لطالما تمنيت أن أجد بين يدي حاضرا كتاب أمير العروض الدكتور عمر خلوف أفزع إليه وقت الحاجة ، فاستفتيه في بعض أمور العروض التي تلح على البال أحيانا ، وأنا أبحث عن شاهد شعري لزحاف أو علة معينة فأجد أن صاحبنا قد تنبه إليها ووثقها في كتابه الذي اقترح له العنوان التالي: العروض العربي؛ تحديد وتجريد وتجديد.
ولقد عمل معنا هذا الأمير معروفا لن ننساه له أبد الدهر حينما نشر على بعض المواقع فصولا متفرقة من هذا الكتاب، ومع ذلك فالنفس لا تزال تتطلب المزيد من الأجزاء التي لم تر النور من الكتاب، ومنها بحر البسيط الذي أتوق إلى الاطلاع عليه الآن لعلي أجد فيه بغيتي، فكتابه المتوفر على الشبكة الإلكترونية والذي أراد له أن يكون مختصرا لذلك السفر المأمول لم يبل ريقي المتعطش إلى المزيد من الشواهد.
والحكاية من أولها أن شيخنا العروضي الرقمي خشان خشان قد وقف على نظم بالعامية للشاعر عزيز السماوي من بحر البسيط ثنائي التفاعيل :
مستفعلن فاعلن * مستفعلن فعلان
فصنع على قريه مقطوعة شعرية بالفصحى هي هذه التي ترونها من نظمه.
ولقد بحثت في كتابي في نظرية العروض العربي لأفتش عن سابق محاولة للشعراء في استخدام المقطع المديد في ضروب بعض الأوزان، فلم أجد إلا لمحة عن شاهد يقترب من قناعتي بأن القدماء عالجوا مثل ذلك الضرب الذي أدخله الخليل في بحر السريع.
وهكذا ترسخت لدي قناعة أخرى أنه لا بد وأن ثمة شعراء آخرين في عصور مختلفة من تطور الشعر العربي قد كانت لهم شواهد على مثل ذلك الضرب الذي صنع له شيخنا خشان أبياته الرقيقة ، وبت واثقا .. أو قل آملا أن أجد مثل تلك الشواهد في كتاب الدكتور عمر خلوف.