ليت وأخي أستاذي الغول يواصل نشر ما يشاء هنا ولو كان ضد الرقمي.

الحوار الموضوعي رافد مهم لتقدم العلم، وهو في مجال الرقمي تثبيت للمادة في ذهن أهلها وتقويم لما يثبت من خطإ فيها، وهذه فرصة لمحاورة أستاذنا الكريم، آملا أن يلتزم كل محاور بالموضوعية واحترام أستاذنا الكريم. وإن الرقمي قد أفاد من معارضيه الكثير.

والطريقة المثلى للحوار أن يقتطف المحاور من رأي الأستاذ ما يشاء أن يرد عليه ثم يرد عليه بشكل محدد . ولا بأس من جمع فقرتين أو أكثر إذا كان يربطهما أو يربطها رابط من تماثل أو تداخل أو حتى تباين أو تضاد.

هنا نقل لموضوع نشره أستاذي على الرابط:

http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=77256

---------------------------------

غالب الغول : العروض بين نغم الكلام وأصمّ الأرقام
من قلم غالب احمد الغول.

لم تكن هذه الدراسة خالية من النقد العروضي بشكل عام ــ والتي تتعلق بين تفاعيل الكلام النغمية والانشادية , وبين أصمّ الأرقام التي لا يحتاجها العروض إلا لحساب عدد النغمات والنقرات وحساب الزمن الفاصل بين مقطع وآخر, أو بين أزمان جملة موسيقية , وجملة أخرى , ولم تكن هذه الدراسة , مجرد شعارات لإبراز المظاهر , لأن النقد العلمي الصريح سيكون تحت مجهر النقاد أينما كانوا وحيثما حلوا , وأود أن تكون دراستي هذه ــ أيضاً ــ خاضعة لنقد النقاد لكي اتجه نحو الصواب إن وجد أحدهم فيها ما يخالف العروض التقليدي زحافاً وعلة ونهجاً . ولولا عمليات النقد الفعالة بين المذاهب لما استقامت العلوم كلها , فالنقد يبين الغث من السمين في جميع الأوجه ليكون المقصود منه رفعة شأن علم العروض كما أرادها الخليل بن أحمد الفراهيدي , وليس كما نريدها نحن بطرق غامضة لا طائل منها سوى المشقة وضياع جوهر العلم.

سنأخذ في هذه الدراسة جميع ما قيل في العروض ,تفعيلي ورقمي معاً , سلبها وإيجابها , لنقف سوية على حقيقة واضحة لا مفر منها , وسوف نأخذ عديداً من الروابط في منتديات العروض رقمياً , وغيرها لنكشف أسرارها والأقوال فيها , لنأخذ منها ما ينفعنا , ونتجنب ما يضر تراثنا , ولعل هذا الرابط هو بداية نقاشنا الآن :

http://arood.com/vb/showthread.php?t=1450

وبعد أن قرأت جلّ ما في هذا الرابط من تعليقات الأعضاء على موضوعاتهم بين مؤيد للرقمي وبين الرافض لهذا المبدأ , أردت أن أكتب كلماتي هاته , لعل بهذا الشرح أوضح شيئاً غامضاً عن الأذهان .

كلنا يعلم بأن علم العروض الذي أسسه الشيخ الجليل : الخليل بن أحمد الفراهيدي ( 718 -791 م ) لا يزال قائماً , ولا يزال حياً بتفاعيله وزحافاته وعلله , وبحور دوائره , ولم يمت هذا العلم مهما كثر مجتهديه بطمسه أو بتحريفه أو بتجديده .
ولم يستطع أحد بعد الخليل أن يأتي بعروض جديد أو أن يقدم لنا وحدات إيقاعية ( بتفاعيل ) غير التي أتى بها الخليل .

وبكل بساطة , فإن الشعر العربي كله قديماً وحديثاً يتركب من أسباب وأوتاد وفواصل, والسبب له حرفان ( متحرك وساكن ) وهذا رمزه ( / ه ) ومنهم من يرمز له بالرمز ( ـــ ) ثم المتحرك وهو حرف واحد وهذا رمزه ( / ) ومنهم من يرمز له بالرمز ( ب ) ثم الوتد وله ثلاثة حروف وهذا رمزه ( //ه ) ومنهم من يرمز له بالرمز ( ب ــ )
.
ولقد أشار الفارابي قبل قرون عديدة على أعداد حروف الأسباب والأوتاد , ووصفها بالسلاميات فقال :

((الإيقاع ألفاظ مكونة من أجزاء وصفها بالسلاميات الأسباب والأوتاد, فإذا كان السبب عبارة عن حرفين، والوتد عبارة عن ثلاثة أحرف، فإن السلامية تعني الحرف الواحد.)))) .

وبعد ذلك أخذ الباحثون هذه الأرقام وسيلة ليجعلوا منها عروضاً جديداً أمثال , محمد طارق الكاتب , وإبراهيم أنيس , والدكتور أحمد مستجير , وجلال الحنفي ,وغيرهم , إلى أن جاء الأستاذ خشان فتعمق في الأرقام وأبحر في شراعها مصفقاً لا هازجاً ولا منشداً , فتاهت سفينته في خضم البحر ولم يعرف سبيل النجاة , لآنه استعمل مجذافاً واحداً اتجه به إلى مسار لا يمت بالعروض بشيء , بل هو أقرب إلى (التنجيم ومسائل الجبر وهندسة البناء وعلم الجينات وتفسير القرأن بإعجازه) , من علم العروض الإنشادي والإيقاعي وحسابه وتحليله , وآمن بعلم الحساب والأرقام كثير من الدارسين الذين يصفقون لبعضهم وكأنهم اخترعوا به سفينة نوح التي أقلتهم ونجتهم من طوفان ضلال التفاعيل الخليلية , ووصفوا من يعارضهم ( بالحاسد والحاقد ) , بالرغم من أن العروض التفعيلي هو أساس علمهم ومنير دربهم , فتجاهلوا التفاعيل بعد ذلك , واكتفوا بالأرقام ساحرة لأعمالهم .

وعلم العروض محفوظ في الذاكرة ومحفوظ في المصادرمنذ أكثر من ( 1200 ) سنة, وشراحه كانوا على أمانة علمية واضحة , فلم يزيدوا عليه زيادة إلا ووضعوا لها مصدرها , ليبقى علم العروض أصيلاً ونقياً من الشوائب , وهذا خلاف ما نجده الآن من فوضى عارمة ونقل وتحريف وتزييف واجتهاد من غير إدراك لما يتطلبه هذا العلم من فن آخر ملتصق به تماماً وهو العلم الموسيقي , أو علم الإيقاع الشعري الموسيقي .

لذلك يمكن القول بأن الشعر والموسيقى توأمان , ومن يريد أن يفصل بينهما فقد ضيّع نصف العلم العروضي .

والخليل لم يترك العروض وحده دون الإشارة إلى علم الموسيقى الذي يتمثل في ألقاب تفاعيله ( المقبوض , والمخبون والمطوي وغيرها. حيث بلغت أكثر من (60 ) لقباً ) ووضع هذه الألقاب ليفسر معنى الزحاف والعلل , وحدودها للرجوع إلى أصل التفعيلة لكي ينشدها المنشد مقبوضة أو مخبونة أو ينشدها مطوية , أو مكسوفة , وغيرها , وسبب وضع هذه الألقاب هو عدم وجود الرموز الموسيقية في العهود السابقة كما نراها اليوم , فكانت الكلمات التي تصف ( الألقاب ) هي التي حلت محل الرموز لتعبّر عن الرموز الموسيقية .

وعندما نحاول النقد , فلا يعني ذلك أننا نقف موقف العداء لكل جديد في التفعيلي أو الرقمي , فالرقمي له أجيال يستطيعون معرفة الساكن والمتحرك والتقطيع ومعرفة البحر الشعري من خلال الرموز والمقاطع , مثله مثل باقي الرموز المقطعية , ولكنهم يجهلون العمل الإيقاعي لهذه المقاطع , فلم تزدهم الأرقام إلا غموضا , وهذا ضياع لعلم العروض , لأنه اتساع علمي بعيد عن الواقع العلمي والمنهجي لعلم العروض . لكن سيبقى البقاء للأصلح في جميع المجالات , وسيبقى العروض هو العروض بتفاعيله وأنغامه وموسيقاه تماشياً مع قول الشاعر :
تغنّ بالشعر إما كنت قائله
إن الغناء لهذا الشعر مضمار .

فالرقمي , وضع الرقم ( 1 ) للدلالة على المتحرك . وباستطاعتنا أن نضع أي رمز ليحل محل الرقم (1 ) , وليس المهم تعدد الرموز . فمهما كثرت تعدادها سيبقى المعنى واحداَ , وهو أن للمتحرك :
الرمز ( 1 ) أو الرمز ( / ) أو الرمز ( ب ) أو أي رمز آخر فهذه ليست مشكلتنا الآن .

إن المشكلة تكمن : ماذا يعني هذا الرمز ( 1 ) هل يعني أنه يمثل عدد الحرف الأبجدي فقط ؟؟؟
مثل ( سَ شَ صَ ضَ ) ؟ سيجيب الرقميون كلهم والعروضيون معظمهم بالقول : لا يعني الرمز (1) أو الرمز ( ب ) أو الرمز ( / ) سوى الدلالة على ( الحرف المتحرك ) ولا نعرف غير ذلك سبيلا .

ومن هنا فإن لي الحق أن اجتهد وأعترض لأقول :

ليس الرقم ( 1 ) أو الرمز ( / ) أو الرمز ( ب ) هو رمز موضوع للدلالة على عدد الحرف الأبجدي فحسب . بل وضع أيضاً للدلالة على المقدار الزمني (بالثواني) عند التلفظ بالحرف نفسه والذي يقدر بوحدة زمنية واحدة ( 1 ) تقدر بالثواني حسب السرعة الكلامية للمنشد .

وإذا صح هذا القول , فإن من حقنا القول ( بأن السبب الخفيف الأول للتفعيلة مستفعلن قد يختلف (زمنه) عند التلفظ به عن زمن السبب الثاني الذي يتبعه ) . أي أن زمن ( مسْ ) لا يساوي زمن ( تفْ ) ولا يساوي زمن الوتد ( علن ). فلكل منها أزمان تتعلق بالإنشاد الشعري , ليستقيم الوزن زمناً ولفظاً معا .

هذا عند الإنشاد الشعري . وليس عند القراءة اللغوية . وإذا زاد زمن السبب فيزيد معه طول الصوت للحرف نفسه تبعاً لذلك , فيصيران سببان مختلفان في الحركة الصوتية ( النطق ), ومختلفان في المدة الزمنية أيضاً , وهذا ما لا تستطيع الأرقام ولا مقاطع التفعيلة رصده وبلوغه , وسيظل النظام العروضي كله أرقامه ومقاطع تفاعيله عاجزين عن تفسير ظاهرة الإنشاد الشعري, مالم نلفظ التفاعيل ألفاظاً إنشادياً صحيحاً ثم نقطع التفاعيل بموجب ما نسمعه من المنشد بالمد والتحريك والصمت والمد , ثم نكتب أو نرسم المقاطع رسماً عروضياً جديداً يشابه الرسم للرموز الموسيقية , لكي نستغني بعد ذلك عن ألقاب التفاعيل التي تربو على ستين لقباً .
مثال ذلك نأخذ التفعيلة التي لحقها الزحاف مثل ( مُسْتـَعـِلنْ )
( 2 1 1 2 )
ونكتبها هكذا :
(ـــ ب . ب ــ ) ووجود النقطة بعد المقطع الثاني تعني أن السبب الخفيف لحقه الزحاف ( مطوي ) , ويجب معالجته وعودته إلى أصله إما بالتحريك ( مد المقطع لفظاً ) وإما بحبس الكلام لمدة لا تزيد عن وحدة زمنية ).
ولقد ذكرت هذه التفاعيل المنقوطة, في كتابي القواعد الحديثة في تطوير علم الشعر 2000 م وغيرها من الكتب الصادرة لي .

هذا لأن الأزمان نحتاجها عند الإنشاد الشعري لنجعل ــ عند الضرورة ــ زمن ( الحرف المتحرك ) أطول من زمن السبب عند اللفظ الإنشادي , وذلك بمطه أو تحريكه أو حبس النطق لفترة مناسبة , لكي يتعادل فيها مدة الصوت مع طول المقطع اللفظي .

وإن صحت أقوالي هذه ــ ولا أظنها إلا صحيحة ــ فيعني ذلك أن العروض التفعيلي والرقمي , مهما حاولا من محاولات فلن يصلا إلى حدود الإيقاع الشعري ومتطلباته ) من غير اللحاق إلى الفكرة الموسيقية المعدة لاستقامة الوزن الكمي والزمني .

لأن مهمة الأرقام أوالمقاطع تعجز كل منهما عن تحديد الفوارق الزمنية بين الأسباب والأوتاد , وسوف يقف الرقم حائراً عند الخط الأحمر الفاصل بين قراءة البيت الشعري وأزمان مقاطعه, وبين إنشاد البيت الشعري وأزمان مقاطعه .

دعونا نبرهن ذلك علمياً وعملياً بالإيقاع الشعري الموسيقي , لكي نزيل الشك باليقين .

إذا أردنا أن نتماشى مع رأي الرقميين بإزالة حدود التفاعيل , فلا أريد أن اسمي هذه التفعيلة ( مفاعيلن ) .
, بل دعني اسميها ( تَـَتـَمْ تمْ تمْ ) أو دعني اسميها ( نعم لا لا ) أو دعني أسميها ( علن فا فاااا ) أو دعني اسميها ( 3 4 ) فلا يهم الاسم أو الرقم , بل يهمنا هذه الوحدة الإيقاعية الهامة جداً لخلق إيقاع القصيدة عند تتابعها وتكرارها مع نفسها أو مع غيرها , ولقد أشار الرقميون لهذه الوحدة بالرمز ( 3 4 ) أو ( 3 2 2 ) , وهنا دعونا نتحقق من الفرق بين الأرقام الصماء(3 4 ) وبين الحروف التي تنطق بالنطق العربي , لتعرفنا على مدي حدود إيقاعها ,
( نعم لا لا ) أو مفاعيلن .
وإذا أراد الرقميون بمجهودهم هذا هو طمس معالم التفاعيل واستبدالها بالأرقام , فماذا نحصد من وراء ذلك ؟؟؟
إن لكل تفعيلة موضع واحد للنقرة ( للنبرة ) لتحقيق الأيقاع الشعري الموسيقي , ومن الممكن أن تقع النبرة على ( لن) من مفاعيلن , لكن من المستحيل أن تقع النبرة على الرقم ( 4 ) أي على سببين معاً , وهذا دليل قاطع على فشل الأرقام للوصول إلى هدفها الإيقاعي , فهل كلامي هذا منطقي أم أنه ضرب من الخيال ؟ فإن كنت قد أخطأت فصوبوني وشكراً .

لا يعجز الطفل البالغ سن العاشرة من عمره من أن يحفظ القرآن الكريم كله , فهل يعجز هذا الطفل من أن يحفظ ست تفاعيل سباعية , وتفعيلتين خماسيتين ؟ لتكون هذه التفاعيل ركيزة الوحدات الإيقاعية الشعرية الموسيقية ؟ وهل يعجز عن حفظ ( 15 ) بحراً تشكلها هذه التفاعيل ؟

هل يعجز الطفل عن حفظ ( مفاعلتن متفاعلن فاعلاتن مفاعيلن مستفعلن مفعولاتُ )؟
وهل يعجز عن حفظ ( فعولن فاعلن ) ؟؟ وهذا هو الشعر كله , فإن الذي يعرف التقطيع جيداً فإنه يستطيع أن يرمز للمتحرك بأي رمز يشاء , هكذا ( / ) أو هكذا ( ب ) , ولا مانع أن يضع الرقم ( 1 ) لكن لغرض التقطيع فقط , وليس لغرض إيقاعي وإنشادي , لأن التفاعيل هي وحدها التي تختزن الإيقاع وليست المقاطع العروضية .
وإذا كان الطفل قادراً على هذا المقدرة الحفظية فما هي حاجتنا إلى الأرقام يا ترى ؟؟؟؟؟؟

إن للعروض مباديء نظمها الخليل في كتبنا التراثية , وهو يختص بنغم الكلام ثم حسابه وتحليله , ثم يقوم بعملية الضبط ووضع المقاييس .( فهل الأرقام الصماء تقوم بما تقوم بها التفاعيل وحدودها ؟؟؟

يقول الأستاذ خشان على الرابط أعلاه : ..... [ هذا القول للأستاذ بدر عبد المقصود ]

(((و حيث أننى قد شُغفت بحب الشعر والأدب, فقد كانت لى محاولات فى كتابة الشعر, و كنت فيها أحاول الوزن بالفطرة, فكنتُ أحدث إيقاعا منظما بالدق بأصابعى أو بسن القلم على المكتب بينما أقوم بالقراءة البطيئة لما كتبته والتدقيق لملاحظة مواضع الشذوذ عن الإيقاع, ثم محاولة إصلاحها, و بعد فترة و جدتُ أننى قد أستطيع تحديد مواضع الكسر فى الأعمال التى يكتبها بعض الهواة)))

ومن أقوال الأستاذ خشان واعترافه , بأنه يستطيع معرفة المكسور من الصحيح بالحس الفطري وليس بالأرقام والمقاطع العروضية , وهذا هو أساس الشعر وأساس العروض نفسه , ( الحس بحسن النغم واستقامة الإيقاع وحصر عدد الدقات أو النقرات أو النبرات أو الضربات بسن القلم على الطاولة ).

فاسمحوا لي بالقول :

كان يحاول الوزن بالفطرة :
فهل كان يستعمل التفاعيل آنذاك أم الأرقام ؟؟؟
وما هو تعريف الوزن حسب المفهوم العام للعروض : هل هو مجموعة أرقام أم هو مجموعة وحدات إيقاعية تمثلها التفاعيل بألفاظها وحروفها العربية وليس بأرقامها ؟؟

كان يحدث إيقاعاً منظماً بالدق على أصابعه ليعرف الشاذ من الإيقاع .
فما هو تعريف الإيقاع العلمي الموسيقي بالنسبة لكل منشد ؟؟؟
وهل كان يشعر بأن التفاعيل وتكرارها هي التي كانت تخلق الإيقاع , أم أن الأرقام هي الإيقاع نفسه ؟؟؟
وهل كان يشعر إثناء الدق بأن الدقات متناسبة في أزمانها الصوتية ؟ وماذا نسمي هذا التناسب لعدد الدقات ورتابتها ؟؟؟ وهل تستطيع الأرقام أن تحل محل هذه الدقات الإيقاعية المتناسبة , ؟؟ وهل الرقم ( 3 4 ) هو حقاً الوحدة الإيقاعية المعتمدة لخلق الإيقاع والرتابة الصوتية ؟؟
وهل وجد حقاً بأن أزمان المقاطع ( 2 1 1 2 ) هي نفسها ( 2 2 2 ) ؟؟ أي أن لفظ ( مستعلن المطوية ) هو نفسه لفظ ( مسْتفعلْ المقطوعة ) وهل أعطاه اللفظ الزمن نفسه عند الإنشاد الشعري , وهل تساوت أعداد الدقات عنده ؟؟؟
أرجو من العروضيين الأصوليين الإجابة على هذه التساؤلات منطقياً وعلمياً .

وكان يعرف بأن الدقات ( النبرات ) التي أحدثها الأستاذ خشان بسن القلم على الطاولة كانت متساوية العدد في كل شطر , وكان لا يتجاوز عددها عدد الوحدات الإيقاعية الثلاث , أي أن كل دقة كانت تقع على مقطع واحد فقط من مقاطع الوحدة الإيقاعية ( التفعيلة ) وليكن هذا المقطع هو ( لن ) من مفاعيلن, ولكن عند استعماله الأرقام ( 3 4 ) فأين كانت تقع الدقة الإيقاعية ؟؟؟ هل كانت تقع على الرقم (4 ) أم أنها كانت تقع على الرقم ( 3 ) ؟؟؟؟ وهذا من المستحيلات أن تقع ( النبرة ) الموسيقية على أكثر من مقطع واحد , ومنه نستطيع القول بأن الأرقام تعجز عن تحقيق هدفها المنشود لتحديد الإيقاع الشعري الموسيقي . ولم أقل هذا القول مكابرة أو تضليلاً بل هو القول الفصل , وهو القول الصحيح الذي لا قول بعده .

أما ما قيل في الرقمي . نتناول الأقوال الآتية :
يقول الأستاذ خشان على الرابط السابق :
.(((( سأمزج هنا بين الأرقام والتفاعيل لأبين التيسير الذي تتيحه الأرقام في تناول هذا الأمر وسأشرح توصلي إلى ذلك باستعراض تفكيري بصوت عال، فبداية تفكيري في هذا الموضوع كانت في المقارنة بين بحري الكامل والبسيط بدلالة التفاعيل.
فالوزن التالي 4 3 1 3 4 3 2 2
من البسيط = 4 3 – 1 3 – 4 3 –2 2 = مستفعلن فعلن مستفعلن فعْلن
ويتم التعبير عن تمثيله لوزن الكامل بدلالة ما لتعابير البسيط على النحو التالي
4 3 ــ 1 3 ــ 3 1 1 ـــ 2 2 = مستفعلن فعِلُن متفْعلُ – فعْلنْ
أو
4 3 ــ 1 3 3 ــ 1 1 2 2 = متْفاعلن متَفاعلن متَفاعلْ )))))
إلى أن يقول : ((((التفاعيل ) 2 3 2 2 3 = فاعلن مستفعلن ) إلى ( 1 3 3 1 1 = فعِلُن متفعلُ بتعبير البسيط أو متفاعلُن مُتَ بتعبير الكامل )

وهذا التغيير يخرج البيت من بحر البسيط إلى بحر الكامل. وبعبارة أخرى هو يخرج من البحر ولا يخرج من الشعر. )))
التعليق:
عندما يمزج الأستاذ خشان بين الأرقام والتفاعيل , عليه أن لا يتخطى قوانين الزحاف الذي أشار إليها الخليل , أي أن الأستاذ خشان قد جعل من زحاف مستفعلن في الكامل هكذا ( متفـْعلُ 1 2 1 1 ) أي أنه أجاز ما لم يجزه العروض وهو (كف) مستفعلن , ليصل إلى نتائج غامضة , وهذا لا يجوز البتة , ومن هذا التركيب الخاطىء أباح الأستاذ خشان لنفسه أن يستتنسخ بحر الكامل من بحر البسيط .
ومما سبق نستطيع القول : إن ما بني على خطأ فتبقى جميع نتائجه على خطأ أيضاً .
أي أنه من الخطأ الفاحش أن (((نغير فاعلن مستفعلن إلى فعِلن متفعلُ )))
......(1)

هذا من جهة , ومن جهة أخرى , لم يدرك الأستاذ خشان بعد , على أن البيت الشعري لا يُعرف بحره من بيت واحد فقط , بل لا بد من وجود أبيات عديدة لنتحقق من زحاف التفاعيل , لكنه فرض علينا بيتاً أجاز فيه زحافاً خاطئاً وبنى عليه تركيبة جديدة لكي يقول بأن البسيط دخل في الكامل , ثم لكي يبرهن على أن التفاعيل وهمية ومضللة .
وأنا أقول غير ذلك :
إنني أقول , ليست الأرقام وليست التفاعيل هي التي تعرفنا على البحر في كثير من الأحيان, بل هو الإيقاع , أي عدد ((( الدقات )) التي أشار إليها الأستاذ خشان في بداية حديثه عن الإيقاع , أي أن التفاعيل الأربع لها أربعة دقات ثابتة وتحصر بينها مسافات زمنية ومقطعية ثابتة , وهذا هو بحر البسيط ,
أما بحر الكامل فلا يوجد له إلا ((( ثلاث ))) دقات , لثلاث تفاعيل , ومن عدد (((الدقات ))) للتفاعيل السباعية , على مسار إيقاعي مدروس , نسطيع معرفة البحرالشعري.


وأقول أيضاً : قد تتشابه مقاطع بيت بحر شعري مع بيت بحر أخر , ولكن مع تكرار الأبيات فإن هذا التشابه يزول , ويظهر البحر الشعري على حقيقته من خلال تفاعيله وزحافاته ,
ثم لنفترض أن الشاعر التزم بالمقاطع المتشابهة لصنع قصيدة كاملة , ومن هنا علينا أن نحدد البحر الشعري من خلال الإنشاد الشعري وليس من خلال الأرقام , أو المقاطع العروضية , مثال ذلك :
قد يتشابه الطويل المخروم أوله , في عدد الأسباب والأوتاد , مع بحر الكامل , على الشكل الآتي :
ــ ــ / ب ــ ــ ــ / ب ــ ب / ب ــ ب ــ ( عولن مفاعيلن فعولُ مفاعلن )
بحر الطويل
ــ ــ ب ــ / ــ ــ ب ــ / ب ب ــ ب ــ ( مستفعلن مستفعلن متفاعلن )
بحر الكامل
2 2 1 2 2 2 1 2 1 1 2 1 2 ( أرقام تنتظر منا معرفة بحرها )

1 ــ نعم : لقد استنسخنا من الطويل بحراً هو الكامل ,
2 ــ لكن الدقات الإيقاعية في الطويل أربع , وفي الكامل ثلاث , وبهذا يكون الكامل غير الطويل عند الإنشاد , بالرغم من تطابق المقاطع بأسبابها وأوتادها , فهل عملت الأرقام أو التفاعيل شيئاً أمام الإنشاد الشعري ؟؟؟
الجواب , يبقى الحكم للإنشاد الشعري , لمعرفة مسيرة إيقاع البحر , في حالة تشابه المقاطع , وليس للأرقام حيلة لمعرفة ذلك .
هذه هي الحقيقة ولا شيء غيرها .
ولا بد من القول دائماً وأبداً : لا بد من تحديد عدد الوحدات الإيقاعية ( التفاعيل ) لكل شطر من أشطر البيت الشعري , ثم لا بد من تحديد أماكن الدقات ( النقرات ) على كل تفعيلة , لأن هذه النقرات هي جزء مهم جداً لعملية الإيقاع .
اعود بكم إلى ما قاله ( الفارابي ) ( في الصفحات السابقة ) يقول :
(((.ثم إنه لما كان الشعر، كلاما مخيلا مؤلفا من أقوال ذوات إيقاعات، فإنه يشترط أن تكون تلك الأجزاء محدودة العدد، وأن يكون ترتيبها في كل جزء شبيها بترتيبها في الجزء الآخر. أي عددا محددا ومتساويا في ترتيبه، لا يتغير في كل زمن، الشيء الذي ينتج عنه بالضرورة تساوي الأشطر في زمان النطق بها.)))))
1 ــ الشعر عند الفارابي أقوال ذوات إيقاعات ( التفاعيل ) وهي أجزاء محدودة العدد ))
ويقصد الفارابي بكلمة الأقوال ما يتزن مع الوحدات الإيقاعية (التفاعيل) وهي محدودة العدد .
2 ــ الشعر عند الفارابي أجزاء ( تفاعيل ) وليست أرقاماً , أو مقاطعاً , يكون ترتيبها في كل شطر متعادلاً مع الشطر الآخر , أي عدداً محدداً ومتساوياً في ترتيبه .
3 ــ الشعر عند الفارابي مكون من أجزاء مرتبة لها أزمان لا تتغير في الشطرين عند النطق بها , أي أن التفعيلة المزاحفة لا تتعادل لفظاً مع التفعيلة السالمة من الزحاف , وبهذه الحالة يجب تعويض النقص الزمني والمقطعي عند لفظها بالإنشاد الشعري .
ولو فهمنا ما يقوله الفارابي , لعرفنا أن الأرقام لا تعني شيئاً بالنسبة إلى مفهوم اٌلإيقاع الشعري الموسيقي .
وصدق الأستاذ دياب في قوله : (((إن الأرقام تقود إلى نتائج جميلة ولكنها خاطئة , ))) ((( وأن العروض العربي نظام هندسي ونظام إيقاعي على السواء ))
لكنني لا أوافق الأستاذ دياب على اختراع دائرة جديدة تسمى (( الدائرة السادسة )) فيقول الأستاذ : دياب:
(((إن الإنتقال بين هاتين الدائرتين لايمكن حصوله إلا من خلال دائرة أخرى تتوسط بينهما هي الدائرة السداسية الأجزاء، وهي دائرة غير موجودة في نظام الخليل، وقد وضعناها في كتابنا المذكور أعلاه، وتفعيلتها الرئيسة هي:-
1- مفاعيلن فع لن
2-فع لن مفعولات
3-فع لن مستفعلن
4-مفعولات فع لن
5-مستفعلن فع لن
6-فاعلاتن فع لن ))))))
التعليق:
إن سبب تنكري لمثل هذه الدائرة هو أن الأوزان الشعرية في تفاعيل الخليل محصورة بين الأوزان الآتية :
ثنائية الوزن ( فعلن فعلن فعلن فعلن ) الخبب
ثلاثية الوزن : ( فعولن أو فاعلن ) متكررة في المتقارب والمحدث
رباعية الوزن ( التفاعيل السباعية ) مثل مستفعلن أو مفاعلتن وغيرها .
وإذا زادت المقاطع عن الوزن الرباعي ( سباعية الحروف ) فإنها تخلق تفعيلة دخيلة في حشو البيت وهي التفعيلة ( ثنائية الوزن ) , أي أنه لا يوجد في نظام الخليل التفاعيل التي أشار إليها الأستاذ دياب .وهي :
مفاعيلن فع لن ((( ب ــ ــ ــ / ــ ــ ) فهذه مكونة من مقياسين وهما ( رباعي الوزن وثنائي الوزن , ولا وجود لهما في نظام الخليل . ))))
أما الأبيات الشعرية التي وردت في مقال الأستاذ دياب , فهي من تفاعيل الخليل التي تشكل بعضها المنهوكات في البحور الشعرية , أوتعطي الشواذ في الإيقاع لكثرة الأسباب الخفيفة المتتتابعة , ولو جازلنا أن نجعل من كل تفعيلة يزاد عليها بعض الأجزاء لأنتجنا مئات الدوائر التي نحن بغنى عنها .
وأما قول الأستاذ دياب :
(((حيث يعطي الرقم (3) للوتد المجموع ويعطي العدد(2) للسبب الخفيف وهذا غير مصيب بالمرة فالوتد يتكون من سببين ولا يمكن إعطائه العدد (3) كما أن السبب الخفيف لا يمكن إعطائه الرمز (2) لأنه سبب واحد )))
لا يا أخي دياب , إن الوتد له ثلاثة حروف , ولم يكن الوتد المجموع برقمه ( 3 ) من اختراع الرقميين , بل كان ذلك منذ قرون مضت , لقد قسم الفارابي الأجزاء إلى سلاميات ( فجعل للحرف المتحرك الرقم ( 1 ) وجعل للسبب حرفين , وجعل للوتد ثلاثة حروف ( 3 )
فقال الفارابي ::
((الإيقاع ألفاظ مكونة من أجزاء وصفها بالسلاميات الأسباب والأوتاد, فإذا كان السبب عبارة عن حرفين، والوتد عبارة عن ثلاثة أحرف، فإن السلامية تعني الحرف الواحد . )))
واسألوا أهل العلم الموسيقي عن ذلك .
وأما قول الأستاذ خشان في الفقرة الآتية :

أنوه هنا بأنه يشترط بالسبب الأول 2 في 2 3 4 3 أن يكون أول الشطر أو بعد وتد أي لا يشمل الحالة ( 2 2 3 2 2 3 ) ))))
التعليق :
بما أن جميع البحور الشعرية يعود تركيبها إلى تفعيلة واحدة أساسية ( وهي متفاعلن ))) أو مفاعلتن أو غيرها , فلا شك أن زحافات هذه التفاعيل تتطايق مع بعضها تطابقاً منطقياً , ولا عجب في ذلك . ولبرهنة هذه الظاهرة نأخذ تفاعيل البيت الآتي لبحر الرمل :

فاعلاتن فعلاتن فعلاتن
ــ ب ــ ــ / ب ب ــ ــ / ب ب ــ ــ
يمكن أن تتحول التفاعيل كما يلي بعد نقل المقطع الأول إلى آخر المقاطع :
/ ب ــ ــ ب/ ب ــ ــ ب / ب ــ ــ ــ

وليس هذا من الانتفاخ الفخري كما يصفه الآخرون , بل هو حقيقة العلم واليقين , لأن المشتغلين في أبحاث العروض لا ينكروت مجهود المجتهدين , لكن الشرط أن تكون لهذه الجهود فوائداً للأجيال الصاعدة , لبناء سرح العلم الذي ينتظرهم ,
ونقل الأستاذ خشان هذا المقال قائلاً :
لأخي واستاذي الغول هذه الأقوال عن الرقمي :


http://www.3emme3.com/vb/showpost.ph...4&postcount=25
ما وجه الاختلاف بينك وبين الاستاذ خشان خشان

اين تراه مصيبا واين تراه اخفق
الجواب :
الأستاذ خشان صديقي وابن بلدي , وكلانا في الهم شرق , لا أستطيع أن أنكر ما قدمه الأستاذ خشان من أفكار عروضية , فله دراية في العروض التقليدي والتفعيلي , ولولا معرفته في العروض التقليدي لما استطاع أن يفعل شيئاً في العروض الرقمي .
ومن البدهي أن يختلف الباحثون في علومهم , وأبحاثهم , كما هم مختلفون في سبلهم وطرق دراستهم وتشعبها .
لقد أصاب الأستاذ خشان عندما جعل العروض التقليدي التفعيلي نصب عينيه , ليبني عليه وعلى نهجه العروض الرقمي. ولكنه أخطأ عندما يريد أن يتجاهل التفاعيل وإيقاعها ويستبدلها بأرقام لا طائل منها إلا معرفة الدارس للبحر الشعري فقط .

وسيظل الأستاذ خشان في طريقه الغامضة لحين أن يسير مع العروض التفعيلي الرقمي الإيقاعي , وأرى في عمل الأستاذ خشان حلقة ضائعة وهي الحلقة الإيقاعية , وأكبر خطأ ارتكبه الأستاذ خشان أنه لحق بعض من يلمون بالموسيقى ولم يتعمقوا بعمل الخليل , والخطأ الذي أقصده هو عملية ((( التخاب))
أي أن الأستاذ خشان يجيز للتفعيلة فاعلن أن تصير ( فعِلن ) وأن تصير فعْلن , وهذا صحيح ,إن كانت هذه التفعيلة في بيت شعري واحد , بشرط عدم قبول ( فعـْلن 22 في حشو البيت الشعري) لكن الأستاذ خشان لا يفرق بين ( الأحذ في الكامل (متفا ( ب ب ~ ) وبين ضرب السريع العصري فاعلن( ب ب ــ ) وبين الخبب ( ب ب ~ ) فكله برأيه تعطي الأرقام نفسها وهي:
( 1 1 2) وهذا مخالف لعمل الخليل , بل هذا هدم لمبدأ العروض , لأن الخليل فرق بين التفاعيل السابقة بالألقاب التالية فقال :
فاعلن : سالمة من الزحاف وهي تتبع الوزن الثلاثي ( خماسية الحروف )
فعِلن : وهي تفعيلة مخبونة , من أصل فاعلن .
فعِلن : وهي أحذ لا توجد إلا في الكامل ووزنها رباعي , وأصلها التفعيلة ( متفاعلن )
وهذا هو أكبر خلاف بيني وبين الأستاذ خشان , وسيبقى الخلاف قائماً إلى أن يقتنع أحدنا من فكرة الآخر , لنسير علي الاتجاه الصحيح .
أرجو أن أكون قد أعطيت الإجابة حقها . وشكراَ

العروض الرقمي لا يزال في مراحله الأولى , ويحتاج إلى نظرة شمولية لطريقة عرضه , فهو أي العروض الرقمي يساير فكرة موسيقية ضارة بمباديء العروض التفعيلي , هذه الفكرة هي عملية التخاب , أي أنه يعجز عن تقسيم الوحدات الإيقاعية إلى الوحدات التي أرادها الخليل , مثال ذلك :

نأخذ التفاعيل المطوية لبحر الرجز الآتية :
ــ ب ب ~ / ـ ب ب ~ / ــ ب ب ~
هذه تفاعيل رباعية المقاييس , ولكن العروض الرقمي عندما يجعل من التفعيلة المطوية ( ــ ب ب ~ ) تفعيلة بثلاثة أسباب هكذا ( ــ ــ ــ ) فإن ذلك شاذ في حشو البيت الشعري , وغير مقبول عروضياً , وهذا خلاف متأصل بين العروض الرقمي والتفعيلي , ولكني على يقين بأن العروض الرقمي سينتبه إلى هذا الخلل وسوف يسير في الاتجاه الصحيح مع العروض التفعيلي .

أما بالنسبة للحلول الوسط , فلا يوجد في العلم حل وسط , لأن
( 1 + 1 ) = 2 فلا يمكن أن نجعل لهذا التساوي حلاً وسطاً في هذا المقال :

3/9/201

______________

(1) أصل هذه الفقرة من موضوع ( التغيير الكبير )

*http://arood.com/vb/showthread.php?p=23817#post23817