النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: عروض الخليل غير المقدس

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,954

    عروض الخليل غير المقدس

    هذا رد د. هادي حسن حمودي على قول د. محمد الكرباسي إن تفاعيل الخليل ليست مقدسة :

    http://www.alnaspaper.com/inp/view.asp?ID=12893

    وعلى الرابط :

    http://arood.com/vb/showthread.php?p=58192#post58192

    فكرة عن كتاب د. محمد الكرباسي ( هندسة العروض ) :

    وكان تعليقي عليه :



    تبلغ الفداحة في كتاب د. محمد صالح الكرباسي " هندسة العروض " وفي تقريظ من قرظوه مبلغا ‏بعيدا، وفي هذا الكتاب يتجلى الأثر المدمر لكثرة المعلومات في غياب المنهج. بل قل في كارثة ‏هيمنة منهج الحفظ الذي يستعمل أدوات تجزيئات وشكليات منهج الخليل المتمثلة بالتفاعيل حين ‏يحاول التفكير مع مزاوجة منهج الحفظ وتفاعيل الخليل منبتّةً عن منهج الخليل لينتهي المطاف به ‏إلى تدمير مضمون منهج الخليل بأدوات الخليل.‏
    العلاقة بين منهج الخليل وتفاعيله كالعلاقة بين كاتالوج قطع اللوجو وتلك القطع.
    تركيب القطع بدون فهم الكاتالوج بل بدون إدراك لوجوده أصلا بدعوى الإبداع
    والتجديد وتجاوز الخليل مغالطة فكرية منطقية علمية بدهية جد كبيرة .

    سيكون لي بإذن الله حول هذا موضوع باسم الوردة - العروض - القداسة




    عَروض الخليل غير المقدس
    د. هادي حسن حمودي

    تاريخ النشر 23/09/2012 05:44 PM

    حين ظهر الخليل بن أحمد (100 ـ 175) للهجرة وجد أمامه أشعار العرب التي يرقى تاريخ أقدمها إلى حوالي مائة وخمسين عاماً من قبل ظهور الإسلام، والتي هي تمثلات متطورة لأناشيد المعابد القديمة في وادي الرافدين وجنوب الجزيرة العربية، وعلى أساسها صيغت ملحمة كلكامش، انتقالا إلى أناشيد معابد آتون وآمون في وادي النيل. الإيقاع الموسيقي ذو جذور متوائمة ولكنْ بأنغام شتى.
    التفت الخليل بعبقريته الفذة المتفردة إلى أن لهذه الأشعار موازين موسيقية معينة استطاع استنباطها وبوّبها في بحور الشعر المعروفة. وسمى كل واحد منها بحراً، لأنه، فعلا، بحر مترامي الشطآن، بعيد الغور.
    ولَمّا لم يكن يستطيع، بحكم معارف زمانه، أن يكتبها بالرموز الموسيقية، لجأ إلى رسمها بالتفعيلات المعروفة، فعولن، مفاعيلن، مستفعلن.. الى آخره.
    هل كان الشعراء قبل عصر الخليل يعرفون تلك التفعيلات ويضعونها أمامهم وهم ينظمون أشعارهم؟
    لا أعتقد ذلك ولا برهان على الادعاء.
    الشاعر الجدير بصفته يعرف الإيقاع من غير حاجة إلى معرفة التفعيلات، فالمتنبي، على سبيل المثال، الذي جاء بعد الخليل بأكثر من مائة عام وعام، كان، في أحيان كثيرة، يرتجل الشعر ارتجالا. ذلك أن القصيدة تولد عنده لفظا ومعنى وموسيقى.
    وإلى العصر الحديث، يحدثنا أحمد حسن الزيات في مجلة الرسالة، أن الشاعر العراقي عبدالمحسن الكاظمي الذي كان مغتربا في مصر في فترة من النصف الأول من القرن العشرين، دُعي إلى حفل أدبي دعوة حضور لا دعوة إنشاد ومشاركة. ولذا فوجئ الكاظمي أثناء الحفل بتقديمه لإلقاء قصيدة في المناسبة، ولم تكن لديه قصيدة جاهزة. يقول الزيات ارتقى الكاظمي المنصة، صمت قليلا، قرأ شطرا من الشعر، أعاده ثلاث مرات، ثم أكمله بيتا كاملا، أعاد البيت عدة مرات، ثم انطلق يتلو قصيدته وأنا أكتب حتى انكسر رأس القلم الرصاص الذي كنت أكتب به واستبدلت به غيره، عدة مرات.. والشاعر ماض في تلاوة قصيدته وكانت من خمسة وسبعين بيتا مرتجلا، ولولا أن الزيات كتبها لضاعت في طوايا الزمن.
    وخذ من الجواهري مثالا آخر، في كيفية إنجاز قصائده. وغيره كثير.
    أما المتشاعرون فشأنهم شأن آخر. منهم من يكتب التفعيلات أمامه، ويلبسها ثياب الألفاظ، فيأتي عمله نظما لا شعرا، أو قل هو صنعة وتصنّع لا شعر صادر عن شاعرية أصيلة متأصّلة. ثم جاء زمان على بعضهم كانوا يقيسون طول الشطر بعيدان الكبريت فإذا تساوى شطر مع آخر طولا وسكنات وحركات، فهو شعر. وجاء زمان آخر، ظهر في أحد البلدان العربية شعار الكلمة تعرف موضعها فكان المتشاعرون يقطعون كلمات الصحف والمجلات ويضعونها في كيس ثم يسحبون كلمة وراء أخرى، ويكتبون ما يسحبون، فإذا بهم ينشرون ذلك باعتباره شعرا حتى وصلنا الآن إلى الشعر المنثور والنثر المشعور، المنادي بالويل والثبور، وعظائم الأمور.
    الذي قادني إلى هذا الكلام كتابان أصدرهما الشيخ محمد صادق الكرباسي تتعلق بالعروض. ولمّا كنت معنيّا بالخليل وبالعروض، فقد سعيت للحصول عليهما. وهما الأوزان الشعرية في 719 صفحة. و هندسة العروض في 391 صفحة إضافة إلى كتاب ثالث بعنوان بحور العروض استخلصه الدكتور الجزائري عبد العزيز شبين، من ذينك الكتابين.
    ينطلق الشيخ من قناعته بأن التفعيلات هذه ليست مقدسة، بالإمكان استحداث ما يمكن، شرط أن تتقبله الآذان الحرة وصفاء القلوب (هندسة العروض 29). وأنا أفهم ماذا قصد بالآذان الحرة وصفاء القلوب، غير أن من القراء من يحتاج إلى توضيح هذين التعبيرين.
    ويقول في مقدمته لكتاب الأوزان الشعرية ولنسلط ضوء الأدب على الشعر وأوزانه، فنقول إن الشعر الجاهلي لم يعتمد على أي تحديدات يمكن تسميتها أوزانا شعرية أو بحورا شاعرية، بل كانت تطلق عفويا دون أي عناء، وإذا ما رجعنا إلى تاريخ ما قبل العهود الجاهلية وإلى عهد الحضارات المنقرضة لَما وجدنا لهم أوزانا شعرية تلجمهم وتحددهم.
    وفي هندسة العروض وهو يشرح بعض مراحل تكوينه للدوائر والبحور، قال في المرحلة الثانية قمنا بتركيب تفعيلة فعولن مع مفاعلن، كما هو ملاحظ في المثال فعولن فاعلن فعولن فاعلن ووضعنا هذه التركيبة، بعد تحويلها إلى البنود، في الدائرة وتلاعبنا بها، كما أسلفنا الإشارة إلى ذلك، فتكونت البحور. وأنا أعرف مقصده من التلاعب ولكن ما كل قارئ للكتاب يعرف ذلك.
    ولا شك أن الشيخ المؤلف أراد الإيجاز والاختصار فلم يوضح تلك التركيبات اللغوية معتمدا على ذكاء القارئ وفطنته.
    صحيح أن التفعيلات ليست مقدسة ولا هي من وحي السماء ولكنها تصوير حي لموسيقى الشعر العربي. ذلك أن الخليل بن أحمد حين استنبط التفعيلات، كان أشبه بالمصوّر الذي يصور منظرا طبيعيا. أنت لديك آلة تصوير، تلتقط صورة لزهرة الخزامى، مثلا، ثم تقول لي هذه صورة زهرة الخزامى. فهل يحق لي أن أتلاعب بالصورة باعتبارها ليست مقدسة ولا من وحي السماء؟ ستقول لي وماذا في ذلك إن كان التلاعب سيزيدها جمالا؟ سأقول لك إن الحقيقة لا تحتاج إلى تزويق وإلا فقدت كونها حقيقة. التلاعب بالأوزان لا علاقة له بعمل الخليل بن أحمد، بل هو نهج آخر. وقد سبقت محاولات عديدة في هذا الإطار.
    ثم إنّ الخليل الجليل لم يكن يهدف من وراء عمله ذاك المحافظة على أوزان الشعر. كما لم يطلب من الشعراء أن يقيسوا ما ينظمون بعيدان الكبريت.
    الجهد المبذول في هذين الكتابين جهد كبير يُتعب من يرومه، ويدفع إلى الشفقة على من يبذله في زمن تضيع فيه الأمة، وقد فقدت حاضرها، بل وحتى مستقبلها إن بقيت خائضة في مستنقعات التخلف والفتن وبرامج الأوثان واللهاث وراء السراب.
    هذا العرض الموجز لا يغني عن الحوار مع الجهد الكبير للشيخ الكرباسي الذي بذل جهد المستطيع لفهم عروض الخليل الجليل، ومحاولة الإفادة منه لاقتراح رؤية جديدة للتفعيلات وبحور الأشعار. فذاك الجهد يثني على ذاته بذاته، وينفتح على كل حوار متفاعل مع أطروحاته.
    بقلم: د. هادي حسن حمودي



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    2,112
    شكرًا جزيلا على هذا الطرح الرائع
    كم هو مفيد ...!

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط