عرفته أول ما عرفته من قراءتي لكتابه ( الأدلة الرقمية لبحور الشعر العربي ) ولعله كان أول كتاب أقرؤه في العروض يخرج في تناوله كليا عن الأسلوب التقليدي. ثم ازددت معرفة به من خلال كتابه (مدخل رياضي إلى عروض الشعر العربي). وعندما عرفت أنه متخصص في علم الوراثة أعدت قراءته رابطا بين منهجه في العروض وانطباعي عما يتطلبه علم الوراثة من تحليل وتركيب.

أحمد مستجير رجل ممتد ما بين القرن الثالث الهجري والقرن الواحد والعشرين الميلادي فهو متجذر في شخصية أمته متمكن من علوم العصر، مستشرف للمستقبل، يجمع العلم والأدب، ولعل العروض يقع على تخومهما. فكأن تدشين هذا الأسلوب من التناول كان مهيأ له دون سواه. وقد جرى فيه على عادته من تناول الدراسة الأدبية بمنهج العلم. وقرأت بعضا من كتاباته العلمية التي يتناول فيها العلم بأسلوب أدبي جميل

وعلى ضوء قناعتي أن تفكير الإنسان واحد في كل مجال رحت أتمعن وأقارن بين طريقته في تناول علم العروض وما أعرفه من معلومات عامة عن علم الوراثة. وفي كل منهما تحليل للكل المبهم إلى أصغر مكوناته ومن ثم كشف صفات هذه المكونات وإعادة تركيب الكل المفهوم على أساس تكامل الجزئيات المعلومة.

وفي هذا السياق عثرت على بعض أوجه شبه عجيبة بين بعض ألف باء العروض وألف باء الوراثة ولا يمكنني أن أصف ذلك بأكثر من كونه حدسا، والذي يستطيع تقييمه بأكثر من ذلك هو د. أحمد مستجير أو من في مقامه تَمكّناً من العلم والمنهج العلمي.

1- يرى الدكتور مستجير أن أصل التفاعيل أسباب خفيفة حذف ساكن أحدها وأن التفاعيل السباعية أصلها 2 2 2 2 وأنها تتنوع وفقا للسبب المميز الذي حذف ساكنه فتحول من 2 = 1 ه إلى 1 ه

ولو أخذنا مستفعلن على سبيل المثال فإن أصلها كما يراه هو
مستفعيلن = 2 2 2 2، حذف ساكن السبب الثالث المميز فصارت
مستفعيلن = 2 2 1 ه 2 بعد حذف ساكن السبب الثالث تصبح 2 2 1 2

2- جاء في كتاب ( الأسس المنهجية لدراسة نظرية الموسيقى) للأستاذ مجيد مرهون (ص- 31) عن الرموز الزمنية للنغم : المستديرة (روند)، أطول النغمات المستخدمة حاليا زمنا، وهي رمز زمني يتمثل في مستديرة بيضاوية الشكل، تمثل قيمة زمنية مقدارها اربع ضربات، وهي ما تعادل الزمن الكامل وتلفظ زمنيا بأربعة أزمنة متصلة تمثل الضربات الأربعة .
Taa – aa – aa- aa
وهذا عين ما يفهم من كتاب الدكتور أحمد رجائي أوزان الألحان حيث يقول
(ص– 167) :" ....وذلك بحيث يتوافق اللحن مع نمط الأرباع الأربعة ".وعنده يعتبر الصوت الكامل من أربعة أسباب مدة كل منها ربع صوت، وكل سبب يمكن أن يكون تعبيرا عن نقرة قوية أو نقرة لينة أو سكتة طويلة[ =ضعف السكتة التي في السبب ]
وربع الصوت = 2 = سبب والصوت = 2 2 2 2 = مفعولاتن

وتصبح الأسماء التالية دالة على ذات المسمى في العروض والموسيقى

مفعولاتن ( أوزان الألحان) = 2 2 2 2 = مف عو لا تن = الصوت الكامل = أربعة أرباع
روند ( الأسس المنهجية ) = 2 2 2 2 = Taa – aa – aa- aa= أربع ضربات
مستفعيلن ( مدخل رياضي ) = 2 2 2 2 = مسْ تفْ عي لن =الأصل الخببي ل مستفعلن =22 1 2

إلى هنا والحديث عن الموسيقى والعروض، فأين الوراثة؟

أهداني الدكتور مستجير كتابه ( قراءة في كتابنا الوراثي) صادرا ضمن سلسلة اقرأ عن دار المعارف ويتناول فيه مواضيع علمية تخص الوراثة كما تناول فيه فصلا عن منهجه في علم العروض. وهذا وحده مغر بالربط بين أسلوب تفكيره في المجالين. إضافة إلى بعض
يقول د. أحمد مستجير عن ذبابة دروسوفيليا ( Drosophila melanogaster )، ( لعلها ما يسمونه بالعربي ذبابة الفاكهة ) (ص – 27) :" تحمل نواة الخلية الجسدية لهذه الحشرة المادة الوراثية مقسمة إلى أربعة أزواج لاأكثر من الكروموسومات ( واحد من كل زوج يأتي من الأب في الحيوان المنوي، والآخر من الأم في البويضة). من بين هذه الأزواج الأربعة هناك زوج من كروموسومات الجنس (XX في الأنثى، XY في الذكر ) وثلاثة أزواج من الأتوزومات، (هكذا تسمى الكروموزومات غير كرموزومي الجنس).

نعود الآن للمقارنة:
في العروض لدينا 2 .... 2 .... 1 .... 2
في الوراثة لدينا × .....×......y .....×

هذا وجه شبه شبه موحٍ

يقول ( ص – 36) : " y فارغ وراثيا تقريبا)" ، 1 متحول من 2=1ه أفرغ سكونها 1 ه

هذا وجه شبه آخر

هنا توقفت أتأمل متذكرا قول الدكتور أحمد زكي التي طالما رددها على صفحات مجلة العربي:" وحدة الخلق تدل على وحدة الخالق".

من المصادفات العجيبة

أن كروموزومات الإنسان = 3 2 زوجا

وزن الطويل المقبوض في كل شطر = 3 2 3 4 3 2 3 3 ( المجموع = 3 2 )
وفي الشطرين = 3 2 زوجا


أن كروموزومات الشمبانزي = 4 2 زوجا

وزن الطويل السالم في كل شطر = 3 2 3 4 3 2 3 4 ( المجموع = 4 2 )
وفي الشطرين = 4 2 زوجا

أليس القبض في آخر شطر الطويل أسلس ؟

الطويل أطول البحور العربية بل وربما أرقاها.

صدف كثيرة هنا.


وينطلق عنان النفس في التخيل وعلى ما قد يكون في تداعيات ذلك من الشطط والبعد عن الحقيقة فلا ضرر من استعراضه، طالما اعتبرناه نوعا من الخيال العروضي على غرار الخيال العلمي.

تحت هذا السقف أطرح التساؤلات التالية
1- هل ثمة أنواع من الكائنات البدائية ليس فيها y فتكون كروموسوماتها xxxx نظيرة بتفاعيل الخبب التي تخلو من السبب المميز ( الوتد )
2- هل يمر y قبل تكونه بمرحلة × ثم يجري تفريغه من محتواه ؟ على غرار تخيلنا لأصل السبب المميز ثم حذف ساكنه في نهج مستجير؟ أم أن كلا الأمرين استقراء مناسب منطقيا بلا دليل ؟
3- لو اعتبرنا 1 = y و 2 = × فإن واي إكس = 1 2 = 3 = وتد
فهل واي إكس ( في حال الذكر) فيها من الثبات أكثر من ×× ( في حال الأنثى) كما أن الوتد أثبت من السبب؟

يجتمع السببان والوتد أو 2 2 2 و 1 في العروض على أشكال التفعيلات الرباعية حسب موقع 1 أو موقع الوتد.
فهل في علم الوراثة عدة تشكيلات من كروموزومات ××× و y حسب موقع y ؟
4- هل تناظر الأوتوزومات شيئا في العروض ؟

وأختم بما قاله عند بلوغه سن العشرين أمد الله في عمره (ص–13) :

أعشرون عاما مضت يا أخي؟
مضت كيف ولّت وكيف انتهيتُ؟
أنا من بعيدٍ أنادي السنين وأرثي لها
لقد غمرتني وعذبتها.