النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الرجز .. ذلك البحر المتمرد

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2004
    المشاركات
    228

    الرجز .. ذلك البحر المتمرد

    تخضع بحور الشعر في حركتها الإيقاعية (زحافها) لقوانين عروضية يندر أن تشذ عن الالتزام بها. ومن هذه القوانين في السببين المتواليين قانون المعاقبة الذي ينص على أنه لا يجوز أن يحذف ساكنا السببين معا، في حين يمكن أن يثبتا معا.
    وتقع المعاقبة في: المديد والرمل والخفيف والمجتث، وفي مفاعيلن في الهزح والطويل والوافر، ومستفعلن في الكامل وعروض المنسرح. وأما مستفعلن في بحر الرجز فلا تقع فيها المعاقبة، فهي تنفرد بمصطلح خاص بها هو المكانفة الذي يعني جواز زحاف السببين معا، وسلامتهما معا، وزحاف احدهما وسلامة الآخر . وهذا أول مظهر من مظاهر تمرد الرجز على قانون يفترض أن يكون عاما. غير أنك لا تكاد تحس بشيء من الشذوذ في هذا التمرد حين تستمع إلى قول الشاعر في الرجز:
    - ما ولدت والدة من ولد ** أكرم من عبد مناف حسبا
    - منازل ألفتها وطالما ** عمرتها مع الحسان في دعة
    - وزعموا وكذبوا بأنهم ** لقيهم علبط فشربوا
    ويقول الخليل: إن المكانفة تقع أيضا في مستفعلن من السريع والبسيط والجزء الأول من شطري المنسرح وفي مفعولات منه أيضا. ونحن إذا استثنينا ذلك النوع من السريع الذي يلحقه بعض العروضيين بالرجز نجد أن هذه البحور الثلاثة تخضع لقانون المعاقبة لا المكانفة، وإنما أدخلها الخليل في دائرة المكانفة لأنه وجد بعض الأمثلة القليلة عليها في الجاهلية وصدر الإسلام.
    المكانفة التي في الرجز تمثل الحرية الكاملة في حركة الأسباب، بينما تقتصر الحرية في المعاقبة على أحد السببين المتواليين ، ومع ذلك زاد تخلي الشعراء عن كثير مما أتاحته المعاقبة في حرية أحد الأسباب في حذف ساكنه.
    ثمة باب آخر للحرية يدخل منه الرجز بحرية لا يتاح لأي بحر غيره الدخول منه، هو حرية قطع تفعيلته في العروض مثلها في ذلك مثل الضرب. والشاهد القديم على هذا التصرف الذي ارتبط ببحر الرجز وحده ، هو قول بعضهم:
    دنوت منه فنأى وصدّا * ولنت في القول له فاشتدا
    وكان هذا في البديّ منه * مزحا فلما اشتد صار جدّا
    لبئس ما جازى بوصلٍ هجرا * مجازيا بالقرب منه بعدا
    مستفعلن مستفعلن مستفعلْ * مستفعلن مستفعلن مستفعلْ
    والشاهد الحديث منه قول نزار قباني :
    لا تسألوني ما اسمه حبيبي ** أخشى عليكم ضوعة الطيوب
    والله لو بحت بأي حرف ** تبعثر الليلك في الدروب
    مستفعلن مستفعلن متفعلْ * مستفعلن مستفعلن متفعلْ
    ومن مجزوئه في الشعر العباسي قول أبي نواس:
    رأيت كل من كا * ن أحمقا معتوها
    في ذا الزمان صار الـ * مقدم الوجيها
    رب وضيع نذل * نوهته تنويها
    هجوته لكيما * أزيده تشويها
    مستفعلن متفعلْ * مستفعلن مستفعلْ
    وهناك باب ضيق رأيت الرجز بما اتصف به من حرية وتمرد يمر منه بسهولة، وهو باب الحذذ في عروضه، غير أني لم أجد شاهدا عليه سوى أبيات لنزار قباني أحوّرها لصنع هذا الشاهد وهو قولي:
    يا صاحبي في الدفء والروعه * لا غرو أني أختك الشمعه
    أنا وأنت والهوى لظى * محترق في هذه البقعه
    في غرفة فنانة تبدو * كأنما تلفها الروعة
    مستفعلن مستفعلن مستفْ * مستفعلن مستفعلن مستفْ
    ومن مجزوئه الأحذ يمكن التداخل مع هذا الضرب الذي كنت عددته من البسيط:
    مدامة رقّت * فقال جلاسي
    أكأسها فيها * أم هي في الكاس
    مستفعلن فعْلن * مستفعلن فعْلن
    وهذا الحذذ الذي استخدمه الخليل في رابع الكامل وخامسه لا يصح عندي، لأن الكامل لم يُعهد منه التمرد الذي عهدناه في الرجز ، ولذلك فنحن نعتبر بيته التالي بحرا مستقلا عن الكامل، وهو الوجه الخببي من السريع:
    لمن الديار عفا معارفها * هطل أجش وبارح تربُ
    ووزنه :
    متفاعلن متفاعلن فعلن * متفاعلن متفاعلن فعلن
    حيث (فعلن) تفعيلة صحيحة وليست حذاء من متفاعلن كما قرر الخليل.
    وأما القطع في عروض الرجز فلا يوجد ما يقابله في البحور الأخرى ،
    ولذلك فإن محاولتي التمثيل له في الكامل بقولي:
    هتف النعي بما أثار شجوني * فبكت على إثر الفقيد عيوني
    يا ليت شعري هل طواه ضريح * وهو الأبي على المقام الدون
    إنما جاءت على سبيل القياس على عروض الرجز المقطوعة. ومع أنه تبين وجود أمثلة جاءت من هذا القطع في عروض الكامل من الشعر القديم فإنها لم تبلغ حد قصيدة كاملة أو حتى نتفة ، وذلك طوال عصور الشعر العربي كله، إلا ما خفي عنا ، مما يؤكد تفرد الرجز وحده بهذه الخاصية .. خاصية التمرد أو الحمرنة.
    من ناحية أخرى ، قد يحتج البعض بوجود نوع من التمرد في أحد ضروب البسيط، وبالذات المخلع منه ، ووزنه عند الخليل:
    مستفعلن فاعلن متفعلْ * مستفعلن فاعلن متفعل*
    إلا أننا نراه بحرا عاقلا وليس ضربا متمردا من البسيط، وأفضل تقدير لوزنه هو ما وضعه حازم القرطاجني:
    مستفعلاتن مستفعلاتن * مستفعلاتن مستفعلاتن
    بتفعيلات تساعية صحيحة.
    تغن بالشعر إما كنت قائله ........ إن الغناء لهذا الشعر مضمار

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,954
    مرحبا بأخي وأستاذي الكريم

    مستفعلن في نهاية شطر كل من الرجز ومجزوء البسيط

    نجح تمرد الرجز ولم يحالف النجاح تمرد البسيط الذي أسس له بقدر ما نعلم عبيد بن الأبرص.

    لعل ذلك يعود إلى التجانس - هل أقول الديموغرافي ! - في الرجز باقتصاره على تفعيلة واحدة، والاختلاف في تركيب مجزوء البسيط بين مستفعلن 4 3 و فاعلن 2 3 .

    كم في هذه الدنيا من المفارقات.

    يرعاك ربي.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط