المنهجية بين الرقمي والتفعيلي .... ( قراءة و رأي )

لم أكن لأقترب من حياض ( الرقمي ) الذي يذود عنه أولو الرقمي ما أوتوا من قوة إلا حين أخذني

ثراء الحوار الفكري بين تلميذة وأستاذها مأخذا جبريا ، وحين استل كل منهما سيف الحرف عن

رأيه مدافعا .

فكنت كمن يرى على البعد بحرا يخشى الغوص فيه ، وحوله بحارون قد أفاض الله عليهم دراية

ومهارة .

ولمحت ما لمحته من التفريق بيّناً بين المنهج واللا منهج في العروض بقول أستاذي :

( المنهج واللا منهج والعروض والعروضيون ) فكأنما قصد ب ( المنهج ) ( العروض) كما عنى

ب ( اللامنهج ) ب ( العروضيين ) ، وقال في موضع آخر :

( مجالا شمولية المنهج وجزئية اللامنهج ) فالعروض منهج لأنه شامل ، وليس للعروضيين

منهج لأنه جزء لا كل !!

وربما كان هذا مثار احتدام الصراع بينهما بدءا !!

يذهب أستاذي إلى تحقق المنهجية في الرقمي في عناصر العروض الثلاثة :

أ / الموصوفات .

ب / المنهج .

ج / الواصف .

ففي الوقت الذي أسبغ فيه قوله على الرقمي بالشمولية والمنهجية وصف العروضيين بالجزئية

وعدم المنهجية .

ألم يكن الأولى وصف الرقمي في مقابل التفعيلي حتى تكون المقابلة أكثر دقة !!

فإن كانت الموضوعات في العروض العربي هي الذائقة العربية ، والواصف هو الخليل عند كليهما

فلا أراهما قد اختلفا إلا في ( المنهج ) وهو الطريقة !

فأي الفريقين أحق !!

لكن أحدهما يتعمد نهج اللامنهج منهجا !!

ظني أن العروضيين لن يجحدوا ما استيقنتها أنفسهم إلا إن كان المنهج المتنازع عليه لمّا

يزل غريبا حتى بعد ظهور الرقمي .

الرقمي ( اجتهاد ) في علم العروض شأنه في ذلك شأن العلوم الأخرى معرضٌ للخطأ أو الصواب

وهو باعتراف الرقميين ( لم يأت بجديد لكنه الربط والتقديم ) ، هذا يعني أننا ما زلنا نتحدث عن

الطريقة والمنهج لا التجديد والابتكار !!!

ولعلي لا أخطئ حين أقول :

إن الرقمي نقلة عروضية نوعية من مجرد التوصيف إلى التقعيد .

ولا أدل على ذلك ما أبدعه أستاذي من التقعيد ل ( تتالي ثلاثة أسباب ، أو التخاب أو غيرهما .

ولعلي أرى ثبات الرقمي من اعتماد الأرقام مدخلا لدراسة العروض لما للأرقام من ثبات يصعب

تغييره ، وأن الشمولية فيه تكمن في اختلاف تقديم الأولى بالتقديم .

الرقميون يعتمدون الدوائر مبدأ ، بينما اعتبرها العروضيون طرفة أحياناً ، وهي عندهم بعد عرض

البحور وصورها .

ولا يزال العروض توصيفياً حتى بعد ظهور الرقمي الذي بدأ بالخروج من دائرة التوصيف إلى التقعيد .

وقد يظهر ما سوف يظهر من الرقميين مستقبلا ؛ لذا كان سعي أستاذي ولا يزال في استنهاض

الهمم لدى تلامذته ليأخذ بيد من يأتي عالماً للعروض لا عروضياً فحسب !!

الموضوع يا أساتذتي جدير بالبحث والدراسة والمناقشة ؛ فجزى الله أستاذي خشان وأستاذتي

ثناء لما أثارا من حوارٍ باذخٍ يستبق الخطو إليه السائرون في دروب العروض رقمياً كان أم تفعيلياً .

لكما التحية كيفما قد صرتما ... لكما بياض القلب حين عبرتما

هي سنة التعبير عن آرائنا .... إنْ لمْ تكنْ منْ ذا يصيّرنا هنا
!!