أخي الحبيب أبا صالح:


أشتم رائحة عتب أو خيبة أمل ناشئة عن مداخلتنا الأخيرة، فآمل أن لا يزيد العتب أو تستفحل الخيبة بهذا الرد


أخي الحبيب وأستاذي الكريم أبا إيهاب


عتب ؟، لا عتب على الإطلاق ، وكنت سأعتب لو أنك جاملتني. فكثير من تقدم الرقمي مدين لنقد الأفاضل مثلك.


خيبة أمل ؟ نعم قليلا وذلك لعجزي عن توصيل ما أراه من أمر الرقمي. ولكنها خيبة أمل يرافقها


سرور ، نعم سرور لاغتنام الفرصة لأوصل لك ما أراه حول طبيعة الرقمي، فلعله في معرض الحوار وتداخله معه يبلغ لديك ما لم يبلغه من قبل.


**


ثم يا أخي وأستاذي أبا إيهاب بت أرى انفصاما واضحا بين تصور كل منا لمنهج الخليل .


بل بالعكس، أرى توافقا تاما بدليل قولك في الفقرة التالية:


" منهج الخليل عندي لا يقتصر على ما روي عن الخليل بل يشمل استقراء ذلك النهج. كما يؤيد ذلك قولك :" فهذا البيت، لو كان سمع به الخليل لما تردد في جعله من ثاني المنسرح كما وصفه المعري " فالمعري استقرأ منهج الخليل وأنت استقرأته وأنا أوافقكما في استقرائكما."


نعم هو توافق وسط اختلاف أوسع .


**


ذلك أني أرى أن 4 3 4 3 2 2 2 هي الأصل المشترك لكل من المخلع واللاحق الذي وزنه مستفعلن فاعلن مستعل


كيف يكون هذا النسق عندك وهو ينتهي بثلاثة أسباب (س س س) أصلا مشتركا للمخلع الذي ينتهي بسببين ووتد مقطوع (س س و) واللاحق الذي ينتهي بسبب ووتد (س و). فالقطع في الوتد لا يمحو شخصيته الوتدية ويحوله إلى سبب، ولا يكفي لذلك كون الوتد المقطوع والسبب يشتركان في صفتهما المقطعية (مقطع طويل) .


أرجو أن تنظر إلى الأمر من زاوية الرقمي


كل ما هو أزرق فيما يلي سبب أو من أصل سببي ، وكل ما هو أحمر وتد، ولا يقال من أصل وتدي، فالوتد تضيع وتديته إذا مس بأي تغيير.


2 = سبب خفيف، (2) = سبب ثقيل، 2 = سبب خببي يكون خفيفا أو ثقيلا .


مستفعلن = مس تف علن = 2 2 3 تصير مس ت علن ، وهذه = مس (تَعِ) لنْ = 2 (2) 2 تكافئ 2 2 2



المخلع / التوأم الأول من مجزوء البسيط = مستفعلن فاعلن مُ تفْ علْ


مـُ تفْ عِلْ = سبب مزاحف + سبب+ سبب = 1 2 2 = 3 2 = وتد ظاهري + سبب


يميز هنا بين فعولن في المتقارب = 3 2 وهي وتد حقيقي + سبب وبين 3 2 ( فعولن معادلة متفعل ) ولا وتد حقيقيا فيها، فكلها سببية. والدليل بيتا امرئ القيس ، بغض النظر عن سائر القصيدة :



عيناك دمعها سجالُ .... كأن شأنيهما أوشالُ ... ( أو شا لو = 2 2 2 )


أو جدولٌ في ظلال نخْلٍ ..... للماء من تحته مجال ....( مَ جا لو = 1 2 2 )



اللاحق / التوأم الثاني من مجزوء البسيط = مستفعلن فاعلن مُسْ تَ علْ


مسْ تَ علْ = سبب + سبب مزاحف + سبب = 2 1 2 = 2 3 = سبب + وتد ظاهري



يميز هنا بين فا علن في حشو البسيط = 2 3 وبين 2 3 ( فاعلن معادلة مستعل ) ولا وتد حقيقا فيها فكلها سببية



كان الدليل في المخلع على الوتد الظاهري مجيء الضرب تارة أوشالُ = 2 2 2 وتارة مجال = 1 2 2



وهذا متعذر في اللاحق لامتناع ترافق 2 1 2 و 2 2 2 في القافية لأنهما من قافيتين مختلفتين.


**


كان ما تقدم مقدمة ضرورية لمن شاء أن يرى العروض بعيون الرقمي، وسأتبعها ببقية الرد بإذن الله، ومع هذه أنقل ما يلي من مقدمة رواية التخاب استكمالا لهذا التمهيد.




يـكتبُ ..... كـاتب .......كتـابـة
writing......writer........write



الأحرف الملونة التي تنقل الكلمة العربية من صيغة إلى أخرى تأتي حينا في أول الكلمة وحينا في وسطها وحينا في آخرها حسب الصيغة المطلوبة. ذلك أن بنية الكلمة تتعرض لتغيير هو أشبه بالتفاعل الكيماوي الذي يغير شخصيتها لتعبر شكلا ومضمونا عن المقصود في كل صيغة .



بينما الأحرف الملونة التي تنقل الكلمة الإنجليزية من صيغة إلى أخرى تأتي جميعا في آخر الكلمة وكأنها تلصق بها إلصاقا أو كأنها شارة تضعها على ذراعها أو رأسها لتفيد المقصود في كل صيغة



هل لذلك علاقة بالعروض ؟



نعم فثمة تجانس في خصائص العربية في سائر علومها والعلاقة هنا هي بين الصرف والعروض.



يعرف القطع ( تحول مستفعلن = 2 2 3 إلى مستفعلْ = 2 2 2 ) في كتب العروض بأنه حذف آخر الوتد المجموع وإسكان ما قبله


مس تف علُنْ 2 2 3 .... ثم .... مستفعلُ نْ 2 2 1 1 ه ......ثم مستفعلْ 2 2 2


هكذا انتقاص وتغيير من الآخر.


لو قارنا هذا التوصيف للتغيير لوجدناه أقرب لما يحدث في صرف اللغة الإنجليزية منه للعربية.


الرقمي يوصف التغيير الحاصل في آخر العجز لنقل الوزن من 2 2 3 إلى 2 2 2 حسب ما يعرف ( بالتخاب ) بأنه تغيير يعتري بنية المقاطع الأخيرة في العجز بضوابط معينة تغير شخصيتها وتنقلها من سياق إلى آخر كما هي الحال في الصرف العربي.



التخاب هو الموضوع الذي تتناوله هذه الدراسة والقطع هنا مجرد تقريب لبعض مضمونه.



وقاعدة التخاب تقول :

" لا يتغير الوتد حين يتغير وهو وتد، ولكنه يقع في سياق خببي يستحيل فيه كل السياق خببيا أي سببيا ويفقد فيه الوتد وتديّته. "

والتخاب هو شرح للقواعد الضابطة لذلك وأهما أن هذا لا يحصل إلا في آخر العجز بعد الأوثق.
---
وللموضوع حسب هذا المنظار بقية بإذن الله.