لا شك أن إحتلاف وجهات النظر والأراء بين المفكرين والعلماء هي ظاهرة صحية حيث ينتج عنها تّولد الأفكار الجديدة ذات العمق الفكري وذلك لأن أفكارهم وآرائهم بالطبع تكون أعمق وأدق تفسيراً وتفصيلاً للظواهر الجديدة وكيفية تحليلها وتفسيرها للوصول إلى الأسباب الحقيقية لها
لذا فأن لكل من الطبيب خالص والمهندس خشان رأيه الذي يدعو للإحترام ولولا هذا الإختلاف لمل وصلنا إلى هذا الحوار على الأقل هنا
وإن كنت هنا أتفق مع الدكتور خالص فى بعض النقاط إلا أننى أختلف أيضاً معه فى كثير من النقاط حيث أن فى رأيي الشخصى أن :
1 - الغرب وإن كان يمتلك الثروات المادية ويمسك فى يده زمام القوى الإقتصادية وكذلك القوى العلمية والتكنولوجية إلا أنه أصبح يفتقر إلى القيم والعقائد ولم يعد لديه مايقدمه أو يجعله فى مركز القيادة البشرية فى عمق التفكير أنه بالفعل يطبق بعض من التعاليم الإسلامية ويتبعها وذلك ليس إيماناً منه بالدين الإسلامي ولا إيماناً بالعقيدة ولا التوحيد ولكن التطبيق جاء من بعد دراستهم علمياً والتأكد من أن ماجاء به الإسلام من عقائد وتشريعات هو الطريق الصحيح لبناء المجتمع السليم وهوأيضا العلاج الصحيح لأمراض المجتمع والأنسان ولذلك إستخدمت المجتمعات الغربية ما تحتاج إليه لتكمل صور التطور لديها ولكن هيهات فالفارق كبير جداً بين التطبيق المبنىي على العقيدة والإيمان والتطبيق المبني علي الإستفادة وهذا جزء للكاتب سيد قطب يوضح فيه ماهية التفكير والعمل به فى الدين الإسلامى ومن منطلق المنهج الرباني

........ يجب أن يعرف أصحاب هذا الدين جيّداً أنه -كما إنه في ذاته دين رباني- فإن منهجه في العمل منهج رباني كذلك. متواف مع طبيعته، وإنه لا يمكن فصل حقيقة هذا الدين عن منهجه في العمل.
ويجب أن يعرفوا كذلك أن هذا الدين -كما إنه جاء ليغير التصور الاعتقادي، ومن ثم يغير الواقع الحيوي- فكذلك هو قد جاء ليغير المنهج الذي يبنى به التصور الاعتقادي، ويغير به الواقع الحيوي .. جاء ليبني عقيدة وهو يبني أمة .. ثم لينشئ منهج تفكير خاصاً به، بنفس الدرجة التي ينشئ بها تصوراً اعتقادياً وواقعاً حيوياً. ولا انفصال بين منهج تفكيره الخاص، وتصوره الاعتقادي الخاص، وبنائه الحيوي الخاص.. فكلها حزمة واحدة..
فإذا نحن عرفنا منهجه في العمل على النحو الذي بيناه، فلنعرف أن هذا المنهج أصيل، وليس منهج مرحلة ولا بيئة ولا ظروف خاصة بنشأة الجماعة المسلمة الأولى، إنما هو المنهج الذي لا يقوم بناء هذا الدين -في أي وقت- إلا به.
إنه لم تكن وظيفة الإسلام أن يغير عقيدة الناس وواقعهم فحسب، ولكن كانت وظيفته كذلك أن يغير منهج تفكيرهم، وتناولهم للتصور وللواقع، ذلك أنه منهج رباني مخالف في طبيعته كلها لمناهج البشر القاصرة الهزيلة.
ونحن لا نملك أن نصل إلى التصور الرباني وإلى الحياة الربانية، إلا عن طريق منهج تفكير رباني كذلك، المنهج الذي أراد الله أن يقيم منهج تفكير الناس على أساسه، ليصح تصورهم الاعتقادي وتكوينهم الحيوي.
، حين نريد من الإسلام أن يجعل من نفسه (نظرية) للدراسة، نخرج به عن طبيعة منهج التكوين الرباني، وعن طبيعة منهج التفكير الرباني كذلك، ونخضع الإسٍلام لمناهج التفكير البشرية! وكأنما نريد لنرتقي بمنهج الله في التصور والحركة ليوازي مناهج العبيد!
والأمر من هذه الناحية يكون خطيراً، والهزيمة تكون قاتلة.
إن وظيفة المنهج الرباني أن يعطينا -نحن أصحاب الدعوة الإسلامية- منهجاً خاصاً للتفكير، نبرأ به من رواسب مناهج التفكير الجاهلية السائدة في الأرض، والتي تضغط على عقولنا، وتترسب في ثقافتنا . فإذا نحن أردنا أن نتناول هذا لدين بمنهج تفكير غريب عن طبيعته، من مناهج التفكير الجاهلية الغالبة، كنا قد أبطلنا وظيفته التي جاء ليؤديها للبشرية، وحرمنا أنفسنا فرصة الخلاص من ضغط المنهج الجاهلي السائد في عصرنا، وفرصة الخلاص من رواسبه في عقولنا وتكويننا.
والأمر من هذه الناحية يكون خطيراً كذلك، والخسارة تكون قاتلة.
إن منهج التفكير والحركة في بناء الإسلام، لا يقل قيمة ولا ضرورة عن منهج التصور الاعتقادي والنظام الحيوي، ولا ينفصل عنه كذلك. ومهما يخطر لنا أن نقدم هذا التصور وهذا النظام في صورة تعبيرية، فيجب ألا يغيب عن بالنا أن هذا لا ينشئ (الإٍسلام) في الأرض في صورة حركة واقعية، بل يجب ألا يغيب عن بالنا أنه لن يفيد من تقديمنا الإسلام في هذه الصورة إلا المشتغلون فعلاً بحركة إسلامية واقعية، وأن قصارى ما يفيده هؤلاء أنفسهم من تقديم الإسلام لهم في هذه الصورة هو أن يتفاعلوا معها بالقدر الذي وصلوا هم إليه فعلاً في أثناء الحركة.
ومرة أخرى أكرر أن التصور الاعتقادي يجب أن يتمثل من فوره في تجمع حركي، وأن يكون التجمع الحركي في الوقت ذاته تمثيلاً صحيحاً وترجمة حقيقة للتصور الاعتقادي.
ومرة أخرى أكرر كذلك أن هذا هو المنهج الطبيعي للإسلام الرباني، وأنه منهج أعلى وأقوم، وأشد فاعلية، وأكثر انطباقاً على الفطرة البشرية من منهج صياغة النظريات كاملة مستقلة وتقديمها في الصورة الذهنية الباردة للناس، قبل أني كون هؤلاء الناس مشتغلين فعلاً بحركة واقعية، وقبل أن يكونوا هم أنفسهم ترجمة حية، تنمو خطوة خطوة لتمثيل ذلك المفهوم النظري.
سنكمل عند العودة إن شاء الله

شكراً أستاذة نادية على هذا الموضوع الراقي والذي يفتح مجالاً للفكر والآراء وماهية منهجية الفكر وماهو الفرق بين هذه الماهية بين المفكرين والأدباء والعلماء في كل المجالات وما هي الأسس التي يتم بناء هذا المنهج عليها لنتعلم منهم ونفهم ونرتقي بفكرنا فما العقول إلا بوتقة تنصهر فيها الأفكار وتتفاعل لتنتج تطورات علمية وأدبية وفكرية جديدة ذات ذات إبتكارات وألوان جديدة

أرق تحياتى وشكراً كثيراً

تحية ... بعطر الياسمين

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي