إن الأثر النفسي للضجيج الإيقاعي الذي نستشعره مع قراءة نص قصيدة النثر يتشابه مع ذلك الذي تحدثه(قصيدة) النص العلمي بعد قطع السطور ليقتصر كل منها على بضع تفعيلات عفوية غير منسقة ولا تمثل أيا من البحور الشعرية إلا بالمصادفة ، في حين يختلف إحساسنا بالمقارنة مع قراءة فقرة النص العلمي ذات السطور الطويلة المسترسلة...والسبب في ذلك تعذر حفظ التركيب الصوتي (الإيقاعي) لكامل السطر على الذاكرة قصيرة الأمد بسبب .تعقيده وعدم انتظامه . ..لذا فإن مقابلته مع إيقاع السطر اللاحق لا يمكن ان تحدث ذهنيا أثناء قراءة الفقرة.
لكن مع عملية القطع في السطور تتاح فرصة الحفظ المؤقت قصير الأمد للتراكيب الصوتية القليلة فيتم تقصي الإيقاع وتتبعه لا شعوريا وبشكل عفوي من سطر إلى آخر . وهذا ما يؤدي إلى ملاحظة الفرق في الإيقاع بين السطور تباعا فنشعر بتلك الجلبة الإيقاعية إثر قراءة السطور المقطوعة المتتابعة . .

لكن نتيجة لغياب النسق الإيقاعي المنتظم في السطر من جهة ، وانعدام التناظر الإيقاعي بين السطور من جهة ثانية فإن الذاكرة طويلة الأمد لا تجد ما يساعدها على حفظ التركيبة الفوضوية لإيقاع القصيدة مما يفسر استحالة حفظ نصها بدقة حتى من قبل مؤلفها نفسه لمدة طويلة . يتبع ...