http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=82178

إيقاع أصوات القلب ونظم الخبب
فتن الشعراء قديماً بالقلب ونبضانه وتأثره بعواطف الإنسان ومشاعره، لكنني أزعم أن لا أحد يصغي إلى القلب كما يصغي إليه الطبيب، فهو الأدرى بلغته، إذ يفهم عنه شكاوى لا يفهما غيره، كما يسمع منه إيقاعات لا يسمعها غيره، فتعالوا معي أطلعكم على بعض هذه الإيقاعات.
أصوات القلب الأساسية:
تتألف الدورة القلبية من انقباض يتلوه انبساط، ويصدر القلب السليم صوتين بنبضانه ينشآن من انغلاق بعض الدسامات (الصمامات) داخله، الصوت الأول يمثل بداية الانقباض، والصوت الثاني بداية الانبساط، وبما أن فترة الانبساط هي الأطول فإنها تتلو الصوت الثاني وتفصل الدورات القلبية بفترة زمنية مميزة بطولها فتساعد بذلك في تحديد صوتي القلب اللذين يختلفان أيضا بصفة أخرى، وهي أن الصوت الأول أكثر رخاوة في أوله وثقيل الآخر، والثاني أكثر شدة في أوله وخفيف الآخر، لذلك يمكن أن نعبر عن الصوت الأول بكلمة (لبّ) مشددة الآخر، وعن الثاني بكلمة (دبْ) بباء خفيفة، وفي اللغات الأجنبية يعبر عنهما بلفظتي: (lubb, dub) تتلو كلاً منهما سكتة هي أطول في الانبساط بعد الصوت الثاني، وعروضياً لا تهمنا الشدة ولا الرخاوة، والفرق بين طولي الصوتين قصير مهمل مقارنة بفترتي الانقباض والانبساط، لذلك يمكن أن نعبر عن صوتي القلب بالتنعيم والتفعيل كما يلي: (لا لالْ = فعلانْ)، فالصوت الأول يتلوه الانقباض تمثلهما (لا)، والصوت الثاني يتلوه الانبساط تمثلهما (لالْ)، وكلما أبطأ القلب امتدت الألف في (لالْ) أكثر، وعندما يسرع القلب في نبضانه تقصر فترة الانبساط أكثر مما تقصر فترة الانقباض، وعندها ينبض القلب بإيقاع قطر الميزاب ( لا لا = فعْلن) وهو أحد أشكال الخبب، لكنه ليس المقصود ببحثنا فأرجو أن تتابعوا معي.
أصوات القلب الإضافية:
هناك صوتان آخران يصدرهما القلب في أحوال خاصة:
الصوت الثالث: يحدث بسبب زيادة حجم الدم التدفق داخل بطيني القلب في بدايات الانبساط، ومن أسبابه توسع عضلة القلب أو سوء عمل الصمامات وتسريبها للدم، وربما صدر عن القلوب الشابة السليمة (قبل عمر الأربعين) لفرط نشاط حركتها، وهو يتلو الصوت الثاني ويكون أقرب إليه وأبعد عن الصوت الأول، لذلك نسمع الدورة القلبية في وجوده عروضياً كما يلي:
( لا نعم = فاعلن) وهنا يصدر القلب إيقاع البحر المتدارك، ويكون الصوت الثالث هو المتحرك الثاني للوتد.
الصوت الرابع: يحدث من سوء ارتخاء جدر البطينين ومقاومتهما بالتالي لتدفق الدم عندما تدفعه إليهما الأذينتان في نهاية الانبساط، ومن أسبابه نقص التروية القلبية وثخانة جدر القلب وتضيقات الدسامات (الصمامات) القلبية، وبما صدر عن القلوب المسنّة السليمة (بعد عمر الستين) لقلة مرونتها مع تقدم العمر، وهو كذلك يتلو الصوت الثاني لكنه أقرب إلى الصوت الأول، فهو عملياً يُسمع سابقاٌ للصوت الأول، ولا يشترط أن يترافق وجوده مع وجود الصوت الثالث فهو يدعى رابعاً على كل الأحوال، وبوجوده ينبض القلب بالإيقاع التالي:
( نعم لا = فعولن) وهو إيقاع البحر المتقارب، ويكون الصوت الرابع هو المتحرك الأول للوتد.
الخبب:
وأكتفي بذكر أهم أنواعه،
عندما يكون الصوت الثالث مرضيّاً ويكون القلب متسرعاً فإن الأصوات المسموعة من القلب تشكل ما يدعى (نظم الخبب) (gallop rhythm)، وبما أن بدء الدورة القلبية من الانقباض أمر اعتباري اصطلاحي، وكون الانبساط يقصر أكثر من الانقباض عند تسرع القلب، فإن الصوت الناتج هنا هو (فاعلُ) وهو أحد أجزاء (تفعيلات) الخبب المعاصر، لكن إذا كنّا نستجيب لحسنا العربي الإيقاعي واخترنا أن نقطّع الأصوات جاعلين السكتة الأطول (وهي هنا فترة الانقباض) أخيرة، فإننا نسمع عندها (فعِلن) وهو إيقاع بحر الخبب الأصلي، ويكون الصوت الثاني هو المتحرك الأول يليه الصوت الثالث فالأول.
خلاصة:
1- ينبض القلب عادة بصوتين اثنين بإيقاع (لا لالْ = فعلانْ) أو (لا لا = فعْلن) وذلك حسب سرعة نبضانه، والأخير إيقاع قطر الميزاب.
2- عندما يصدر القلب الصوت الثالث فإنه ينبض بإيقاع المتدارك (لا نعم = فاعلن)، وهو نبضان قلب مريض متوسع أو شاب سليم.
3- عندما يصدر القلب الصوت الرابع فإنه ينبض بإيقاع المتقارب (نعم لا = فعولن)، وهو نبضان قلب مريض ثخين الجدر أو مسن سليم.
4- عندما يتسرع القلب الذي يصدر الصوت الثالث فإنه يصدر نظم الخبب، وهو يعادل (فاعلُ)، وإذا لم نتقيد بالاصطلاح الطبي أمكننا أن نسمع (فعِلن)، وهو على الأرجح قلب مريض.