أحيي أخي خشان
فهو لغزارة علمه ـ ما شاء الله ـ لا يستطيع أن يضبط نفسه أنْ تفيضَ بكل ما تجيش به دفعة واحدة. فتراه يشتار مرة من شجر البرتقال، وأخرى من شجر الليمون، لتجده فجأةً على زهور النارنج .. مما يرهق المتابع مجاهدةً للّحاق به هنا أو هناك، محاولاً أن يتذوق من طعومه المختلفة، وينهل من أشربته الملونة. وهو في كل ذلك لا يبخل على أحد بشيء.
جازاه الله على عمله وعلمه، وشكر له سعيه، آمين.

وهو في خواطره، وأزواج مواضيعه، على اللقاء الخفيف الذي أجراه (موقع الإسلام اليوم) مع (العبد لله) راح يفجر الينابيع في الأرض اليباب، مما جعلني أتمهل في ورودها، لأختار شيئاً يسيراً مما حركته في نفسي هذه التداعيات.

فأولاً: أحب أن أقرر أن (لاحق القرطاجني) هو(المخلّع) عندنا دون قيد أو شرط، لا يختلف عنه بقليل أو كثير، إلاّ أن القرطاجني اختار له التفعيل:
مستفعلاتن مستفعلاتن
واخترتُ له الشكل:
مستفعلن مفعولاتُ فعْلن
على اعتبار أنه مخلّع أي منتزع أو مجزوء من المنسرح لا البسيط، وقد أثبت ذلك بالدليل القاطع الذي لا يرقى إليه شك.
وكان القرطاجني قد اختار له اسم (اللاحق) تمييزاً له عن مجزوء البسيط:
مستفعلن فاعلن مفعولن
منكراً علاقته بالبسيط. إلا أنه لم يوفق في التسمية، فلم يكتب لها أي انتشار.
وقد اكتفيتُ ـ في تأصيله ـ أن أترك له اسم (المخلّع) دون إضافته للبسيط، وذلك لشهرته بهذا الاسم، والتفات الذهن إليه فور سماع اسمه. في حين أطلقتُ اسم (اللاحق) على بحر آخر جديد، أخذ يأخذ طريقة إلى الاستعمال بتوفيق الله.

ولذلك، أقول: لا مجال للمقارنة بين (لاحق القرطاجني) و(لاحق خلوف) إلا من جهة دلالة المصطلح فحسب.

ثانياً: قوله: "فاللاحق [يعني المخلع] عند القرطاجني صورتان"، وهمٌ أرجو أن يُعادَ النظر فيه. فالقرطاجني لم يطلق اسم (اللاحق) إلا على صورة المخلّع الشهيرة:
مستفعلن فاعلن فعولن
لتمييزها عن مجزوء البسيط ؛ ذي الضرب (مفعولن). والسبب عنده كما قرر في منهاجه، هو ورود "ساكن لايوجد في مخلع البسيط"، يعني؛ مجيء (فاعلن) الحشوية فيه على (مفعولن)، وذلك على لسان عدد من "الشعراء الموثوقين" الذين "يستحيل قبولهم الكسر في الوزن" كما قال.
وللاستزادة يمكن الرجوع إلى ردّي السابق في المنتدى على الأستاذ (محمود مرعي) حول ذات الموضوع. أو إلى بحثي الموسوم ببحر المخلّع الذي ربما أثبته على صفحة هذا المنتدى قبل نشره في كتابي (بحور لم يؤصلها الخليل).

ولعل لي عودة ثانية إلى تداعيات أخرى على تداعيات الأستاذ خشان.