لفت انتباهي في مداخلة أخي الدكتور عمر خلوف قوله إن بالإمكان الاستغناء عما في أبجديات العروض التقليدي من وجود للسبب الثقيل أو الوتد المفروق اكتفاء بالمقاطع الإيقاعية المنتهية بساكن وهي السبب والوتد والفاصلة ( الصغرى ) . وكان الدكتور خلوف قد اعتمد على هذه المقاطع وحدها في إيجاد طريقة ميسرة وفعالة في تحديد الوزن الشعري شرحها في كتابه " فن التقطيع الشعري " ولقد لاقت طريقته تلك صدى طيبا عند معظم المطلعين عليها .
ومدار الحديث في مداخلتي هذه سيكون عن السبب الثقيل ، وما إذا صح وضعه عن الخليل أم أنه مما ينسب إلى غيره . والواقع أن المصادر لا تسعفنا بشيء عن حقيقة هذا الأمر إضافة إلى ما هومعلوم حول فقدان كتاب الخليل في العروض ، وعدم الإشارة من أحد إلى أنه نقل عن هذا الكتاب ، سوى ما جاء في كتاب الجوهرة الثانية في أعاريض الشعر وعلل القوافي لابن عبد ربه في عقده الفريد ، وما صرح به من أنه نقل مباشرة عن كتاب الخليل هذا . وقد بينا في مقدمتنا لتحقيق الشواهد التي نقلها ابن عبد ربه من هذا الكتاب أنه كان واهما في نسبته إلى الخليل ، ومع ذلك فإن هذا الكتاب يرجع في تأليفه إلى زمن غير محدد من القرن الثالث الهجري ، ولم يكن وصلنا من أعمال هذه الفترة غير ما بقي من كتاب الأخفش في العروض ، ولا نعلم أي الكتابين أسبق في تأليفه .
وفي كتاب الأخفش لم نجد أية إشارة الى السبب الثقيل على نحو منفرد وإنما كانت الإشارة إليه بربطه بالسبب الخفيف فيما عرف عند الزجاج بعد ذلك بالفاصلة الصغرى ، وعلى ذلك استمر تلميذه أبو الحسن العروضي ثم كان آخر من جرى على ذلك أبو الحسن الربعي وهو من علماء القرن الخامس .
وأما الإشارة إلى السبب الثقيل بوصفه وحدة منفصلة فكان أول ظهور لها في كتاب العقد الفريد وعنه ، لا شك ، أخذ معظم العروضيين اللاحقين كالصاحب بن عباد وابن جني ومن تلاهم حتى اليوم .