1- موضوع الكم والهيئة جرى شرحه في مجال العروض.
ونظائره كثيرة في كل مجال. فالهيئة في أمر ما هي التوجه الرئيس والكم هو مدى السير في ذلك التوجه.
فلو طبقنا ذلك على تاريخنا العربي ومراحله، لوجدنا أن تغير الهيئة فيه على مداره حصل مرتين أو ثلاث ، وآخرها ما دخلته الأمة من تشتت. وكل الأحداث من قرن إلى الآن تتم في إطار " هيئة الخيبة " والتي يتذبذب فيها مؤشر " كم الخيبة "
منطق الهيئة أشبه بالكرة أو الزجاجة اي ثقب أو كسر ينهي وجودها. فالتوحيد في الإسلام لا يقبل خرقا وفي إطاره يمكن تفاوت الكم " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " صدق الله العظيم
منطق الكم أشبه بالطاولة قابل للتجزيئ فالطاولة لو كسر جزء منها يمكن الاستفادة من بقية الأجزاء.
2- التراكم والتفاقم :
كل تغيير يجري في إطار " هيئة الخيبة " هو تنويع على " كم الخيبة " على أن تراكم الكم يؤدي وعلى المدى الطويل وربما الطويل جدا إلى مجموع كمي لا تطيقه الهيئة فيفرض ذلك تغيرا جذريا في الهيئة ينهيها لتتشكل هيئة مختلفة جذريا تكون أرقى بكثير أو أحط بكثير من الهيئة السابقة. ولحظة حصول التغيير الجذري تعلن عن ذاتها بشكل زلزالي آني حاد. تراكم الكم يؤدي إلى تفاقم الهيئة تفاقما يؤدي إلى موت هيئة وولادة أخرى. ثمة أنواع من الهيئات منها الجزئي الذي قد تؤشر زلزاليته إلى تغير في الهيئة على مستوى جزئي معين، ولكن ذلك المستوى ينظر إليه على مستوى هيئة أكبر على أنه تغير كمي.
3- الجزئي والكلي
لنأخذ الأندلس وبعض ما تتصل به من سياق عام كمثال
الهيئة الأساس للأمة هي تلك الهيأة التي أرساها رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ثم تم ما تم – مما لا مجال للحديث عنه – ودخلت الأمة في تغير في الهيئة أدى تراكم الكم فيه إلى الفصل بين جسم الأمة وامتدادها في الأندلس وأدى إلى سلسلة من التفاقم الكمي عالجه المرابطون والموحدون في إطار الحفاظ على هيئة ما طيلة قرون ولكن التغير الأصلي في الهيئة الأساس أدى إلى حصول الكارثة أخيرا بخروج المسلمين من الأندلس أو حرقهم حرقا. وكان ذلك على مستوى الأندلس تغيرا في الهيئة. ولكنه على مستوى الأمة كان تغيرا في الكم. أدى تفاقمه– رغم بعض النهوض الكمي - إلى هيئة في درك أسفل أضحى فيها جسم الأمة مزقا. ولو أن التغير الكمي لاضمحلال الأندلس الذي استمر طيلة أربعة قرون ما بين سقوط طليلطلة سنة 1058 م وسقوط غرناطة 1492 أدى بالأمة إلى وأد الهيئة الحاضنة لذلك التدهور الكمي واستعادتها هيئتها الأساس لتجنبوا الهيئة الحالية التي هم فيها. والتي لا تعدو أن تكون تغيرا كميا على مستوى العالم. ولو أنهم استجابوا لتفاقم التغير الكمي برفض الهيئة الحاضنة له واستعادوا هيئتهم الأساس قبل سقوط الأندلس لجنبوا نفسهم والعالم الكثير من المآسي.
تغير هيئة الأمة وصولا إلى هذه الهيئة المزرية هو بالنسبة للعالم تغير كمي. ولو استعاد العرب هيئتهم الأساس قبل سقوط الأندلس لكان ذلك تغيرا في الهيئة بالنسبة للعالم كله. وحسبك في هذا المقام ربطا بين الأمرين أن سقوط غرناطة كان سنة 1492 م وأن وصول كولمبوس إلى جزر الكاريبي كان سنة 1492 واكتشافه الساحل الأمريكي كان 1498 .
كيف كان العالم سيكون لو أن التفاقم في الأندلس أيقظ الأمة فاستجابت إلى ما يحييها. لا يعلم إلا الله تعالى مدى الفارق، بين هيئة العالم الحالية والهيئة التي كان سيؤول إليها. لكننا نعلم ما لو تمت للأمة نهضتها لما حدث وبعض ذلك:
1- لما تمت إبادة 90 مليون من سكان أمريكا الشرعيين.
2- لما نهب العالم
3- لما كان الاستعمار
4- لما كانت الشيوعية
5- لما كانت الحربان العالميتان
6- لما ضاعت فلسطين ( بل لما كان كيان كيان فلسطين المفصل على مقاس الضياع أصلا ) بل لضاعت علينا عبقريات الثوار الممثلين الشرعيين الوحيدين المنسقين المفاوضين الحضاريين الباصمين.
7- لضاعت على الأمة فرصة قيادات ملهمة مبدعة خلاقة استثنائية قل أن يجود بمثلها الزمان كالقذافي ..... ولنقص عدد مقاعدنا في الأمم المتحدة ( هل كان سيكون هناك أمم متحدة ؟؟؟ )
هل كل تراكم كمي تفاقم مؤد إلى هيئة أسوأ ؟
بالنسبة للأمة فإن هذا للأسف هو المسار الذي سلكته الأمور حتى الآن. ولكن من ناحية نظرية فإن التراكم حتى السيء قد يؤدي إلى هيئة افضل.
ولدينا في هيئة أعدائنا دليل على ذلك.
ولكن ليست كل هيئة أفضل تعني أنها كذلك في الإطار المطلق ولا كل هيئة أسوأ تعني أنها كذلك في الإطار المطلق.
كلنا أمل بالله أن يؤدي تراكم إزراء هذه الهيئة بالأمة إلى صحوتها واستعادة هيئتها الأولى.
ومن ذات النافذة كلنا أمل بالله أن تكون الهيئة الجزئية – على ضخامتها – لاستعلاء أعدائنا إيغالا في كارثية أمرهم في ظل الهيئة المرتقبة للأمة. وإن تكون كارثية أمرهم بمنظار ما خيرا لهم بالمنظار المطلق وذلك باهتدائهم إلى نور الإسلام.
""أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ"
" إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"
صدق الله العظيم.
لا أظن هذا الاستطراد إلا متصلا بالرقمي وتداعيات شموليته.
وإن كان لا بد من عقد مقارنة بين النظرة الجزئية للأمة ماضيا وواقعا ومستقبلا والتفاعيل فهذا أوانها .
هل الرقمي :" خطوة نحو تأصيل الشعر العربي وليس توصيفه" فحسب
أم هو مؤشر على منهاج فكري شامل في سائر الأمور؟
المفضلات