حوار موسع حول الروي

نظرا لأن هذا الحوار هام ولا يختص بالقافية أو الروي في حالة واحدة، فقد رأيت نقله إلى قسم القافية العام.
إضافة إلى أنه أعلى مستوى من الدروس التي يختص كل منها بنوع محدد من القافية.

سليمان أبو ستة :
أخي الصمصام

حياك الله وأبقاك ، فأما عن الروي في تلك الأبيات فهو الميم ، وأما الدال فيسميه الخليل ( الدخيل ) وحركته الإشباع . وأرى أنك التزمت حرفا لا يعد من بين الحروف التي يلزم تكرارها في القافية ، فهو إذن من باب لزوم ما لا يلزم ، وقد صنع المعري ديوانا بأكمله على هذا النحو فأجاد وأبدع ، ولم يضطر في ذلك إلى الإتيان بكلمة في غير محلها الذي يوافق السياق .
ومن جانبي سأعطيك بيتا قديما تدلني على حرف الروي في قافيته :
ميلا خليليّ نحو الدار نبكيها .......... ونوها باسمها في الناس تنويها
*************************
سليمان أبو ستة :

أن كتبت ردي وأنزلته ، بدا لي أن أقرأه على النحو الذي نزل عليه . وبتأملي للأبيات الواردة لمحت فيها نفس المعري الشعري وعمق فلسفته ، وكان قد سبق إلى خاطري في البدء أن تكون الأبيات من نظم أخي الصمصام ، ولهذا بادرت إلى استدراك الأمر مع أن ديوان اللزوميات ليس في متناول يدي الآن ، ولكن كلام المعري وأسلوبه لايخفيان على من يألفه .
فعذرا للاستعجال ،،،،،،،،،
************************
الصمصام :
أبقاك الله أخي وأستاذي سليمان وأدامك

كان سهوا مني جعل الروي الدال وليس الميم ولكنه كان مباركا إذ حظينا بك أستاذي وباستداركك

وظنك أخي في مكانه فالأبيات لشيخ المعرة

قرأت في أحد كتب العروض أن الهاء بعد الساكن سواء كانت أصلية أم لا تكون رويا.

وعلى هذا أجدني أراها الهاء مع تنازع في نفسي بينها وبين الياء. ومنكم نتعلم

لك تحياتي وتقديري
**************************
خشان خشان

أخي الصمصام

لا بأس أن نستبق الدروس قليلا في التدرب على الرمز للقافية بما يمثل ثوابتها

نا 2 د 1 مو 2 = 2 1 2
وا 2 د 1 مو 2 = 2 1 2
ها 2 د 1 مو 2 = 2 1 2

الرمز الذي يحدد الثابت هو

2 1 2 = 1آ - 1 ِ – مو

1آ : رمز لثبات حرف الألف
1 ِ = رمز لثبات حركة هذا المتحرك ( الكسرة)
مو = مو

أما الدال فأضحك الله سنّك .
*****************************
سليمان أبو ستة :

قال المعري في مقدمة اللزوميات :
"... ودل كلام أبي بكر بن السراج في الأصول على أن الروي الياء في قول الشاعر :
لها أشارير من لحم تتمره............. من الثعالي وذخر من أرانيها
وهذا يشبه مذاهب المؤلفين ويجوز أن يكون مذهبا لابن السراج أو وهما منه لقلة عنايته بهذا النوع . وقد روى أبو الحسن العروضي الذي كان في صحبة الراضي أن أبا إسحاق الزجاج سئل عن الروي في قول الشاعر :
ميلوا إلى الدار من ليلى نحييها
فزعم أنه الياء ، فروجع في ذلك فلم ينتقل عنه ، وإنما ذكر أبو الحسن ذلك يعيبه عليه لأن مذهب الخليل والطبقة الذين بعده أن الروي الهاء ، وقد شاهدت بعض المتحققين بالأدب ببغداد يجعل الروي الياء في قول الشاعر :
يأيها الراكبان السائران معا............. قولا لسنبس فلتقطف قوافيها

وما أحسب هذا ممن قاله إلا وهما ، لأن الروي الساكن لا يكون بعده وصل ... "
وقد سقت هذا الاقتباس الطويل من كلام المعري لأطمئن أخي الصمصام على أن ما تنازع في نفسه بين الياء والهاء لم يكن خاصا به وحده ، وإنما شاركه فيه عدد من جلة العلماء الأولين ، وهو مع هذا حسم الأمر بقبوله الهاء رويا استنادا إلى قول معظم علماء العروض .
************************
خشان خشان

الأخوين الأستاذين سليمان والصمصام
أخي الأستاذ محمود مرعي

قبل قراءتي هذا الموضوع كنت أعتبر من المسلم به أن الهاء هي الروي اعتماد على هذه القاعدة التي تفضل الأخ الصمصام بذكرها وأقره عليها أخي سليمان من أن الهاء بعد الساكن هي الروي. ولكن مما تفضل به أخي سليمان من إصرار علماء كبار على أن الياء هي الروي، جعلني أحاول تمثل وجهة نظرهم وتقمص تفكيرهم فرحت أحلل ما قد يكون عليهم تفكيرهم
والساكن هنا أحد ثلاثة

1- الساكن ألف ، كما في أبيات المتنبي :

ألناس ما لم يروك أشباهُ - - - والدّهر لفظ وأنتت معناه
والجود عينٌ وأنت ناظرها - - - واليأس باعٌ وأنت يُمناهُ
أفدي الذي كلُّ مأزقٍ حرجٍ - - - أغبرُ فرسانه تحاماهُ

وهنا لا نجد عناء في اعتبار الألف ردفا والهاء رويا فيكون رمز القافية :
العام = (2= 1 آ ) – ( 2 = رو ) والخاص بهذه الأبيات = (2= 1 آ ) – ( 2 = هو ) حيث (ر=الروي=الهاء)

ولو أصر آخر على أن الروي الألف والهاء وصل بحيث يكون رمز القافية
العام = ( 2 = 1 ر ) – ( 2= هو) والخاص = ( 2 = 1 آ ) – ( 2= هو) حيث (ر=ألف=الروي) لصح قوله نظريا، ولتساوى احتمال كون الروي الألف مع احتمال كونه الهاء
فكون الروي الهاء يجعله رويا مردوفا بالألف ويجعل الألف لازمة.
وكون الروي الألف يجعله موصولا ب (هـو) ويجعل الهاء وما بعدها من خروج (الواو في هو) لازمين.
وعلى من ينحاز إلى أحد الخيارين أن يأتي بمثال يحتم أحدهما أو يرجحه على الآخر.
وأنا لا أجد ما يجعلني بمنطق الفكر المجرد أنحاز إلى أحدهما، إلا ما قد تقرره القافية في حال احتوائها الواو أو الياء قبل الهاء فنقيس الألف على ذلك.
2- الساكن واو أو ياءهذه أبيات للبحتري:
ميلوا إلى الدار من ليلى نحيّيها - - - نعمْ ونسألها عن بعض أهليها
يا دمنةً جاذبتْها الريحُ بهجتها - - - تبيتُ تنشرها طورا وتطويها
لا زلتِ في حللٍ للغيث صافيةٍ - - - ينتيرها البرقُ أحيانا ويُسديها


الاحتمالان الذان تطرقنا إليهما في حال كون الساكن ألفا واردان هنا
الأول الياء ردف والهاء روي والقافية = (2 =1يو ) – (2- رآ) = (2 =1يو ) – (2- هآ)
حيث الروي = ر = هـ، (آ هي الألف ونضع العلامة فوقها فقط لتمييزها عن الرقم1)
يو = تعني أن يكون الردف ياء أو واوا.
الثاني الياء روي والهاء وصل فتكون القافية= (2= 1ر)- (2=ها )= (2= 1ي)- (2=ها )
حيث الروي = ر = ي
والفيصل بين القولين يكمن في (يو) في رمز القافية في الحتمال الأول
(2 =1يو ) – (2- رآ) = (2 =1يو ) – (2- هآ)
الذي يعني أنه إن كانت الهاء رويا فيجوز أن تكون مسبوقة في نفس القصيدة مرة بالياء وأخرى بالواو فهل هذه هي الحال؟
قصيدة البحتري التي اقتطفت منها تلك الأبيات المتقدمة عدد أبياتها أربعون كلها بالياء وبعدها الهاء ولم يوجد فيها بيت واحد تكون الواو فيه قبل الهاء. وهناك قصائد قليلة الأبيات للمتنبي وأبي تمام كلها تسبق فيها الياء حرف الهاء غير مصحوبة بالواو. وأنا أبحث عن قصيدة طويلة لأتبن الأمر.
وجدت لشوقي قصيدة مطلعها
بشرى البريّة قاصيها ودانيها --- حاط الخلافةَ بالدستور بانيها


وهي من إثنين وخمسين بيتا كلها تبق الياءُ فيها الهاء ولا يوجد بيت واحد حلت فيه الواو محل الياء.
والإخوة مدعوون إلى تلمس قصائد من التراث تنتهي أبياتها ب ( ـــوها ) أو (ـــيها) واستقصاء وجود الواو والياء في قصيدة واحدة قبل الهاء.
فإن لم نجد فإني أنحاز إلى رأي الزجاج وأرجحه على رأي الخليل.

3- أن يكون الساكن قبل الهاء حرفا مصمتا ساكنا، ولم أجد للأسف أبياتا على ذلك ولكن مقتضى القاعدة أن تكون الأبيات المنظومة التالية صحيحة القافية:

ألا أتتم وأوقِرْها --- ولا لا لا تؤخِّرْها
فإن النارَ مطفأةٌ - - - ألا أسرعْ وأوقِدْها
همُ قد أسهبوا فيها- - - فلا تسهب وأوجزْها




إن تكن القاعدة صحيحة فإن الهاء هنا روي، لأنها مسبوقة بساكن مختلف في كل من الأبيات الثلاثة. ولا ترتاح نفسي لهذه الأبيات، والمرجو من المشاركين تقصي وجود مثل هذه القافية في الشعر العربي القديم.
فإن لم يجدو فلا شك أن الهاء وصل وأن الأبيات هذه غير صحيحة لأن رويها إنما هو الحرف الساكن قبل الهاء ولا ينبغي له أن يختلف من بيت لآخر.

في المقابل تأمل هذه الأبيات:

ألا أتتم وأوقِرْها --- ولا لا لا تؤخِّرْها
فإن النارَ مطفأةٌ - - - ألا أسرعْ وأسْعِرْها
همُ قد أسهبوا فيها- - - فلا تسهب وقَصِّرْها

ألا تراها سائغة عذبة ؟ بكون الحرف الساكن (الراء) قبل الهاء هي الروي.

وهنا أجد متعة في ربط آخر الموضوع بأوله في القول نفيا لأن تكون الياء رويا قبل الهاء : " وما أحسب هذا ممن قاله إلا وهما ، لأن الروي الساكن لا يكون بعده وصل "

نحن هنا أما أمرين
أولهما إعادة النظر في هذا القول : " وما أحسب هذا ممن قاله إلا وهما ، لأن الروي الساكن لا يكون بعده وصل "
ثانيهما : معاملة الياء والواو في كل حالاتهما معاملة الحروف لا معاملة الحركات، فإن اعتبارهما رويا- لو صح- ينفي عنهما صفة الحركات، وهو إن لم يكن عليه إجماع هنا فإن عليه إجماعا حال كون الواو أو الألف أو الياء أصيلا في الكلمة.
نحو قول البحتري:
لنا أبدا بثٌّ نعانيه من أروى - - - وحزْوى وكم أدنتك من لوعةٍ حزوى
وما كان دمعي قبل أروى بنُهْزةٍ - - - لأدنى خليط بانَ أم منزلٍ أقوى
وهي من ثلاثة وأربعين بيتا كلها تنتهي ب ( 2 = وى) الألف ( التي على هيئة الياء) تحديدا ( وأصل المقصورة هي غير الممدودة أي المتبوعة بهمزة مثل ألف سمراء وحمراء ) (إلا واحدة جاءت أسوا تسهيل أسوأ )

علما بأنه جاء في ( أهدى سبيل) أن الألف الأصلية التي هي جزء من الكلمة وتسمى المقصورة كألف إذا ومتى وعصى وحبلى يصح أن تكون رويا. وأراه لم يورد مثالا واحدا من الأفعال.

بحيث يترتب عليه صحة ورود الكلمات ( مضى – سها – جفا ) في قافية واحدة وهو أمر يحتاج إلى تدبر.
وينبغي التمييز بين الساكن والممدود في القافية وعلينا أن نميز بينهما ففي حين نعني بالساكن كل حرف عليه سكون حتى لو كان واوا أو ياء كما (موْت) و(احلوْلى). ونعني بالممدود أحرف العلة في حال مدها كما في الواو من كلمة ( قلوب ) أو الياء في كلمة ( سَمير )
فتختلف قافية سَميرُ = (2 = 1 ي – رو) ، سُمَيْرُ = (2* =مَيْ – رو) ففي حين الأولى مردفة ليست الثانية كذلك.
وانظر قول المتنبي:

حذرت علينا الموتَ والخيلُ تلتقي - - - ولم تعلمي عن أي عاقبةٍ تُجْلي
تُمِرُّ الأنابيبُ الخواطر بيننا - - - ونذكر إقبالَ الأمير فتحلَوْلي


إن ورود الهاء والواو والألف والياء في نهاية البيت موضوع يستدعي التأمل ويصلح مادة لكتاب مستقل. وأتمنى أن أكون قد فتحت بابا للتأمل بما أسلفت وهو لا يخلو من مزالق ومحاذير. ومعذرة لما قد أكون جانبت فيه الصواب فهدفي هو إطلاق التفكير بهذا الصدد في المقام الأول.
*******************
الصمصام :

( والإخوة مدعوون إلى تلمس قصائد من التراث تنتهي أبياتها ب ( ـــوها ) أو (ـــيها) واستقصاء وجود الواو والياء في قصيدة واحدة قبل الهاء. )

أستاذي قمت ببعض البحث وربما نحتاج للمزيد من البحث
لكن خلال بحثي عن القصائد المنتهية أبياتها بـ ( ــيها )
لم أجد بيتا واحدا يحدث فيه تبديل من الياء إلى الواو سواء أكان ذلك في المطولات أم القطع
سأورد بعض ما وجدته

قصيدة الحطيئة وهي من 2 2 بيتا
يادار هند عفت إلا أثافيها ......بين الطويّ فصارت فواديها

أبو نواس 18 بيت
الدار أطبق إخراس على فيها ..... وإعتاقها صمم عن صوت داعيها

إبن الرومي 35 بيت
نبكي الشباب لحاجات النساء ولي ...... فيه مآرب أخرى سوف أبكيها

الأخرس 49 بيت
إن جئت آل سلمى أو مغانيها ...... فاحفظ فؤادك واحذر من غوانيها

حافظ إبراهيم 187 بيت
حسب القوافي وحسبي حين ألقيها ...أنّي إلى ساحة الفاروق أهديها

جرير 13 بيت
قد غلبتنا رواة الناس كلهم

سبط التعاويذي 23 بيت
أحق دار وأولى أن نهنيها

وهناك أربع أو خمس قصائد لأحمد شوقي غير قصيدتك التي استشهدت بها

وأيضا العشرات من القطع الصغيرة لعدة شعراء

هذا ما خرجت به من خلال بحثي وعسى أن يكون فيه النفع وافائدة
********************
خشان خشان

أسعدك الله يا صمصام.

هذا يؤيد رأي الزجاج .

كلي شوق لسماع رأي الأخوين سليمان ومحمود.
********************
سليمان أبوستة

أشكر أخي الصمصام على ما تكلفه من مشقة البحث عن قواف رويها هاء الضمير وردفها الياء أو الواو ، وكونه لم يجد مثالا واحدا للواو في هذه القوافي لا يعني أن استقراءه يفتقر إلى صفة الشمول ، فقد جرت عادة الإحصائيين على اتخاذ أصح النتائج من خلال ما يسمى بالاستقراء الناقص أو أسلوب العينات الأحصائية .
ولا تعني نتيجة هذا الإحصاء أيضا أن الواو لا تقارض الياء إطلاقا في ذلك النوع من القوافي ، وبذلك يسوغ لنا أن نعتبر الياء رويا وصله الهاء . وكلنا يعلم أن الروي الساكن لا وصل له كما قال قدماء العروضيين . ومع ذلك فهم قد تلمسوا أمثلة لاشتراك الواو مع الياء في الردف ، فمما قاله الأخفش في كتاب القوافي : " وقد جاء مثل (يغزوها ) و ( يرميها ) في قصيدة ، وهي قول الشاعر :
أما القطاة فإني سوف أنعتها ........... نعتا يوافق نعتي بعض ما فيها "
ومع أن محقق الكتاب قد ذكر في تخريجه للبيت مصادر كالأغاني والحيوان ولسان العرب وقد رجعت إليها على أمل أن أجد بقية الأبيات إلا أنني لم أجد من بينها ما قافيته ( يغزوها ) ، فعلينا إذن أن نأخذ كلام الأخفش على أنه شهادة مقبولة لاسيما وقد ذكر لنا شاهدا آخر هو :
قس بالتجارب أغفال الأمور كما ............... تقيس نعلا بنعل حين تحذوها

وقال في نفس القصيدة :
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ................. ودورنا لخراب الدهر نبنيها
وقد كدت إزاء هذه الندرة في الشواهد أن أنضم إلى الفئة التي تعتبر الياء في هذه الحالة رويا لولا أنني لم أحس بأي نوع من النشاز يذكر في هذا النوع من الردف ، وإذن فأن الأمر قد يفسر بقلة شيوع الأمثلة على روي الهاء ، وهو ما يتبين من إحصاء د. إبراهيم أنيس في كتابه " موسيقى الشعر" .
ومن الطريف أني وجدت لأخي الدكتور عمر خلوف هذا الدوبيت :
غرك مني بشاشة أبديها
أو بسمات على فمي أجلوها

مع أن ما دعانا الأستاذ خشان إلى تحريه هو التراث لا المعاصرة ، فإن كان ذلك كذلك فقد عثرت على أبيات ثلاثة في العقد الفريد إلا أني أخشى أن يتخذها أخي خشان ذريعة للتمسك بأن الياء أو الواو في هذا النوع من القافية الهائية روي لا ردف ، ولكن لا بأس من إيراد هذه الأبيات ما دمنا نتكئ على شاهد الأخفش اليتيم ، أنشد أبو عبد الله بن لبانة الأعرابي :
كريمة يحبها أبوها
مليحة العينين عذبا فوها
لا تحسن السبّ وإن سبّوها