الأخت الأستاذة نادية
هذه بداية موفقة جدا للولوج إلى هذا الموضوع الشيق المفيد.
والتعديلات الشكلية الطفيفة التالية تجعل مشاركتك أفضل إخراجا. وثمة بعض التعليقات التقييمية وتصويب خطإ مطبعي واحد

ونصادف في بعض الأحيان استدراكات على بعض الأشعار المكسورة ، ولكن ليس لأن أصحابها هم مرتكبو هذه الأخطاء ، بل لأن كثيرا من النقاد ينقلون أشعارهم خطأ ، فلا يعرف من المخطئ ؟ أهو الشاعر أم الناقد ؟ وهنا يأتي دور الناقد الموضوعي الذي يتتبع الهنات ، ويصحح الأخطاء العروضية التي لم يكن للشعراء فيها ذنب .
*و هذا ما يمكن أن نطلق عليه * نقد النقاد *1 ،
فعملية النقد ليست بالأمر المتاح للجميع ،
بل للنخبة العالمة و الجامعة و المتذوقة ، التي تمسك بخيوط اللعبة جميعها ،
فلا يكاد يعتريها الحيف و لا الزيف ، و هذا بسبب الدور الذي يجدر بالنقد القيام به ،
لما له من أثركبير للتقويم و استخلاص النتائج ،
و تبيان مواطن الضعف و القوة في أي تجربة إنسانية ،
فالنقد ليس من أجل النقد فقط ، بل هو عملية تشريح و علاج و جراحة ، و بدون نقد


لا أمل في تطور و لا إبداع.
و كنت قد نشرت بحثا متواضعا عن موضوع النقد :
ليتك تتكرمين بنشره

- نقد الكُتاب و المؤلفات و الأقوال - .

ومن أمثلة ذلك ما نقرأه للناقد ( محمد الداودي ) الذي يستدرك على الناقد محمد الآمري المصمودي ؛ وهو يعرض للشاعر عبد الملك البلغيثي أبياتا من قصيدة عنوانها ( أرجيكم بني وطني) ، فيجد في روايته ( أي الناقد ) خللا في الوزن ، لا يشك في براءة الشاعر منه . أما الأبيات كما أوردها ( المصمودي ) فهي :

وَطيّارٌ يَطيرُ بـنـالِنرقَى مَع الغَـيْرِ
وطي يارن يطي ربنا لنر قى....... معل غيري
3 2 2 3 (2) 2 3 2 ....... 3 2 2
وطي يا رن يطي (رب) بنا .....لنر قى معل غي ري
3 2 2 3 (2) 2............3 2 3 2 2
لدى مقارنة تقطيعي بتفطيعك، رأيت أن تقطيعك ربما كان أكثر منطقية، فحسب تقطيعك وزن الصدر صحيح، وحسب تقطيعي فإن وزن العجز مكسور. وهو ما عالجه الناقد تاليا. ولكن أراك ناطقة أفضل باسم الشاعر الذي يمكنه بمنطقك ولعله منطقه أن يقول إني أردت صيغة تجديدية للوافر تجري على هذا النحو :
3 4 3 4 3 2 ..........3 4
ولكن ذلك يقتضي منه المحافظة على هذه الصيغة في سائر الأبيات ولمنه للأسف لم يلتزمها كما بينت في تقطيعك التالي


وَغَوّاصٌ يَغوصُ بِنـا عَــلى قطع الدّرِّ
وغو وا صن يغو صب نا على قط عد دري
3 2 2 3 (2) 2 3(2) 2 ......2 2

وهل كصانع الشعب مــــن قـاض عـلى الفَقْرِ
وهل لك صا نعش شع بمن قا ضن علل فق ري
3 (2) 2 3 ....2 3 2 2 3 2 2

الأبيات على الكامل ، ووزنه : ((4)3 ((4) 3 ((4) 3 غير أن بها بعض الكسور .
لا يساورني أدنى شك أن ثمة خطا مطبعيا هنا ربما نتج عن قراءتك الأرقام معكوسة
فالأبيات على الوافر 3 ((4) 3((4) 3((4) والأدق أن نكتب 3 4 3 4 3 4

وقد صحح ( محمد الداودي ) الأبيات بما يلي :
وطيار يطير بنا..... لكي نرقى مع الغير
3 2 2 3 (2) 2...... 3 2 2 3 2 2
وغواص يغوص بنا..... على قطع من الدر
3 2 2 3 (2) 2 .....3 (2) 2 3 2 2

وهلَّ كصانع للشعـ...(م).....ــب من قاض على الفقر [13]
3 (2) 2 3 2 2 .......3 2 2 3 2 2

ويذكر ( محمد الداودي ) بيتين للشاعر الغزلي عبد الرحمن حجي هما :

قَدْ رَاق لِي فِي هَوَاك الذُّلُّ وَالأرَقُ
2 2 3 2 3 2 2 3 1 3

يَا مَنْ لَه الأسْوَدان الخالُ والحَدَقُ
2 2 3 2 3 2 2 3 1 3

الله فِي كبِدِي وَمَا تُكــــابِــدُه
2 2 3 1 3 3 3 1 3

يَا مَنْ لَه المُشْرِقَان الثغْرُ والعُنُقُ
2 2 3 2 3 2 2 3 1 3
و الأبيات على بحر البسيط ووزنه : 4 3 2 3 4 3 1 3

ويشك الناقد في أن البيت الثاني غير مستقيم ، فيصححه بما يلي :
الله في كبدي مما تكابده
2 2 3 1 3 4 3 1 3
يا من له المشرقان الثغر والعنق
و بذلك يكون أصلح وزن الشطر باستبدال، وما 1 2 ب: مما 2 2

ولا شك في أن البيت ؛ كما جاء به محمد الآمري المصمودي ؛ صحيح كذلك ، لأن وزن البسيط التام يحتمل تغيير التفعيلة الثالثة من ( مستفعلن ) إلى ( متفعلن ) التي أرادها ( الداودي ) أن تبقى سالمة . ولهذا الأمر وجدنا الشاعر عبد الرحمن حجي يثبت البيت في ديوانه [14] كما أورده المصمودي ، وكما أورده القباج في مصنفه [15] ، لا كما صححه الداودي .

بحر البسيط رقميا و بدلالة الألوان :

2 2 3 2 3 2 2 3 1 3

ما تحته سطر أسباب ثابتة يستحسن عدم زحافها ، فالرقمي يؤيد
وجهة نظر الناقد الداودي .
حيث يميز الرقمي بين :

السببين المتجاورين اللذين يأتيان في أول الشطر أو آخره ،فيجوز زحاف أولهما ،
و بين السببين المحصورين بوتدين ، و هنا يستحسن عدم الزحاف.

أحسنت
و ما يجري على البسيط يجري على المديد و الطويل .

ويروي محمد بن تاويت البيت المشهور لأحمد شوقي على الصورة التالية :


كذالــك الناسُ بِالأخْلاقِ يَبْقى صًلاحُهُمْ
3 3 2 3 2 2 3 2 3 3

ويذهبُ عَنْهُمْ أمْرَهُمْ حَيْثُ تذهَبُ
3 2 3 2 2 3 2 3 3

البيت على بحرالطويل : 3 2 3 4 3 2 3 4

فيتنبه محمد الداودي [16] إلى أن الشطر الأول غير مستقيم ، بسبب إضافة وتد أخل بالوزن اول الشطر ، وأن صواب البيت هو :

* كذا الناس بالأخلاق يبقى صلاحهم ..* [17]

3 2 3 2 2 3 2 3 3
يتضح من النماذج السابقة أن تركيز نقاد الشعر في المغرب كان على الأوزان المكسورة دون سواها ، الأمر الذي جعلهم لا ينتبهون إلى قضايا عروضية أخرى لها دورها في العملية الشعرية .
و هذا الخصاص في شمولية النظرة النقدية ، يجعل المادة المعروضة ناقصة ، و غير مكتملة منهجيا و علميا ،أو بمعنى آخر يجعل النقد ذا نظرة أحادية تهتم بالوزن على حساب جوانب لا تقل
أهمية عنه ، بل بدونها يبدو النقد جافا لا روح فيه .

أحسنت
ويمكن أن نستثني منهم ( محمد بن تاويـت ) الذي انتبه إلى قضية عروضية دقيقة هي التجانس الموجود بين الوزن والحالات النفسية ، لذلك دعا إلى مراعاة هذا التجانس ، قائلا:

المطلوب التعليق على الفقرة التالية من خلال رأي المشارك ومطالعاته وهذا الرابط :
http://web.archive.org/web/200711110.../45-qaloo.html

\' إن أوزان الشعر العربي أوزان قد لوحظ فيها أنها وضعت حسب انفعالات نفسية لتعبر – كالموسيقى – عن خوالج خاصة بها ..

و هنا لنا وقفة مع العلاقة بين وزن البحور و الأغراض الشعرية ،
و كأننا نتحدث هنا عن مقامات البحرية ، بسلالم و مفاتيح لحنية

و نوتات موسيقية ، و ليس مجرد أوزان تتألف من أسباب و أوتاد .
فمثلما نجد الرصد الحزين و البياتي الشجي ،و العجم و رست الفخامة و الأبهة ،
فللبحور أيضا خواص تجعلها تليق لغرض دون آخر .

رأي يتبناه فريق من اللغويين
فالطويل والمديد مثلا لا يصب فيهما من المعاني ما يصـب في المتقارب أو المنسرح مثلا .. والشاعر نفسه ليس له الخيار بين هذا وذاك من الأوزان من غير ما يراعي فيها ما يناسب حالته النفسية التي هو عليها من هدوء أو قلق ، ومن مرح أو انقباض ، وسرور أو كآبة ، وأمل أو يأس .. ومن لم يراع هذا التجانس بين الأوزان ، وبين هذا كله فإن ذوقه ينقصه حس مرهف \' [18] .
***********

1- ( ذكرتني هذه العبارة ، بعبارة أخرى أسمعها كثيرا : إستغفارنا يحتاج إلى استغفار ،)
لم أفهم

ملاحظة 1:
الفقرة الأخيرة أثارت فيّ حماسا للبحث في موضوعها .
لو لم يكن لتعليقك سوى هذه النتيجة لكانت أكثر من كافية.

أتمنى الاستمرار في هذا الباب لا سيما وأنك وفقت كثيرا في المشاركة.
إن الثقة بالنفس في آفاق ومواضيع ما بعد الثامنة هي أساس النجاح في الرقمي وكل الخريجين لديهم من الذخيرة العروضية ما يبرر ثقتهم بأنفسهم
مهمتي إثبات هذا لهم بالبرهان التطبيقي وأقيس نجاحي فيما بعد الدورات بمقدار نجاحي في ذلك.