُهُ، وتُستكرَهُ قافيتُه.
    السادس: حذفُ الشاعر من كلامِه ما هو من تَمامه. قال الكِنْدي:
    نظَرَتْ إليكَ بعينِ جازِئَةٍ ... حوْراءَ حانِيةٍ على طِفْلِ
    أخذَهُ المُسيّبُ بن علَس فقال:
    نظرَتْ إليكَ بعينِ جازِئَةٍ ... في ظِلِّ فاردةٍ من السِّدْرِ


    التوارد :


    وأما التوارد فهو اتفاقُ الخواطرِ في البيتِ والبيتين، وإنّما سمّوهُ توارداً أنفَةً من ذكرِ السّرقَةِ وتكبراً عن السّمة بها. قال عَلقمةُ بن عَبَدَة:
    أمْ هلْ كبيرٌ بَكى، لم يقْضِ عَبْرَتَهُ ... إثْرَ الأحبةِ، يومَ البيْنِ مَشكومُ
    وقال أوس بن حَجَر:
    أمْ هل كبيرٌ بكى لم يقْضِ عَبْرَتهُ ... إثرَ الأحبةِ يومَ البينِ معذورُ
    وقال طرفة:
    فلولا ثلاثٌ هُنّ من حاجةِ الفتى ... وجدِّكَ لم أحفِلْ متى قامَ عُوَّدي
    وقال نُهَيك:
    ولولا ثلاثٌ هُنّ من حاجةِ الفَتى ... وجَدِّكَ لمْ أحفِلْ متى قامَ رامسي
    وقال مُزاحم العُقيلي:
    تكادُ مَغانيها تقولُ من البِلى ... لسائِلها عن أهلِها لا تَعمَّلِ
    وقال ضابئ:
    تكادُ مغانيها تقولُ من البِلى ... لسائِلها عن أهلِها ولا تَعَمّلا
    وقال عَديّ بن زَيْد:
    وعاذلةٍ هبّتْ بليْلٍ تلومُني ... فلما غلَتْ في اللوْمِ قُلتُ لها اقصِدي
    وقال عمرو بن شأس:
    وعاذِلةٍ هبّتْ بليْلٍ تلومُني ... فلما غَلَتْ في اللّومِ قُلتُ لها مَها
    وقال أوس بن حَجر:
    حرْفٌ أخوها أبوها من مُهجّنَةٍ ... وعمُّها خالُها قوداءُ مِئشيرُ
    وقال كعب بن زهير:
    حرْفٌ أخوها أبوها من مُهجَّنةٍ ... وعمُّها خالُها قوداءُ شِمْليلُ
    وقال كعب الأشقري:
    لم يركبوا الخيلَ إلا بعدَما هَرِموا ... فهُمُ ثِقالٌ على أكتافِها مِيلُ
    وقال جرير:
    لم يركبوا الخيلَ إلا بعدَما هرِموا ... فهم ثِقالٌ على أكتافِها عُزُفُ
    ومثلُ هذه الأبيات في أشعار العرب أكثرُ من أن تُحصى وأعظمُ من أن تُسْتَقصى، وأنا لا أعدُّ ذلك توارداً اتفقَتْ عليه الخواطرُ، وتشابَهَتْ فيه الضمائر، بل أعُدُّه سرِقَةً مَحْضَة وإغارةً على الأشعارِ مُرفَضّة. وقد أوردَ ابنُ السِّكيت قولَ امرئ القيس: وقوفاً بها صحبي البيت، وقولَ طرفة في باب السَرِقات، والذي ذهب إليه هو الصحيح، وإنّما يتّفق للشاعرين معنىً ويلزمان أن يَنْظماهُ على قافيةٍ واحدة فربما تَواردا في بعض الكلام. من ذلك ما حكاه أبو القاسم الأندلسي وغيرُه في أشعار المَغارِبَة، قال: كان بين يدي محمد بن عبّاد صاحب الغَرب جاريةٌ في يدها كأسٌ وهي تَسقيه، فلمع البرق فارتاعتْ له فسقط الكأس من يدها فقال مُرتَجِلاً:
    روّعها البرقُ وفي كفِّها ... برْقٌ من القهوةِ لمّاعُ
    يا ليْتَ شِعري وهي شمسُ الضُحى ... كيفَ من الأنوارِ ترْتاعُ
    ثم قال لبعض خدمه: مَنْ على باب القصر من الشعراء؟ فقال: عبد الجليل بن وهبون، فأمَه بإحضاره. فلمّا مثُلَ بين يديه قصّ عليه القصّة وأنشدَه البيتَ الأول وقال له: أجِزْه فأنشأ:
    ولنْ ترى أعجبَ من آنِسٍ ... من مثلِها ما يُمْسِكُ يرتاعُ
    ومثل هذا يمكن أن يقع ولا يُنكَر ولا يُدفَع.
    وحكى الأندلسي قال: حدّثَني محمد بن شرف القيرواني قال: أمرَني المُعِز بن باديس وأمرَ حسنَ بنَ رشيق في وقت واحد أن نصِفَ الموزَ في شعرٍ على حرف الغَيْن، فجلس كل واحد منا بنَجْوَةٍ عن صاحبهِ بحيثُ لا يقفُ أحدُنا على ما يصنَعُهُ الآخر، فلمّا فرَغنا من الشعرِ عرَضْناه عليه، فكان الذي صنعتُه أنا:
    يا حبّذا الموزُ وإسعادُه ... من قبل أن يَمْضغه الماضِغُ
    لانَ فما نُدرِكُ جَسّاً لهُ ... فالفَمُ ملآنُ بهِ فارِغُ
    سِيّانَ قُلنا مأكَلٌ طيّبٌ ... فيهِ وإلاّ مشْرَبٌ سائِغُ
    وكان الذي صنعه ابنُ رشيق:
    موزٌ سريعٌ سوْغُهُ ... من قَبلِ مضْغِ الماضِغِ
    مأكلَةٌ لآكلِ ... ومشرَبٌ لسائِغِ
    فالفمُ من لينٍ به ... ملآنُ مثلُ فارغِ




  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    MI. U.S.A
    المشاركات
    3,553
    موضوع شيّق و هام أستاذ خشان. حقّاً هو بمثابة كنز صغير ..
    أعتقد بأنَّ الشِّعر لا يأتي من فَراغ أو فقط من مخيلة الشاعر لوحدها. فيها مخزون تراثي و يومي و تأثُّر بكل ما يقرأ و يسمع. و هذا طبيعي. المهم أن يكون ما يضيفه الشاعر من ( السرقات البريئة) أو المسموحة .. نصوصاً إبداعية متميِّزة و خلّاقة نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,954
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ((إباء العرب)) مشاهدة المشاركة
    موضوع شيّق و هام أستاذ خشان. حقّاً هو بمثابة كنز صغير ..
    أعتقد بأنَّ الشِّعر لا يأتي من فَراغ أو فقط من مخيلة الشاعر لوحدها. فيها مخزون تراثي و يومي و تأثُّر بكل ما يقرأ و يسمع. و هذا طبيعي. المهم أن يكون ما يضيفه الشاعر من ( السرقات البريئة) أو المسموحة .. نصوصاً إبداعية متميِّزة و خلّاقة نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    .
    شكرا لك أستاذتي

    مثلك من يقدر الأدب

    يرعاك الله.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,954
    http://islamport.com/w/adb/Web/629/41.htm

    الفصل الثاني
    فيما يجوزُ للشاعر استعمالُه وما لا يجوز
    وما يُدركُ به صواب القولِ ويجوز
    الذي يجوز للشاعر المولّد استعمالُه في شعره من الضرورة هو جميع ما استعملَتْه العرب في أشعارها من الضرورات سوى ما أستَثنيه لك، وأبيّنُه لدَيْك. والمولّد في ضرورات شعره وارتكاب صعابها أعذرُ من العربيّ الذي يقول في لغته بطبعه.
    أما الذي لا يجوز للمولّد استعمالُه، ولا يُسامَح في ارتكابِه فهو جميعُ ما يأتي عن العرب لَحْناً لا تسيغُه العربيةُ ولا يجوّزه أهلُها سواء كان في أثناء البيت أو في قافيتِه، فإنّ اللحنَ لا يجوزُ الاقتداءُ به، ولا النزولُ في شُعَبِه.
    فمن ذلك اللحنُ الذي سمّوْهُ جرّاً على المجاورة. قال الشاعر:

    فيا معشرَ الأعرابِ إنْ جازَ شُرْبُكم ... فلا تشربوا ما حَجّ للهِ راكبِ
    شَراباً لغزوانَ الخبيثِ فإنّه ... يناهيكُم منه بأيْمانِ كاذِبِ

    وهذا لَحْن قبيح، وصوابُه ما حجّ لله راكبُ. وقال آخر:

    أطوفُ بها لا أرى غيرَها ... كما طافَ بالبَيْعَةِ الراهِبِ

    جعل الراهبَ مروراً على الجوار وهو لحْنٌ قبيح، وصوابه: كما طاف بالبيعةِ الراهِبُ. وقال آخر:

    كأنّ نسْجَ العنكبوتِ المُرْمَلِ
    وصوابه المُرْمَلا وأما قول الآخر:

    كأنّ ثَبيراً في عرانينِ وَبْلِهِ ... كبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزمَّلِ

    فله وجهٌ قد ذكرهُ أبو الفتح وهو أنه أراد مُزَمَّلٍ فيه، فحذفَ حرف الجرِّ فارتفع الضميرُ فاستتر في اسم المفعول، وقد وردَ من هذا شيء كثير، كقول الآخر:

    كأنّما ضرَبَتْ قُدّامَ أعيُنِها ... قُطناً بمُسْتَحْصِدِ الأوتارِ محلوجِ

    وصوابه محلوجاً. وكل ذلك إنما أتوا به بناءً على ما ورد عن العرب من قولهم: هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ، وليس الخَرِبُ من صفة الضَبّ قال الخليل بن أحمد: قولهم: هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ، إنما ورد عنهم من طريق الغلط، والدليل على ذلك أنهم ثَنَّوا لم يقولوا إلا جُحرا ضَبٍّ خَربان، لأن الغلط ههنا يَبينُ، وإنما وقع في الواحد لاجتماع الجحر والضبّ في الإفراد. وكذلك إذا جمعوا فإن الغلطَ يرتفعُ نحو قولِك: هذه جُحْرَة ضِبابٍ خَرِبَة. والمُحقِقون من أهل العلم لا يُجيزونَ العمل على الجوار، وما نحنُ بالمُغَلِّبين قولاً على قول، ولا لنا في ذلك غرَضٌ، وإنما المُولَّدُ من الشعراء لا يجوز له العمل على المجاورة، ولا ود [ورد] ذلك لأحد من المولّدين المُجيدين، ولا أجاز العلماءُ بالشعر لهم ذلك، سواء كانت العرب أصابَتْ فيه أو أخطأَتْ، المقصودُ أنه محظورٌ على المولّدين.
    ومما لا يجوز للمولَّدين استعمالُه، ما استعملَتْه العربُ من التقديم والتأخير، والفصل الذي لا وجهَ لشيء منه، ولا يجوز للمولّد الحذوُ عليه، ولا الاقتداء به، فإنّه لحنٌ مُستَقبَح، كقول الشاعر:


    لها مُقلتا حَوراءَ طُلَّ خميلةً ... من الوحشِ ما تنفكُ ترْعى عَرارُها

    أراد: لها مُقلتا حوراء من الوحش ما تنفكُ تَرعى خميلةً طُلَّ عُرارُها. وقال الآخر:

    فقدْ والشَّكُ بيّن لي عَناءٌ ... بوَشْكِ فِراقِهم صُرَدٌ يصيحُ

    أراد: فقد بيّن لي صُرَدٌ يصيحُ بوشْكِ فراقِهم والشّكُ عناءٌ. وقال الآخر:

    فأصبحتْ بعد خَطِّ بهجتِها ... كأنّ قفراً رُسومَها قَلَما

    أراد: فأصبحتْ بعدَ بهجتِها قفراً كأنّ قلَماً خطّ رسومَها ومثل ذلك كثير. وقد ترى ما في هذه الأبيات من الفصول والتقديم والتأخير، ومثل هذا لا يجوز للأعراب المتقدمين فضلاً عن المولّدينَ المتأخرين. ولا يجوز لأحدٍ أن يتخذهُ رسْماً يعملُ عليه.
    ومما لا يجوز للمولّدين الاقتداءُ به ولا العملُ عليه لأنه لحنٌ فاحشٌ الإقواء في القافية، وذاك أن يعمل الشاعرُ بيتاً مرفوعاً وبيتاً مجروراً، كقول النابغة:

    أمِن آلِ ميّةَ رائحٌ أو مُغْتَدِ ... عجْلانَ ذا زادٍ وغيرَ مزوَّدِ
    زعم البوارحُ أنّ رِحلتَنا غداً ... وبذاك خبّرَنا الغُرابُ الأسودُ

    ويا للعجب كيف ذهب ذلك عن النابغة مع حُسْنِ نقدِه للشّعر وصحّة ذوقِه وإدراكِه لغوامض أسرارِه، وقد عرَفْتَ ما أخذه عن حسان بن ثابت مما تحارُ الأفكارُ فيه، ولمّا نُبِّه على موضعِ الخطأ لم يصل الى فهمِه ولم يأبَه له حتى غنّت به قَينَةٌ وهو حاضر، فلمّا مدّدَتْ، خبّرَنا الغرابُ الأسودُ، وبيّنت الضمة في الأسود بعد الدال فطِنَ لذلك وعلِم أنّه مُقْوٍ فغيّره وقال: وبذاك تنعابُ الغُرابِ الأسودِ. وكقول مُزرِّد بن ضِرار من أبيات:
    ألم تعلمِ الثعلاءُ لا دَرَّ درُّها ... فَزارةُ أنّ الحقَّ للضّيفِ واجبُ
    ومنه:

    تشازَرْتُ فاستشرفْتُه فرأيتُهُ ... فقلتُ له: آ أنتَ زيدُ الأرانبِ؟

    وكقول حسان بن ثابت:

    لا بأسَ بالقَوْمِ من طولٍ ومن عِظَمٍ ... جِسمُ البِغالِ وأحلامُ العصافيرِ
    كأنهم قصبٌ جُوفٌ أسافِلُه ... مثَقَّبٌ نفخَتْ فيه الأعاصيرُ

    ولا يكون النصب مع الجرّ ولا مع الرفع في الإقواء. ولعمري إن الجميع لحْنٌ مردود، ولا وردَ عنهم شيءٌ من ذلك، وإنما يجتمع الرفعُ والجرُّ لقربِ كل واحد منهما من صاحبِه. ولأنّ الواوَ تُدغَم في الياء، وأنهما يجوزان في الرِّدفِ في قصيدة واحدة، فلما قرُبَت الواو من الياء هذا القُرب تخيّلوا جَوازَها معها وهو خطأ وغلط، وليس للمُقيَّدِ مَجْرى، أعني حركة حرف الروي، وإنما هو للمطلق، وأظنّ أنّ من ارتكبَ الإقواءَ من العرب لم يكنْ ينشِدُ الشِّعرَ مطلقاً، بل ينشدُهُ مُقيَّداً ويقف على قافيتِه، كقول دريد بن الصّمّة:

    نظرتُ إليه والرماحُ تنوشُهُ ... كوقعِ الصّياصي في النسيجِ المُمَدَّدْ
    فأرهبتُ عنه القومَ حتّى تبددوا ... وحتى علاني حالِكُ اللون أسْوَدُ


    وفي الجملة فهو عُذر لا بأس به.
    وروى لي بعضُ مشايخِنا، يرفَعه الى أبي سعيد السيرافي قال: حضرتُ في مجلس أبي بكر بن دُرَيد، ولم أكن قبلَ ذلك رأيتُه، فجلست في ذيل المجلس، فأنشد أحد الحاضرين بيتَين يُعزَوان الى آدم عليه السلام لما قتلَ ابنُه قابيل أخاه هابيل وهما:

    تغيّرتِ البلادُ ومَنْ عليها ... فوجهُ الأرضِ مُغْبَرٌّ قبيحُ
    تغيّر كل ذي حُسْنٍ وطيبٍ ... وقَلّ بشاشةُ الوجهِ المليحُ

    فقال أبو بكر: هذا شعرٌ قد قيل في صدْر الدنيا وجاء فيه الإقواء، فقلت: إنّ له وجهاً يُخرجه من الإقواء. فقال: ما هو؟ فقلت: حذفُ التنوين من بشاشة لالتقاء الساكنين ونصبُها على التفسير، ورفعُ الوجه بإسناد قَلّ إليه. ولو حُرِّك التنوين لالتقاء الساكنين لكان: وقلَّ بشاشةً الوجهُ المليحُ. فقال لما سمع هذا: ارتفعْ، فرفعَني حتى أقعدَني الى جنبه.
    ومما لا يجوز للمولّدين استعمالُه، ولا وردَ لأحد رخصةٌ في مثلِه: الإكفاء، وهو اختلاف حرفِ الرّوي، ومثال ذلك قول الراجز:

    بُنَيّ إن البِرَّ شيءٌ هيِّنُ ... المَنْطِقُ الطَيِّبُ والطُعَيِّمُ

    وقول آخر:

    إنْ يأتِني لصٌّ فإنّي لصُّ
    أطلسُ مثل الذِئبِ إذْ يعْتَسُّ
    سَوْقي حُدائي وصفيري النّسُّ

    ومما لا يجوز للمولد استعماله الإيطاء: وهو أن يُقفّي الشاعرُ بكلمة في بيت ثم يأتي بها في بيت آخر يكون قريباً من الأول، فإن تباعدَ ما بين البيتَيْن بما قَدْرُه عشْرةُ أبيات فصاعداً، كان الذّنْبُ مغفوراً، والعيبُ مستوراً، وانتقل من المحظور الى الكراهية فإن كان إحدى القافيتين معرفَةً والأخرى نكرة فقد زالت الكراهية وكان الى الجواز أقرب من الامتناع وقد أوطأتِ العربُ كثيراً. قال النابغة الذبياني:

    أو أضعُ البيتَ في خَرساءَ مُظلمةٍ ... تُقيِّدُ العَيْرَ لا يَسْري بها الساري

    ثم قال بعد أبياتٍ يسيرة:

    لا يخفِضُ الرِّزَّ عن أرضٍ ألمّ بها ... ولا يضِلُّ على مِصْباحِه السّاري

    وقال ابن مُقبِل:

    أو كاهتزاز رُدَيْنيٍّ تداولهُ ... أيْدي التِّجارِ فزادوا مَتْنَه لِينا

    ثم قال بعد أبيات:

    نازَعْتُ ألبابَها لبّي بمقتَصَر ... من الأحاديثِ حتى زِدنَني لينا

    ومما لا يجوز للمولد استعماله السّناد: وهو اختلاف كل حركة قبل حرف الرويّ، كقول عمرو بن الأهتم التغلبي:

    ألم تَرَ أنّ تغلِبَ أهْلُ عِزٍّ ... جِبالُ معاقلٍ ما يُرْتَقَيْنا
    شرِبْنا من دماءِ بني سُلَيْمٍ ... بأطرافِ القَنا حتى رَوينا

    ففتحةُ القاف وكسرةُ الواو سِناد لا يجوز، لأنّ أحدَ الحَذوَين يتابع الرِدْفَ والآخر يخالفُه. وقد أجاز الخليلُ الضمةَ مع الكسرة ومنع من الضمة مع الفتحة، فإن كان مع الفتحة ضمّة أو كسْرةٌ فهو سِناد.فأم الذي جوّزه فكقول طرَفة:

    أرّقَ العينَ خيالٌ لم يَقِرْ ... عافَ والرَّكبُ بصحراءَ يُسُرْ

    فهذه ضمّة مع كسرة وهو جيد. وأما الذي منع منه وذكر أنه سنادٌ فكقول رؤبة:

    وقاتِمِ الأعماقِ خاوي المُخْتَرَقْ

    ثم قال:

    ألّفَ شتّى ليس بالراعي الحَمِقْ

    فجمع بين الفتحة والكسرة.
    ثم قال:

    مَضْبورةٍ قرواءَ هِرجابٍ فُنُقْ

    فأتى بالضمة مع الفتحة والكسرة، وهو سِناد قبيح لا يجوز استعمالُ مثلِه، ومثلُه في القبح والجمع بين الكسرة والفتحة والضمة وقول الأعشى:

    غَزاتُكَ بالخيلِ أرضَ العَدْ ... وِ فاليومَ من غَزْوَةٍ لم تَخِمْ
    وجيشُهُم ينظرونَ الصبا ... حَ وجذعانُها كلفيظِ العَجَمْ
    قعوداً بما كان من لأْمَةٍ ... وهُنّ قِيامٌ يلُكْنَ اللُّجُمّ

    وحكى أبو عمر الجَرْمي أنّ الأخفش لم يكن يرى ذلك سِناداً ويقول: قد كثُر مجيء ذلك من فصحاء العرب. والمعوّلُ على ما قاله الخليل لا غير. وأجاز الخليل مجيءَ الياء مع الواو في مثل مَشيبٍ وخطوب، وأميرٍ ووعورٍ، فإن أردفْتَ بيتاً وتركتَ آخر فهو سِناد وعيب لا يُنسَجُ على منوالِه كقول الشاعر:

    إذا كنتَ في حاجةٍ مُرسِلاً ... فأرسِلْ حكيماً ولا توصِه
    وإنْ بابُ أمرٍ عليكَ التوَى ... فشاوِرْ لبيباً ولا تَعصِه




معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط