إن الشعر الموزون نشاط معقد وهو مشترك ثقافي عالمي، وأحدنا ( تيرنر) سمع أطباء النفس (الدمبو - Ndembu ) ينشدون الشعر في زامبيا، وقام مع أخصائي علوم الإنسان (Schiefenhovel ) بترجمة شعر الإيبو (Eipo ) من غينيا الجديدة، وأفاد كشاعر بأن شعر الإيبو لدى ترجمتة ( إعادة إنتاجه) إلى الإنجليزية فإنه يحمل ذات التأثير العاطفي في لغته الأصلية.
ويفيد هذا التطابق الدقيق بين الشعراء في ثقافات غاية في تباينها إلى آلية عصبية نفسية متطابقة في كل الثقافات تقريبا.
يستخدم الشعر الموزون في المناسبات الدينية والاجتماعية الحاسمة، وهو يشتهر بمضمونه من الحكمة الغامضة.
وتكاد التقاليد التعليمية في كل الثقافات تعتمد تدريس نصوص مشاهير الشعراء كمادة رئيسة.
ومعظم أصناف العمل من زراعة ورعي وصيد وحرب وتعامل مع السفن وحتى عمل في المناجم لها نصوصها الخاصة من الشعر والأغاني
وقد يعترض معترض بأننا نجمع أصنافا شتى من الاستعمالات اللغوية تحت مسمى الشعر، وتنفي هذا الاعتراض بقوة حقيقة أن الشعراء أنفسهم – وهم الذين ينبغي أن يعرفوا – يستطيعون أن يميزوا إنتاج زملائهم في الحضارات الأخرى كشعر، رغم الاختلافات الثقافية
ولكننا لا نكتفي بالاعتماد على أقوال الخبراء الوطنيين، فإن ثمة سمات موضوعية عالمية خاصة يمكن تشخيصها على كامل مساحة الشعر عبر العالم كله من بدايات التدوين التي عرفناها، ومن هذه الخصائص العامية نستطيع صياغة تعريف للشعر الموزون بحيث ينطبق
من اليونانيين القدماء حتى الكواكيتيين (Kwakiutl ) ومن راسين (Racine ) إلى بولينيزيا.
إن الوحدة الأساسية للشعر الموزون هي البيت ونميز هنا بين البيت في مفهومنا حيث يكتب عندنا في حيز واحد، وبين، بينما يكتب لدى بعض الأمم حسب تقاليدها الكتابية في شطرين بينهما مسافة، ومثل هذا البيت لغرض هذه الدراسة يعتبر بيتين
وكذلك هناك أمثلة تعتبر بيتا واحدا ينقسم إلى نصف على الصفحة [؟]. وتسبق البيت وتعقبه فترة صمت واضحة ( ليست بالضرورة لأجل التنفس ) وهذه رغم وجود فترات صمت أخرى في البيت تقسم البيت إلى أجزاء يمكن تمييزها بوضوح.
ويمكن لتيرنر أن يميز أبيات الشعر في لغات لا يعرفها إذا أنشدت على مسمعه. وكل بيت يحتوي على عدد من 7 – 20 مقطعا [ حسب العروض الغربي القاطع هما 1 و 2 ] ولكن عددها عادة يتراوح من 7 – 17 مقطعا في اللغات التي لا تستعمل لهجة (tone ) معجمية ثابتة، وبين 4 – 8 مقاطع في اللغات النغمية (tonal ) كما في اللغة الصينية حيث يستغرق نطق المقطع ضعف وقت النطق للإبانة.
وأهم ما في الأمر أن إنشاد هذه الوحدات ( الأبيات) يستغرق فترة تتراوح من ثانيتين إلى أربع ثوان ). ومعظمها يستغرق ما بين 2.5 – 3.5 ثانية وحيث تطول الأبيات فإن فترة صمت تفصل الشطرين، (كما في الشعر الملحمي اليوناني والإغريقي سداسي التفاعيل ) حيث تتراوح مدة البيت من 4 – 6 ثوان ولكن من الواضح أن ثمة فترة صمت بين الشطرين تجعلن ا نعتبر كل شطر بيتا مستقلا.
قام تيرنر بتسجيل وقياس الشعر في كل من اللاتينية والإغريقية والإنجليزية والصينية، وقام بوبل بنفس العمل في الألمانية، وقد أثبتت دراسة على المقاطع في ( نديمو – زامبيا ) و ( الأيبو – غينيا الجديدة) والإسبانية والإيطالية والهنغارية واليورالية (Uralic ) والسلافية والسلتية نتائج منسجمة، حيث طول مدة المقطع في اللغات غير النغمية = 1/4 ثانية، وتساوي 1/2 ثانية في اللغات النغمية. والبيت في شعر نديمو مكون من 10 مقاطع في المتوسط وشعر الإيبو يغلب عليه 8 أو 12 مقطعا في البيت وفي الإسبانية فإن البيت الملحمي في (Poema de Mio Cid ) [ لعله يعني في العربية شعر سيّدي ] يبلغ 14 مقطعا [ شطر الطويل في العربية مكون من 14 مقطعا من مقاطعهم بطبيعة الحال]، ولكن البيت في معظم بقية الشعر ثماني المقاطع.أو مكون من صنفين ثماني وأحد عشري المقاطع، والبيت الإيطالي التقليدي مكون من 11 مقطعا، والبيت الملحمي الطويل فيه مكون من 15 أو 16 مقطعا، والبيت في الشعر السلتي مقاطعه 7 أو 8 أو 9، وبعض أبياته أطول من ذلك. [ شطر المضارع مكون من 8 من مقاطعهم]