كتب شعراء كثيرون عن مفارقة الوطن اوالهجرة وتغنى كذلك بها فنانون كثر ومعظمها من الجانب العاطفى فيها ولكن اغنية ارقين جاءت لتوثق لنا حقبة من تاريخنا القريب وتصور لنا معاناة اباءنا وامهاتنا ليخرجوا لنا جيلا عظيما بعدهم وشاعرنا احدهم ووصفا رايعا لاحوال الغربة مهما اختلف الزمان والمكان وقسوة المعيشة وجمال ارقين وناسها وسلوكهم الراقى فى حميع منحنيات الحياة والتاعضض التى كانوا فيها
فابتدأت الاغنية بوصف ارقين وجمالها من مياه وزرع وطبيعة خلابة وحسنواتهاوكريم العيش فيها ووصفها بالام للدلالة على حنيتها وضم ابناءها اليها فى تكافل عظيم وهو وصف لطبايع اهلها حيث السلوك لاتاتى من المكان ولكن من ساكنه
ورغم ذلك هاجر العم سليمان وترك كل هذا لان الارض التى لا توفر سبل كسب المعيشة لبعض ابناءها مهما كانت جمالها وكرم اهلها تضيق بهم ولذا نجد العمال من جميع انحاء العالم تركوا اماكن خلابة واجواء ساحرة وجاءوا لينحتوا الصخر فى صحارى الخليج طلبا للقمة العيش
وتدرج الشاعر ليصور لنا مشهدا اخر وسلوك انسانى تلقائى وذلك كيف عم الفرحة الصغير محمد بل الاسرة كلها بمجرد استلام رسالة تفيد قرب عودة الغائب حتى ابدع فى وصف هيئة الرسالة شوقا منهم لرب اسرة غاب عنهم لمدة ليست قليلة
ثم مشهد الاستعداد من الاسرة بل من القرية كلها لاستقبال العائد فهو ابن الجميع كما ارقين ام الجميع وهكذا كانت ديدنهم مع كل قادم او مغادر ومشهد التكافل لتجهيز البيت ليليق بالقادم وجموع المهنيئن وتوزيع الادوار فى تناغم عجيب حتى تحول البيت الى ما يشبه القصر وتصويرا لطبايع الناس فى تقديم العون منهم من كان ملزما ومنهم من كان سباقا ومنهم من كان يضن حتى بحماره للتوصيل
ليعرج بنا الى مشهد الوصول وشوق الابن والاب كل للاخر ولهفة وحرارة اللقاءوالاستفبال العظيم الذى وجده بمجرد الوصول
ثم تصوير راقى لمشهد اجتماعى قل ان يوجد الا فى النوبة حيث ارسل العم سليمان حمولته للمنزل ثم لا يذهب مباشرة الى اسرته الا بعد ان يقضى واجب العزاء وتبريكات الفرح لمناسبات لم يحضرها وما اكثرها وهو فى طريقه للمنزل
ومشهد فرحة الصغير والاهل بالهدايا التى جلبها لهم المغترب والتى تمثل هاجس حتى لاينسى احد من قريب او بعيد واختيار مايناسب كل واحد فيهم حيث ارضى عم سليمان الجميع الذين فرحوا دون النظر الى الثمن المدفوع فيه وليس المادى ولكن المعنوى والنفسى والحرمان الاجتماعى الذى دفعه فى الغربة وامتلىء المنزل بالمهنئين بسلامة الوصول من اقرانه وقرينات زوجته كبيت عرس كبير هكذا كنا وليس كالان
ثم تنقلنا الاغنية الى مشهد اخر الى ساعة الحقيقة والمصارحة بين الزوجين والعتاب بعدما انفض سامر الاحتفال والاستقبال
حبث عتاب الزوجة القابضة على جمرة الصبر ومكابدة الحياة وحيدة فى سبيل تربية الصغار لرب الاسرة لماذا لاتسال عنا وعن حياتنا كيف تسير حيث لاتستقيم الامور هكذا ولا تسير الاسرة الا بالطرفين الاب والام ولذا اما ان تعيش معنا هنا فى ارقين الحنونة ام الجميع او نذهب معك الى مصر
وهنا بانت الحقيقة المره من العم سليمان ماذا افعل حيث الامنيات والطموح التى خرجت بها غير الواقع الذى وجدته
وهنا اراد الشاعر ان يصور لنا قسوة الغربة التى لا ترحم احيانا حيث ستظل ما دام فى الارض اغتراب وان اختلف الزمان والمكان او تفاوتت حدتها وذلك على لسان والده مع تصوير بليغ عن بئية العمل حيث المطلوب العمل كالالة دون النظر الى ادميتك ولا الظروف الانسانية التى تمر بك من مرض وتعب وظروف نفسية ومرات دوران فى حلقة لا تنتهى من ديون وانتظار اخرالشهر وهكذا املا ان تتحسن الاوضاع فلا يستطيع الانفكاك وتذهب السنون هذا ما قصده العم سليمان عندما قال ماذا اصرف وماذا ارسل لكم
وتمر الاجازة سريعا كما الاشياء الحلوة دايما وكان المشهد الاخير وقمة الاوجاع عندما لا يجد المغترب ثمنا لتذكرة العودة وتمنع التجار عن مداينتهم حيث كانت التجارة على مر الزما ن على الارباح وليس الديون الهالكة وهنا كان الرجوع الى السند الحقيقى لانسان النوبة الى النخيل التى من ثمرها طعامهم ومن سعفها بروشهم ومن جريدها سررهم ومن جزوعها عرش منازلهم ولذا كان ثمن بيع سعف النخيل تمن تذكرة العودة وكان الوداع الاخير والسفر الذى لا عودة منه حيث مات العم سليمان وهو يكابد الايام على امل ان تتحسن الاموروكان هذا اخر مقطغ فى الاغنية مع تصوير مشهد تلقى الخبر الحزين فى ارقين
هذه هى مشاهد اغنية ارقين لتظل شاهدة على حقبة من الماضى وممتدا الى المستقبل ماتكررت نفس الظروف
فيا ترى كم من عم سليمان فى الغربة يحفر فى جدار الواقع المر لعله يجد من خلفه واديا من الامانى الوردية وكم من محمد الصغير يفرح بهديته دون ان يعى بثمنها التى دفعت عرقا ودما وغما وكم من شريفة مازالت قابضة على فضيلة الصبر تكابد فى تربية وحماية اولادها وحيدة على ان يعود الغائب يوما ..............وتمضى الحياة
*
*
وهنا القصيدة مغناة
هل من المشاركين من يستطيع أن ينقل وزن القصيدة أو أوزانها رقميا ؟
يفيد في ذلك وجود من يساعد على تبين اللفظ بصورة أدق ممن يعرفون النوبية.
أتبين أحيانا 2 2 3 وأحيانا 2 3 وأجدني بين الرجز والمتدارك والمجتث والرمل
فليحاول من يستطيع مشكورا، ولا ننسى أن المهم في الوزن هو صوت الكلام بغض النظز عن معناه.
المفضلات