محاولة للرد على قصيدة جميلة أهدتنيها أختنا الفاضلة الأستاذة ليلى الهاشمية, و هى أولى محاولاتى للنظم بعد دراسة الخبب.. و الله المستعان .


الرَّقْمِىٌ وطنُنا



قد جئت إليكم مَمْسوسا ... من طيفِ الشِّعر و مَلبوسا

لكنَّ عَرُوضِى قيَّدنى ... رُمحاً فى ظَهرى مغروسا

فأَتَى الرَّقْمِىُّ و عالجنى ... و شفىَ جُرحاً كان غَموسا (1)

و الآنَ عَروضى طاوَعَنى ... قد كانَ عَروضى كابوسا

أهدَتنى ليلَى مِنْ دُررٍ ...شعراً موزوناً مَجروسا

قَدْ أَسَرَتْ أُختُكِ يا ليلَى ... قَيْساً بهواها مَهْوُوسا (2)

لكِنْ أشعارُكِ يا ليلَى ... أَسَرَتْ أفْئِدةً و رُؤُوسا

يا أُختاً صُغرى قد كبِرَتْ ... و َغَدَتْ فى الرَّقْمِىِّ عَروسا

الشِّعْرُ كَفَيْضٍ يَغَمُرُنا ... فَيُضئُ قُلوباً و نُفوسا

الشِّعُرُ سَيُسعِدُ مُهجَتَهُ ... مَن كان حزيناً متعوسا

أمّا خَشَّانُ فَعالِمُنا ... يتَّخذُ من الشِّعْرِ لَبوسا

يُهْدِيكَ إذَا ما تَسْأَلُهُ ... أَجْوِبَةً تَحْكِى قاموسا

فِى العِلْمِ و فِى الأخلاقِ فَيا ... بُشْرَى مَنْ أَعْطَاهُ دُروسا

تَنْشَقُّ بُحُورُ الشِّعْر لَهُ ... و كأنَّ لّدَيْهِ عَصا موسَى

فَلَهُ شِعْرٌ يَسْبِى جيشاً ... جاء بِعُدَّتِهِ مَتروسا

يَسْمَعُهُ الصُّمُّ فيُبكيهم ... لَوْ قُرئَ عليهم مهموسا

يَشدو من سِحْرِ حلاوتهِ ... مَنْ كان لِبَكَمٍ مخروسا

يُنشِدُهُ القاصى و الدانى ... شَيْخاً أو طِفلاً مَنْفُوسا (3)

و يَدِينُ عَروضُ الشِّعرِ لهُ ... دَيْناً لا يخفى محسوسا

قد وَقَفَت ساعةُ أَبْحُرِهِ ... فأَدارَ الرَّقْمىُّ تُرُوسا

فى زمنِ الصمتِ على جهلٍ ... دَقَّ بِرَقْمىٍّ ناقوسا

أعداءُ الرَّقْمِىِّ أراهمْ ... تَتَراً فى الشِّعْرِ و َ هِكْسُوسا (4)

قَد عاَبوا حِقداً و بِجَهلٍ ... وَ الحَسَدَ أراهُ بِهِم سُوسا (5)

قالوا "أرقامٌ ستؤدى ... خَلَلاً و شذوذاً مَكْرُوسا" (6)

قد كَتموا الحقَّ على علمٍ ... و اسْتَغْشَوْا عِنْداً وَ يُبوسا

باللهِ و هَل (مُستفعلتن) ... ستضيفُ جمالاً ملموسا ؟!

من عابَ جمالاً أَحَسَبُهُ ... مُخَتَلَّ الفطرةِ مَنْكُوسا

إنَّ الرَّقْمِىَّ لَنا وَطَنٌ ... سيَظلُّ عزيزاً مَحروسا

لَوْ كان الشِّعرُ لنا كَوْناً ... كان الرَّقْمِىُّ النَّاموسَ (7)

إنَّ الرَّقْمِىَّ مدينَتُنا ... ضَمَّتْ أقماراً و شُموسا

وَ بِها نهرٌ صافٍ يجري ... مِن كُلِّ جمالٍ مَقبوسا

فتصبُّ بحور الشِّعْرِ بِهِ ... يمزجها مزجاً مدروساً

و أنا المشتاق لمَوْردِهِ ... فامنحنى زِقّاً و كُؤوسا (8)

أدعوك إلهى تحفظُهُ ... أدعو الرَّحمنَ القُدُّوسَ


(1) غَموس : شديد .

(2) أقصد بأختها : ليلى العامرية التى تعذَّب قيسٌ بهواها .

(3) مَنْفوس : مولود صغير .

(4) التتر : التتار : قبائل مغولية همجية مشهورة , و الهكسوس : قبائل من الرعاع الأوباش كانوا فى شمال مصر, فاحتلوا جزءاً كبيرا من مصر ذات الحضارة,حتى طردهم الملك أحمس و شردهم .

(5) السُّوسُ : العُثَّة التي تقع في الصوف والثياب والطعام, و المقصود أن الحسد يتآكلهم كما العثة تتآكل الصوف .

(6)مَكْرُوس : مُكَرْدَس, متراكم .

(7) النّاموس : السر الأكبر, وعاء العلم .

(8) الزِّقّ : كلُّ وعاء اتخذ لشراب و نحوه .