السلام عليكم..
جميل ما دّونته هنا أخي الدكتور سليمان, وجميل ما عّقب به أستاذنا العروضي الكبير خشان خشان.
ومن وجهة نظر خاصة: أرى أن الوزن أي وزن لا يكتسب مشروعية وجوده من حمله للهوية العروضية بل من قبول الأذن المتذوقة له, الأمر الذي يجعل الوجدان قادرا على التواصل معه وإلا لماذا أهمل الشعراء النظم على بعض الإيقاعات داخل تشكيلات البحور وخارجها رغم وجودها الذي لا لبس فيه عروضيا؟
إن القيمة الحقيقية لأي تشكيل إيقاعي تكمن في مروره على الأذن بسلاسة وخفة, وليس في مروره عبر القنوات العروضية باجتهاد مجتهد أو بتبرير مبرر, وهذا لا يعني إلزام العروض مهمة المتتبع وإغلاق الباب في وجه العروضي دون اكتشاف آفاق إيقاعية جديدة يرفد بها الموسيقى الشعرية ويدعو الشعراء إلى التحليق في سماواتها, كلا, ولكن الاكتشاف الجديد يجب أن يولد من رحم معرفة دقيقة بفلسفة الإيقاع في الشعر العربي, وبطبيعة تشكله وتجلياته الزحافية الممكنة وما كل زحاف مستساغ إلخ...
أما التكلف فلا أراه إلا سيلد جنينا ميتا ولو كان المتبني له هو المتنبي.
وليس المهم بعد ذلك أن يكون الناظم على هذا الوزن الجديد شاعرا أو عروضيا, فقد نظم شاعر كسامر سكيك على بحرين سماهما وأصلهما عروضيا ومع هذا لا يمكن للعروضي الحاذق إلا أن يرفضهما, ولا يمكن للأذن الواعية أن تجد فيهما غير النشاز...
وإني لأعجب من أستاذنا الغول, كيف يبني بحره الجديد على مفعولات وهي التي انفردت من بين سائر التفعيلات بالعجز عن امتلاك بيت يخصها بمفردها في الواقع الشعري فضلا عن عدم ميل الشعراء إلى بيت تسكن هي مع غيرها فيه حتى لم يجد محقق مثل الجوهري بأسا في إسقاطها من حساباته, فكيف استساغ أستاذنا ذلك؟!
ألا يبدو أستاذنا الغول هنا كرجل حاول أن يأصل نسب قبيلة فنسبها إلى دعي؟
وبصراحة شديدة: لو لم تنبه أخي الدكتور سليمان على أن القصيدة مخرجة على مفعولات لما أدركت ذلك ولا رأيت في هذه الأبيات إلا مقطوعة مضطربة الإيقاع, مع تقديري لأستاذنا الغول وعلمي بتقدمه على أمثالي.

أشكرك أستاذي مرة أخرى ودمت بخير