نظرا لأهمية المادة التي قدمها ويقدمها الأخ فريد البيدق حول العروض بصيغة التفاعيل رأيت جمعها هنا في رابط واحد لتكون مرجعا لمن يرغب، وجعلت هذا الرابط في هذا الباب ليكون على مقربة مع موضوع (تناول مقارن بين التفعيلي والرقمي)

http://www.arood.com/vb/showthread.php?s=&threadid=841

لما بين الموضوعين من وشائج.

أخي الكريم الأستاذ فريد، لك ااشكر، وأرجو أن تستمر في تقديم الموضوع.
وأنا أفضل جعل المشاركات هنا تسهيلا للرجوع إليها .
وإن أذنت لي بحذف المشاركات في عناوينها المستقلة فلك الشكر، وإلا فهي باقية كما شئتها. وسأوالي نقل ما تكتبه بهذا الصدد هنا .

________________________________

أولا - جولات بين أذن الخليل وعقله:

العروض .. جولات بين أذن الخليل وعقله
الجولة الأولى.. الأمنية وأبجديتها
1- الأمنية

على غرار دعوة سيدنا سليمان المحكية في القرآن الكريم " ... وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب"- يقال: إن الخليل دعا ربه أن يهبه علما لا يشاركه فيه غيره ويكون له وحده. وسواء أكانت هذه الأمنية صحيحة لفظا أم لا، فإن هذه النفس العظيمة لا يُستغرب منها طلبٌ بهذا الحجم وهي النفس المصهورة في حب العلم كما يقول الشاعر:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم = وتأتي على قدر الكرام المكارم
هذه الأمنية إن لم ترد عنه لفظا فهي سكنته حلما، فهو ذلك العَلَم الذي إذا أردنا تعريفه ذكرنا اسمه فقط. هذا الرجل -الذي أوتي ما لم يؤته أحد- اجتمع عزمه على اكتشاف الإطار النظري الذي يجمع كل هذا الكم الشعري الذي يسمعه. ولأنه لم يترك لنا مذكراته العلمية ولا مسوَّدات تطور هذه الفكرة فلن نستطيع تمثلها تمثلا ينقل لنا كل مساحات الضوء التي سكنت رأسه وقلبه ونفسه على امتداد التنقلات بين مراحل هذه الفكرة.
لكن من يعالجون الأفكار وتطورها لا يصعب عليهم تخيله وهو يحمل تلك الرغبة وذلك التوجه داخل عقله التحليلي وأذنه الموسيقية فيستثمر كل ما حوله لهذا الغرض، وظل هكذا حتى يقال: إنه مرّ على من يطرق النحاس فأنصت للدقة والسكون الذي يعقبها وتكرار ذلك، وألهمه الله تعالى المفتاح والمدخل لذلك البناء الذي خرج منه كاملا.
دخل الخليل معمله الموسيقي العلمي ومعه عقله التحليلي التجريدى وأذنه الموسيقية وذلك الكم الهائل من الأشعار، وبدأ البحث وظل يحاول ويعيد ترتيب التصورات على ضوء المستجدات التطبيقية، وتمثل طريقة "زهير بن أبي سلمى" صاحب الحوليات المنقحة. ظل عاكفا على ذلك لا يصرفه عن ذلك صارف من هم دنيا ولا حاجة نفس ولا نزوع قلب إلى أن استوت رغبته علما له أطره النظرية الكاملة الواضحة.

2- الأبجدية

أدرك الخليل أن ما يسمعه من الشعر يختلف أثره السمعي، وتساءل عن سبب حدوث ذلك: لماذا يحدث هذا الاختلاف؟ ما سببه؟ انطلق ذهنه التحليلي يحلل ويجرد حتى اكتشف أن السبب يكمن في اختلاف وحدة البناء الشعري. ما وحدة البناء الشعري؟ إنها التفعيلة التي يختلف تركيبها فيؤدي ذلك إلى اختلاف الأثر السمعي العام.
ما التفعيلة؟ إنها تَجمُّعٌ من الحركات والسكنات في أشكال مخصوصة، ويؤدي تكرارها إلى نشوء الإيقاع. ما الإيقاع؟ إنه ثبات بين متقابلين يتكرر عبر وحدات زمنية متساوية أو تكاد أن تكون متساوية. ومم ينشأ الإيقاع في العروض؟ إنه ينشأ من تكرار التفعيلات تكرارا ثابتا عبر الزمن. ومم تتكون التفعيلات؟ إنها تتكون من هذه التجمعات المختلفة كمًّا من الحركات والسكنات التي تنتظم في الأزواج الآتية: [ ( /0 - // )، و( //0-/0/ )،و ( ///0-////0) ].
ثلاثة أزواج تتكون منها التفعيلة، وبيانها كالآتي:
الزوج الأول- السبب
ينقسم السبب إلى: السبب الخفيف الذي رمزه ( /0 ) ، وهو يتكون من حركة " / " وسكون " 0". والسبب الثقيل الذي رمزه ( // )، وهو يتكون من حركتين " // ".
الزوج الثاني- الوتد.
ينقسم الوتد إلى: الوتد المجموع الذي رمزه ( //0 )، وهو يتكون من حركتين " // " بعدهما ساكن" 0 ". والوتد المفروق الذي رمزه ( /0/ )، وهو يتكون من حركة" / " وسكون " 0 " وحركة " / ".
الزوج الثالث- الفاصلة
تنقسم الفاصلة إلى: الفاصلة الصغرى التي رمزها ( ///0 ) وهي تتكون من ثلاث حركات" ///" وسكون" 0". والفاصلة الكبرى التي رمزها ( ////0 )، وهي تتكون من أربع حركات " //// " وسكون" 0".
وقد تم جمع هذه الأجزاء في هذه العبارة التعليمية ( لَمْ أًرَ عَلَى ظَهْرِ جَبَلٍ سَمَكَةً )، وتقطيعها كالتالي( /0-//، //0- /0/ ،///0- ////0 ). وأسماؤها ( سبب خفيف- سبب ثقيل، وتد مجموع- وتد مفروق، فاصلة صغرى- فاصلة كبرى).

---------
1- أجزاء التفعيلة .. فلسفة تسمية
انتهينا مع الخليل في جولتنا الأولى إلى معرفة أجزاء التفعيلة الممثلة إيقاع موسيقا العروض، وقد علمنا أنه قد سماها " السبب – الوتد – الفاصلة"، ورغم أنه لا مشاحة في الاصطلاح إلا أننا نتساءل: لماذا سمى الخليل الأجزاء بهذه الأسامي؟ من أين أتى بها؟ وهل هناك موضوع دلالي مشترك يجمع بينها؟
إذا أردنا معرفة الأسباب التي تبين فلسفة التسمية فإننا نيمم صوب الصحراء حيث يعيش البدو في خيام تسمى" بيوت الشَّعْر". مم تتكون الخيمة" بيت الشَّعْر " ؟ إنها تتكون من حبال تشد جسم الخيمة إلى الأوتاد المغروسة في الأرض.
لقد يمم الخليل قبلنا إلى الصحراء واستقى مفردات هذه البيوت المتنقلة ونقلها إلى "بيوت الشِّعْر" التي يحاول إيجاد الوسيلة المثلى للتعرف على نظام موسيقاها. إن الخليل أخذ حبل الخيمة وسماه "السبب"، ثم أخذ الوتد باسمه وخصائصه، ثم أخذ حبل الخيمة العام وسماه "الفاصلة". إذن:هي مفردات البيئة
2- التفاعيل العشرة
التفاعيل العشرة هي مكونات البحور الشعرية، وهي تتكون بدورها من بعض الأجزاء السابقة – هي: السبب الخفيف، والوتد بنوعيه، والفاصلة الصغرى- مرتبة وفق مبدأ " التباديل والتوافيق" في أشكال مخصوصة، منها ما يكون خماسيا يتكون من جزأين فقط ومنها ما يكون سباعيا يتكون من ثلاثة أجزاء؛ كالتالي:
التجمع الأول- تجمع ثنائي جزآه وتد مجموع وسبب خفيف
يتكون هذا التجمع من تفعيلتين متقابلتين كالآتي:
1- //0/0

وتنطق ( فَعُولًنْ )، وهي تتكون من ( وتد مجموع وسبب خفيف )، ووظيفتها ثنائية تتمثل في:
( أ ) بناء بحر " المتقاب " الصافي، وذلك بتكرارها ثماني مرات على النحو التالي:
//0/0 = //0/0 = //0/0 = //0/0= = //0/0= //0/0 = //0/0 = //0/0
فَعُولًنْ = فَعُولًنْ = فَعُولًنْ = فَعُولًنْ = = فَعُولًنْ = فَعُولًنْ = فَعُولًنْ = فَعُولًنْ

( ب ) الاشتراك مع تفعيلة أخرى لبناء بحر " الطويل " المختلط، كالتالي:
//0/0 //0/0/0 = //0/0 //0/0/0 = = //0/0 //0/0/0 = //0/0 //0/0/0

فَعُولًنْ مَفَاعِلُنْ = فَعُولًنْ مَفَاعِلُنْ = = فَعُولًنْ مَفَاعِلُنْ = فَعُولًنْ مَفَاعِلُنْ

2- /0//0
وتنطق ( فَاعِلُنْ )، وهي تتكون من ( سبب خفيف ووتد مجموع ) ، ووظيفتها ثلاثية كالتالي:

( أ ) بناء بحر " المتدارك " الصافي، وذلك بتكرارها ثماني مرات على النحو التالي:

/0//0= /0//0= /0//= 0/0//0 = = /0//0 = /0//0 = /0//0 = /0//0

فَاعِلُنْ = فَاعِلُنْ = فَاعِلُنْ = فَاعِلُنْ = = فَاعِلُنْ = فَاعِلُنْ = فَاعِلُنْ = فَاعِلُنْ
( ب ) الاشتراك مع تفعيلة أخرى لبناء بحر " المديد " المختلط، كالتالي:

/0//0/0 /0//0 = /0//0/0 /0//0 = = /0//0/0 /0//0 = /0//0/0 /0//0

فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ = فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ == فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ = فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ
( ج ) الاشتراك مع تفعيلة أخرى لبناء بحر " البسيط " المختلط، كالتالي:

/0/0//0 /0//0 = /0/0//0 /0//0 = = /0/0//0 /0//0= /0/0//0 /0//0
مُسْتَفْعِلُنْ فَاعِلُنْ = مُسْتَفْعِلُنْ فَاعِلُنْ = = مُسْتَفْعِلُنْ فَاعِلُنْ = مُسْتَفْعِلُنْ فَاعِلُنْ
وإلى لقاء مع بقية التفاعيل إن شاء الله تعالى


_________________

ثانيا : الزحاف .. والتقاليب العروضية للصيغة التفيعلية

دائما يؤدي الاستعمال إلى حدوث تغييرات في الشيء المستعمل، وفي "الصرف" نجد ذلك في مسائله المختلفة، وهنا في "العروض" نجد ذات الشيء؛ غذ التفعيلة النموذجية غير مستعملة كثيرا بل التفاعيل المزاحفة هي الأكثر. والزحاف تغيير يخضع لمبدأ تغيير الاستعمال، وهو يسبب الصور الآتية للتفاعيل:
1- //0/0: بالمزاحفة تنتج لنا: //0/، //0، /0/0، /0/
2- /0//0: بالمزاحفة تنتج لنا:/0//، ///0
3- //0/0/0: بالمزاحفة تنتج لنا://0/0/، //0//0، //0//
4- /0/0//0: بالمزاحفة تنتج لنا:/0///0، //0//0
5-/0//0/0: بالمزاحفة تنتج لنا:/0//0/، ///0/0، ///0/
6-/0/0/0/: بالمزاحفة تنتج لنا:/0//0/، //0/0/
7- /0/ /0/0: بالمزاحفة تنتج لنا: /0/ //0، /0/ //0
8- /0/0/ /0: بالمزاحفة تنتج لنا://0//0،//0//
9-//0///0: بالمزاحفة تنتج لنا://0/0/0، //0//0
10- ///0//0: بالمزاحفة تنتج لنا:/0/0//0، //0//0

________________

ثالثا : التفاعيل السباعية .. وأساس إفراد الزحاف وتعدده
التفاعيل السباعية تحتوي وتدا مجموعا أو مفروقا يحتوي ثلاثة أحرف، والأربعة الباقية تتوزع على السببين المسبعين. ولأن الزحاف موضوعه ثواني الأسباب نجد هذه التفاعيل تنقسم من حيث ذلك إلى:
أولا-تفاعيل سباعية متشابهة ثواني الأسباب
وهي: أ- /0/0//0 ب- /0//0/0 ج- /0/0/0/ د- /0/ /0/0 هـ /0/0/ /0 و-//0/0/0
وهذه التفاعيل يكون الزحاف فيها كالآتي:
1- الزحاف المفرد: يتم بحذف الثاني فقط، فتكون صورته واحدة.
2- الزحاف المزدوج: يتم بحذف الثانيين من التفاعيل الصالحة، فتكون صورته واحدة.

ثانيا- تفعيلتان مختلفتان ثواني الأسباب
وهما تفعيلتان هما:
أ- //0///0 ب- ///0//0
وهذه التفاعيل يكون الزحاف فيها كالآتي:
1-الزحاف المفرد يكون ذا صورتين إما بتسكين الخامس المتحرك أو حذفه، أو بفعل ذلك بالثاني.
2- يكون الزحاف المزدوج ذا صورتين إحداهما مستعملة والأخرى مهملة.

__________________

رابعا: ألقاب التفاعيل .. المزاحفة زحافا مزدوجا


عرفنا أن الزحاف المزدوج له أربعة أسماء، وعرفنا أنه زحافان في التعيلة السباعية. والتفاعيل المزاحفة بهذا الزحاف تسمى بأسماء تهدف إلى الاختصار والإيجاز كالتالي:
1- المخبولة: وهي التي دخلها "الخبْل"، وهو اجتماع الخبن والطي.
2- المخزولة: وهي التي دخلها "الخزْل"، وهو اجتماع الإضمار والطي.
3- المشكولة: وهي التي دخلها "الشكْل"، وهو اجتماع الخبن والكف.
4- المنقوصة: وهي التي دخلها "النقص"، وهو اجتماع العصب والكف.