http://www.alfaseeh.com/vb/showthrea...l=1#post568122

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطوان عويضة مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حياك الله أستاذي الكريم:
أما القول:

فالاستساغة والاستحسان وحدهما ليسا كافيين في اللغة العربية للحكم بالصحة والخطأ، وإن جاز للعربي الفصيح الاحتكام لسليقته فلا يجوز لنا ذلك لاختلاف السلائق، فسليقة العربي الفصيح العربية الفصحى، أما سلائقنا فما نستعمله في كلامنا من اللهجات المختلفة.
قال قائل لخلف: إذا سمعت أنا بالشعر أستحسنه فما أبالي ما قلت أنت فيه وأصحابك.
قال: إذا أخذت درهما فاستحسنته، فقال لك الصراف: إنه رديء! فهل ينفعك استحسانك إياه؟

اللجوء إلى الموسوعة الشعرية ينفع كثيرا، ولكنها في أمر الضبط ملجأ غير حصين، وكذلك المكتبة الشاملة، ففيهما من أخطاء الكتابة والضبط ما ليس بالشيء اليسير، وليس ذلك تقليلا من شأنهما - جزى الله كل من ساهم فيهما خيرا-.


هذا قول منضبط ومساو لقولك : وما له غيرَهمْ - في أمْرِنا - بدلُ
وزيادة - في أمرنا - لا تؤثر في الإعراب لأنها جاءت معترضة للاحتراز.

قد يجوز في الموشح - بوجه عام - التخفف من الإعراب والفصحى، ومع هذا فضبط (غير) هنا بالضم لا مسوغ له ولا ضرورة، بل إنه حري بإفساد التثليث الذي يبدو أنه مقصود، لأن الصحيح عند رفع (غير) أن تنصب (بدل)، فلا تتفق (بدلا) بالنصب مع (الأصلُ) و(يحلو) في الروي.
لذا فضبط غير بالضم خطأ من الضابط ، أو من الشاعر إن كان قاله هكذا.

هذا البيت يختلف فيه موضع كلمة (غير) عن موضعها في بيتك وفي بيت الشريف الرضي، وكذلك موقع كلمة (بدل).
الشطر الأول من البيت جملة تامة، مستقلة عن الشطر الثاني الذي هو جملة أخرى، فالكلمتان (غير) و(بدل) لا تقعان في جملة واحدة؛
ويبدو أن الشاعر يهجو رجلا اسمه (شعير) فيقول له إن حرف الشين في اسمك ما هو إلا تحريف للسين، فاسمك (سعير) ولكنه تحول إلى (شعير) عندما لفظه رجل ألثغ ينطق السين شينا، فبدلا من أن يقول (سعير) قال (شعير).
والاستثناء في بيت لسان الدين مفرغ، ولا يجوز في (غير) إلا الرفع، لأن الكلام يؤول إلى (الشين في اسمك نقطة ألثغ) ولو قال (ما الشين في اسمك إلا نقطة ألثغ) ما جاز في نقطة إلا الرفع خبرا للمبتدأ (الشين)، كما قال الله تعالى: " وما محمد إلا رسول". ولو أبدلت (غير) بإلا فإن (غير) تأخذ إعراب ما بعد إلا؛
لو قلت: وما محمد غير رسول، ما جاز في (غير) إلا الرفع، وكذلك: ما الشين غير نقطة... ولعلها (نَطْقة) المرة من النطق، وإن كان المعنى مستقيما على اللفظتين.
وأما نصب بدل، فللحالية، لأن أصل الترتيب: أتى (الألثغ) بلفظ شعير بدلَ (لفظ) السعير.



لا دخل لـ(ما) وعملها فيما نحن فيه. فنصب (غير) هنا ليس لأنها خبر ما، (غير) منصوبة سواء أعملت (ما) أم أهملتها،
هب أننا تميميون ولا عمل لـ(ما) عندنا، وذلك حتى لا ينحصر تفكيرنا في أنها الناصب لـ(غير)، وهذا أقوى حجة لمن أراد رفع (غير).
وهب أننا غضضنا الطرف عن الاستثناء أيضا.

لو قلت: (له غيرهم بدل) أين المبتدأ والخبر؟
لا يصح أن تجعل (له) هي المبتدأ، لأن المبتدأ لا يكون شبه جملة، أليس كذلك؟
المبتدأ إما (غيرهم) وإما (بدل) أليس كذلك؟ فأيهما أحق بأن تكون بدلا؟
لعل جملة ( لي غيرهم أصدقاء) أوضح لأن (غير) موغلة في الإبهام، ولعل (بدل) فيها نوع إبهام لاستلزامه مبدلا منه.

لي غيرك أصدقاء، (تبدو مألوفة أكثر)، أصلها : لي أصدقاء غيرك.
لي: خبر مقدم، أصدقاء مبتدأ مؤخر مرفوع، وغير صفة لأصدقاء مرفوعة أيضا (على هذا الترتيب)
الآن لو قدمت (غيرك) التي كانت مرفوعة لأنها تابع لأصدقاء المرفوعة، أتظل مرفوعة بعد التقديم؟
كلا، بل تنصب على الحالية، نحو: لمية موحشا طلل.

ولو قلت: لي غيرك ... وسكت، لم يصح جعل (غير) مبتدأ و(لي) خبرها المقدم، لأن غير موغلة في الإبهام ولو أضيفت إلى معرفة، وما كان موغلا في الإبهام لا يصح الإخبار عنه، إلا بإزالة الإبهام بأن تأتي بتمييز أو حال، فتقول: لي غيرك أصدقاءَ أو صديقا أو بدلا .....

هذا وليس في الجملة (ما) وباعتبار (غير) وصفا لا استثناء.
فإذا دخلت (ما)، فلا عمل لها حجازية كانت أم تميمية، لأن الحجازية لم تتوفر شروطها، والتميمية غير عاملة أصلا، فلا يتغير حكم الإعراب.
وإذا اعتبرت (غير) استثنائية، لم يتغير حكم النصب، بل زاد وجها آخر هو النصب على الاستثناء.

إذا كانت غير فيها معنى الاستثناء عوملت معاملة المستثنى بإلا، وإذا كانت وصفا، فقد ذكرت حكمها مذ قريب.
والتمثيل بـ (ما جاء ‏غيرُكم ، ما مررت بغيرِكم ، ما رأيت غيرَكم )‏ ليس في محله، لأنه استثناء مفرغ، كما سبق ذكره.


هذا إذا كانت هي الخبر، وليست كذلك، كما بينت فيما مضى.


إذا كانت ما حجازية، فلا خلاف على رفع الخبر، ولكن الخبر ليس (غير) بل (بدل)، لذا فالرفع حق كلمة (بدل)، وتنصب غير على ما تقدم.
وإن جعلت (غير) هي الخبر ورفعتها، لزمك نصب (بدل) فجعلتها (بدلا) ووقعت في الإصراف.

لا نفعل فيه شيئا لأنه هو الصحيح، وتنصب (غيرَهم) عندك لأنها على خلاف الصواب. وكذلك تنصبها عند المجذوب.

نعم، يجوز رفع (غير) ونصب (بدلا)، ولكن ليس على أنهما معمولان لـ(ما)؛ وهذا ما ذكرتُه من قبل:



كلاهما صواب، ويجوز في(أ‌-‏ ‏" وما له بدلٌ غيرَهمْ " ‏) رفع غير أيضا على الإبدال من (بدل)، لأن الاستثناء تام منفي، فيجوز النصب على الاسثناء ويجوز الإتباع، أما لو قدمت فقلت (أ‌-‏ ‏" وما له غيرَهمْ بدلٌ " ‏) فلا يجوز إلا النصب.
وأما (‏" وما له غيرُهم بدلاً "‏) فليس فيها إلا هذا الوجه.

لا يجوز الوجهان في (وما له غيرهم في أمرنا بدل)، إذا كان المقصود رفع (غير) ونصبها مع بقاء (بدل) مرفوعة، ويجوز الوجهان مع (مراقبة بدل) إن استعرنا مفهوم المراقبة هنا، فإذا رفعت غير فانصب (بدلا)، وإذا نصبت غير فارفع( بدل).

والله أعلم.