شريان ووريد


ضــيّقٌ سجني ... ضــيّقٌ وعَتيــدُ=كـلُّ ما فيهِ فيه بأسٌ شديــدُ
حجبتْنـي عــن كـلِّ عـينٍ كـهوفٌ=وطـواني بقبضتيـهِ الحـــديــدُ
لـو وَعـتْ ما وعـيتُ زاغــت قـلـوبٌ =أو رأى ما رأيــتُ شـابَ الوليـدُ
كــيف لا يشـتهي المنيـةَ حــرٌ=حيـنَ يلـقـى الذي تعـافُ العبيـدُ
ها هنا تصـبحُ النعـاجُ أسـوداً= حينَ رهــنَ القيودِ تبقــى الأسـودُ
موردي اليـومَ بعــدَ مـاءٍ ســرابٌ= وسمـائي مــن بعــدِ غيثٍ رعــودُ
أيـن أطـواقٌ حـولَ ظـلِّي كــثيرٌ=وشفــــاهٌ وأعـــينٌ وخــدودُ
نـابَ عنـها ســـلاســلٌ بعـد حيـفٍ=وكـلابٌ وعســكـرٌ وجنـودُ
أُوكلت بي عصـابةٌ مـن علــوجٍ=هـُـمْ عــلى كلِ فتنـةٍ هم قعـــودُ
جـاءَ مـن كـلِ أُمـةٍ آدمـيٌ=تســتحي أن يكــونَ منهــا القـــرودُ
ليــتَ عــاداً أوفتْ بما قــال هـــودٌ=واتـّقـتْ صالـحاً بِشـِـربٍ ثمــودُ
ليــتَ لـم تســخرْ مديـنٌ من شعــيبٍ=لـيتَ لــم تــَعصِ ربَّ موسى اليهــودُ
أخــذوا من أخلاقـهم كلَّ شـــرٍّ=ما يـُـداني أخلاقَـهم أو يَـزيــدُ
وتَـنــادَوا مـــن كـــلِ فجٍّ عميقٍ=حيـنَ فيهــمْ كالجــدِّ صـار الحفيــدُ
ولقــد كنتُ والزمانُ رشيـدٌ=مثلما كانَ في الزمانِ الرَّشيــدُ
ولقـد يُغني عن قَـرينٍ قـرينٌ=وعـنِ المالِ الجَــمِّ ذكـــرٌ حميـــدُ
أوَلـمْ يهـدِ للـذي راءَ شمسـاً=أنْ إذا وجـهُ الشمـسِ غــابَ يعــودُ
نبئينـي يا بيــدُ أيـن الـروابي=أم تـُـرى يا وديانُ أيـن النجـودُ
لـم يـزل لـي مـن ذكــرياتٍ نصـيبٌ=إنَّ في حِجـر الشــوكِ تــرعى الورودُ
كيـفَ منْ أهــوى كيف.. كيفَ حبيبـي=أم تُـرى كـيفَ كـيفَ طفــلي الوحيـدُ
فـرّقتنـا ما لا أستطـاعت عقــولٌ=ردَّهـا لا....ولا أستطـاعت زنــودُ
ولقـد كنا الدَّهــرَ لحمـاً وعظمــاً=فمِـنَ القهـرِ اليـومَ نحنُ جلــودُ
إنْ يكـنْ مأتمـاً هنا كـــلُّ يــــومٍ=إنَّ يـومـاً أراكــما فيــه عيــدُ
أنتــما إنْ ضحكتمـا بـانَ سـني=وأنـا رغــمَ مـا أُعـاني سعيــدُ
إنَّ لـي فيكما الـذي هــو كُنهـي=لـــيس لـي فيكمـا الــذي لا أُريــدُ
أنتِ نفــــسي جميلةً وهـو روحـي=أنتِ شِرْيـانُ القلـب وهـو الوريــدُ
إنْ أمُـتْ صـابــراً فـإنَّ عــزائـــي=أنمـا مَنْ يمــوتُ صبـراً شهيـدُ
رُبَ مـوتٍ بـه تكــونُ حيـاةٌ=وفنـاءٍ بـه يكـونُ الخلــودُ