نهدي هذه السطور لكل ذوي ((الأربعة عشر ربيعاً)) وكل مَن كان لهم يوماً (أربعة عشر ربيعاً) أو سيكون لهم في غد ((أربعة عشر ربيعاً)).
صبي له أربعة عشر عاماً .. في أحد أسواق الشرق .. يضغط الصحف تحت إبطه، ويعلق نظراته بالسماء ليقول لنفسه: ((آه، ربما مطرت السماء وبلت صحفي)) ويحول نظراته المتطلعة الفضولية إلى المارة والمحلات التجارية عله يجد مَن يشتري منه صحيفة ويعطيه بعض النقود.
عاد إلى البيت متعباً في الليل، وحينما جرَّ البطانية على وجهه الصغير قال لنفسه حالماً: ((يا إلهي، هل يمكن أن أبلغ يوماً آمالي؟)).
يقول عن نفسه:
((كان أبي قد أسر في الحرب وألقيت مسؤولية البيت كله على عاتقي، كان يجب أن أبيع يومياً ما لا يقل عن 100 صحيفة لأستطيع الحصول على قليل من المال لمعيشتنا. ولكن في بعض الأيام لا أحصل إلا على شيء قليل جداً من المال أعطيه لعائلتي كي تتقوّت به. ذات ليلة حينما عدت إلى البيت وجدت أمي وإخوتي قد ناموا. وسرعان ما فطنت إلى السبب الذي جعلهم ينامون قبل أن أصل. لم يكن في البيت سوى صحن واحد من الرز، غضوا عنه أطراف أحشائهم الجائعة وتركوه لي.
في مثل هذه الأحوال تستيقض أمي لتقول لي: ((لقد تعشينا جميعاً، ولابدّ أنك جائع، أسرع في تناول الطعام)) وحينما أنظر إلى إخوتي الذين دفعوا إلى مضاجعهم جائعين لا أتمالك دموعي. لكنني وأمي كنا نخفي أدمعنا عن بعضنا، فأقول لها أكلت في الطريق جفنة من الحساء، ليبق صحن الرز هذا لك ولإخوتي. كلانا يكذب على صاحبه وكلانا يعلم أن صاحبه يكذب.
لكن ذلك الصبي .. ذلك الصبي ذا العينين اللوزيتين ما عاد اليوم بائع صحف جوال، أنه ليس سوى كيم جوو جونغ مؤسس ومدير شركة دايفو العالمية.
ـ أبرز أسباب نجاحه:
1 ـ علاقته العاطفية الودودة بأمه.
2 ـ عطفه على الآخرين ومساعدتهم، وهو ما جعله هدفاً ينشده.
3 ـ شخصيته الخلاّقة المبدعة، حتى أنه خصص فصلين من مذكراته لموضوع الإبداع، فصل تحت عنوان ((أهمية الإبداع والتجديد)) والثاني ((أقلية الإبداع)).
4 ـ درأ عن نفسه العصبيات المحلية. فهو يقول: ((ليس لنا عصبيات محلية، فالعصبيات المحلية كمديات نظر ضفدع في بئر، لقد اكتسبنا إلى حد ما ذهنية عالمية)).
5 ـ كانت له معتقداته الدينية المستنيرة.
6 ـ كانت له أهدافه الواضحة المحددة.
7 ـ كان مناهضاً بشدة للفلسفة العبثية القائلة:: ((تعال كي نتسلى ونرفه عن أنفسنا)).
8 ـ في اختياره لزملائه ومدرائه كان له مناط جميل اسمه ((الكفاءة)).
9 ـ ((الآخرون، الآخرون، الآخرون)) هذا هو شعاره، حتى أنه يقول: ((لا تفكروا بأنفسكم وفكروا بالآخرين. فلا مكان في هذه الدنيا لشباب لؤماء بأهداف منحطة)).
10 ـ كان رجلاً مثابراً مكباً على الكد والعمل، إذ كان يعتبر العمل أفضل ترويح وسلوى.
11 ـ كان يتمتع بسلامة جسمية، ويرى أنه مدين بصحته لكده واتعابه.
12 ـ كان غارقاً في الأفكار الإيجابية والثقة بالنفس والأمل، يقول: ((إذا كانت لكم ثقة بالنفس وأفكار إيجابية، فلن يكون أمامكم مستحيل)).
يقول مخاطباً الشباب: ((أنه واجب الشباب من كل أمة أن يكونوا أبطال الغد لصناعة عالم أفضل)).
يدير كيم جوو جونغ حالياً في شركة دايفو العالمية أكثر من مئة ألف إنسان، ويتلألأ اسم دايفو على ناطحات السحاب في كل أرجاء الدنيا.
ذات مرة حينما كان يسافر بطائرته الخاصة فوق المحيط الأطلسي، استنشق نفساً عميقاً وقال لنفسه: ((ايهٍ يا ذكرى الأربعة عشر عاماً)) جاءته المضيفة بعلبة مناديل ورقية وضعتها أمامه بكل احترام. كان بحاجة إليها لتجفيف قطرات بللت أجفانه ..
م ن ق و ل
المفضلات