أخي واستاذي الكريم د. عمر خلوف،

خطر لي ما يلي وأراه مفيدا:

وبهذا الصدد فإن مستجيرًاينحاز في هذه القضية لرأيك ويرى أن وزن السريع مستفعلن مستفعلن فاعلاتن = 4 3 4 3 2 3 ‏‏2

والفارق بينكما أن رأيه يأتي في سياق منهج كامل مستقل بالكلية عن منهج الخليل. وهذا منطقي فلا يمكن الخروج على ‏مذهب في جزئية منه، واستقلال منهج مستجير في مقابل منهج الخليل يسهل المقارنة بين منهجين، وأنت أدرى مني بتفوق ‏منهج الخليل، وما تطلبه منهج مستجير – على عظيم فائدته لعالم العروض – من قسر لبعض صور الأوزان، كما أنه ضلله ‏في تقييمه لرأي نازك في مستفعلاتن مستفعلاتن . ومثل مستجير في وجود منهج شامل لديه مستقل بالكامل عن منهج ‏الخليل، الأستاذ محمد العياشي في منهجه وقد أوضحت ما تطلبه منه منهجه من افتراضات سقيمة في غير مكان. مع تفرد ‏العياشي في النيل من منهج الخليل.‏

وأرى هذا تأكيدا لما ذهبت إليه من أن أي منهج – منهج بحق - كل متماسك ومخالفته في جزئية تعني مخالفته في عمومه، ‏إذ أن أية جزئية فيه تتصل بكلياته وتصدر عنها وتمثله، فكأنها كعينة الدم تسحب من طرف إصبع لتمثل الدم في سائر ‏الجسم، فإن ثبت فيه نقص من مادة معينة كان ذلك النقص عاما في الجسم.‏

لقائل أن يقول لي :" إنك اعترضت على تجاوز الخليل بتفاعيل الخليل، وكلاهما مستجير والعياشي خالفاه مستعمليْن تفاعيله ‏‏" وهذا صحيح في ظاهره، ولكنهما استعملا تفاعيله صورة بعد أن فرضا عليها طبيعة مخالفة لما يماثلها مظهرا عند الخليل، ‏ولم يتوان مستجير من استعمال تفاعيل مغايرة في بحر الطويل مثلا، بل وقاده تنظيره إلى بحر جديد أسماه بحر شوقي، ‏وقرأت رأيك حوله الذي تنطلق فيه من عروض الخليل، وفرض العياشي على تفاعيله ثبات المدة الزمنية عند لفظها مزاحفة أو ‏غير مزاحفة وقد تطرقت لعوار ذلك في غير موقع.‏

الخلاصة:

لا يصلح الأخذ بجزئية من منهج هنا وأخرى من منهج أو لا منهج هناك.

أن المنهج يُخالـَف أو يتم تجاوزه بمنهج آخر له شموليته في العروض كما في الاقتصاد والسياسة كما في العقائد وسوى ذلك، وهذا ما لم أجده لديك في بعض تجاوزك للخليل بغض النظر عن تقييمي له، فأنت تتجاوز الخليل في مواضيع ‏محدودة ،مع استعمالك لتفاعيله بذات مواصفاتها لديه وتتفق معه في الأعم الأغلب، وهذا ما لا أستطيع وصفه بالمنهج.‏

وعند المقارنة بين منهجين فقط يستطيع الإنسان أن يقرر أيهما أصوب، أما المقارنة بين جزئية هنا وأخرى هناك فلا تستقيم منطقا لا في العروض ولا في سواه.

مذكرا بأن حديثا بهذا العمق حول المنهجية هو في مجال ( علم العروض ) وليس في مجال ( العروض ) وهو بالتالي لا يهم الشاعر ولا من يقتصر همه على حفظ التطبيقات الجزئية لمنهج ما.

يحفظك ربي ويرعاك.