السلام عليكم

هذا الموضوع ليس من صلب الرقمي القياسي ؛ ولكن حيث أن القياسي كما رأيتم يعتمد تقسيم الوزن إلى أجزاء حيث أن المنظومات نفسها تنقسم إلى أجزاء متكررة ؛ وحيث أن هذا يعد أحد الخلافات مع الشمولي أصل هذا المنتدى ؛ لذلك كان من المهم أن نبين أهمية تنغيم الأوزان والبحور.

الآن نبدأ الكلام عن التنغيم وتقسيم الوزن وأهميته

فما معنى تنغيم البحور ؟؟

معناه أن نعطي كل بحر نغمته المميزة .. ولماذ ؟ حتى إذا ما سمعناها تعرفنا عليه من فورنا.

وهل لذلك فائدة ؟

نعم إن ذلك له فائدة كبيرة .. فعندما تكون رموز الأشياء متشابهة فإن هذا يحتاج إلى تركيز شديد وبالتالي استهلاك طاقة حيوية كبيرة مما يؤدي بالإنسان إلى سرعة التعب أو الملل أو التخلي عن التركيز اللازم فيقع الإنسان في الخطأ ؛ كذلك فإن التركيز الشديد يستهلك وقتا أطول فتكون النتيجة إنتاج أقل بوقت أطول ومجهود أكبر.

ولنضرب لذلك مثلا :

فمثلا كانت لغة مورس الخاصة بالتلغراف في الزمن السابق تعتمد على النقطة والشرطة إذ لم يكن من المتاح إرسال علامات أكثر من ذلك ؛ ولهذا اضطروا أن يرمزوا لكل حرف برموز تتكون فقط من هاتين العلامتين : النقطة (.) والشرطة (-)

وأنا لا أعلم ماهي الرموز تماما ولكني أعرف الفكرة : فمثلا يمكن أن نرمز للحرف ع بالرمز (. _ . _)
وللحرف ل بالرمز (_ ._ .) وللحرف م بالرمز (. _ _ .) ، فماذا لو كتبنا هذه الكلمات :

1- ( _ . _ . / . _ _ . / . _ . _ )
2- ( . _ . _ / . _ _ . / _ . _ . )
3- ( . _ . _ / _ . _ . / . _ _ . )

فإذا أردنا أن نعرف معاني هذه الكلمات فسوف نحتاج إلى تركيز شديد وإلى جهد أكبر و وقت أطول مما لو كتبناها هكذا :

1- لمع
2- عمل
3- علم

انظر إلى الفرق في التركيز والوقت والجهد اللازم للتعرف على ثلاث كلمات فقط ؛ فما بالنا لو كانت فقرة ذات جمل ؛ أو كانت موضوعا ذا فقرات ؛ أو كانت موضوعات طويلة متعددة ؟؟

لا شك أنه لو كان أمامنا صفحة كاملة بهذه الطريقة لأصبنا بالإحباط ؛ ولاحتجنا إلى عزيمة حديدية للإقدام على قراءتها وترجمتها إلى كلمات بالحروف المعتادة ؛ وسوف نصاب بالملل والإجهاد والتعب قبل أن ننتهي منها ؛ وإن أنهيناها فسوف تأخذ وقتا وجهدا طويلا وسوف تكون مليئة بالأخطاء بعد كل هذا.

كذلك الأمر بالنسبة إلى بحور الشعر ؛ فلو أردنا أن نتعرف على وزن كل بحر من خلال رموز حركاته وسكناته سواء أ كانت هذه الرموز حرفية مثل (ح) للمتحرك و (س) للساكن مثلا أم كانت دائرة صغيرة للساكن وشرطة للمتحرك أو حتى إذا ما استخدمنا رموزا رقمية ؛ وسواء أكانت أنواع الرموز هذه ترمز إلى المتحرك والساكن أم ترمز إلى السبب والوتد ؛ فإننا سنجد أن التعرف على أوزان تلك البحور من خلال هذه الرموز يتطلب وقتا وجهدا أكبر مما لو حاولنا أن نعطي رموز كل بحر تنغيمات مميزة نستطبع تمييزها بمجرد قراءتها أو سماعها.

فما العيب في ذلك إذن ؟؟ إن التيسير ومحاولة الوصول إلى النتائج بوقت أقصر وجهد أقل هو مطلب مهم عند وضع العلوم ؛ وخاصة إذا لم يكن لهذا التيسير أية عيوب أو آثار جانبية يقينية ؛ فما بالنا إذا اتضح أن هناك فوائدأخرى إلى جانب التيسير ؟؟

ونستطيع أن نعدد بعض فوائد التنغيم فيما يلي :

1- سرعة التعرف على البحر.
2- التعرف على إيقاع البحر.
3- إمكانية النظم على وزن البحر بمضاهاة المنظوم مع إيقاع البحر الذي يمثله التنغيم
4- متابعة دراسة الوزن بالتركيز المعتاد بوقت قصير وجهد قليل وأخطاء أقل.
5- سلامة وسرعة نقل المعلومات بالمشافهة فقولنا مثلا : مفاعيلن هو أسرع من قولنا ثلاثة اثنان اثنان أو حركة حركة سكون حركة سكون حركة سكون أو قولنا دائرة دائرة شرطة دائرة شرطة دائرة شرطة ؛ فانظر كيف اختصرت لفظة مفاعيلن كل هذا اللغط الذي يحتاج إلى إعادة للتوثق والتأكد ثم بعد ذلك قد يكون هناك أخطاء رغم محاولات تجنبها.
6- عند حدوث تغييرات بكل جزء يمكن تمييز ااتغييرات بسهولة ومعرفة أماكنها بدقة حيث سنلحظ تغير الجزء الذي حدث فيه التغيير وسلامة الأجزاء السالمة من التغيير.

ولا شك أن هناك مزايا أخرى ومهمة تتضح لمن يستعمل التنغيم.

وليس القصد من هذا أنه دعوة لترك الترميز .. بل إن الترميز له فوائد متعددة ؛ فهو أسرع في الكتابة ، وهو أوضح في الدراسة وأشمل عند وضع القواعد ؛ لكن القصد أنه لا ينبغي أن يطغى جانب على جانب فنهتم بأحدها ونهمل الآخر ولكن يجب أن تسير كل النقاط المفيدة جنبا إلى جنب في خطوط متوازية حتى يتم الاستفادة منها جميعا ؛ وما ينقص في إحداها نجد ما يكمله في الأخرى.

كان هذا تمهيدا للدخول بعده إلى تفاصيل تنغيم البحور

وإلى لقاء قريب إن شاء الله

دمتم بخير