كتبت يوما :
هل نكتب للصغار بالعامية

قال بيرم التونسي لأحمد شوقي:
يا أمير الشعر غيرك
في الزجل يبقى أميرك

وهذه حقيقة لا أريد، ولا أستطيع نكرانها..
ولكن كيف سأعلم صغيرا يبني قاموسه الآن الصواب والخطأ؟
كيف سأعلمه أن كلمة أنتِ وكل تاء تأنيث تكون تاء مكسورة دون ياء
وهو يقرأها في المجلات والكتب "أنتي" ؟!!
ألست بهذا أضعه في موقف اختلال وتضارب؟
كيف سأعلمه أن ضرب بالضاد؟ وزكي غير ذكي ؟ وكل تداخلات الحروف المعهودة!
كيف سأحفظ كتابا الله يحفظه؟!
كيف سأحافظ على وحدة أمة من أهم عناصر وحدتها وقوتها اللغة؟
سألتني جارة أمريكية، وكانت تريد تعلم العربية، عن تعدد اللغات في الوطن العربي وتفاجأت حين أخبرتها أنها لغة واحدة.. باختلاف لهجات لا أكثر!
هل هذا يعني أنني ضد شعر العامية؟ على العكس تماما،
فأنا أبحث عن الشاعرية في الشعر.. لا عن القواعد، لكنني أعترف بأنني لا أجد شاعرية في شعر لا أفهمه، ولهذا كان حدود العاميات أضيق من الفصحى وأقصر عمرا.
حين كنت صغيرة كانت أمي، المربية الفاضة، ترفض أن نقرأ الكتب الركيكة والألغاز والمترجمات المبسطة. كانت تصر على أن نقرأ اللغة الصحيحة السليمة الجميلة.
كان هذا في العمر الذي كنا نبني فيه قاموسنا.. أما بعد ذلك، فقد كان لنا أن نختار بكل حرية.

من أجمل ما أذكره ولا أنساه في الطفولة، أغاني محمد ضياء الدين. كان يغني بالعامية المصرية أغاني عن قصص الحيوان الشيقة، وليلى والذئب و... وينهي بحكمة خفيفة بديعة.
كنت أسمع وأردد، لكني ما كنت أقرأ أبدا العامية!!

قبل فترة وجدت كتابا للأطفال بالسوق، بشكله البديع وطباعته غالية الثمن، مكتوبا فيه كلمات أغاني عامية للأطفال بمرافقة الشريط السمعي.
لقد بات تشجيع العامية مما يؤرقني... ويثلج صدر الأعداء.

قال حافظ إبراهيم:
أنا لا أقول دعوا النساء سوافرا
بين الرجال يسرن في الأسواق
ربوا النساء على الفضيلة إنها
في الشرق كانت علة الاخفاق

وأزيد عليه أن ربوا الأطفال على الفضيلة وحب لغتهم التي هي ماضيهم وحاضرهم والمستقبل.
فتركها .... في الشرق كان علة الاخفاق.
حنين حمودة

لا اعرف كيف في هرولة الكبار نحو هوة رسمها أعداء الأمة لنا ينسون انهم ليسوا أحرار أنفسهم، فهم قدوة الصغار،
وأن قوة الأمة تكمن في وحدتها،
وان وحدتها تتركز في لغتها،
وأن لغتها محميّة من الله تعالى حين حمى القرآن،
فالأمة ستنهض حين ياتي جيل يقدر ما حباه الله -
كل ما سيكون، أنهم سيؤخرون النهضة الآتية لا محالة.
ستنهض دونهم-
قلت لصديقتي البنغالية يوما: دوسي على الجريدة (الصحيفة).
نظرت إليّ وقالت باستنكار: هذا عربي!
نظرت إليها بتساؤل، قالت: نحن في بنغلادش هرام (حرام) ندأس (ندوس أربي (عربي).
اللهم أبلغنا مراتب البنغال.

شكرا لجمال ارواحكم