تم نقل النص وبضعة حلول من الرابط :
http://www.arood.com/vb/showthread.php?p=51805
والرجاء استكمال التخبيب في هذا الرابط .
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله كثيرا وكفى والصلاة والسلام على من اصطفى وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الموضوع مره سنة تقريبا يوم أن استيقظنا على منظر رائع كسى دنيانا نورا وبياضا في شهر مارس الماضي ، وقد كان بيننا وبينه زمنا بعيدا دام طويلا خصوصا بالمقارنة مع ذكريات الطفولة
وستجدون أسل بعض الصور لتلك المناظر خاصة بهذا السنة
" الدنيا ثـــلج"
"الدنيا ثلج" عبارة كنا نرددها في عاميتنا عندما نرى تساقط الثلج ، أو نصبح في صباح أبيض مشرق بنور بياض الثلج المفروش على وجه الأرض ، وفوق أغصان الأشجار المتدلية ،،،، كُنا صغارا نرى تلك المناظر الزاهية في بهاء عالمنا البريء ، والتي تبث فينا فيتامينات وشحنات تزيدنا دفئا رغم البرودة ، ورغبة في التحليق بخيالاتنا الصغيرة السابحة في جو نحس أن الكلام لا يعطيه حقه عند وصفه ...
كنا صغارا والعالم من حولنا نراه بعين الصغير، مجردا من كل سوء إلا البراءة ، سعةً من الجمال أكبر من سعة أبصارنا ، نرى الثلج إن كـُنـِسَ من أمام الأبواب لتفتح صباحا وهو مرصع على العتبات وفي الطرقات ليكدس على جنبات الشارع ، بعيدا عن المارة ، كقمم جبال صغيرة لا تذوب في يومها ، وكنا نسعد بلعبنا البريء الخالي من الضرر بقذف بعضنا بعضا بكرات الثلج ، وأحيانا يشدنا البياض والنقاء والصفاء ، فنأخذ منه قذمة ولا نبالي بنتحذيرات أهلنا ،[[ " مـَا تـَاكـْلـُوشْ الثـَّلج "]] ، نسير ذهابا للمدارس ، ثم إيابا للبيت ونحن نتحرز خوفا من الانزلاق ، كنا نراه بعين تختلف عن عين الكبير ،،،، شاء الله أن تختفي تلك المناظر كما كانت إلا بعض الملامح عبر سنوات جافة من جمال الطبيعة ، ولم نعد نرى لترتيب الفصول ترتيبها السابق ،،، فقد عهدنا الصيف صيفا ، والخريف خريفا ، الشتاء شتاء ، والربيع ربيعا ،،، كل فصل له ذوقه والإحساس بطعمه الخاص، وكل فصل له نشاطه الذي يميزه عن باقي الفصول ، الخريف للحرث وفيه تتساقط الأوراق من أغصانها وتتعرى الأشجار، في منظر كئيب لكنه جميل لأنه الاعتيادي الواقعي ، وبعض ما ينبئ بقدوم الشتاء ، تغير الجو، وهطول المطر ، وهبوب الرياح ، ثم يقبل الشتاء بأمطاره وثلوجه وبرده القارس ، ويأتي الربيع بزهوره الزاهية واخضرار الأرض وكسائها باللون المزركش الغالب عليه خضرة الحشائش وخصوبة التراب ، وألوان الزهور والهواء النقي الصافي الذي يملأ النفس نشاطا وتتجدد به الحياة ، كأنه الأمل الذي يمتد ليشمل باقي الفصول بشحنته النقية ، ثم يعقبه الصيف للحصاد وجني ما بذره الفلاح وأعطاه الله من خصب الطبيعة ، فهو موسم العطاء رغم حرارته العالية نهارا ونسيمه العليل عشيته وليله ..... يا له من ترتيب رائع بترتيب نيات البشر المتكاملة والمتدفقة بالتسامح على الخير والثقة والأمن ، ببث الأمان والأمل بحسن الظن في غد أفضل .
منذ سنوات لم نعد نرى ذلك الترتيب ، تغيرت الأجواء ، ربما بسبب تغير النفوس ، وكثرت الرياح المثيرة لغبار الأرض ، المعكر لأجواء النفس والطبيعة ، لم تعد النيات كقديمها في الحرث والبذر والتوكل على الله ، أصبح الكثير يخشى بحسابه المتقدم أن لا يأتي المطر في فصله ويظن الجفاف قبل أن يراه ، وصار الكثير يحتال في نيته على الفصول فلا يبذر الأرض خوفا من أن تأتي هذه السنة بورا ، ويتركها تبور، حتى الغيم صرنا نراه يأتي ، ونرقبه يمر في الأفق حتى يتدلى فإذا اقترب من أذهاننا قناعة أن الغيث سينزل ساعته ، يرحل ويسافر في أكثر الأحيان إلى حيث ناداه الله ،كأن شيئا لم يكن في انتظار أمطار غزيرة ، و انقلبت الطبيعة على تلك الحال بأمر الله الواحد الأحد... ولم نعد نحس بترتيب الفصول.
أ لـِهذا الحد ؟! أدى سوء النيات وإضاعتها وترك التوكل على الله وفتح باب الحيلة والاحتيال على الطبيعة إلى تذبذب في هذه الفصول!؟
[["اليوم الدنيا ثلج!"]] بشرى خير انتظرناها وحلمنا كثيرا بها ، في أول يوم من فاتح مارس أصبحنا لنرى بساطا أبيضا يغطي سطح الأرض .....
يا الله! ما أجمله من منظر يوم قمت باكرا قبل صلاة الفجر وخرجت لحوشنا وأحسست بشيء لطيف يتساقط من أعلى وفوقي، فتحت نور المصباح وأبصرت الثلج الذي لم نعد نلقاه من زمن مضى ، أهلا ضيفنا العزيز! ، قلت: "يا رب اللهم صيبا نافعا" واستبشرت خيرا وأحسست بأن تلك النسمات ستترك استبشارا في كل نفس رأتها واستنشقت عبيرها.
في تلك الصبيحة كانت سعادتي لا وصف لها بهذا النور الساطع
لكنه بدأ يذوب في يومه فهو لم يكن كثيفا، المهم [["صَب الثـَّلجْ" ]]....وتمر أياما باردةً وصقيعا...
البارحة ونحن نودع اليوم الثالث من مارس ونستقبل ليلته الرابعة طيلة تلك الأيام الجو بارد وفيه تساقط بعض المطر المتقطع ،، لكن الثلج عاد ، هاااااااي عاد الثلج ، إنه الثلج ، [["الدنيا ثلج"]] ،[["الثلج يْصُبْ،،،،،،، ]] وبكثافة يا لها من فرحة ، أحسست في نفسي أن الغد سيكون في أبهى صورة وهو يوم أبيض مثلج .
بقيت أرقب قليلا مع الدعاء بالبركة والنماء [[ اللهم بارك وزد ]] لهذا المنظر الساحر ،ودخلت البيت وأمنيتي أن لا ينقطع هذا الخير على الدنيا حتى يستمتع به الجميع ،،،، في تلك الليلة المثلجة في الخارج ، الدافئة في الداخل ،،،،التيار الكهربائي انقطع ونحن نتابع التلفاز في جلسة عائلية ، آه انقطع التيار، بهت الجميع وأعيننا تركز على النقطة الحمراء
في جهاز التلفاز ، لعل التيار يعود فجأة ، لكنه أبطأ ،،، على ضوء مصباح الهاتف النقال الخافت ،،خطرت ببالي فكرة ، ....أن نتسلى قليلا بمثل ما كان يتسلى به أسلافنا أيامهم
في سهراتهم وسمرهم ، في زمن انعدام التلفاز والكهرباء . ولأني أحب الأمثال الشعبية لما تحمله من فكر غزير وشواهد على مواقف وعبر وحكم لا يوجد لها مثيل في تعبير جيلنا ، لأن تلك الكلمات القليلة الموزونة والحكيمة مدرسة من المواقف الواعية والمعالجة للنفس والعبر الشاحذة للهمم إن قيست بميزان الشرع طبعا كانت في صلبه لكنها جاءت بلسان دارج مملوء بصور بيانية وبأسلوب بديع غاية في البلاغة والوزن .
فقلت من يبدأ فيعطينا مثلا شعبيا؟ ،هكذا بدأ كل واحد يفكر ويقول مثلا فيه حكمة ... فيه ما هو رصين فيهز الجميع رأسه تعبيرا عن الإعجاب ،،، كأن يقولوا ،،، [["هــِيهْ صَحْ " كـْلاَمْ رْزِيــنْ" ]] وغيرها من التعبيرات والتعليقات الدارجة عندنا ، الدالة على أن هذه حكمة ومثل ممتاز ، وفيه ما هو عادي ، وفيه ما هو مضحك لأن بعضنا لا يعرف سرد المثل كما قيل من أصحابه الأوائل فيخلطه بعض الشيء ، ويلف الدور الجميع وأحيانا نُطَعِّمُ الموقف ببعض الحكايات القصيرة لمناسبة هذا المثل أو ذاك ، وانتقل الدور للألغاز ومازلنا في هذا السمر غير العادي عندنا وفي بيتنا والنادر أيضا حتى أتانا النور ، نور الكهرباء ، ومن ثم توقفنا جميعا وعدنا إلى التلفاز ،، في تلك اللحظات لم أنس الثلج ومنظره الجميل ووعدت نفسي بأني سأخرج غدا صباحا قبل خروج أي أحد لأدوس أرضا بيضاء . .
قبل أن أعود لغرفتي فتحت باب المنزل ،وتسللت عند العتبة ... تقدمت قليلا ...لا وجود لبشر ،،، وجدت أمامي منظرا مدهشا للغاية ، كانت الليلة ليست ليلة مقمرة فنحن في ليلة 29 ربيع أول ،ولا ضوء مصباح ولكن يا للدهشة نور بياض الثلج واضح جدا وساطع على الأفق بحيث ترى كل شيء أمامك كأنه ضوء القمر في ليلة اكتماله ليبسط نوره على الأرض، أحسست نفسي في لهف وأسر بروعة هذا الجو ، ولي رغبة لأن أتشبع بهذا المنظر كثيرا، يااااااا يا لتلك الطفولة البريئة التي استيقظت بداخلي ، كلما تنفست هذه الأنفاس العميقة وشدتني تلك المناظر الآسرة المتلألئة لتأخذني في سفر طويل خيالي....لا أريد هروبي منه ، ولا هروبه مني ، هذا المنظر من بين تلك التفاصيل الزاهية أريده أن يبقى ويدوم ، بل وددت لو تتوقف اللحظة هنا ، في هذا المشهد الساحر ، ، ولا أعود لدنيا التقلب والأهواء والفتن ودنيا الناس والعبث والتعب ، وأنا أردد يا الله ،،، تبارك الله أحسن الخالقين ،،، سبحان الله ،،، روووووعة ،،، يا الله ،،، اللهم صيبا نافعا ، اللهم صيبا نافعا ..... وكل كلمة جميلة شكرا لله ، وكل وصف جميل يأخذني في تيه لأتخيل روعة الجنة التي لا تستطيع مداركنا
أن تدرك وصفها ، أهكذا الجمال!؟! وذاك أكثر وأبهى بما لا عين رأت ولا أذن سمعت !! هذا الجمال فكيف بالجمال الآخر!!... ، أخذت نفسا ... لكن المقام والحال هذا هو .... لا يجب أن أبقى ، ولا تبقى تلك اللحظة على ما هي ، بل كل شهيق وزفير بحياة جديدة ،،وصوت من خلفي يصرخ و يناديني [["خــُشـِّي ""سَـكّْرِي البابْ "]] ، عدت وشيء ما يجذبني لأبقى وفي خاطري أمنية أن يرى الجميع هذا الجمال الرباني ويستمتع بهذه الطبيعة ويتأمل جمال الخالق سبحانه ولا يحرم أحدا
منها....
أصبحنا وأصبح الملك لله .... في اليوم الرابع من مارس 2011 مع أذان الفجر بعد عودة للتيار الكهربائي الذي لم يكن كعادته بل كان متوترا بين انقطاع وعودة.... أسرعت لحوش الدار كأني أتفقد شيئا قبل أن يضيع مني ،،وجدته مذهلا ما شاء الله ، اللهم لك الشكر والحمد ، اللهم أغثنا كما أغثت الأرض بخيرك الذي لا ينقطع ، وكما وعدت نفسي ومنيتها بحديثي البارحة وهذا الصباح ،،، بأني بعد تحضير ماء دافئ من أجل الصلاة ، أحضر القهوة للجميع .... سأنتظر إذن حتى أكمل وأخرج قبل خروج الجيران ،وقبل أن يتفطن لذلك كل من في الحي ..
استأذنت أهلي بعدما لبست جلبابي، فتحت الباب وأخذت العصفور الصغير في طريقي ، أبيض اللون .... بلبلنا المدلل ، وأحسست بشوقه وحنينه الذي يفوق رغبتي في رؤية عرس الثلج ، بلون بياض ريشه ....
أخذت القفص وأنا أحدثه، أنت سجين يا مسكين سأمتعك بمنظر جميل لعلنا سرقناك منه، وأنت أحق به مثل كل خلق الله ... لعلك ستراه بعينك، وتعبر بلغتك ، وتـُسبح الخالق بما لا نفقهه عنك .
خرجت ... وماذا أرى ؟!..... حوشنا الصغير لم يكن ليستوعب كل ذلك الجمال حتى يعبر عن تلك التفاصيل جميعا ، فقط أوحى لي بوجود ثلج كثيف في الخارج وهذا ما استطاع أن يعطيني من انطباع وفقط ،، انتبهت ،، يا للهول!! وجدت أشجار الحديقة كأنما نامت من ثقل الثلج المتساقط عليها ، عدت مسرعة تعالوا فقد كسر الثلج أغصان الأشجار....وهذا الدليل على كثافته ، أسرعوا شوفوا المنظر الجميل قبل أن ينتبه من في الحي لاجتماعنا ، لم تكن فرحتي بالثلج ليكون لها طعم إن لم يشاهده من في بيتنا .
منذ زمن لم نر تلك الكثافة والروعة
منذ زمن لم يأتنا الشتاء بمثل هذا المنظر الجميلالآسر
يا له من إحساس متفائل جميل ، يا له من يقين بأن الله قادر على أن يقول لما يشاء كن فيكون في وقت قد يكون بيننا وبينه قدر من الضعف في اليقين ، يالها من قوة تبث الأمل بأن هذا الكون الكبير الشاسع صغير عند الله ويتغير في طرفة عين بل قبل أن يقوم الجالس من مقامه، بل بقدر ما لا نستطيع تصوره وهو في علم الله وتقديره بقدر الله ، فما بنا نحن ننسى هذا عن أنفسنا وننزوي للانطواء ، يا لها من بهجة لا توصف وفرحة لا حدود لها....
أحسسنا بحق الجيران وكل سكان الحي في الخروج ليروا ما شاهدناه ، فقد انتبهوا لوجودنا ،،، أسرعنا بالدخول للدار، بعد أن نفضنا عن تلك الأغصان قليلا من الثلج لأنه كان مرصعا فوقها مما أثقلها ومالت لتنكسر ، وما هي إلا لحظات حتى بدأ عرس الثلج ، وعج الحي بالصغار والكبار يتقاذفون كرات الثلج ويسجلون في أذهانهم صورا رائعة لمناظر لم تكن في الحسبان خلال سنين ، مثلما سجلناها نحن قبل سنين وبقيت في شريط ذكرياتنا الراسخة في أذهاننا
....... هاهي الدنيا ثلج والجميع يردد [["صَب الثـَّلجْ"]]،،، [["الدنيا ثلج"]] ما شاء الله .
سليلة الغرباء
يستحق هذا الموضوع الجميل صورة ولغة أن نكافئ استاذتنا عليه عروضيا.
خطر لي أن يكون ذلك في تخبيب هذه المقدمة . سأبدأ من البداية آملا أن يتبعني آخرون مع مراعاة الترتيب والاتصال ( عدم القفز ) كل قدر طاقته ولو بجملة .
أحمد ربي حمدا متصلا، وعلى المرسل بالحق أصلي وعلى الآل جميعا والأصحاب ومن سار على النهج إلى يوم الدين.الحمد لله كثيرا وكفى والصلاة والسلام على من اصطفى وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين
2 (2) 2 2 2 2 2 (2) 2، (2) 2 2 (2) 2 2 (2) 2 2 (2) 2 2 (2) 2 2 2 2 2 (2) 2 2 (2) 2 2 (2) 2 2 2 2 ه
المفضلات