منقول من :
http://www.odabasham.net/show.php?sid=9554

كنت أشرح للتلاميذ البيت الأول من قصيدة المعري
غيرمجد في ملتي واعتقادي ..... نوح باك ولا ترنّم شاد
رفع أحد الطلاب " النشامى " يده يريد أن يبدأ الشرح - فتعجبت منه.. فهو منذ أن عرفته والكرسي سواء لا يتكلم ولايشارك ، فهو في واد ورفاقه في واد آخر
قلت نغتنم الفرصة ونسمعه لأول مرة ، لعلالله تعالى أنطقه !
قال بلهجته العامية :
" مجدي يبي يغير ملتي واعتقادي !، وانْهُ ما يقدر . لكن " نوح " ما يعرف إني ريّالاً زين ثابت على اعتقادي ، ما بَـدّل أبدْ ، فهويخاف إني أغير ملتي فيبكي وايد ... لكن شادي يعرف من آني ، فهو مطمئن على ثباتيويترنم فرحان . "
فقلت له : ما شاء الله ، ذكاء نادر ومعنى لم أنتبه له سنينطويلة ، لك على هذا المعنى النادر خمس درجات ، وصفق التلاميذ له .
***
في درس البلاغة أفهمت الطلاب أن أركان التشبيه أربعة : هي المشبه والمشبه به وأداةالتشبيه ووجه الشبه
وبدأ الطلاب يؤلفون جملاً تدل على استيعابهم ما أخذوه .
أحد التلاميذ - وكان عبقرياً يقارب الزمخشري في الذكاء - وليس من عادتهالمشاركة في الدرس لاستغنائه - بفهمه - عن الدروس رفع يده ، ومد أصبعه ، ومط جسمه حتى كاديصل إليّ ، وهو يصيح أنا يا أستاذ أنا ..
عجيب أمره يرفع يده ويقوم ويرغب فيالإجابة وهو البليد الذي ينام الكرسي عليه - عفواً أقصد أنه نائم على الكرسي ، وقدينصرف الكرسي إلى بعض الـدورالبعيدة قبل أن يتحرك الطالب من الغرفة .. نعم يا سعيد ، هات ياولدي مما أفهمك المولى . فقال : أنت كالحمار في الصبر ...نعم جاء بأركان التشبيه الأربعة كلها ...
سكت الصف وهدأوا كأنعلى رؤوسهم الطير ، وخافوا أن أفعل به الأفاعيل .. لما عرفوا من شدة بأسي وعقابي ..
نظر الطالب حوله لا يدري لم سكت رفاقه وهدأ الصف !، وأنا أنظر إليه فأراه يجلسخائفاً مستغرباً أن يكون أخطأ ، أو أن خطأه كان عظيماً .
وهو لم يقصد ما قال : إنما أراد أن يشارك ، ويشارك فقط ...
ابتسمت أسرّي عنه ، والتفت إلى التلاميذأقول لهم :
دخل الشاعر البدوي "علي بن الجهم " على الخليفة يمدحه فقال :
أنتكالكلب في حفظك للود ..م .. وكالتيس في قراعك للخطوب
قامت قائمة الحاضرين يسفـّهـونه ، وكادوا يضربونه لولا خوفهم من الخليفة الذي بادر قائلاً : دعوه .. دعوه فماقال إلا ما تعلمه في بيئته البدوية ، فهل كان يعيش إلا مع الكلاب والماعز والإبلووو؟... والإنسان ابن بيئته . خذوه عاماً يعيش في القصور الفارهة ، وعلموه الحضارة ،فإذا ذاق الحياة الحضرية ، وعاش بين أهل المدينة فسيكون شعره شيئاً آخر ...
بعدسنة وقف هذا الشاعر البدويّ " المتحضّر " بين يدي الخليفة في العاصمة العراقية أم الدنيا في ذلك الوقت حماها الله ،يقول :
عيون المها بين الرصافة فالجسر ..... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
ضحك الطلاب ..... ولكن التلميذ لم يدر لمَ كان ضحكهم ! .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي