لقد نجحت التفاعيل كوسيلة لشرح علم العروض في الشعر العربي،
لكن نتجت عنها سلبيات لأن الدارس اعتبرها أصلا معرفيا بدل أن يعتبرها وسيلة شرح
المعرفة ، و هذا أدّى إلى ضياع فرصة تحقّق النظرة الشاملة لفلسفة العروض كما أرادها
و رآها الخليل بن أحمد رحمه الله ، حيث أن التفاعيل بمسمياتها و حدود بدايتها و نهايتها
لا تترك مجالا لذهن الدارس للخروج من سيطرتها ، مما جعل علم العروض التفعيلي تكثر
فيه المصطلحات لدرجة منفّرة لا يستطيع التعامل معها إلا القليل .
هذا ما جاءت طريقة العروض رقميا لتحاول تلافيه وذلك بوضع تصور كلي شامل لمادة
العروض ينطلق من فكرة الخليل الجوهرية و عقليته الرياضية ،
و يمر بالتأسيس لتصور عام للبحور اعتمادا على فهم دوائر الخليل لاستخراج الثوابت
و المتغيرات و القواعد المنظمة لكل منها ،
ليصل إلى تكريس تعامل عروضي ذكي مع الشعر العربي .

العروض رقميا لم يأت لينفي جدوى التفاعيل و لا ليزيحها عن دورها الذي نجحت فيه ،
و لكنه إضافة نوعية للعروض العربي ، يجدر بالنقاد و العروضيين أن يلتفتوا إليه بجدية
أكثر و موضوعية أكبر ، لتطويره بإصلاح عيوبه إن وُجدت ،
و أيضا لإثرائه بتجربة علماء العروض و خبرتهم .