أعز الله أختنا الفاضلة الكريمة و أستاذتنا الأريبة الحكيمة,الأستاذة إباء.. حفظها الله و رعاها

أما أين كنتُ سيدتى, و ماذا لو , فهذه الأسئلة هى ما تُحرق كبدى و تفتح أبواب الأحزان و الحسرة على مصاريعِها تلفح قلبى, كلما تجددت فى خاطرى. فإذا كان هذا الصرحُ يضم ألف شمس و ألف قمر, فكم كنتُ أعمىً لتضيعَ السنوات من عمرى دون أن ألحظَ أنوارها و أضواءها!.. و فى أى قُطبٍ مهجورٍ ناءٍ من أقطاب الجهل المتجمدة كنتُ منعزلاً ؟! ..

على أىٍّ.. كفانى من لَوْ, فبِخُبثها ستستدرُجنى إلى الذكريات و الافتراضات حتى أُستغرَق فى الحسرة فيضيع منِّى المزيد من عمرى.. عمرى الذى أراه الآن ثميناً ..

أراكِ أيتها الفاضلة الكريمة - كما هو دأبكم هنا يا أهل الخير - قد غمرتِنى بلطفكِ و كرمك, فتلميذكم الفقير إلى فضل الرحمن و كرمه هو أبسط حالاً من ذلك بكثير, و إنما أحاول أن أكتب ما يخرج من قلبى فأحس بأن كل حرفٍ يخرج يحمل معه جزءاً من روحى. فإن وصلت كلماتى المتواضعة أرواحكم الطاهرة فلنورانية فيكم, و إن لم تصل فلأننى لم أكنْ صادقاً.. هكذا أرى الأمر .

و أما التواضع يا سيدتى, فيقتضى أولا أن يحوز الإنسانُ قدراً من العلم أو القوة أو الجمال, أو التفوق بوجه عام, فهذا القدر يدعوه إلى الكبْر و البَغْى على من لا حظَّ لهم من عباد الله, إذا لم يوفق الله تعالى الإنسانَ إلى الشكر و التواضع, أو هو بشكر النعمة يدعوه إلى التواضع للوهاب الكريم سبحانه و هو المنعم المتفضل الذى استخلفَ هذا الموهوبَ أمانة الموهبة ..

فحين يتباسط أستاذنا الكريم خشان مع أحد تلامذته و محبيه فيناديه بالأستاذ, أو حين تفعلين أنتِ ذلك أيتها الفاضلة, فهذا هو التواضع, زادكما الله علماً و رفعةً, أما فقير الحال مثلى فلا يمتلك ما يدعوه للتواضع أو لغيره, و إنما يحاول أن يَحتدَّ بحدوده و أن ينتهى عند منتهاه, فإن جاوزتُ قدرى بعض الأحيان, فما أغرانى بذلك إلّا عطفكم و حلمكم, و لم أتجاوز إلا مُحباً طمعاً فى مزيد من القرب ..

فدمتِ يا أستاذتنا الفاضلة بكل خير و دام إمامنا الأستاذ خشان, و دام الرقمى العامر شامخاً مزدهراً بقيمه و علمه و أهله ...