http://www.arood.com/vb/showthread.p...3848#post13848

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نفسي تضيء مشاهدة المشاركة
سؤال إلى الأستاذ خشان :

تركز دائماً على الشمولية

الشمولية انطلاقاً من الرقمي

ومروراً بجميع الأمور في الحياة


هل تعني عدم المرور بالتفاصيل

الجزئيات

لا أعلم إن كانت هذه الفكرة صحيحة أم أن هناك بعدا آخر للشمولية لم أفهمه

لا أخفيك أني أشعر بخلط كبير جداً في كل شيء

لكن ما أعرفه جيداً هو أن ...

طبيعتي التحليلية التي لا تستطيع الانتقال إلى الكل إلا اذا اتقنت الجزء أولاً

بالتالي لن أستطيع الدراسة ولا التدريس إلا بهذه الطريقة

أبدأ بأدق التفاصيل إلى أن أصل إلى العموم


أرجو أن تطمئنني أن هذه الطبيعة في ّ لن تكون عائقا ً في تعلمي المزيد عن الرقمي

والشمولية فيه


مشغول بالي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

أستاذتي الكريمة
هذا أجمل وأعمق سؤال وجه لي حول الرقمي. وسأغتنم الفرصة لأتوسع في الإجابة عليه.
ليس هناك من تناقض بين الاهتمام بالجزئيات والنظرة الشمولية.
إنما التناقض في طريقة النظر للجزئيات.

الشمولية توجه فكري في الدرجة الأولى ،
قد يفهم جزئيات أمر ما إثنان بنفس مستوى الفهم، أحدهما يكتفي بفهم كل جزئية على حدة، وهذا لا يعتبر رغم فهمه للجزئيات ذا توجه فكري شمولي. والآخر الذي فهم الجزئيات وانطلق من هذا الفهم الجزئي لاستطلاع الكلي الذي يربط بينها هو شمولي التفكير. ولم يكتسب هذه الشمولية في التفكير لمجرد فهمه للجزئيات، بل لأنه ربط بينها.
وهذا الربط قد يكون استنتاجيا يتراكم ببطء لدى دارس لديه الاستعداد لهذا التوجه، وقد يكون مقصودا يسعى إليه صاحبه حتى قبل فهمه للجزئيات.
كيف؟
قد تحصل ظاهرة ما فيكلف فريق من العلماء أو عالم بفهمها. إن هذا العالم يبدأ بدراسة كافة المظاهر الجزئية المتعلقة بالموضوع مفترضا وجود كل شامل يجمعها حتى قبل فهمها. وهو في أثناء دراسته لكل ظاهرة يتلمس ترابطها مع الظواهر الأخرى.

كل المكتشفات العلمية بدأت بملاحظة جزئيات ثم البحث عما يتصل بها وما يربط بينها وما يشملها وصولا إلى شمولية النظر. بل إن هذا هو الطريق الطبيعي، ولنا في إسلام سيدنا إبراهيم عليه السلام مثال على ذلك.

وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ{75} فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ{76} فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ{77} فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ{78} إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{79} ... الأنعام
كماأن لنا في إعراض كثير من الناس الذين يمرون على الآيات في هذه الدنيا دون أن يربطوا بينها وما

لدينا مستويات في التفكير تقاس بمقدار توجهه نحو الشمولية وهي
1- الفكر الذي يتوجه أساسا نحو الشمولية ، منطلقا من الظواهر المختلفه والجزئيات. وهو بهذا التوجه شمولي حتى قبل أن يفهم هذه الظواهر. وإذ يصل إلى الشمولية في أمر ما من خلال الجزئيات تصبح كافة الجزئيات المستجدة محكومة بالنظرة الشمولية التي توصل لها.
2- الفكر الذي لا يسعى إلى الشمولية ولكن فيه قدرا من الاستعداد لتقبلها إذا ألحت عليه الظواهر والجزئيات بما يشملها. ويخشى على هذا النوع من التفكير أن لا ينتفع من الشمولية فيما يبستجد عليه من الجزئيات.
3- الفكر الذي يقنع بالجزئيات ولا يحاول الربط بينها ويفهم كل جزئية على حدة، ومهما بلغ عمق الفهم لكل جزئية دون الربط بينها فلا يكون مثل هذا الفكر شموليا
4- وأحط مستويات الفكر هو الفكر الذي تأتيه بالشمولية مدعمة بتطبيقاتها الجزئية فيرفضها. وهذا والعياذ بالله هو سبيل من يكفر بربه رغم شمولية التبليغ وىيات الكون.

لنا في نهج رسولنا عليه السلام خير مثال. فقد كان يرى الناس يطوفون عرايا حول البيت فيدعوهم إلى الإسلام ،و لم يكن ينشغل بجزئية عريهم، وأغلب جزئيات الباطل باطلة، فلو أنه عليه السلام شغل نفسه بكل جزئية لكل كافر لما كان لذلك من نهاية ولا جدوى، ولكن الانطلاق بشمولية رسالة التوحيد كان كفيلا بتقويم كل الاحرافات والأباطيل.

وانظري إلى حال أمتنا الآن وكيف تنشغل بهذه الجزئية أو تلك. الأمر الذي يفاقم من تردي حالها.

شمولية الرقمي مجرد مثال على الشمولية بشكل عام. فكيف كان الأمر بالنسبة للرقمي ؟

1- بدأت إثر اختلاط بين بحري البسيط والكامل أحاول أن أفهم سبب ذلك
2- كتن لكتاب الدكتور عمر خلوف فن التقطيع الشعري فضل في تنميطه للمقاطع فقد ساعدني ذلك على الربط بين المقاطع ومن ثم التفاعيل والأرقام
3- كان جل جهدي غي البداية موجها لإثبات صلاحية الأرقام لتمثيل الوزن وربطتها بالتفاعيل، فمثلت كل تفعيلة برقم بل رحت أعطي قيمة حسابية لكل زحاف
4- مع تدريسي للرقمي في المنتديات والتأمل فيه بدأت تتضح لدي معالم تشابه كثير بين أجزاء متعددة من الأوزان.
5- كانت أول خطوة لإنارة السبيل نحو افتراض وجود قانون أو مجموعة قواعد تحكم أوزان الشعر العربي هو الوعي على وجود إيقاعين متباينين هما الإيقاع البحري والإيقاع الخببي. ويعود فضل كبير في ذلك إلى الكتب التالية :
مدخل رياضي إلى عروض الشعر العربي للدكتور أحمد مستجير يرحمه الله
البحر الدبيتي للدكتور عمر خلوف
أوزان الألحان للدكتور أحمد رجائي
وكان اقتناعي بعبقرية الخليل ووعيي على أهمية دوائرة ونهجه في معجم العين وانسجام مئات القواعد الجزئية للتفاعيل والبحور ما تزادني يقينا بوجود هذا التصور الكلي لديه والذي لا تعدو شروحه للبحور والتفاعيل أن تكون مظاهر ووسائل إيضاح له.
6 – من تلك اللحظة افترضت وجود صورة كلية وبدأت أتلمس ما يثبت وجودها ثم أحاول أن أضع تصورا لها أقيسه على التفاعيل والبحور ودوائر الخليل وأعدل عليه ثم أقيسه ثانية وأعدل عليه وهكذا
7 -أعتقد أني قطعت مسافة لا بأس بها نحو هذا الفهم، وأعتقد كذلك أن المجال سيبقى مفتوحا للتقدم في هذا السبيل نحو دقة أكبر وكذلك تطبيقات أوسع في مجالات جديدة


لعلك الآن اطمأننت إلى أن حرصك على التفاصيل مقترنا بالوعي على وجود الشمولية الذي أعتقد أنه متوفر لديك ضمان لارتقاء فهمك وشموليته. فقري عينا.